تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 61

الموضوع: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    عندنا مثل مصري لذيذ(ومشاركاتي من أولها أمثال) بيقول : ((الجنازة حارة والميت كلب))

    وهو مثل يُضرب لكل أمر يَعظم به الاشتغال على تفاهة أمره وقرب مأخذه..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    إلى الأخ طالب الإيمان وفقه الله تعالى:
    لست أدري كيف يتأتى لك الدفاع عن هذا القول ولو قال ربعه في البلد الذي تنتسب إليه لما سوّغته (وإن كان حقاً)
    ولأنكرته بكل قواك الأدبية وعضلاتك الفكرية!
    لاسيما وهو استشهاد بكلام صليبي نجس وفيه تعميم وإطلاق لا يخفى
    ما رأيك بمن يحكي موقفا مع عامل سوري ويبين كراهيتيه للسوريين بعد هذا الموقف؟!
    أتقبلها كملحة ظريفة؟!
    وهل شعب بأكمله أصبح لقمة سائغة للملح والطرائف؟
    ألست تتفق معي أيضا أن الشعب البنغالي لو عرض عليه مقال الشيخ سيكون في موقع المستتفه المستنكر الكاره لكاتبه
    ولكل من وافقه أو أيده؟ وأما من يحمل منطق هذا الرأي في البنغاليين فسيكره الشعب السعودي كله بالتبعية بعد هذا المقال
    وكل ما سبق على افتراض أن المقولة صحيحة (لاحظ!) والحق أنها ليست كذلك
    لقد سئم المرء من توضيح الواضحات والكشف عن المسلّمات
    والسلام

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    الحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله.


    قصّة طابور آخر في رومانيا


    جاء في كتاب "رومانيا التي رأيت" لصاحبه عبد الله. وهو كتاب لعبدٍ آخر لله، غير الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الهدلق. وبعضهم يرجِّح أنه الواحدي:
    "واستبدّ بي الجوع أيّما استبداد، ولم أكن أملك إلاَّ ثمن رغيف واحد. فتوجّهت إلى المخبز، ووقفتُ في "طابور طويل معوجّ". وكان الطابور –كالعادة- فرصة سانحة لأعيد للمرّة الألف قراءة "الإخوة كارامازوف" لدوستويفسكي.
    وبينا أنا كذلك، لفت انتباهي توقُّف سيارة أجرة، ونزول السائق ثم توجّهه إلى بائع الخبز ورجوعه متأبّطًا رغيفًا ساخنًا؛ أسكرتْ رائحتُه الشهيَّة أنفي، وأيقظت معدتي... ولمّا أفقتُ مِن سُكري المغالب ليقظتي، ويقظتي المنغّصة لسكري، سألتُ أحد "الرفاق" الواقفين معي في الطابور عن سرِّ هذا الرجل، وكيف تسنّى له الحصول على الرغيف دون طابور. فأجابني: "خو شفتار سفلنسكو، ميردا تبلسكو". وهو مثل روماني مستحدَث، معناه: "مَنْ يَدفَع أكثر، يقف لوقت أقصر."
    لم أستغرب هذا السلوك في بلد اسمه رومانيا، إذ رأيت له نظائر وأشباهًا في بلادنا العربية.. لكن الذي استغربتهُ حقًّا هو أنّني لمَّا استأنفتُ قراءة رواية صديقي "فيدور"، قرأتُ هذه الجملة: "لا سبيل إلى الخلاص! خذ على عاتقك آثامَ جميع البشر"!
    ولمّا بلغتُ "النافذة الصغيرة" للمخبز، أخذتُ رغيفي الموعود؛ لكن لا حظت أنّ الورق الذي لُفَّ الرغيف فيه: أصفر متّسخ! فهممتُ أن أعلنها ثورة على الثوّار، وأن أقود تصحيحًا داخل "التصحيح"... غير أنّني لمّا تأمّلت الورقة، لمحتُ أنه مكتوب عليها باللغة العربية. وقرأت المكتوب، فأدركتُ أنّه جزء من مخطوط كتاب لم يُنشَر. فعدتُ إلى صاحب المخبز، وعرضتُ عليه أن يقايضني بقايا أوراق المخطوط بمعطفي، ففعل دون أدرى تردُّد...
    جلست على مقعد من مقاعد إحدى الحدائق العموميّة في "بوخارست" الجميلة، وانكببتُ على المخطوط أتصفّح ورقاته بنَهَمٍ أنساني همَّ الجوع وهَمَّ الفقر. واهتديتُ إلى أنّ الكتاب عنوانه: "إفحام المغالي بدفع طعنه في الشعب البنغالي". أمّا المؤلِّف، فلم أجد لاسمه أثرًا، لكنّني تأكّدت من خلال تصفُّحي السريع أنه مسلم، وأنّه من خرِّيجي "جامعة الإنصاف".
    وهذا بعض ما وقفتُ عليه وأعجبني من المخطوط:

    قال صاحب الحاشية: "ولوبون تُضبَط أيضًا: "لُبُون"، بضمّ اللام متبعوةً بباء مضمومة. وإياه عنى جرير بقوله:
    وابْن اللُّبُون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ --- لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيس
    قال المحشّي: "ومن الصفات الملازمة لأبناء "لُبُون" أنهم لا يستطيعون صولةَ البُزْل، سواء كان ذلك في الفتنام، أو الجزائر، أو ثورا بورا."
    وأضاف كاتب الحاشية: "والعرب تقول عن الشيء لا يُنتفَع به: "هو كابن "لُبُون"، لا ظَهْرَ فيُرْكَب، ولا لَبَن فيُحْلَب".
    جاء في التقرير على الحاشية: "ولو قال "لا يُنْتفَع به، بل يَضُرُّ"، لكان ذلك أكثر مناسبةً لأحوال أبناء "لُبُون" على مرِّ العصور."
    وجاء في الحاشية أيضًا: "وقديمًا قال سحيم بن وثيل الرّياحيّ:
    عَذَرْتُ البُزْلَ إذْ هي خاطَرَتْنِي --- فما بالي وبالُ ابْنَي "لُبُون"
    وماذا يَدّرِي الشُّعراء منِّي --- وقد جاوَزتُ حَدَّ الأربعين
    وقد أخطأ من ظنَّ أنه قصدَ الأبيردَ وابن عمّه بقوله: "ابنَيْ لُبون"، لأنّ "لُبونًا" هذا لم يلِد إلاَّ بعد قرونٍ من وفاة الشاعر. والصواب أنّه أشار إلى صنفين من الناس، يتبع كلٌّ منهما آراء "لُبُون"؛ أحدهما ينطق بلغة موليير، والثاني ناطق بالضاد، وكلاهما لا يحقّ له أن يخاطِر البُزْلَ."
    وفي موضع آخر، قال المحشِّي: "وقد جاء في الذِّكْر الحكيم: "وَالْـخَيْلَ والبغالَ والْـحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً". ولم يبلغني أنَّ أحدهم صَحَّف في قراءة هذه الآية. بل لو صحَّف، وسلَّمنا بتصحيفه، لقيل له: لقد استدلّ الإمام مالك بهذه الآية على تحريم أكل لحوم الأصناف المشار إليها، والغيبة شُبِّهت بأكل لحم الغير."
    جاء في التقرير على الحاشية: "لعلَّ مراده أنّ أحدهم -سامحه الله- صحّف لفظ "البغال". ولم نجد في كتب المتقدِّمين هذا القولَ منسوبًا إلى أحد."

