تنزيه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما
هي أم المؤمنين الصديقة عائشة بنت الصديق أبو بكر رضي الله عنهما ، زوجة خير الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة ، كنَّاها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأم عبد الله وهو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ابن أختها أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما . وهي حبيبة حبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم المبرأة من فوق سبع سماوات ([1]) ، والتي نزل فيها قرآن يتلى إلى يوم القيامة ، وسبح الله عز وجل نفسه في شأنها .
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يناديها أحياناً « يَا عَائِشْ » ([2]) وهو في اللغة من باب الترخيم ، ولقبت رضي الله عنها بأم المؤمنين كغيرها من زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، مصداقاً لقوله تعالى : [ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِين َ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ] (الأحزاب: 6) فإذا كانت زوجات النبي ([3]) صلى الله عليه وآله وسلم أمهاتنا في العقيدة ، فإنـهن أعظم حقاً علينا من أمهاتنا في النسب بلا شك .
ولا شك أن محبة أزواج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من علامات الإيمان ، وكرههن أو إحداهن من علامات نقصه بل من علامات فقده ، ولهذا روى عبد الله بن عبيد بن عمير قال : قدم رجل فسأله أبي : ( كيف كان وجد الناس على عائشة ؟ ( يعني عند وفاتها رضي الله عنها ) فقال : كان فيهم وكان . قال : أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه ) ([4]) .
ولدت رضي الله عنها في مكة قبل الهجرة بسبع سنوات تقريباً ، وهي أصغر من فاطمة الزهراء رضي الله عنها بثماني سنين . وتزوجها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمكة وهي بنت ست سنين ودخل بها في المدينة وهي بنت تسع ، ولم يتزوج بكراً غيرها , وقد أحبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حباً شديداً . وقد سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه عن أحب الناس إليه فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « عائشة » ، فسأله بعدها عن أحب الناس إليه من الرجال فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « أبوها » ([5]) .
وتربت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شطراً في بيت الصديق رضي الله عنه (9 سنوات) ، وشطراً في بيت أفضل الخلق صلى الله عليه وآله وسلم (9 سنوات) ، فما ظنكم بأدب النبوة ! إذا فلا غرابة في كونها أعلم النساء مطلقاً .
روى الذهبي عن هشام بن عروة عن أبيه قال : قد صحبت عائشة ، فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآية أنزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسنة ، ولا بشعر ، ولا أروى له ، ولا بيوم من أيام العرب ، ولا بنسب ، ولا بكذا ، ولا بكذا ، ولا بقضاء ، ولا طب ، منها ) ([6]) .
وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : ( مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا ) ([7]) .
ودخل معاوية رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها فكلمها فلما قام اتكأ على يد مولاها ذكوان ، وقال: والله ما سمعت خطيبا - ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبلغ من عائشة ([8]) .
وكان الشعبي يذكرها فيتعجب من فقهها وعلمها ثم يقول : ما ظنكم بأدب النبوة ([9]) .
وقال الزهري : لو جمع علم الناس كلهم ، وأمهات المؤمنين ، لكانت عائشة أوسعهم علماً ([10]) .
وقال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس وأعلمهم ، وأحسن الناس رأيا في العامة ([11]) .
وقال مسروق : والله ، لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض ([12]) .
وكان مسروق إذا حدث عن عائشة ، قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق ، حبيبة حبيب الله ، المبرأة من فوق سبع سماوات ، فلم أكذبها ؟ ([13])
وقال الإمام الذهبي (673-748هـ) : ( ولا أعلم في أمه محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ولا في النساء مطلقاً امرأة أعلم منها ) ([14]) .
وكان عروة بن الزبير يقول لعائشة : يا أمتاه ! لا أعجب من فقهك ; أقول : زوجة نبي الله ، وابنة أبي بكر . ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس ; أقول: ابنة أبي بكر ، وكان أعلم الناس ([15]) .
