الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
أما بعد :
يستشكل بعض طلبة العلم قول العلماء في كلام الله (( هو قديم النوع حادث الآحاد ))
فأردت أن أزيل هذا الإشكال وبيان الفرق بين هذه العبارة وبدعة الأشاعرة في الكلام النفسي
ولكن أحب أقدم بقاعدة مهمة وهي (( يقال في في باب المناظرة والمحاججة ما لا يقال في باب التقرير ))
فقد يضطر المرء إلى استخدام بعض الألفاظ الكلامية للتعبير عن اعتقاد أهل السنة لافهام المتكلمين
معنى قديم النوع
القديم هو ما لم يسبق بعدم ونعني بقولنا في كلام الله أنه قديم النوع أي أن نوعه وإن شئت قل أصله غير مسبوق بعدم وأن الله لم يزل متكلماً لا أنه كان معطلاً عن كماله ثم اكتسب هذا الكمال كما قال بعض أهل البدع
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة ( 1/156) وما بعده :
فإن هؤلاء لما اعتقدوا أن الرب في الأزل كان يمتنع منه الفعل والكلام بمشيئته وقدرته - وكان حقيقة قولهم أنه لم يكن قادراً في الأزل على الكلام والفعل بمشيئته وقدرته لكون ذلك ممتنعاً لنفسه ، والممتنع لا يدخل تحت المقدور - صاروا حزبين :
حزباً قالوا : إنه صار قادراً على الفعل والكلام بعد أن لم يكن قادراً عليه ، [لكونه صار الفعل والكلام ممكناً بعد أن كان ممتنعاً ، وإنه انقلب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي ] . وهذا قول المعتزلة والجهمية ومن وافقهم من الشيعة ، ( وهو قول الكرامية وأئمة الشيعة كالهاشمية وغيرهم) .
[ وحزباً ] قالوا : صار الفعل ممكناً بعد أن كان ممتنعاً منه . وأما الكلام فلا يدخل تحت المشيئة والقدرة ، بل هو شيء واحد لازم لذاته ، وهو قول ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما ))
ومذهبنا في قدم الكلام دل عليه الدليل وقال به السلف
قال تعالى (( فعالٌ لما يريد ))
قلت والكلام من فعله سبحانه وهذا يشمل ما كان قبل الخلق وما بعده
وروى البخاري في صحيحه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( أنه سأله سائل عن قوله : و كان الله غفوراً رحيماً عزيزاً حكيماً سميعاً بصيراً فكأنه كان ثم مضى ، فقال ابن عباس : وكان الله غفوراً رحيماً سمى نفسه ذلك ، وذلك قوله ، أي : لم يزل كذلك ) )
قلت وهذا يشمل جميع صفاته سبحانه وتعالى بما فيها الكلام
معنى قولهم (( حادث الآحاد ))
ومعنى حادث الآحاد أي أنه سبحانه يتكلم بما شاء متى شاء _ وإن شئت قل يتكلم بالشيء بعد إن لم يكن متكلماً به _
قال تعالى (( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ))
لا كما قال المبتدعة بأن كلام كله أزلي ويلزمهم أن الله كان يأمر وينهى ولا مأمور ولا منهي وأنه تكلم بالناسخ والمنسوخ معاً
قال الباجوري الأشعري في كلام الله (( وهو صفة أزلية قائمة بذاته ليست بحرف ولا صوت ))
وصرح الكوثري في تعليقه على العقيدة النظامية (ص31) بأن حروف القرآن مخلوقة بخلاف القائم في ذات الله فهو قديم
وهذا يخالف مذهب السلف وهو متفرع عن مذهبهم في امتناع حلول الحوادث
قال أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية (( إن الله لم يزل متكلماً إذا شاء ))
وللتعرض إلى بقية مخازي الأشعرية في اعتقادهم في كلام الله مقامٌ آخر