    ولمّا وصلتُ إلى هذا الموضع من المخطوط، شعرتُ بالبرد القارس يلسع عظامي، فغادرت مقعدي البوخارستي المهترئ، وأنا أردِّد في نفسي: مَن قال إنّ الطابور كلّه مساوئ؟!

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

    تصويب تقتضيه الأمانة العلمية:


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    المنتمي إلى شعب يتميز "بالجبن، والذل، والنفاق"..
    الصواب: "بالجبن، والنذالة، والنفاق"
    وحيثما ورد هذا الثالوث الحاقد في المشاركات، ضع كلمة "نذالة" بدل "ذُلّ".

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    343

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    كما علمتُ من مصدرٍ موثوقٍ ( عندي ) ، ..
    أنّ الشيخَ يرى أن الجنس البنغالي جنس خسيس حقيقةً ، و يدافع عن هذا / و مع كوني كنتُ أدافعُ عنه لحسنِ ظنٍ به ، و هذا الأولى في البداية ..
    فالآن : لا .. و ألفُ لا ، و أصبحَ ذلك التمليح من البحر الميت ، و أصبحَ الإحماض من شجرة الغرقد ، و الوقوف معَ الضعفاء أولى من تبييض صورةَ شيخ ..
    و ما كنتُ أتوقع أن يُنسي الترف الفكري الشيخَ عندما كانَ يمشي حافياً نحوَ تلكَ البلاد لينالَ لقمةَ العيش ..
    و ليعلمَ الشيخ الواحدي ، أنني كنتُ أحاول قراءةَ النص بأحسن المحامل ، و لم يكُن هذا عن عنصرية عرقية خسيسة ، بدليل أنني لستُ سعودياً .
    و الرجوعَ إلى الحق أولى من التمادي في الباطل ...
    و هذا تصريحٌ مع التحية إلى الشيخ سليل العترة النبوية ( ابن عبد الهادي ) ، و الشيخ الواحدي ، و الله المستعان .

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    هذا تعقيب وردني من عبدلله الهدلق

    إلى طالب الإيمان بلغه الله طلبته .. لا, لست أرى أن الجنس البنغالي كله جنس خسيس حقيقة , وما كان لي أن أرى هذا الرأي الفائل ونحن أحوج مانكون إلى جامعة إسلامية تجمعنا في هذه الفرقة التي استباحنا بها العدو .. وإنما كنت أقرر رأياً معرفياً - لازلت أؤمن به - وهو أن للأعراق أثراً لازباً على الأخلاق , وتعلم - أيها الفاضل - أني من أهل نجد , وعندي موضوع كتبت فيه قبل هذا الحوار الدائر كله : ( وما أنا إلا من أجلاف أهل نجد , وإن أخلاق أهل نجد بلغت من السوء مبلغاً تحتاج معه - لو علمت - إلى نبي ليصلحها ..) وإني لأشرف أني من أهل نجد , لكنه رأي معرفي لن أرجع عنه إلا ببرهان .. هذا كل ماهنالك .
    فليتك تبينت قبل أن تكتب ماكتبت فقد بلغ مني والله .. وأما هذا المصدر الموثوق الذي بلغك .. فاعلم أنه لايخاطبني في الرسائل بيني وبينه إلا بلقب ( شيخنا ) .. ثم ذهب الساعة يطعنني من خلفي ويجيش الناس علي بالاتصال بهم وتحميل كلامي مالا يحتمل , وقد أعظم علي الفرية لإسقاطات ورواسب في نفسه لاجناة لي فيها , وإن هذا لفراق ما بيني وبينه , ولا أقول فيه إلا ماقاله الديباجي في الحافظ السلفي :(كل أحد مني في حل إلا السلفي , فلي معه وقفة بين يدي الله تعالى ) .
    وأعجب مني كيف أخطئ دائماً ********* على أنني من أعرف الناس بالناس
    وأما كتابة الواحدي ( احمل آلامك واتبعني ) - كذا أحب تسميتها - فلي قراءة ( صديقة ) لها سيطالعها القراء قريباً بإذن الله تعالى ..أسأل الله سبحانه أن يجعل مانحن فيه ذخراً ورفداً يوم نلقاه , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله ..

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2008
    المشاركات
    343

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    اللهُ المستعان ..
    وهو أن للأعراق أثراً لازباً على الأخلاق , وتعلم - أيها الفاضل - أني من أهل نجد , وعندي موضوع كتبت فيه قبل هذا الحوار الدائر كله : ( وما أنا إلا من أجلاف أهل نجد , وإن أخلاق أهل نجد بلغت من السوء مبلغاً تحتاج معه - لو علمت - إلى نبي ليصلحها ..)
    قلتُ في تعليقٍ سابق :
    لكن - كما يقال - في الطبائع صفاتٌ ثابتة ، كالترمومتر بين جزرٍ و مد ، و هيطٍ و ميط ، ترتفع و تنخفض حسبَ العلائق القائمة بينها
    و ما خالفتُ في الإصل ؟ !
    أسألُ اللهَ للجميع التوفيق ، و ترك الظُلم ، و الإنصاف .. و الصدقَ .

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    يتبع << تعقيب وردني من عبدالله الهدلق ..


    ثم كيف فات من علق على المقالة - وهذا عجيب فما بالعهد من قِدَم - أني في هذه المقالة نفسها : قد كتبت تحليلاً موجعاً للطبقة الوسطى من المجتمع السعودي ؟ فأين من يتكلف صبغ مقالتي بهذا اللون العنصري الكريه عما كتبته عن أهلي ودمي في سطور تربو بكثير على ما كتبته عن الشعب البنغالي ؟
    هو التجريد المعرفي إذن هذا الذي أتغياه , تجريد معرفي يسمو بالمدارك ويبسط التصور ..
    لست أدفع بهذا الكلام عادية قلم , ولا أهاب سطوة فكر .. وتالله لو أن أهل الدنياكلهم ذهبوا مذهباً لا أراه ؛ لم أذهب إليه ولو نثرت نثراً .. ومن يعرفني يعرف حقيقة ماأقول ..
    قال الألوسي المفسر - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ) : ( وجيء بالجملة : ( والله يعلم إنك لرسوله ) اعتراضاً لإماطة ما عسى أن يتوهم من قوله عز وجل : ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) من رجوع التكذيب إلى نفس الخبر المشهود به من أول الأمر ..) .. قلت : فإذا كان الرب - جل وعلا - قد أماط ما عسى أن يتوهم ؛ فكيف بنا ونحن على التحقيق أهل الغفلة والجهل والاختلاف الكثير . والله الموفق والمستعان ..

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    62

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الواحدي مشاهدة المشاركة
    الحمد لله، والصلاةوالسلام على رسول الله.


    قصّة طابور آخر في رومانيا


    جاء في كتاب "رومانيا التي رأيت" لصاحبه عبد الله. وهو كتاب لعبدٍ آخر لله، غير الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الهدلق. وبعضهم يرجِّح أنه الواحدي:
    "واستبدّ بي الجوع أيّما استبداد، ولم أكن أملك إلاَّ ثمن رغيف واحد. فتوجّهت إلى المخبز، ووقفتُ في "طابور طويل معوجّ". وكان الطابور –كالعادة- فرصة سانحة لأعيد للمرّة الألف قراءة "الإخوة كارامازوف" لدوستويفسكي.
    وبينا أنا كذلك، لفت انتباهي توقُّف سيارة أجرة، ونزول السائق ثم توجّهه إلى بائع الخبز ورجوعه متأبّطًا رغيفًا ساخنًا؛ أسكرتْ رائحتُه الشهيَّة أنفي، وأيقظت معدتي... ولمّا أفقتُ مِن سُكري المغالب ليقظتي، ويقظتي المنغّصة لسكري، سألتُ أحد "الرفاق" الواقفين معي في الطابور عن سرِّ هذا الرجل، وكيف تسنّى له الحصول على الرغيف دون طابور. فأجابني: "خو شفتار سفلنسكو، ميردا تبلسكو". وهو مثل روماني مستحدَث، معناه: "مَنْ يَدفَع أكثر، يقف لوقت أقصر."
    لم أستغرب هذا السلوك في بلد اسمه رومانيا، إذ رأيت له نظائر وأشباهًا في بلادنا العربية.. لكن الذي استغربتهُ حقًّا هو أنّني لمَّا استأنفتُ قراءة رواية صديقي "فيدور"، قرأتُ هذه الجملة: "لا سبيل إلى الخلاص! خذ على عاتقك آثامَ جميع البشر"!
    ولمّا بلغتُ "النافذة الصغيرة" للمخبز، أخذتُ رغيفي الموعود؛ لكن لا حظت أنّ الورق الذي لُفَّ الرغيف فيه: أصفر متّسخ! فهممتُ أن أعلنها ثورة على الثوّار، وأن أقود تصحيحًا داخل "التصحيح"... غير أنّني لمّا تأمّلت الورقة، لمحتُ أنه مكتوب عليها باللغة العربية. وقرأت المكتوب، فأدركتُ أنّه جزء من مخطوط كتاب لم يُنشَر. فعدتُ إلى صاحب المخبز، وعرضتُ عليه أن يقايضني بقايا أوراق المخطوط بمعطفي، ففعل دون أدرى تردُّد...
    جلست على مقعد من مقاعد إحدى الحدائق العموميّة في "بوخارست" الجميلة، وانكببتُ على المخطوط أتصفّح ورقاته بنَهَمٍ أنساني همَّ الجوع وهَمَّ الفقر. واهتديتُ إلى أنّ الكتاب عنوانه: "إفحام المغالي بدفع طعنه في الشعب البنغالي". أمّا المؤلِّف، فلم أجد لاسمه أثرًا، لكنّني تأكّدت من خلال تصفُّحي السريع أنه مسلم، وأنّه من خرِّيجي "جامعة الإنصاف".
    وهذا بعض ما وقفتُ عليه وأعجبني من المخطوط:

    قال صاحب الحاشية: "ولوبون تُضبَط أيضًا: "لُبُون"، بضمّ اللام متبعوةً بباء مضمومة. وإياه عنى جرير بقوله:
    وابْن اللُّبُون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ --- لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيس
    قال المحشّي: "ومن الصفات الملازمة لأبناء "لُبُون" أنهم لا يستطيعون صولةَ البُزْل، سواء كان ذلك في الفتنام، أو الجزائر، أو ثورا بورا."
    وأضاف كاتب الحاشية: "والعرب تقول عن الشيء لا يُنتفَع به: "هو كابن "لُبُون"، لا ظَهْرَ فيُرْكَب، ولا لَبَن فيُحْلَب".
    جاء في التقرير على الحاشية: "ولو قال "لا يُنْتفَع به، بل يَضُرُّ"، لكان ذلك أكثر مناسبةً لأحوال أبناء "لُبُون" على مرِّ العصور."
    وجاء في الحاشية أيضًا: "وقديمًا قال سحيم بن وثيل الرّياحيّ:
    عَذَرْتُ البُزْلَ إذْ هي خاطَرَتْنِي --- فما بالي وبالُ ابْنَي "لُبُون"
    وماذا يَدّرِي الشُّعراء منِّي --- وقد جاوَزتُ حَدَّ الأربعين
    وقد أخطأ من ظنَّ أنه قصدَ الأبيردَ وابن عمّه بقوله: "ابنَيْ لُبون"، لأنّ "لُبونًا" هذا لم يلِد إلاَّ بعد قرونٍ من وفاة الشاعر. والصواب أنّه أشار إلى صنفين من الناس، يتبع كلٌّ منهما آراء "لُبُون"؛ أحدهما ينطق بلغة موليير، والثاني ناطق بالضاد، وكلاهما لا يحقّ له أن يخاطِر البُزْلَ."
    وفي موضع آخر، قال المحشِّي: "وقد جاء في الذِّكْر الحكيم: "وَالْـخَيْلَ والبغالَ والْـحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً". ولم يبلغني أنَّ أحدهم صَحَّف في قراءة هذه الآية. بل لو صحَّف، وسلَّمنا بتصحيفه، لقيل له: لقد استدلّ الإمام مالك بهذه الآية على تحريم أكل لحوم الأصناف المشار إليها، والغيبة شُبِّهت بأكل لحم الغير."
    جاء في التقرير على الحاشية: "لعلَّ مراده أنّ أحدهم -سامحه الله- صحّف لفظ "البغال". ولم نجد في كتب المتقدِّمين هذا القولَ منسوبًا إلى أحد."