قلت بحول الله تعالى : فهذه هي أم المؤمنين رضي الله عنها ، وهذا جملة من فضائلها ([16]) ، وقد ركزنا على بيان علمها وفقهها لأن السفهاء أصحاب الإفك الحديث رموها من هذا الجانب . ولا عجب من هؤلاء السفهاء فهم تجنوا على أنبياء الله وحوارييهم فكيف تسلم أم المؤمنين رضي الله عنها من ألسنة هؤلاء الطاعنين الذين لم يعرفوا لأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام حرمة ولم يقدروهم حق قدرهم .
فأصحاب الإفك الحديث رموا من تربت تسع سنين في بيت الصديق أبي بكر رضي الله عنه وتأدبت بأدب الصديق ، ومن ثم انتقلت إلى بيت النبوة فتأدبت بأدب النبوة بأنها كانت تجهل أن الله عليم بذات الصدور ، أي عليم بما يخفيه الإنسان ويكتمه في صدره . ولا شك أن هذا الإفك الذي رموه بها لو نسب إلى أحدهم أو إلى أحد أبنائهم الذين لم يبلغوا الحلم بعد لاشتط بذلك غضبهم ، عاملهم الله عز وجل بما يستحقون .
ومع كل هذا ينتسب أصحاب الإفك الحديث إلى عائشة رضي الله عنها ويقولون أنها أمهم ، وكذبوا والله فإن عائشة رضي الله تعالى عنها ليست أم كل من هب ودب ، وإنما هي أم المؤمنين الموحدين المتبرئين من الشرك وأهله لا غير .
ولا يدري هؤلاء المساكين أصحاب الإفك الحديث أنهم بهذا الإفك يؤذون النبي صلى الله عليه وآله وسلم . لأنهم رموا زوجته وحبيبته بهذا الإفك الذي لا يرضونه هم لأهل بيتهم والذي لو نسب إلى أهل بيتهم لغضبوا أشد الغضب .
يقول الله عز وجل : [ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ] (الأحزاب: 57)
وفي حادثة الإفك الأول قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من صاحب الإفك الأول عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقال وهو على المنبر : « يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ! مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا » ([17]) .
أقول بحول الله تعالى : فإننا بحول الله تعالى سنعذر رسولنا وحببينا وقائدنا وأسوتنا فداه آباؤنا وأمهاتنا صلى الله عليه وآله وسلم من رجال سفهاء بلغ أذاهم إلى أهل بيته ، بل بلغ أذاهم إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً في التقصير عن تعليم أهله أبسط معاني العقيدة ، وسنأتي بنيان هؤلاء من القواعد بفضل الله عز وجل فننسفه نسفاً حتى يخر عليهم سقفهم المنتن من فوقهم ، فلا تقوم لهم قائمة بعدها إلى يوم القيامة بإذن الله عز وجل . فإليك الحديث الذي استدل به أصحاب الإفك الحديث :
أخرج الإمام مسلم في صحيحه قال : وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ حَجَّاجًا الأَعْوَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ - رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا : أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي ، قَالَ : فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ . قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : ( أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ) . قُلْنَا : ( بَلَى ) . قَالَ : قَالَتْ : ( لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا ، وَفَتَحَ الْبَابَ ، فَخَرَجَ ، ثُمَّ أَجَافَهُ ([18]) رُوَيْدًا ، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي ، وَاخْتَمَرْتُ ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ([19]) ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ ([20]) ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ ([21]) ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ ، فَلَيْسَ إِلاَّ أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ : « مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً » ([22]) . قَالَتْ : ( قُلْتُ : لاَ شَيْء ) . قَالَ : « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ». قَالَتْ : ( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْتُهُ ) ، قَالَ : « فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي ؟ » . قُلْتُ : نَعَمْ . فَلَهَدَنِي ([23]) فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ، ثُمَّ قَالَ : « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ! » ([24]) . قَالَتْ : مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ . قَالَ : « فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي ، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ ». قَالَتْ : ( قُلْتُ : كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ) ، قَالَ : « قُولِي : السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِين َ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِ ينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِ رِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ » ([25]) .
قلت بحول الله تعالى : قد نقل الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية (691-751هـ) عن شيخه الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية (661-728هـ) قاعدة جليلة في الرد على شبهات من مثل هذا النوع فقال : ( أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله إلا وفي ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله ) ([26]) .
فهذا حديث صحيح احتج أصحاب الإفك الحديث على باطلهم ، وفي نفس هذا الدليل يوجد ما ينقض قولهم وإليك تفصيل ذلك من وجوه :
الوجه الأول : زعم أصحاب الإفك الحديث أن أم المؤمنين رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل يعلم الله كل ما يكتمه الناس ؟ وليس في الحديث ما زعموا ، وإنما يوجد قولها : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) ، فهذا ليس بصيغة سؤال أصلاً ، وإنما تقرير أن كل ما يكتمه الناس يعلمه الله ، فـ ( مَهْمَا ) في لغة العرب ليست أداة سؤال واستفهام وإنما أداة شرط تفيد التوكيد أو كلمة تفيد زيادة التعميم . فكما ترى أن نفس ما احتجوا به على إفكهم هو في الحقيقة حجة لنا لا لهم.
و(مَهْمَا) وردت في القرآن الكريم في موضع واحد وهو قوله تعالى : [ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ] (الأعراف: 132)
قال الإمام أبو عبد الله بن فرح القرطبي (ت: 671هـ) : ( قوله تعالى : [ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ ] أي قال قوم فرعون لموسى ( مَهْمَا ) ، قال الخليل : الأصل ( مَا مَا ) الأولى للشرط والثانية زائدة توكيد للجزاء ، كما تزاد في سائر الحروف مثل إما وحيثما وأينما وكيفما ، فكرهوا حرفين لفظهما واحد فأبدلوا من الألف الأولى هاء فقالوا مهما ، وقال الكسائي : أصله ( مه ) أي اكفف ( ما ) تأتنا به من آية ، وقيل : هي كلمة مفردة يجازى بها ليجزم ما بعدها ) ([27]) .
قال شهاب الدين الألوسي (1217-1270هـ) : ( كلمة (مهما) مما اختلف فيها فقيل هي كلمة برأسها موضوعة لزيادة التعميم . وقيل : هي مركبة من ( مَهْ ) اسم فعل للكف ، إما باق على معناه أو مجرد عنه ، و( ما ) الشرطية . وقال الخليل : أصلها ما ما على أن الأولى شرطية والثانية إبهامية متصلة بها لزيادة التعميم فقلبت ألف ما الأولى هاء فراراً من بشاعة التكرار ) ([28]) .
قلت بحول الله تعالى : فأما أن تكون ( مَهْمَا ) في كلام عائشة رضي الله عنها بمعنى ( مَهْ مَا ) أي ( اُكْفُفْ مَا ) فلا يناسب سياق كلامها كما هو ظاهر . وعلى المعاني الأخرى الكثيرة المنوعة لِـ ( مَهْمَا ) يكون معنى كلام عائشة رضي الله عنها بيان علم الله عز وجل لعموم ما يكتمه الناس ، أي تعميم علم الله عز وجل لكل الأشياء ، أي بيان كمال علم الله عز وجل ، وتأكيد ذلك .
ومما يدل على ذلك روايات الحديث الأخرى لكلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وفيها قولها : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ ) . أخرجه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه ([29]) ، والنسائي في سننه ([30]) .
وكلام عائشة رضي الله عنها من الناحية اللغوية يشبه قول زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة :
وَمَهْمَا يَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَليقَةٍ وَإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
و أما ( نعم ) الذي هو من تتمة كلام عائشة رضي الله عنها كما في رواية الإمام مسلم وعلى نفس الوجه أخرجه الإمام عبد الرزاق ، فقد ورد في رواية النسائي وأحمد في مسنده أن ( نعم ) من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم . فاحتج أصحاب الإفك الحديث بهذا وقالوا أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها ( نعم ) يدل على أنها سألت وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجابها بـ ( نعم ) ، هذا هو حجتهم في قلب الجملة التي أفادت الجزم والتوكيد إلى جملة استفهامية .
فأقول بحول الله تعالى : إن هذا النوع من الاختلاف في الرواية يحتاج إلى ترجيح كما هو مقرر في الأصول .
لكن قبل ذكر الترجيح نقول لهم : حتى لو صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي قال نعم ، فهذا لا يقلب تقرير أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سؤالاً ، وإنما يفيد أحد أمرين : إما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( نعم ) تصديقاً لكلام أم المؤمنين رضي الله عنها وتأكيداً له ، وإما قال ( نعم ) لابتداء كلامه .
وأما حول اختلاف الروايات في تعيين قائل ( نعم ) في تتم كلام عائشة رضي الله عنها ، فيحتاج كما قلنا لترجيح إذ لا يمكن الجمع بين هذه الروايات ، فعندها نقول أن الرواية التي ورد فيها ( نعم ) من تتمة كلام عائشة رضي الله عنها هي الرواية الراجحة لأسباب :
الأول : إن إسناد عبد الرزاق والذي ورد فيه ( نعم ) من تتمة كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هو أعلى الأسانيد ، لقله عدد رواته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأهل العلم يرجحون الأحاديث باعتبار علو الإسناد كما هو معلوم .
الثاني : إن الرواية التي ورد فيها ( نعم ) من تتمة كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وردت في صحيح مسلم ، وأهل العلم يرجحون ما في الصحيحين على ما ليس فيهما ، وكذلك يرجحون رواية الإمام مسلم لشدة إتقانه وضبطه ومحافظته على أداء الألفاظ كما هي من غير تقطيع ولا رواية بالمعنى فالإمام مسلم مشهور بتحرزه في الألفاظ والسياق ، ولعله في هذا الشأن قد فاق الإمام البخاري رحمه الله .
الثالث : إن أهل العلم يرجحون الرواية التي ليس فيها إشعار بقدح في صحابي ما على غيره من الروايات التي ممكن أن تشعر بذلك ، وباعتبار هذا النوع من الترجيح بأمر خارجي فإن الرواية التي ورد فيها ( نعم ) من تتمة كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هي الرواية الراجحة ، وبالله التوفيق .
ومن جملة اللطائف أن شراح الحديث المتقدمين ومن تبعهم من المتأخرين لم يشيروا في شرحهم لهذا الحديث ولو مجرد لفتة يسيرة إلى معنى كلام عائشة رضي الله عنها ( مهما يكتم الناس يعلمه الله ) ، فمن هؤلاء الإمام المازري (453-536هـ) ، والقاضي عياض الأندلسي (476-544هـ) ، والإمام أبو عبد الله الأُبِّي المالكي (ت: 727 هـ) ، والإمام السنوسي الحسني (832-895هـ) ، والإمام أبو العباس القرطبي (578-656هـ) ([31]) ، والإمام محيي الدين يحيى بن شرف النووي (631-676هـ) ، ومن المعاصرين الشيخ أبو الحسن علي بن سليمان الدمنتي المغربي (1234-1306هـ) ، والشيخ صفي الرحمن المباركفوري ، والشيخ محمد ذهني ، والدكتور مصطفى شاهين لاشين كلهم في شروحهم على صحيح الإمام مسلم ، ومن المتقدمين أيضاً الإمام جلال الدين السيوطي (849-911هـ) ، ونور الدين أبو الحسن السندي (ت. 1138هـ ) في تعليقهما على سنن الإمام النسائي ، ومن المتأخرين أيضاً الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه لمصنف عبد الرزاق ، والشيخ الألباني في تحقيقه لمختصر صحيح مسلم ، فلم ير أحد منهم أن كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الذي استنتج منه أصحاب الإفك الحديث ما استنتجوا من خيالات شيطانية يحتاج إلى شرح أو كشف عن مشكل . وإنما أشار بعضهم إلى معنى ( نعم ) الذي هو من تتمة كلامها لماذا قالته ، فلو كان ظاهر كلامها فيه أدنى إشكال لذكروا على الأقل وجه الإشكال لكي يزيلوه ، وبالله التوفيق .
قال الإمام محيي الدين يحيى بن شرف النووي (631-676هـ) : ( قَوْله : « قَالَتْ : مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ » هَكَذَا هُوَ فِي الأُصُول وَهُوَ صَحِيح ، وَكَأَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ : « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » صَدَّقَتْ نَفْسهَا فَقَالَتْ : نَعَمْ ) ([32]) .
قال الإمام أبو عبد الله الأُبِّي المالكي (ت: 727 هـ) : ( « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » كذا في الأصول ، والمعنى أنها لما قالت : مهما يكتم الناس يعلمه الله تعالى صدقت نفسها ، فقالت : نعم ) ([33]) .
وقد نقل هذا القول عن الإمام الأبي الإمام السنوسي الحسني (832-895هـ) ([34]) ولم يتعقبه .
والإمام جلال الدين السيوطي (849-911هـ) في حاشيته على صحيح مسلم لم يشر إلا إلى معنى ( نعم ) الذي هو من تتمة كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قال : ( نعم : هو من تتمة كلام عائشة صدقت نفسها ) ([35]) .
وقد تبع عدد من شراح صحيح مسلم المعاصرين المتقدمين من العلماء وساروا على نهجهم في شرح مقولة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وإليك أقوالهم :
قال الشيخ محمد الألباني تعليقاً على قول أم المؤمنين ( نعم ) : ( هكذا هو في الأصول ، وهو صحيح ، وكأنها لما قالت ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ) صدقت نفسها فقالت : ( نعم ) ) ([36]) .
قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي تعليقاً على قول أم المؤمنين ( نعم ) : ( كأنها لما قالت ذلك صدَّقت نفسها ، فقالت : نعم ، قاله النووي ) ([37]) .
قال الشيخ علي بن سليمان الدمنتي المغربي (1234-1306هـ) : ( "نعم" هو من تتمة كلام عائشة صدقت نفسها ) ([38]) .
قال الدكتور مصطفى شاهين لاشين : ( « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ » صدقت نفسها ، وأكَّدت قولها ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ) كأنها قالت بعد ما قالته قالت : هذا حق ) ([39]) .
قال الشيخ محمد ذهني تعليقاً على قول أم المؤمنين ( نعم ) : ( هكذا في الأصول ، وكأنها لما قالت ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ) صدَّقت نفسها فقالت : ( نعم ) ) ([40]) .
قلت بحول الله تعالى : ها هو الإمام النووي وغيره من العلماء المتقدمين ومن تبعهم في شرح مقولة أم المؤمنين رضي الله عنها من المتأخرين ([41]) لما أرادوا أن يشرحوا معنى ( نعم ) الذي هو من تتمة كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أعادوا في الشرح قولها « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » بنفس الألفاظ دون شرح ، لأنه كلام واضح لا يحتاج إلى شرح وليس فيه إشكال أصلاً ، فلم يروا أن قولها « « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » يحتاج إلى شرح إلا ما ورد من ( نعم ) الذي هو من تتمة كلامها فقالوا أن هذا من باب تصديق نفسها بنفسها .
ولم أجد إلا واحداً من شراح الحديث المعاصرين نبَّه إلى معنى كلام أم المؤمنين رضي الله عنها وهو الشيخ محمد ابن علي بن آدم بن موسى الإتيوبي الوّلًّوي المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة حيث قال في معرض شرحه لرواية الإمام النسائي لهذا الحديث : ( « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ » (مَهْمَا) شرطية ، ولذا جزم الفعل بعدها ، وجوابها قوله : « فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّه » ، ولمسلم « مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ » ) ([42]) . وبالله التوفيق .
الوجه الثاني : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى أم المؤمنين رضي الله عنها حشيا رابية قال لها : « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » فهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعلمها أنها إن لم تخبره بأمرها لماذا هي حشيا رابية أن الله اللطيف الخبير بكل شيء سيخبره بهذا ، فكيف بعد هذا تسأل عن علم الله بما يكتمه الناس ؟!!
الوجه الثالث : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما علم أنها خرجت غيرة عليه أن شكت في ذهابه إلى امرأة أخرى من نسائه في نوبتها لهدها في صدرها لهدة أوجعتها وقال لها : « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ » ، ولما قالت : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) لم يغضب عليها مثل ما غضب عليها في الأولى ، مما يبين لنا أنها لم تقل شيئًا يوجب الغضب بوجه من الوجوه ، وإنما قررت علم الله عز وجل بكل شيء .
فإن قالوا : لم يغضب عليها لأنها سألت ذلك سؤال جاهل متعلم ؟
قلنا لهم بحول الله تعالى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشتد غضبه على من سأل أموراً دون الشك في علم الله عز وجل مع أن السائل كان جاهلاً ، مثل سؤال الصحابة ذات أنواط ([43]) ، وكذلك استشفاع أسامة بن زيد رضي الله عنه في حد من الحدود . وكل هؤلاء لم يكونوا سألوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطلبوا منه ما طلبوا عن عناد وإنما عن جهل .
فإن قلت : فلماذا قالت ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) ؟
قلت بحول الله تعالى : ذلك على أحد وجهين :
الوجه الأول : على سبيل التدبر والتأمل والتعجب من كمال علم الله سبحانه وتعالى وإحاطة علمه إظهاراً للخشية .
الوجه الثاني : على وجه الاستنفار لحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلباً لمزيد علم وفقه , كقول العربي لصاحبه " أغشيت عكاظاً بالأمس " وهو يعلم أنه ذهب إليها , ولكنه يستنفره ليحدثه عن تفصيل ما حدث هناك .
قلت بحول الله تعالى : والأظهر عندي أنها قالت ذلك على سبيل تعظيم الله وتسبيحه ، على سبيل التأمل والتدبر والتعجب من عظيم علم الله عز وجل ، كقول الواحد سبحان الله ، أي تنزه الله عن النقائص والمعائب ، فهي عظمت الله من هذا الوجه ، ولعلها عظمت الله عز وجل بهذا النوع من التعظيم لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » فقالت بعد ذلك ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) ، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم نعم .
أقول بحول الله تعالى : وبعد ذلك بدا لي بفضل الله عز وجل جواب آخر ، وهو أن قول عائشة رضي الله عنها : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) ليس من أقوالها التي خاطبت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما هو من أقوالها التي قالتها لراوي الحديث وهو مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، وأنت إذا رجعت إلى سياق الإمام مسلم في روايته للحديث ، وهو المشهور بشدة ضبطه لسياق الأحاديث وألفاظها ، لوجدت أن الأقوال التي خاطبت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت تصدِّرها بقولها ( قُلْتُ ) ، وهذا التصدير لم يرد في كلامها ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) الذي إنما صدَّرها راوي الحديث عنها بقوله ( قَالَتْ ) فراجع هداك الله سياق الحديث بتروي لتقف على ذلك .
وعلى هذا فكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقيقته متصل أي أنه قال لها : « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ! فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ ، فَنَادَانِي ، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ ، فَأَجَبْتُهُ ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي ، فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِىَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ » ومما يدل على أن كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متصل استخدامه الفاء في قوله « فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي ... » .
ولكن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما حدثت من حدثتهم قالت لهم : ( .. فَدَخَلَ فَقَالَ : « مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً » قُلْتُ : لاَ شَيْءَ . قَالَ : « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْتُهُ ، قَالَ : « فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي ». قُلْتُ : نَعَمْ . فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ، ثُمَّ قَالَ : « أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ » ) فتوقفت فقالت لمن يستمع إليها : ( مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ ) ثم أكملت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لها فقالت : ( قَالَ : « فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي ... » ) اهـ .
فعلى هذا كأن أم المؤمنين رضي الله عنها أرادت أن تقول للحاضرين المستمعين إليها : ( إن هذا الأمر الذي أخبرت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان سيعرفه حتى لو لم أخبره أنا ، لأنه قال لي « لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » ، وما دام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرني أن الله اللطيف الخبير سيخبره إن لم أخبره أنا ، لم يكن هناك مفر لي لأنه مهما يكتم الناس يعلمه الله نعم ) ، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم نعم .