تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ

  1. #1

    افتراضي قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ

    أقوال العلماء في قراءة القرآن بالتحزين:

    أولا: الأم للإمام الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (ج 6 / ص 210)

    ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَتَحْسِينِ الصَّوْتِ بها بِأَيِّ وَجْهٍ ما كان وَأَحَبُّ ما يُقْرَأُ إلَيَّ حَدْرًا وَتَحْزِينًا.

    ثانيا: التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ( ص 89 )

    قال العلماء رحمهم الله فيستحب تحسين الصوت بالقراءة ترتيبها ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فإن أفرط حتى زاد حرفا أو أخفاه فهو حرام.

    وأما القراءة بالألحان فقد قال الشافعي رحمه الله في موضع أكرهها قال أصحابنا ليست على قولين بل فيه تفصيل إن أفرط في التمطيط فجاوز الحد فهو الذي كرهه وإن لم يجاوز فهو الذي لم يكرهه...

    قال الشافعي في مختصر المزني ويحسن صوته بأي وجه كان قال وأحب ما يقرأ حدرا وتحزينا. قال أهل اللغة يقال حدرت بالقراءة إذا أدرجتها ولم تمططها ويقال فلان يقرأ بالتحزين إذا رقق صوته.

    وقد روى ابن أبي داود بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قرأ إذا الشمس كورت يحزنها شبه الرثاء. وفي سنن أبي داود قيل لابن أبي مليكة أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت فقال يحسنه ما استطاع في استحباب طلب القراءة الطيبة من حسن الصوت.

    اعلم أن جماعات من السلف كانوا يطلبون من أصحاب القراءة بالأصوات الحسنة أن يقرؤوا وهم يستمعون. وهذا متفق على استحبابه وهو عادة الأخيار والمتعبدين وعباد الله الصالحين وهى سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد صح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذه الآية ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان رواه البخاري ومسلم. وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري ذكرنا ربنا فيقرأ عنده القرآن.

    والآثار في هذا كثيرة معروفة وقد مات جماعات من الصالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة. والله أعلم.

    وقد استحب العلماء أن يستفتح مجلس حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ويختم بقراءة قارئ حسن الصوت ما تيسر من القرآن. ثم إنه ينبغي للقارئ في هذه المواطن أن يقرأ ما يليق بالمجلس ويناسبه وأن تكون قراءته في آيات الرجاء والخوف والمواعظ والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة والتأهيب لها وقصر الأمل ومكارم الأخلاق.

    ثالثا: أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري رَحِمَهُ اللهُ: ( ص 77)

    قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ : وَأَكْرَهُ الْقِرَاءَةَ بِالأَلْحَانِ وَالأَصْوَاتِ الْمَعْمُولَةِ الْمُطَرِّبَةِ ، فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، مِثْلِ : يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، وَالأَصْمَعِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ ، وَأبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلامٍ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَغَيْرِ وَاحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ ، يَأْمُرُونَ الْقَارِئَ إِذَا قَرَأَ أَنْ يَتَحَزَّنَ ، وَيَتَبَاكَى ، وَيَخْشَعَ بِقَلْبِهِ .

    قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللهُ : فَأُحِبُّ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أنْ يَتَحَزَّنَ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ، وَيَتَبَاكَى ، وَيَخْشَعَ قَلْبُهُ ، وَيَتَفَكَّرَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، لِيَسْتَجْلِبَ بِذَلِكَ الْحُزْنَ . أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا نَعَتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَأَخْبَرَ بِفَضْلِهِمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ « اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله » الآيَةَ ( الزُّمَرُ 39/23) ، ثُمَّ ذَمَّ قَوْمَاً اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ، فَلَمْ تَخْشَعْ لَهُ قُلُوبُهُمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ « أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ »( النَّجْمُ 53/59) ؛ يَعْنِي : لاهِينَ .

    رابعا: المغني للإمام ابن قدامة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ( ج 10 / ص 178)

    وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ وَالتَّرْتِيلِ وَالتَّحْسِينِ .

    وَرَوَى بُرَيْدَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِالْحُزْنِ ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِالْحُزْنِ } .
    وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ : سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لِرَجُلٍ : لَوْ قَرَأْت . وَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رُبَّمَا تَغَرْغَرَتْ عَيْنُهُ .

    وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ : كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ التِّرْمِذِيُّ ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى : اقْرَأْ . فَقَرَأَ ، فَغُشِيَ عَلَى يَحْيَى حَتَّى حُمِلَ فَأُدْخِلَ .

    وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ : قَرَأْت عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَهُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ .

    خامسا: سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (ج 8 / ص 46)

    صالح المري الزاهد الخاشع، واعظ أهل البصرة، أبو بشير بن بشير القاص.

    قال ابن الاعرابي: كان الغالب على صالح كثرة الذكر، والقراءة بالتحزين (*)، ويقال: هو أول من قرأ بالبصرة بالتحزين.

    ويقال: مات جماعة سمعوا قراءته.

    توفي سنة اثنتين وسبعين ومئة.
    ويقال: بقي إلى سنة ست وسبعين ومئة.

    (*) في " تهذيب التهذيب ": كان من أحزن أهل البصرة صوتا، وفي " الحلية ": صاحب قراءة وشجن ومخافة وحزن.

    سادسا: زاد المعاد للإمام ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : ( ج 1 / ص 493 )

    وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعا أنهم برآء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة وأنهم أتقى لله من أن يقرؤوا بها ويسوغوها ويعلم قطعا أنهم كانوا يقرؤون بالتحزين والتطريب ويحسنون أصواتهم بالقرآن ويقرؤونه بشجى تارة وبطرب تارة وبشوق تارة وهذا أمر مركوز في الطباع تقاضيه ولم ينه عنه الشارع مع شدة تقاضي الطباع له بل أرشد إليه وندب إليه وأخبر عن استماع الله لمن قرأ به وقال ليس منا من لم يتغن بالقرآن وفيه وجهان أحدهما أنه إخبار بالواقع الذي كلنا نفعله والثاني أنه نفي لهدي من لم يفعله عن هديه وطريقته صلى الله عليه وسلم.

    سابعا: فضائل القرآن للإمام ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ( ص 90 - 94 )

    وقول سفيان بن عيينة أن المراد بالتغنى به فان أراد أنه يستغنى به عن الدنيا وهو الظاهر من كلامه الذي تابعه عليه أبوعبيد القاسم بن سلام وغيره فخلاف الظاهر من مراد الحديث لأنه قد فسر بعض رواته بالجهر وهو تحسين القراءة والتحزين بها قال حرملة سمعت ابن عيينة يقول معناه يستغنى به فقال لى الشافعى ليس هو هكذا ولو كان هكذا لكان يتغانى إنما هو يتحزن ويترنم به قال حرملة وسمعت ابن وهب يقول : يترنم به وهكذا نقل المزنى والربيع عن الشافعى رحمه الله...

    فقد فهم من هذا أن السلف رضى الله عنهم إنما فهموا من التغنى بالقرآن إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه كما قال الأئمة رحمهم الله...

    والمراد تحسين الصوت بالقرآن تطريبه وتحزينه والتخشع به...

    ولهذا كان أحسن القراءات ما كان عن خشوع القلب كما قال قال أبو عبيد : ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن طاوس قال : أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله وحدثنا قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه وعن الحسن بن مسلم عن طاوس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الناس أحسن صوتا بالقرآن ؟ فقال : الذى إذا سمعته رأيته يخشى الله ]

    وقد روى هذا متصلا من وجه آخر فقال ابن ماجه حدثنا بشر بن معاذ الضرير ثنا عبدالله بن جعفر المدينى ثنا ابراهيم بن اسماعيل بن مجمع عن الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ ان من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذى إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله ] ولكن عبدالله بن جعفر هذا - وهو والد على بن المدينى - وشيخه ضعيفان والله أعلم

    والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والإنقياد للطاعة.

    والله تعالى أعلم

  2. #2

    افتراضي رد: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ

    ثامنا: جمال القراء وكمال الإقراء لعلم الدين السخاويّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( ت 643 هـ ) (ص 641 - 642:

    ...ونوع آخر يسمى التحزين، وهو أن بترك طباعه، وعادته في التلاوة، فيأتي بالتلاوة على وجه آخر، كأنه حزين يكاد يبكي، مع خشوع وخضوع، ولا يأخذ بذلك الشيوخ لما فيه من الرياء". اهـ

    وفي الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية ( ص 16 ) نقل زكريا الأنصاري - رحمه الله - هذا القول فقال في آخره: "وإنما نهي عنه لما فيه من الرياء".

    والله تعالى أعلم.

  3. #3

    افتراضي رد: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّحْزِينِ

    تاسعا: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ( م/9 ص 290 ) :

    لا يجوز للمؤمن أن يقرأ القرآن بألحان الغناء وطريقة المغنين بل يجب أن يقرأه كما قرأه سلفنا الصالح من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ، فيقرأه مرتلاً متحزناً متخشعاً حتى يؤثر في القلوب التي تسمعه وحتى يتأثر هو بذلك .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •