تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

  1. #1

    افتراضي تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ، وصل الله تعالى وسلم على رسوله وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وأشكر كل من الإخوة الأفاضل الذين مروا على موضوعي في الجزء الأول ، ولقد شرفني مورورهم الكريم ، وإني وقبل الشروع في الجزء الثاني من البحث في المسألة ، أرى من المفيد ، بل الضروري أن أسوق هذه المقدمة ، والتي أعتبرها مهمة جدا ، وهي كالآتي ، فأقول وبالله أستعين :

    أولا : إن من المعروف لدى كل ذي حس سليم أن تكون غيرة المسلم على دينه الإسلامي ، وعلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم أكبر وأعظم وأشد من كل مخلوق ، وإني ما لامسته هنا ، هو عكس ذلك تماما ، إلا ما رحم ربي ، فتجد البعض هدانا الله وإياه ، عندما نذكر عالم بلفتة مهذبة ، وبأسلوب علمي مبينا فيها بعض الملاحظات والاستدراكات المهمة ، وهي في الحقيقة تمس جانب ديننا الإسلامي أولا وآخرا ، وتصب في اتجاه وبيان القول الراجح من القول المرجوح ، ولكن ترى البعض منا وللأسف الشديد ، يضجر ويصخب ، بل ويقلب عليك أخلاقه السقيمة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وكأنه لا يعلم أو تناسى أن هناك ملكين يسجلان عليه كل ما يلفظ به من خير أو شر ، وأنه بذلك يتصدق بحسناته على من ظلمهم من إخوانه المؤمنين ، وكان الأولى والأحرى له ولأمثاله أن يعرفوا أن أصحاب المنهج السديد يتبعون الحق وينشدونه أيا كان ، ومن أي صدر خرج ، صغيراً أو كبيرا ، حقيراً أو عظيما ، فهم يقبلون الحق من قائله ، وإن كان صغيراً ، ويردون الباطل على صاحبه وإن كان كبيرا ، يقودهم الى ذلك التجرد لله عز وجل ، والحرص على اتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم بذلك يعرفون الرجال بالحق ، ولا يعرفون الحق بالرجال ، فيجب علينا نحن كمسلمين أولا ، ومتقيدين بالسنة ثانيا ، وبمنهج سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ثالثا ، أن تكون غيرتنا على الحق دوما وأبدا هي الغاية المثلى ، وهو تحقيقنا إلى الهدف المرجو دائما والغاية الحميدة بإذن الله تعالى .
    ثانيا : دعك عنك التعصب المذهبي ، ولا تتقيد بعالم واحد ، أو بمجوعة محددة من العلماء الربانيين ، بل اجعل لهمتك الفذة أن تكون مثل النحلة ، تنتقل من زهرة إلى زهرة ، وتأتي لنا بالعجائب من الفوائد ، فــ ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) ، أما إذا تقيدت بالعالم الفلاني ، أو بمجموعة معينة من العلماء فقط ، فقد تتعصب لهم وتحيد عن جانب الصواب ، وهذا ما لمسته في هذا المنتدى المبارك ، وقديما قالوا : الحب يعمي ويصم ، ولأنك وبهذه الطريقة قد فقدت عن نفسك الحظ العظيم ، والعلم الغزير والمفيد .

    ثالثا : لا تتعجل في رمي الكلام جزافا ، ومن أمثلة ذلك أن تقول : هذه المسألة شبه إجماع بين العلماء والأئمة ! ، أو تقول : بل كادت تكون إجماعا ! ، فليس من الجيد لطالب العلم أن يستعجل برمي الكلام على عواهنه دون أن يتأكد من المسألة ، وقد أعجبتني مقولة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى حينما قال فيمن يدعي الإجماع بأنه كاذب فما يدريه ، لعل الناس اختلفوا ، وهذه المسألة التي سوف أعرضها عليكم إن شاء الله مما اختلف الناس فيها قديما وحديثا .

