(1)بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
ففي البداية وقبل الخوض في هذا الموضوع أريد أن أؤكد صعوبته لأمور عدة، وأهمها رداءة النسخة الخطية الوحيدة التي قوبل عليها النص المحقق من اصطناع المعروف، ولعل رداءة المصورة التي عند الشيخ محمد خير هي السبب الأساس في ذلك، والمصورة التي أنقل عنها واضحة وجيدة في بعض المواضع، غير ما أكلته الرطوبة، وسأنقل عنها فيما بعد نصًّا ليس باليسير، سأتركه في موضعه إن شاء الله.
وسأبدأ في هذه النظرات حسب الطاقة والوسع، وآمل أن يعينني الله تعالى في ذلك وأن يخلص لي النية له في ذلك، وهو حسبي وكفى:
[[1]] في المطبوع (ص: 19-20، رقم: 3): "حدثنا عبد الله قال حدثنا [...](4) محمد بن يحيى بن أبي حاتم الأزدي ثنا محمد بن عمر الأسلمي عن إسحاق بن محمد بن أبي حرملة عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل المعروف يقي مصارع السوء".
وقد كُتِب في الحاشية (4): "كلمة غير واضحة في الأصل. ومحمد بن يحيى المذكور يروي عنه ابن أبي الدنيا". انتهى
وبتأمل المخطوط نلحظ ملحظين:
الأول: أن العبارة واضحة ومقروءة: (حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن يحيى) هكذا.
والآخر: تحرف في المطبوع (حدثني) إلى (حدثنا).
وهذه صورة النص من المخطوط (213/ظ):
[[2]] في المطبوع (ص: 20، رقم:4): "حدثنا عبد الله حدثني أبو همام حدثني أبو يحيى الثقفي عن الحارث النميري عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل جعل للمعروف وجوها من خلقه حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله ووجه طلاب المعروف إليهم ويسر عليهم إعطاءه كما يسر الغيث إلى الأرض الجدبة ليحييها ويحيي بها أهلها وإن الله جل ذكره جعل للمعروف أعداء من خلقه بغض إليهم المعروف وبغض إليهم فعاله وحظر عليهم إعطاءه كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة ليهلكها ويهلك بها أهلها وما يعفو أكثر".
وبالمقارنة بين النص والمطبوع والمخطوط نلحظ:
أ- أن عبارة المطبوع: (وبغض إليهم فعاله وحظر عليهم إعطاءه كما يحظر الغيث عن الأرض الجدبة) = قد سقط منها: (وحظر على طلاب المعروف الطلب إليهم)؛ فالنص الذي في المخطوط: (وبغض إليهم فعاله [وحظر على طلاب المعروف الطلب إليهم] وحظر عليهم إعطاءه كما حظر الغيث على الأرض الجدبة). فسقط ما بين الحاصرتين من المطبوع! ثم:
ب- إن كلمة (عن) في العبارة السابقة في المطبوع: (كما حظر الغيث عن الأرض الجدبة) من الحاشية وعليها (صـ)، وفي صلب المخطوط: (على). وقد أصلحت في المطبوع دون إشارة، وعلامة (صـ) يضعها الناسخ أو المقابِل للمراجعة واحتمال صوابها، فإن وجد أنها الصواب أكملها بحاء صغيرة فتصير: (صح)، لكن لعل ذلك لم يتبين له فأبقاها على ما هي عليه، والمعروف تعدي (حظر) بحرف الجر (على)، كما في القاموس والتاج واللسان وغيرها.
وهذه صورة النص من المخطوط (213/ظ):
[[3]] في المطبوع (ص: 20-21): حدثنا [عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن حسان السمتي حدثنا أبو عثمان عبد الله بن زيد الكلبي ذكر] الأوزاعي عن عبدة [بن أبي لبابة عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله](4) تعالى قوما يختصهم بالنعم لمنافع العباد ويقرها فيهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم.
وجاء في الحاشية رقم (4): "ما بين المعقوفتين في السند حتى هنا ممحو في الأصل، والمثبت من "قضاء الحوائج" للمؤلف وورد في المطبوع منه (السميتي) بدل (السمتي)، و(عبد) بدل (عبدة)".
وبالمقارنة بين النص والمطبوع والمخطوط نلحظ:
أ*-أن النص الذي في المخطوط: "حدثنا عبد الله ثنا محمد بن حسان السمتي ثنا أبو عثمان عبد الله بن زيد الكلبي حدثني الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله".
فأُقْحِمت في المطبوع: (بن محمد) بعد (عبد الله)، وقد نُقِلت من كتاب "قضاء الحوائج" كما أشير في الحاشية، وبتأمل دقيق للمخطوط يمكن ظهور أصول الكلمات المنقولة عن الكتاب الآخر، فيثبت منها ما قارب رسم المخطوط دون الزيادة عليه.
ثم قوله في المطبوع (ذكر للأوزاعي)، وفي المخطوط: (حدثني للأوزاعي) كذا يمكن قراءتها، ولو قُرِئت: (الأوزاعي) فعلى تحفُّظ، وهو الأشبه بالسياق.
ب- قوله: (ما بذلوها).
جاء في هامش المطبوع: (من نسخة أخرى كما في هامش المخطوطة، وهو كذلك في "قضاء الحوائج").انتهى
وفي هامش المخطوط: (في خـ الآملي: ما بذلوها).
وستأتي واضحة في الصفحة اللاحقة في موضع آخر: (نسخة الآملي). قلت: ولم أعرفه.
ورسمها في الأصل: (الاملى)، ويمكن أن تقرأها على الكتابة الحديثة: (الآملي)، أو (الإملاء) مع تخفيف الهمز، والأخير قد يستبعد بمراجعة رسم الناسخ المطَّرد لعلامة الهمزة النهائية، فلو كانت عنده (الإملاء) لرسمها هكذا (الإملآ)، والله أعلم.
وهذه صورة النص من المخطوط (213/ظ- 214/و):
[[4]] في المطبوع (ص: 21-22 رقم 6): حدثنا عبد الله حدثني عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا عمرو بن هاشم الجنبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم باصطناع المعروف فإنه يقي مصارع السوء وعليكم بصدقة السر فإنها تطفئ غضب الله عز وجل.
ولم يشر إلى شيء مما وقع في حواشي النسخة!
فقوله في المطبوع: (عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) ثم علم الناسخ بعلامة إلحاق بعد (وسلم) وكتب بموازاتها في حاشية المخطوط (214/و): (قال) وصحح عليها بعلامة (صح). ثم كتب باتجاه أعلى الصفحة أن في نسخة: (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وقوله في المطبوع: (يقي) كتب بموازاتها في حاشية المخطوط: (يمنع) وعليها كلمة لم تتبين لي.
وقوله في المطبوع: غضب (الله). كتب بموازاتها في حاشية المخطوط: (الرب).
يعني: في نسخة (الرب) بدل لفظ الجلالة (الله).
وهذه صورة النص من المخطوط (214/و):
[[5]] في المطبوع (ص: 24-25 رقم 11): حدثنا عبد الله حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا روح حدثنا هشام عن محمد بن واسع عن محمد بن المنكدر عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله قال من نفس عن أخيه المسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كرب الدنيا والآخرة ومن ستر أخاه المسلم ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان في عون أخيه.
فقوله: (نفس الله عنه كرب الدنيا والآخرة) في صلب المخطوط: (نفس الله عنه كرب الدنيا والآخرة) ثم ألحق بعد (عنه) وكتب في الحاشية: (كربة من) وعليها علامة (صح)، فيكون صواب العبارة: (نفس الله عنه كربة من كرب الدنيا والآخرة).
وقوله: (والله في عون العبد ما كان في عون أخيه) في صلب المخطوط: (والآخرة والله في عون العبد ما كان في عون أخيه) ثم ألحق بعد (كان) وكتب في الحاشية: (العبد) وعليها علامة (صح)، فتكون العبارة: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
وهذه صورة النص من المخطوط (214/و):
[[6]] في المطبوع (ص:25 رقم 12): حدثنا عبد الله قال حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي حدثنا أبو نعيم حدثنا صدقة عن فرقد السبخي حدثنا إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة إلى غني أو فقير فهو صدقة.
فقوله: (كل معروف صدقة، إلى غني أو فقير فهو صدقة) كذا بالمطبوع، وفي المخطوط: (كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة).
وهذه صورة النص من المخطوط (214/و):
[[7]] في المطبوع (ص: 26 رقم 13): حدثنا بشار بن موسى أخبرنا أبو عوانة عن عاصم عن أبي [وائل عن عبد الله قال](4) كل معروف صدقة.
وفي حاشية المطبوع (4): ما بين المعقوفين، من قضاء الحوائج لم يظهر في الأصل.
قلت: وهو واضح في المصورة التي معي (214/و):
[[8]] في المطبوع (ص: 26 رقم 14): حدثنا أحمد بن منيع حدثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل معروف يصنعه أحدكم إلى غني أو فقير فهو صدقة.
فقوله في المطبوع: (حدثنا أحمد بن منيع)، تجده في المخطوط: (حدثنا عبد الله ثنا أحمد بن منيع). فسقط قوله: (عبد الله ثنا) من المطبوع! وذلك لأنه نُقِل من "قضاء الحوائج" وقد علق الشيخ محمد في الحاشية بقوله: قلت: نقلت هذا الحديث بسنده من كتاب قضاء الحوائج للمؤلف، إذ لم يظهر في الأصل منه سوى كلمات باهتات، هن: (حدثنا أحمد بن منيع حدثنا عبد... النبي صلى الله عليه وسلم ... أو فقير فهو...).
وهذه صورة النص من المخطوط (214/و):
[[9]] في المطبوع (ص: 28-29 رقم16): حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن يزيد بن عيسى قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا هشام وسعيد عن قتادة عن الحسن عن أبي موسى أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن المعروف والمنكر خليقان ينصبان للناس يوم القيامة فأما المعروف فيبشر أهله ويعدهم الخير وأما المنكر فيقول لأصحابه إليكم وما يستطيعون له إلا لزوما.
فقوله في المطبوع (خليقان)، وفي المخطوط تقرأها على تحفظ: (خليقتان)، وقد رودت في بعض المصادر: (لخليقتان).
وهذه صورة النص من المخطوط (214/ظ):
والصفحة (214/ظ) ضربت الرطوبة الثلث الأعلى والثلث الأسفل منها، كما هو مشاهد هنا، فالعذر مُلْتَمَس!
[[10]] في المطبوع (ص: 29-30 رقم 18): حدثنا عبد الله قال حدثني أبي وإبراهيم بن عبد الله قالا حدثنا هشيم عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة.
فقوله: (قالا حدثنا) في المخطوط: (قالا أبنا)، وهي اختزال من (أخبرنا).
وقوله: (بالله مداراة الناس) لم تتضح في الأصل، وذهبت بالكلمات الرطوبة أي مذهب!
ثم ذكر المحقق في الحاشية: (ورواه المؤلف في مداراة الناس رقم (2). وفي قضاء الحوائج رقم (17) بزيادة: "وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة". هكذا في المطبوع. ورواه في العقل وفضله رقم (29) ).
وما ذكره من أمر الزيادة قد نُصَّ عليها في حاشية المخطوط؛ وفيها: في نسخة الآملي: (وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة). ثم علم عليها بعلامة (صح)، وهي تعني أنها صحيحة في النسخة المذكورة، ويفهم من ذلك أنها ليست في رواية الأصل هنا.
وهذا هو النص من المخطوط (214/ظ):
(يتبع... إن شاء الله).
تنبيه: هذه النظرات للمدارسة، فمن كان عنده فَضْل علم بشيء غير ما ذكرتُ هنا فليتفضل، ولا يستنكف عن ذلك، فما قصدنا غير البحث والمدارسة..