    ولمّا وصلتُ إلى هذا الموضع من المخطوط، شعرتُ بالبرد القارس يلسع عظامي، فغادرت مقعدي البوخارستي المهترئ، وأنا أردِّد في نفسي: مَن قال إنّ الطابور كلّه مساوئ؟!
    هذه -في نظري- (وليس قاصرا دائما!!) أروْع مشاركة مرّت بنا في هذا الموضوع كلِّه..
    وأرجو أن لا يغفل عن نقلها إلى الشيخ الهدلق، من نقل إليه سابقاتها...
    ... لأنها من طراز يعجبه!!

  10. #30

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    ما شاء الله .. أحيي قلمك أخي الواحدي
    وأسأل الله العظيم أن يستخدمه في الحق
    وفي نصرة الإسلام والمسلمين
    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    تعقيب وردني من عبدالله الهدلق

    مـدخل :

    قال ابن مَعقل الأزدي في بعض ما أخذه على (الواحدي) في تفسيره لبيتٍ لأبي الطيب ذهب فيه عن الرُّشد : (سبحان ربٍّ أبْلى هذا الشِّعر بل قائلَه بهؤلاء الشراح، يتلعبون به كيف شاؤوا تلعّب الصبيان ولا يدرون بما يجنون عليه . . هذا (الواحدي) أصلحهم في المعاني وانظر إلى تفسيره هذا وما فيه من الغلط والعمى عن القصد ، والذهاب عن الصواب ، وكأنه التزم أن لا يهتدي إلى إدراك معنى فيه أدنى إشكال) ! كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب ،
    5/236 .

    . . فيلعلم الشيخ الواحدي أني لو شئت أن أديره على قلمي إذن لأوجعته وهو يبتسم ! وما أنا بالذي لا يحسن أن يقول له – مع ترقيق حواشي القول - : ينتابني وأنا أقرأ ما تكتب برودٌ يشبه الذي يحس به من يقرأ خبراً في صحيفة أمس . . وضيقٌ يأخذ عليّ نفسي فلا أزال أنفض كلماتك عني كما أفعل حين تنشب حصاة بين أصابعي وحذائي . . وإني لأذكر بك قول الساخر : " بعض من تقرأ له تشعر وأنت تطالع ما يكتب أنك تتصدق عليه"!
    لا ، لن أتردى في هذا المهوى : فأنبزك : "بشحّات القلم" أسوة "بشحّات الغرام".. لن أقول لك شيئاً من ذلك ولو شئت لقلت فوق ذلك ، لأنك –بحق – لست كذلك ، ولئن جعلتني غرضاً لقلمك ؛ فلن أقذفك بقنينة دواتي , فهذا –لو شعرت- من أوهى مطالب أولي النهى .

    * * * * * *


    قراءة نقدية " صديقة " لأقصوصة الواحدي : " احمل آلامك واتبعني " ..

    القصة القصيرة من ألطف فنون الأدب وأقدم أشكاله ، وهي أيضاً – على خلاف ما يظنه كثير من القراء – من أعقد هذه الفنون . .
    لأنها تعتمد على تكثيف الموهبة في أسطر قليلة ، والتقاط صورة من الحياة يتدرج بها القاص إلى لحظة تنوير أو نهاية غير متوقعة ، وهذا كله يجعل القاص الموهوب على حذر شديد من أن تفلت منه خيوط الحبكة الدرامية فتفسد عليه العمل الفني كله ، بخلاف الرواية الطويلة التي لا تتضح منها هذه الثغرات كما في القصة القصيرة ؛ لإمكانية صرف التعويض السردي الطويل لذهن القارئ عن الخلل المؤقت في هذه الحبكة .
    في عصر النهضة الأوربية ظهرت قصص بوكاتشو القصيرة ، ويعد هو الماهد لهذا الفن القصصي في العصر الحاضر ، ثم جاء بعده تشوسر جفري . . إلى أن عرف من مبدعيها في التراث العالمي جاي دي موباسان ، و أنطون تشيكوف ، ويرى بعض النقاد أن هذين القاصين هما أكبر كتاب القصة القصيرة على الإطلاق . وعندنا نحن العرب لا يكاد يذكر من روادها الكبار إلا محمود تيمور ويوسف إدريس ويحيى حقي (حصل حقي على جائزة الملك فيصل لريادته في فن القصة القصيرة) ، وإن كان كلٌّ من مصطفى محمود وميخائيل نعيمة قد كتبا قصصاً قصيرة لا بأس بها . في أقصوصة الواحدي (احمل آلامك واتبعني) تطلّ علينا موهبة قاص جيد ، لغته السردية عالية ، ويوظف ثقافة عامة جيدة بالجملة (لكنها خارجة عن ثقافة الفن القصصي) . . إلا أن ضعف المران في هذا الفن بدا واضحاً من خلال تعجّل القاص لبلوغ لحظة التنوير ( وقوفه على كتاب : إفحام المغالي بدفع طعنه في الشعب البنغالي ) . . مع غفلة عن قراءة الواقع المكاني والزماني الذي فوت كثيراً من العناصر المقنعة والمشوقة في القصة . . (كان فرانز كافكا يكتب قصصه في زمان ومكان مفتوحين وهذا من أعقد فضاءات السرد) . ومن ذلك :
    1- أن القاص ذكر أن الواقف في الطابور يمكن أن يقرأ – لطول الطابور – رواية الإخوة كارامازوف لدوستويفسكي ، وليست هذه الرواية مما يضرب به المثل في الطول إلا بالنسبة لأعمال دوستويفسكي ، أما على مستوى الأعمال الروائية فلو ذكر – مثلاً - :( البحث عن الزمن المفقود) لمارسيل بروست .. على أن القاص لو كان متابعاً جيداً لروائع هذا الفن لما فوّت على نفسه هنا : (قراءة مجموعة أعمال هيرتا موللر في الطابور) ، وهيرتا موللر هي الروائية المولودة لوالدين ينتميان إلى الأقلية الألمانية في رومانيا ، وقد حصلت على جائرة نوبل لهذا العام (2009) عن رواياتها التي تدين القمع والاضطهاد والاحتقار التي تعرضت له في زمن الديكتاتور الروماني تشاوشيسكو هي وأقليتها العرقية . . أرأيت إلى هذه الفرصة التي فوتها ؟ ( لأستاذة الأدب الألماني ناهد ديب مقالة جيدة عن موللر ، نشرت في (المصور) عدد 4436 ، 25 شوال ،1430هـ) .
    2- ليت أن القاص وطّن العقل بذكر شيء عن الفتوحات العثمانية لأوربا الشرقية في معلومة غير مباشرة ؛ وذلك حتى يكون ثمة منطق – ما دام قد حدد الزمان والمكان – لحصول من ابتاع الخبز على أوراق باللغة العربية من مخبز روماني ! (سأكون كريماً جداً –على غير عادتي – فلا أقف كثيراً مع كاتبنا حين أذكره بأن ( صديقه فيدور) دوستويفسكي الذي انتهى في روايته الإخوة كارامازوف إلى أن يكون أديباً أرثوذكسياً بامتياز ؛ كان قد كتب مقالة يستنهض بها همة الكنيسة لاسترداد القسطنطينية من أيدي الغزاة الترك ! لا تخف يا واحدي فلن أُلبِّن !).
    على عكس ما قد يتوقعه بعض القراء ؛ فإن ما أورده القاص في ذيل قصته من هذه الشروح والحواشي يعمد له بعض كبار الروائيين في العصر الحاضر كميلان كونديرا مثلاً (يعد هو وماركيز وباموق من أكبر الأسماء الروائية في العصر الحاضر ، وكلهم ملاحدة) . . وهو روائي وناقد في آنٍ ، والجمع بين موهبة التأدية والنقد التطبيقي لا يكون إلا لأشخاص قلائل في القرن والقرنين ربما (يعد ت.س.إليوت في الشعر ممن حقق هذه المعادلة الصعبة جداً) .. لكن هذا يكون مقبولاً في رواية طويلة ، وليس في قصة قصيرة تحيفتها الشروح والحواشي فأخذت منها ما أخذته الأيام من مرقعة عمرو بن عبيد !
    لن أقول في ختام قراءتي هذه : هذا ما أردت قوله في هذه العجالة = وكأن عندي شيئاً أقوله لا يسعفني به الوقت على عادة الكثير ، لست على عجلة من أمري ، لكن ما عاد عندي ما أقوله إلا كلمة أهمس بها في أذنك يا واحدي فاقترب : (كانوا يقولون : إذا أردت أن تجعل كلامك خطيراً فاهمس به) أنت قاص موهوب ، استمتعت بقراءة إبداعك ، ولعل مغادرة المقعد البوخارستي المهترئ , لعل المغادرة بسبب من لسعة البرد بعد المقايضة بالمعطف ، وما ختمت به القصة من هذه الكلمة النافذة : ( من قال إن الطابور كله مساوئ ) . . لعل هذا يعوض من النقص الذي ذهب بشيء من تقنية السرد وبهائه . . آمل أن نكون قد اكتشفنا قاصاً فذّاً ، يغنينا في قابل الأيام عن هذا الغثاء الذي منيت به ذائقتنا الأدبية ، في عصر الانحطاط والتخلف هذا الموحِل الذي أفسد علينا كل شيء ، كل شيء (يا واحدي) حتى الفن . .

    تحياتي : عبد الله الهدلق

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    بارك الله في الشيخين :
    ( الهدلق ) .. و ( الواحدي ) ..
    عن هذا الأسلوب الرفيع الماتع ..

    - للفائدة : لمحمد فريد وجدي نقاشٌ مطوّل لأفكار " لوبون " في كتاب " مناقشات وردود " الذي جمعه الأديب محمد رجب البيومي من مقالاته . ( ص 33 - 65 ) .

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان الخراشي مشاهدة المشاركة
    بارك الله في الشيخين :

    ( الهدلق ) .. و ( الواحدي ) ..
    عن هذا الأسلوب الرفيع الماتع ..

    - للفائدة : لمحمد فريد وجدي نقاشٌ مطوّل لأفكار " لوبون " في كتاب " مناقشات وردود " الذي جمعه الأديب محمد رجب البيومي من مقالاته . ( ص 33 - 65 ) .
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    جزاك الله خيرًا، شيخنا الفاضل، على المتابعة والتعقيب.