    رابعا : يجب علينا كطلاب علم أن يحترم بعضنا البعض الآخر ، وأن نجعل هذا المنتدى المتميز أن يرتقي بأخلاق أعضائه ، وعلو همتهم وعلمهم وبمنهجهم المستقيم بعض المنتديات الأخرى ، والتي تدعي وتزعم بأنها على المنهج السلفي ! ، وتجد في منتداهم ما يندى له الجبين ، والله المستعان على ما يصفون .
    وأما في هذا المنتدى المبارك والصرح القويم ، نجد من يخوض وللأسف من السوقة ، وأرباب العامة ، ومن أصحاب الفكر السقيم ، فلا يراعون حُرمة هذا المجلس العلمي ، فإن كان ولا بد ، فلنجعل هذا الإحترام على الأقل من أجل القراء الكرام ، والذين يحسنون الظن بهذا المجلس العلمي ، وهم في إزدياد ، ولله الحمد والمنة ، ولنجعل خلافاتنا ومشاكلنا خارج هذا المنتدى ، وهذا بالطبع إذا أردنا الخير والمصلحة للجميع .

    خامسا : قد يذكر البعض من القراء الكرام بأن العالم الفلاني قد حسن هذا الحديث أو قد صححه ، أو حتى قد ضعفه ، ولكن أقول له : أنظر رحمك الله إلى التحقيق العلمي ، ولا تنظر إلى التقليد المجرد عن الدليل والحُجة ، وأن لا يكون أحدنا إمعة للمحدث أو العالم الفلاني ، تماشيا مع عواطفه ، دون أن يكون له مستند ودليل علمي أو حُجة واضحة كالشمس في رابعة النهار ، وحتى تكون أخي في الله على بينة من حكمك على الحديث أو المسألة ، وأنت مقتنع تماما ، وكما قيل : الحكم على الشيء فرع من تصوره .

    سادسا وأخيرا وليس آخرا : ثق دائما وأبدا أن الحق ليس دائما معك ، ولتعترف في قرارة نفسك بأن الصواب قد يخالفك أحيانا ، وقد يكون عند مخالفك وخصمك كما تدعي ، ولكن وللفايدة بقية لا يمكنك أن تكون من أولئك القوم على الحق والصواب ، ومن ثمى التمسك به إن شاء الله ، إلا إذا تركت هذا التعصب الأعمى ، والتقليد البليد ، ونبذت وراء ظهرك هذه الأمور الجاهلية ، والمغلوبة على طبع ابن آدم ، إلا ما رحم ربي ، ووضعتها تحت قدمك ، وأرجو أن لا تكون أيها القاري اللبيب منهم ، وهذا ما أنشد إليه .

    ملاحظة : لقد أصبح دخولي على المجلس العلمي قليلا جدا ، فمعذرة على ترك التعقيب ، والآن ... لندخل في الجزء الثاني من المبحث في تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع ، وهو عبارة عن بحث مختصر وعلى رؤوس أقلام ، وبالمناسبة .. الإخوة الأفاضل الذين مروا على الموضوع سابقا ، قد ذكروا أدلة الفريقين وبدون استثناء ، فجزاهم الله عني خير الجزاء ، فلا أحب أن أعيد ذكر الأدلة مرة أخرى ، ولكن أريد أن أبين بعض الوقفات المهمة ، والتي تعتبر إشكالات لمن قال بإدراك الركعة لمن أدرك الركوع ! .

    فأول هذه الوقفات هي : أن الذين أجازوا إدراك الركوع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يروا القراءة أصلا خلف الإمام ، وأنتم لا تقولون بذلك ! ، بل ترون بأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة ، فأصبحت المسألة تتكون من ثلاثة أقوال :

    القول الأول : لا يرى القراءة خلف الإمام وهم : أبو بكر الصديق وابن مسعود وابن الزبير وزيد بن ثابت وابن عمر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم .

    والقول الثاني : من أوجبوا قراءة الفاتحة خلف الإمام وهم : أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم أجمعين .

    والقول الثالث : توسطوا بين الحكمين ، فأوجبوا قراءة الفاتحة خلف الإمام ، ولكنهم أسقطوها في حالة إدراك الإمام راكعا ، وهم قول الأئمة الأربعة وعلى حسب علمي ! لم يقل بهذا القول الأخير أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأصبح هذا القول يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم والذي أمر المسيء في صلاته بقراءة الفاتحة في كل ركعة كما جاء في صحيح البخاري بلفظ : (( وافعل ذلك في صلاتك كلها )) فتأمل ! .


    الوقفة الثانية : قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكرة رضي الله عنه عن العود مستقبلا إلى ذلك ، حيث قال صلى الله عليه وسلم : (( زادك الله حرصا ولا تعُد )) ، والاحتجاج بشيء قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه مستقبلا لا يصح أن يُستدل عليه على إدراك الركعة ، فتفكر ! .

    الوقفة الثالثة : من المعلوم أن القيام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع من الركوع والسجود ، كلها أركان من أركان الصلاة ، فمن فاته ركن من أركانها ، فإنه يلزمه أن يقضيه بعد الصلاة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا أتيتم الصلاة فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) فمن فاتته قراءة الفاتحة والقيام ، فعليه أن يقضي ذلك بعد الصلاة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يخصص شيء من أركان الصلاة إلا بدليل ، سواء من الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة ، وهو الذي لم يثبت هنا في هذه المسألة ، بل الثابت هو خلاف ذلك .

    الوقفة الرابعة : الذين أستدلوا على إدراك الركعة أتوا بأدلة فيها نظر ، فمن هذه الأدلة استدلالهم بحديث ابن الزبير رضي الله عنهما والذي يقول فيه : إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل ، ثم ليدب راكعا حتى يدخل في الصف ؛ فإن ذلك السنة .
    قلت : كيف يستدل بهذا الأثر وإسناده ضعيف ! ، لأن في الإسناد ابن جريج المكي مدلس ، ولم يصرح بالسماع من شيخه عطاء ، وقال الدارقطني رحمه الله : تجنب تدليسه ، فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح .
    وكذلك استدلالهم بحديث أن أبا بكر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما دخلا المسجد والإمام راكع فركعا , ثم دبا وهما راكعان حتى لحقا بالصف ، فهو أثر ضعيف بل منقطع ، لأن أبا بكر بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه .
    وكذلك استدلالهم بأثر ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : إذا جئت والإمام راكع , فوضعت يديك على ركبتيك قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت .
    قلت : هو أثر ضعيف أيضا ، فيه ابن جريج ، وهو مدلس ولم يصرح بالسماع من نافع ، وقد قال فيه أحمد بن صالح المصري : إذا أخبر الخبر فهو جيد ، وإذا لم يخبر ، فلا يعبأ به .
    إذن الثابت من هذه الأثار هو أثر ابن مسعود ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهما ، وهو منهما اجتهاد في مقابل ما اجتهد من بقية أصحاب القول الآخر من الصحابة أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم أجمعين ، وكما هو معروف لديكم أن قول الصحابي فيما يجوز فيه الاجتهاد ليس بحجة ، فكيف إذا خالف بعض الصحابة ! ، وليس قول بعضهم بحجة على الآخر ، ودعوي إجماع الصحابة في هذه المسألة غير صحيحة ، فتنبه جزاك الله خيرا .

    الوقفة الخامسة : قولهم بأن المراد بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة رضي الله عنه عندما قال له : (( زادك الله حرصا ولا تعُد )) هو الإسراع في المشي ليس إلا ، وأستدلوا بحديث أبي بكرة رضي الله عنه في رواية عند الإمام أحمد بلفظ : جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع ، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت نعل أبي بكرة وهو يحضر ، يريد أن يدرك الركعة ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من الساعي ؟ )) قال أبو بكرة : أنا ، قال : (( زادك الله حرصا ، ولا تعد )) .
    قلت : لا يُفرح بهذه الراوية ، ففي إسنادها بشار الخياط ، ضعفه ابن معين والإمام الذهبي ، وكذلك ما جاء في رواية عند الإمام الطحاوي في مشكل الأثار بلفظ : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعا ، وقد حفزني النفس ، فركعت دون الصف ، ثم مشيت إلى الصف ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال : (( أيكم الذي ركع دون الصف ؟ )) قال أبو بكرة : قلت : أنا قال : (( زادك الله حرصا ولا تعد )) أيضا هو حديث ضعيف في إسناده بكار بن قتيبة لم يوثقه إمام معتبر ، وكذلك بما جاء عند ابن السكن في صحيحه بلفظ : أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصف ، فلما قضى الصلاة ، قال : (( من الساعي آنفا ؟ )) ، قال أبو بكرة : فقلت : أنا ، فقال : (( زادك الله حرصا ولا تعد )) ، قلت : من الإنصاف أن أقول بأن هذا الحديث الأخير لم يُنظر في إسناده ، لأن الكتاب مفقود ، فيقال لمن احتج بهذا الحديث لمذهبه أن يقال له أثبت بأن الحديث صحيح أولا .
    الوقفة السادسة : قولهم بأن لفظة : (( ركعة )) الذي ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أدرك ركعة من الصلاة ، فقد أدرك الصلاة )) بأن المقصود من هذا الحديث هو الركوع ، وأيدوا هذا الحمل برواية ابن خزيمة بلفظ : (( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه )) وبما جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا جئتم والإمام راكع ، فاركعوا ، وإن كان ساجدا فاسجدوا ، ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع )) .
    قلت : استدلالهم بهذه الأحاديث فيه عدة ملاحظات :
    أولها : أن المقصود من هذا الحديث الوارد في صحيح البخاري هو بيان إدراك فضل الجماعة فقط ، وليس المقصود منه قطعا بإدراك الركوع ، ويؤيده ما جاء في رواية لمسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام ، فقد أدرك الصلاة )) .
    ثانيا : أن رواية ابن خزيمة في إسنادها يحيى بن حميد قال الإمام البخاري رحمه الله : وأما يحيى بن حميد فمجهول لا يُعتمد على حديثه غير معروف بصحة ، والثقات الذين رووا هذا الحديث عن الزهري لم يذكروا هذه الزيادة منهم عبيد الله بن عمر ، ويحيى بن سعيد ، وابن الهاد ، ويونس ، ومعمر ، وابن عيينة ، وشعيب ، وابن جريج وحسبك هؤلاء .
    ثالثا : وأما استدلالهم بالحديث الأخير ، فهو حديث ضعيف أيضا ، في إسناده مجهول ، وقول بعضهم بأن هذا الرجل المجهول صحابي ! ، نقول لهم : وما أدراكم بذلك ؟ ، وأيضا ولو افترضنا أنه كان صحابيا ! لقال التابعي الراوي عنه ذلك ، لشرف القربة والمنزلة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما سكت وكتم حال الراوي عنه ، فتأمل هذا منصفا بارك الله فيك .
    ونقول لهم أيضا ، قد ورد في السنة المطهرة أحاديث يقول الراوي أو التابعي فيها إذا روى حديث عن رجل ولم يسمه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يبين حال الرجل ، كما في هذه الأحاديث المنتقاة :
    الحديث الأول : قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه : حدثني أبو الطاهر ، وحرملة بن يحيى ، قال أبو الطاهر : حدثنا ، وقال حرملة : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وسليمان بن يسار ، مولى ميمونة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية .
    الحديث الثاني : قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه : وروى هذا الخبر سفيان بن سعيد الثوري ، وهو ممن لا يدانيه في الحفظ في زمانه كثير أحد , عن زيد بن أسلم ، عن صاحب له عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يفطر من قاء ، ولا من احتلم ، ولا من احتجم )) .
    الحديث الثالث : قال الإمام أبو داود رحمه الله في سننه : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن حميد الأعرج ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن عبد الرحمن بن معاذ ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس بمنى ونزلهم منازلهم فقال : (( لينزل المهاجرون ها هنا )) وأشار إلى ميمنة القبلة (( والأنصار ها هنا )) وأشار إلى ميسرة القبلة (( ثم لينزل الناس حولهم )) وغيرها الكثير والكثير من الأحاديث والتي يقول الراوي أو التابعي إذا روى عن صحابي ولكن لم يذكر اسمه يبين على الأقل بأنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما سكت عن بيان حاله ، فتأمل هذا حفظك الله .

    الوقفة السابعة : الذين قالوا بإدراك الركعة ، قد اختلفوا في كيفية وشروط إدراك الركعة ! ، فمنهم من قال : يأتي بتكبيرة الإحرام أولا وهو قائم ، ثم يكبر للركوع ، ويقول : سبحان ربي العظيم ، ويطمئن راكعا ، وإلا لم يدرك الركعة ، ومنهم من قال بالقول الأول ، ولكنهم لم يوجبوا الإطمئنان وهذا عجيب ! ، ومنهم من قال بالقول الأول ، ولكنهم لم يوجبوا التسبيح في الركوع ! ، ومنهم من قال بالقول الأول ، ولكنهم لم يوجبوا تكبيرة الركوع ، ومنهم من قال بالقول الأول ، ولكنهم لم يوجبوا أن يأتي بتكبيرة الإحرام قائما وهذا أعجب ! .
    ومنهم من ترك جميع هذه الأقوال ، وقال : يلزمك فقط أن تكبر تكبيرة الإحرام ، وتضع يديك على ركبتك ، ومنهم من قال : إذا كبر قبل أن يرفع الإمام فقد أدرك الركعة ، وإن لم يركع قبل رفعه ، ومنهم من قال : لو أتيت والإمام قد بدى في رفع رأسه ، ولم يرفع المأموم رأسه بعد ، فإنك تستطيع أن تركع وتدرك الركعة ، لأن المأمؤمين أئمة ، بعضهم لبعض ! ، ومنهم من قال : إذا كبر بعد رفع رأسه من الركوع قبل أن يسجد الإمام اعتد له بالركعة ! .
    فبأي القول نأخذ ؟ ! ، وهل نقول بالقول الأول أو الثاني أم القول الثالث ، وهكذا دواليك ! ، وهل كل هذه الأقوال بُينيت على الأدلة ؟ ، أم أنها كانت اجتهادات ؟ .
    ونقول لمن يزعم أن أبا بكرة رضي الله عنه قال بكذا ... أوفعل كذا ، أو قال وأخذ بقول كذا ! ، فعليه بالدليل ، ولن يجد له دليلا ، ودونه خرق القتاد .
    ونقول لمن يحتج بإجزاء الركعة بمجرد إدراك الركوع مؤيدا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة رضي الله عنه بإعادة الصلاة ، فهل نقول أن الذي يتكلم في صلاته متعمدا لا تبطل صلاته ! ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابي الجليل معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه بإعادة الصلاة ، والقصة معروفة ، وسوف أذكرها قريبا إن شاء الله .
    ونقول لهم أيضا : ما هو مقدار جواز المسافة في أن يمشي المأمؤم في صلاته وهو في حالة الركوع ؟ .
    هل هو مقدار أن يمشي قدر صف ؟ ! أو أن يمشي قدر صفين ؟ ! أو ثلاثة ؟ ! أو حتى عشرة ؟ ! وهكذا فلتكن هذه الأقوال التي ليس لها حظ من الدليل ! ، ثم نقول لمن يزعم بمقدار المشي سواء قال بقدر عدد معين ، أين الدليل على صحة ما ذهبتم إليه من القول ؟ ! .
    ولهذا بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه اختصر هذه الإجابات والاشكاليات والاستفسارات ، وقال : (( زادك الله حرصا ، ولا تعُد )) .
    فكلنا نظرنا إلى الجزئية الأولى من لفظ الحديث ، وتركنا الجزئية المهمة وهي الغاية من الحديث ، وهي فصل الخطاب ، ألا وهي قوله صلى الله عليه وسلم : (( ولا تعُد )) أي في المستقبل ، أي فكأنه يقول له صلى الله عليه وسلم هذه المرة قبلت واجزيت عنك صلاتك ، وسواء فعلت أو أسقط أو تركت ، أم في المستقبل فلا تُقبل صلاتك ، ومثله كمثل حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ، الذي تكلم في صلاته ، وهو في صحيح مسلم حيث قال رضي الله عنه : بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أمياه ، ما شأنكم ؟ تنظرون إلي ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي ، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، قال : (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )) ولهذا لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة ، لأن فعله رضي الله عنه كان من غير علم ومعرفة بالحكم ، فبمثل هذا القول نقول في حديث أبي بكرة رضي الله عنه ، وهو النهي عن فعل ذلك في المستقبل ، وكذلك لما جاء في رواية في المحلى بالآثار وبلفظ : أن أبا بكرة رضي الله عنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى وقد ركع ، فركع ثم دخل الصف وهو راكع ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أيكم دخل الصف وهو راكع ؟ )) فقال له أبو بكرة : أنا ، قال : (( زادك الله حرصا ولا تعد )) فبيّن هذا الحديث الصحيح الصريح ، النهي في أن يحتسب المصلي إذا أدرك الإمام في حالة الركوع ركعة مجزية ما لم يدرك القيام وقراءة الفاتحة ، فتنبه لهذا وفقك الله .

    وكذلك مما يُنبه به أيضا أن الطريق الصحيح لمعرفة القول الراجح من القول المرجوح في هذه المسألة ، هو الرجوع إلى الكتاب والسنة ، وبفهم السلف الصالح رحمهم الله ، ثم التثبت مما ورد فيهما من الأدلة ، والنظر في دلالات نصوصهما ، وليس هناك طريق آخر لذلك البتة .


    وفي النهاية تذكر هذه القاعدة جيدا وهي : إذا كنت تقرأ مايُعجبك فقط ، إذا فإنك لن تتعلم ابدا ، والله أعلى وأعلم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    إذا رأيت قولي يخالف كتاب الله العزيز أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو إجماع السلف الصالح فاضرب به عرض الحائط .

  2. #2

    افتراضي رد: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    هذه المسألة قد نقل ابن عبدالبر الإجماع فيها بأنه مدرك للركعة كما في الإستذكار.

  3. #3

    افتراضي رد: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    أخي الفاضل أبوإبراهيم ، شكرا لك على هذه المداخلة ، ولكن أحب أن انبهكم بارك الله فيكم على أن الإمام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله فهو مع علمه وجلالته وسعة اطلاعه قد يذكُر كثيرا من الإجماع في المسألة ، والخلاف فيها مشهور.
    وعلى سبيل المثال أنظر حفظك الله إلى كتابه التمهيد ! ، فقد بلغت المسائل التي يذكر فيها الإجماع أكثر من سبع مائة مسألة ، وفيها خلاف مشهور ! ، كما أحصاها مؤلف كتاب الإجماع لابن عبد البر فؤاد الشلهوب وعبد الوهاب الشهري ، وإلا كيف خُفيت عليك أقوال المخالفين .
    وللفايدة أيضا ؛ انظر وفقك الله إلى كتاب [COLOR=window****]إجماعات ابن عبد البر في العبادات جمعا ودراسة للبوصي[/COLOR].
    ولهذا قال قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى ( 3|370 ) : ولا تعبأ بما يُفرض من المسائل ويُدّعى الصحة فيها بمجرد التهويل ، أو بدعوى أن لا خلاف في ذلك ، وقائل ذلك لا يعلم أحدا قال فيها بالصحة ، فضلا عن نفي الخلاف فيها ، وليس الحُكم فيها من الجّليات التي لا يُعذر المخالف فيها ، وفي مثل هذه المسائل قال الإمام أحمد : من ادعى الإجماع فهو كاذب ، فإنما هذه دعوى بشر وابن علية يريدون أن يبطلوا السنن بذلك ، يعني الإمام أحمد رحمه الله أن المتكلمين في الفقه من أهل الكلام إذا ناظرتهم بالسنن والآثار ، قالوا : هذا خلاف الإجماع .
    إذا رأيت قولي يخالف كتاب الله العزيز أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو إجماع السلف الصالح فاضرب به عرض الحائط .

  4. #4

    افتراضي رد: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    يا أخي صالح إذن حديث "من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة" هل هو حديث ضعيف

  5. #5

    افتراضي رد: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    أحسن الله إليك

    أين أجد الجزء الثاني من البحث
    هلا وضعت الرابط

  6. #6

    افتراضي رد: تحقيق الخلاف في إدراك الركعة لمن أدرك الركوع -الجزء الثاني

    http://majles.alukah.net/showthread.php?t=28904

    وجدته والحمد لله

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •