للأسف إن مما يحزن ويقلل أيضاً أن يكون تصنيف العلماء من طلبة علم ليس من علماء والمصيبة الأعظم ان تكون بضوابط نفسية داخلية لا يعلمها المصنف نفسه، حتى أصبح الشخص يصنف شخصا بمجرد أن حضر له محاضرة فأبدع فيها المحاضر أوبمجرد عاطفة جرته إلى ذلك ، أو محبة للشيخ الذي يسمع له أو بمجرد أن سمعه يسرد الأحاديث بالسند أو لجودة أسلوبه وعرضه أو لقوة حفظه أو لشهرته كل هذه أمور لا ينبغي أن تجعل ضوابط ومقاييس يصنف الناس بها فيحكم بأن ذاك عالم زمانه ثم إذا بُحث عن السبب وُجد لأنه يسرد الأحاديث بأسانيدها .
وذاك يصف الشيخ الفلاني بأنه جهبذ عصره لماذا لأنه جريء في الحق ، وآخر يصنف فلانا من طلبة العلم بأنه إمام دهره وفريد زمانه لماذا لأن عنده تميز في الأسلوب والطرح ، وكل هذه الأسباب لا يفصح بها الإنسان إنما هي أمور داخلية تكمن في النفس لايفصح بها أصحابها لأنهم لايعلمون عنها شيئا ولا يدركون أنها السبب الرئيس في حكمهم على هؤلاء .
لكن لوتأملنا قليلا لوجدنا أن الميزان الحق هو تزكية العالم بعد تمحيصه لذلك الشخص وشهادته له بأنه عالم .كما هي طريقة أسلافنا رحمهم الله .
وما يحدث في هذه الأزمنة من اختلاط العالم بغيره وعدم تمييزه إنما هو ابتلاء .