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
    ما كان في البال أن يتطوّر الموضوع إلى هذا المدى، ولا كنت أتصوّر أنّ النقدة الصديقة تثير قلم الشيخ عبد الله، فتنقلب لهجته الجميلة الوادعة إلى نبرة شبيهة ببيانات الحرب الباردة. لكن، رُبَّ ضارَّة نافعة. وما من شيء سيّء- حتّى البنغالي الذي يسيء غسلَ السيَّارة، والطابورُ الروماني المعوجّ- إلا وله جانب حسَن نافع.
    وكان من بركات هذا الموضوع أن اكتشفنا الهدلق الناقد الكامنَ في الهدلق المبدع...
    وكان منها أيضًا أن تجلّت قدرتُه على المحاكاة. والفن، في أحد تعريفاته هو: القدرة على محاكاة الطبيعة. وهذه القدرة العجيبة أعترف له بها، وأعرفها عنه منذ أن بدأت أقرأ له؛ لكن لعلّها كانت خافية عن بعض القرَّاء. فالفضل له أن تطوَّع وكشف الغطاء عنها...
    وكان من بركاتها كذلك أن أبانت عن نظرة الشيخ إلى نفسه، ونظرته إلى السلفية، وتصوّره للفعل الكتابي من حيث هو إبداع معرفي وفق تلك النظرة...
    ومنها أيضًا أن أماطت اللثام عن تعامله مع النتاج الثقافي الغربي وكيفية الاستفادة منه...
    ولن أخوض في هذه المسائل، ولن أُخضعها للنقد التحليلي كما أخضع الشيخُ عبد الله كلامًا لي، توهَّمه قصةً قصيرةً، كما توهَّم أنّ البنغالي أوهمه أنّه غسل سيارته. والشيخ قد يتوهّم... ويقع له ألاَّ يراجع العرفانَ إلاّ توهُّما، على مذهب الخَطَفيّ...
    لن أخوض إذن في هذه المسائل، وذلك لأسباب أربعة:
    _ وقف الشيخُ عبد الله قلمَه على "مشروع ثقافي"، وهو وإن كان "صغيرًا" كما وصفه الشيخ، إلاّ أنَّ غايته نبيلة. وهذا النبل الذي تشهد له مقالات الشيخ السابقة، يحجزني عن أنْ أشغله بغيره أو أصرفه إلى سواه.
    _ تلك المسائل ليست من صميم الموضوع، وأخشى أن يشغلنا الالتفات إليها عن اللُّب. ولُبُّ الموضوع لا يخفى عن لبيب من طراز الشيخ، وهو لم يتطرَّق إليه إلى الآن.
    _ سبق أن قلتُ: "أوصي كل قارئ لهذا المقال بألاَّ يسيء إلى الشيخ الهدلق فيكرهه"، ولن أكون أوَّل من يأتي ما نهى الناسَ عنه؛ كما أنّ الإساءة إلى الناس ليست من طبعي، ولو التقاني المسيو "لوبون" (ولك أن تقول: لُبون) لأكّد هذه الخاصِّيَّة فيَّ، ولتيقَّنتُ أنّ الشيخ عبد الله لن يتكلّم عنّي إلا بالخير...
    _ صرّح الشيخ، بما لا يدع مجالاً للشك، أنّه لا يقبل الرأي الآخر ولا يصغي إليه. إذ قال: "لو أن أهل الدنياكلهم ذهبوا مذهباً لا أراه ؛ لم أذهب إليه ولو نثرت نثراً .." فما الفائدة من محاورته؟ ثم أردف كلامه قائلا:
    "ومن يعرفني يعرف حقيقة ما أقول.."!! وأكاد أقول: "صرنا لا نعرفك يا شيخ عبد الله!"

    (يتبع...)

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    (تابع)

    ولو كان جوابي كتابًا موجَّهًا إلى الشيخ عبد الله، يقرؤه وحدَه دون سواه، لسقته في ألفاظ تليق بمقامه ومستواه. لكن مقام حديثنا هذا مجلس مفتوح، تتفاوت فيه المدارك. لذا سأتجنَّب الإجمال والتجميل في الذي سأخطُّه، ولظنّي أنّ بعض سوء الفهم واللغط الذي أثيرَ حول الموضوع إنَّما علّتُه عدم إنزال المسألة منزلتها، وإلزامها حدودها.
    والمسألة وما فيها أنّني عقّبتُ على مقال واحد للشيخ، واعترضتُ على بعض ما ورَد فيه. وظننتُ أنه سيبتهج لذلك، وإنْ تقديرًا للمبادرة، كما ابتهجتُ بنقده لكلام لي سمّاه قصّة قصيرة. ولست أدري ما الذي ماج وما زال يموج حول الشيخ؛ لكن غالب ظنّي أنّ بعض من لم يفهم مدار النقاش ومناطه، ضخَّمه، فآذى الشيخ.
    هذا ظنّي، وبعض الظنِّ إثم...
    قال الشيخ كلامًا اعتبرتُه مخالفًا لقواعد الشرع وبديهيات العقل ومقرّرات العلم، فأوضحتُ ذلك. ولم تكن النية الاعتراض على "مشروعه الثقافي الصغير"، ولا التنديد باستحواذه على مقعد المفكّر الرسمي نيابةً عن السلفيّين، ولا التشكيك في صحّة ارتياده للثقافة "على اتساع مداها"، ولا على رصيده المعرفي... هي "ثلاثة أسطر" كما قال، لا غير، كتبَها فاستدركت عليها. وما زال مصرًّا على صحة مضمونها، وما زلتُ موقنًا بخطئه.
    وقد يتملَّك الغضبُ بعضَنا أحيانًا، فيأتي بدليل هو على التحقيق حجَّةٌ عليه! ومن ذلك ذِكر الشيخ لتفسير الألوسي قولَه تعالى: "والله يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُه". إذ المطالَب بإماطة ما عسى أن يُتوهَّم هو الشيخ، لا غير. وليس في كلامه ما يُتوهَّم، اللهمَّ إلاّ إذا تولّى قراءتَه هو، والشيخ قد يَتوهّم... وعبارته صريحة في تأييد مقولة الخواجة لوبون (ولك أن تقرأ: لُبون) عن الشعب البنغالي. وقد حاولتُ أن أحملها على محمل غير الذي تفيده، فلم أجد إلى ذلك سبيلا. ولن يستطيع أن يجد لها تأويلاً يليق إلاّ إذا لجأ إلى قراءة غنوصية هرمسيّة...

    (يتبع، بإذن الله)

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    1,444

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    أخي الواحدي..

    عد عن ذا..

    فالشيخ عبد الله رجل حساس جداً كما هو ظاهر،وأخشى أن لو كان الله سبحانه قد ذرأه بنغالياً = لقتلته حساسيته تلك إذا قرأ مقالة عبد الله الهدلق عن عادات الشعوب..
    اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وأصلح لنا شأننا كله ..

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    (تابع)

    ولن أتوقَّف عند "المدخل" الذي كتبه الشيخ عبد الله من بيانه الرابع الذي بثَّتْه إلينا وكالة "همام الحارثي"، رعاه الله كما رعى البنغالي المسكين بعد أن أوهم الشيخَ أنّه غسل سيّارته... وظنّي أنّه كتبه مغضَبًا، فبلغنا مغاضِبًا... والغاضب قد يهجُر، وقد يُقذِع، وقد يسيء إلى أقرب الناس إليه من حيث لا يدري...
    وذلك "المدخل" ليس مدخلاً للموضوع كما يتضح للقارئ، بل هو مدخل لحرب توهّمها الشيخ – على بعض عادته- فاستعرض أسلحته الفتّاكة، ورصيده العسكري الشبيه بـ "الصواريخ الذكيّة"، إذ "يوجعك وأنت تبتسم"! وحديثًا قيل: "كلّ ساديٍّ يظنُّ الناس كلَّهم مصابين بالمازوشية"!!
    وإنّي لشاكرٌ له "تصدُّقَه" بالردّ، بعد أن تصدّق بالقراءة،؛ وكنت أشكّ أن يبصرني مرَّتين...
    بيد أنّ الذي استوقفني في ذلك "المدخل" (أخرجنا الله من عواقبه!) هو تشبيه الشيخ لنفسه بأبي الطيِّب! وكنت من قبل زعمتُ أنّ مقال الشيخ كلَّه يمكن اختصاره في هذا العنوان: "لماذ أنا أناني؟" وكنت كتبت "نرجسي" بدل "أناني"، ثم حذفتُها. لكن وحي اللحظة المبدعة لا يخطئ غالبًا.. فها أوْرقَ النرجس وفاحت رائحته، وها هي ذي المرآة الأسطورية تُطلُّ علينا فتعمينا بضياء انعكاس وجه الشمس... وها نحن ننتقل من علم الاجتماع إلى علم النفس...
    وذلك "المدخل" يذكِّرني بشيء ما... يذكِّرني بتلك النظرة الاستعلائية المتغطرسة للخواجة لوبون... ولعلّ عدواها انتقلت إلى الشيخ من حيث لا يدري، فأصبح ينظر إلى كل من لا يوافقه الرأي، أو يخدش نرجسيته، نظرته إلى البنغالي "الجبان، والنذل والمنافق"!
    أُعيذها نظرات منه جائرة...
    وأعيذه من أن ينظر إلى الناس بمشاعر كهذه. ولن أترصَّدها، بل أتركها لشخصين يعرفانه تمام المعرفة، ويلازمانه باستمرار؛ وإن كان لا يعرف عنهما إلاَّ الاسم... إذ لم أُخلَق لذلك.

    (يتبع، بإذن الله)

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    786

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    (تابع)

    وأعود الآن إلى النقد الذي تفضَّل به الشيخ لما سمَّاه –توهُّمًا- قصَّة قصيرة. وأتقدم إليه بداءةً بخالص الشكر والامتنان على ما تجشّمه وتكلَّفه.
    وأتمنّى لو "يتصدّق" عليَّ بتفسير بعض العبارات، فقد استغلق معناها على "شحّاتٍ" مثلي:
    _ ما معنى: "تكثيف الموهبة في أسطر قليلة"؟ بمعنى آخر: "كيف تكثَّف الموهبة؟"
    _ كيف "يتدحرج القاصُّ بالصورة إلى لحظة التنوير؟" وهل "لحظة التنوير" هي الذروة من القصة؟ أم الحضيض؟
    _ لماذا قرنت بين "مصطفى محمود" و"ميخائيل نعيمة" مع أن الفارق الزمني بينهما بيِّن؟ ولماذا قدَّمتَ "مصطفى محمود" على "ميخائيل نعيمة"؟ هل تنوي إصدار معجم لكتَّاب القصة القصيرة العرب، وقد بيضتَ موادَّه، ورتّبتها ترتيبا ألفبائيًّا، ثم راجعتَه ووجدتَ "مصطفى محمود" متقدّمًا على "ميخائيل نعيمة" في الترتيب، فنقلتَ عن نفسك دون الالتفات إلى ذلك؟
    أمّا بقية كلام الشيخ في نقده، فلا تعقيب لي عليه إجمالاً؛ لكنّني أُلفِت انتباهَه إلى أنّني لم أسمِّ كلامي "قصة قصيرة" ولا "أقصوصة"، حتّى يحاكمني إلى قواعد هذا الفنِّ وضوابط بنيته السردية وما إلى ذلك... سمّيتُ كلامي "قصّة" بالمعنى الأصلي للكلمة، وتعمّدت ذلك في التسمية والأسلوب، لتأتي على نسق الرواية الناقلة للخبر دون أن يقتحمها الراوي. وسبب ذلك أنّه نقل شهادة حقيقية عن واقعة حدثت له في رومانيا، فتعمّدتُ أن يكون للقصّة الموازية نفس ملامح شهادته، حتى تكون أبلغ في النفوس وأفصَح عن المراد.
    بيد أنّ ما تفضَّلَ به من ملاحظات عن "القصة القصيرة" كلام جيِّد، من شأنه أن يسعف ناشئة القصّاص والمبتدئين في كتابة الأقصوصة... أمّا أخوكم، فلا يزعم أنّ له صلةً بهذا الفنّ، ولا يدّعي أنّه من أهله. لذا وجب أن أكتب تحذيرًا على غرار ما يُكتب عادةً في مفتتح بعض الأفلام الواقعية: "أيُّ تشابُه لهذا الكلام مع فنّ القصّة القصيرة، لا علاقة لمؤلّفه به، وليس مسؤولاً عن تبعاته."
    ولي في الأخير ملاحظات، أكون بخيلاً حقًّا لو ضننتُ بهما على قارئ الموضوع:
    _ لم أشر إلى قراءة رواية "الإخوة كارامازوف" لأضرب بها مثلاً في الطول، بل لأنّي أعشقها ولا أملّ قراءتها. فوجب التنبيه. (ابتسامة)
    _ "البحث عن الزمن المفقود" لبروست ليست بديلاً جيِّدًا؛ فهي ليس ممّا يُقرأ في الطوابير، لتعقيد لغتها وبنيتها.
    _ هيرتا مويلر: لا تستهويني، كما لا يستهويني معظَم الأدباء الحائزين على جائزة نوبل في الفترات المتأخرة. ولعلّك أدرى من أن تُذكَّر بالمعايير التي أصبحت هذه الجائزة تُمنَح وفقها. وللأستاذة ناهد ديب أن تكتب عشرات المقالات عنها إن شاءت...
    _ ستعجب إن قلتُ لك: إنّ مسيحية دوستوييفسكي هي أكثر ما يستهويني في كتابته؛ بل إنّني لأرى فيها نموذجًا لكلّ روائي يكتب ضمن رؤية وإطار الأدب الإسلامي. أمّا استنهاضه الكنيسة لاسترداد الكنيسة، فلا أثر له على جمالية أدبه. وقد كتب منذ زمن قريب جدًّا أحد خيرة الأدباء العرب مقالاً تبنّى فيه مقولة عنصريّة ضد شعب برمّته؛ لكن هذا لن يمنعنا من الإشادة بسائر ما كتب...
    _ أدباء رومانيا ومفكِّروها قرأت لهم ما كتبوه بالفرنسية (لا سيما "سيورون" الفيلسوف)، وقرأتُ ما تُرجِم لبعضهم إلى لغة الخواجة لوبون. وكانت لي علاقة صداقة ببعض من ينتمون إلى النخبة المثقفة في رومانيا، ممّن كان يحضِّر الدكتوراه في باريس... والذي أريد قولَه أنّني كتبت ما كتبتُ عفوَ الخاطر، لم أتكلَّفه، ولم أُهندس لبنيته، ولم أُدخله المخابرَ التي تعرفها جيِّدًا...
    هذا بعض ما في الجعبة...
    وفي الختام، أشكر الشيخَ على ما تعنّاه من متابعة ونقاش. ولعلّه استبان الآن أنّه لم يدر بخلدي البتّة أن أجعله "غرضًا لقلمي" كما توهّم –والشيخ قد يتوهّم- بل سيظلّ كما كان دائمًا: غرضًا لعينيَّ وسمعي.
    متّعَنا الله بالسمع والبصر، وجعلَهما الوارث منّا.

    انتهــــى

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    93

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
    ربنا اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك ,إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم
    أربأ بالشيخين الفاضلين الهدلق والواحدي- ويشهد الله أني أحبهما -أن يعمدا إلى لغة عرض العضلات الفكرية والمناطحة الأدبية التي ينقسم فيها المطالعون لما يُكتب إلى ما يشبه فرق تشجيع أندية كرة القدم فتتسع الهوة ويلج الشيطان لينزغ بين الإخوة الذين دعواهم واحدة وغاياتهم فيما نحسب :نبيلة
    فلو أن الشيخ الواحدي وفقه الله تعالى اكتفى ببيان انتقاده الشرعي والعقلي دون إقحام البزل القناعيس التي لا تستطيع صولتها أبناء لبون وأشباه ذلك مما كتب لكان خيراً له ولنا ولو أن الشيخ الهدلق وفقه الله تعالى كظم نفسه عن أن تفور بهذه الحساسية المفرطة التي أدت به للخروج عن محل النزاع إلى نقد أدبي للقصة! وقبل ذلك التنكيل بمن انتقده عبر الإيماء بأنهم لم يدركوا مراميه البعيدة الغور ولم يفهموا مشروعه الثقافي الكبير-الذي سماه صغيرا- في رفع لواء المنافحة عن السلف بثوب جديد ,فمتى كان النقد البناء مثبطاً عن المشاريع النبيلة ,,لكان خيراً لنا وله
    إنه لو كانت نفس الناقد مشتملة على خبث طوية فما يعييها أن تعثر على أية هفوة وتتكلفها تكلفاً وتجلب عليها وعلى صاحبها بخيلها ورجلها من أجل الإسقاط الذي لا يعسر على المتابع الساذج أن يكشف عنه


    وعوداً على محل النزاع :هب أن ما قاله الشيخ الهدلق صحيح لا يقبل الشك
    هل يليق -مع هذا- أن يُسطر في الصحائف , من حيث الذائقة الإنسانية البحتة (ودع عنك الدين كله!)؟
    جواب هذا السؤال يغني عن القيل والقال
    وليتأمل المنصف قول الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا"
    فنهى عن لفظ عربي لاشك في حله أصلاً لقطع السبيل على من يسيء استعماله وسداً لذريعة استغفال المؤمنين
    فعلم مشروعية أن ينزه الكاتب قلمه عن مواضع الريبة التي قد يسيء فهمها الناس وإن هو قصد معنى نبيلاً
    وكل ذلك على التنزل في الجدال , وإلا فلايرتابني شك أن الاستشهاد بلوبون في ذياك الموضع وبهذا الإطلاق
    باطلٌ محرمٌ في نفسه وبما يفضي إليه من إثارة نعرات وحزازات أيضا.
    على أن هذا التصنيف للشعوب وإزراءها على طريقة لوبون هو مما اشتهر به الغربيون
    بما لديهم من نظرة استعلائية على العالم أجمع .
    ونحن إذ نفاخر على الأمم بمبدأ "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وقانون "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" فينبغي أن يكون مفهوماً حساسية المؤمن مما أثاره الشيخ في مقدمة مقاله
    أكرر:حتى على التسليم بأنه صواب خالص.
    أما حقي الشخصي وما اتهمتُ به تلويحاً بما هو ألذع من التصريح فقد تصدّقت بعرضي على بعض من أكره فكيف بمن أحب؟

    وأدعو الجميع لقراءة مقال الشيخ عبدالله الهدلق :خاطرة فطرية عن الإبداع..
    كمائدة أدبية ماتعة تمهد لأسس حوارٍ صادق يراعى فيه نظر الرب الجليل سبحانه وتعالى بغية الوصول للحق

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Dec 2006
    المشاركات
    62

    افتراضي رد: رائعة !! من روائع الهدلق !! نظرات في النفس والعادات والأخلاق والشعوب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فهر السلفي مشاهدة المشاركة
    .....
    فالشيخ عبد الله رجل حساس جداً كما هو ظاهر،وأخشى أن لو كان الله سبحانه قد ذرأه بنغالياً = لقتلته حساسيته تلك إذا قرأ مقالة عبد الله الهدلق عن عادات الشعوب..
    وهذا -في نظري أيضا- من أجمل ما كتب في هذا الموضوع!!
    (ابتسامة)

    شكر الله لك شيخنا أبا فهر!

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •