انهيار شرفات الاستشراق على طريق السور المكية «سقوط أندري وجعيط»
طارق منينة-جريدة السبيل الاردنية
قراءاتتاريخ النشر 20/08/2009 -
لم يطلق هشام جعيط (من مواليد 1935)، والذي هو أحد أبرز مفكري الحداثة والتنوير في العالم العربي بحسب تعريف العلماني شاكر النابلسي في مقاله (زيتونة مباركة من ارض الحداثة)، اسطورته الطائشة ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من انه تعلم لغات مختلفة في مكة ومنها اللغة السريانية (تاريخ الدعوة المحمدية ص 152-154)، ليتمكن كطالب من الدراسة اللاهوتية على يد قساوسة إفرائيم في سوريا يقول: "وقد يكون النبي استقر بالشام لمدد تطول أو تقصر، وتطول أكثر مما تقصر(...)، ذلك أن القرآن مفعم بمعرفة دقيقة للتراث المسيحي والتراث اليهودي، والمسيحي أكثر من اليهودي، وقد دلّل على ذلك "تور أندري"... لابد إذن من معرفة متسعة بهذا التراث غير متيسرة إطلاقا في الجزيرة العربية وفي مكة "(ص 150، 166-172).
كما يشير جعيط الى المشترك بين فلهاوزن وتور أندري وهيرشفيلد اليهودي الحاقد وبلاشير وماسون، من الزعم بتأثير المسيحية على الرسول ويقول: "وهم محقون في ذلك" (ص163 وص165). هنا يكشف جعيط عن مصدر معلوماته بل افتراءاته، فقد أخذ فكرة تأثير المسيحية عموما من هؤلاء، وتاثير السورية منها من تور أندري. لكن جعيط جعل لفكرة أندري مسارا آخر اختلقه هو، فـأندري قال ان المسيحية السورية ذهبت الى اسواق الحجاز، ومن خلالها اقتبس محمد وتأثر، لكن هشام جعيط وجد ان فكرة أندري في جعل الاسواق مصدر الوحي قد تكون هي اخر طلقة استشراقية يمكن ان تُطلق على الاسلام عن المصادر المزعومة، لا تتناسب مع تنوع المعلومات القرآنية ودقتها وسعتها، فما كان منه الا ان ذهب يخترع مسارا اخر لعله يسد خيبة الثغرة العلمانية المريبة المترددة في صدره، فاحتفظ بأصل فكرة أندري في مصدر التأثير الأولي -اي مسيحية سوريا وإفرائيم!! وعزل مؤقتا فكرة الاسواق ليجعلها فيما بعد ثانوية، فقال بعد أن فكر وقدر "من دون المسيحية الشرقية السورية لم يكن محمد ليظهر، والا فلا نرى كمؤرخين حلا للإشكال" (ص315)، وقال: "اذا المقام بالشام أمر ضروري" (ص151). يقول: "بالنسبة للمؤرخ الموضوعي لا يمكن الانفلات من اقرار هذا التأثير، وهو ليس بالتأثير السطحي وانما العميق المستبطن بقوة، وإلا عاد محمد غير ممكن في بلده وفي زمانه أو وجب على المؤرخ الاذعان والاقرار بألوهية القران مبدئيا ونهائيا والتوقف عن كل بحث" (ص 164)!
فإما الايمان بالوحي واما اختلاق الوقائع وتصديق الاستشراق الجاهل وصناعة خيال المضاهاة القائم على شرف جار من تخرصات الهوى، وإمعانا في عدم الرضا لتمكن الريب ومحاولة لخلق مزيد من الخرافة الحديثة عن الاسلام للتخلص منه، يقول لـتور أندري لماذا هذا البخل على محمد بالتعلم في سوريا وبصورة مباشرة لا عن طريق اسواق!! ألأنه امي ام لأنه لا يمكن أن يرقي الى درجة معرفة اللاهوت المسيحي" بنفسه وبترجمة ذاتية!!!(انظر ص 151). وقال: "ان أندري لا يجسر أن يقرّ بتأثير واضح مباشر من المسيحية الشرقية علي القرآن" (ص 164). ومع ان جعيط قال ان هذا التأثيرالسوري "جد دقيق ودقيق جدا" (ص 174) وانه حدث "ببراعة فائقة" (ص 176)، قال ايضا مناقضا نفسه: "ان التأثير المباشر السوري ايضا يدخل في مجال التخمينات والافتراضات، وليس لنا اي شاهد على ذلك" (ص 174). وهنا كفانا جعيط عناء الرد عليه، فهو لم يأت بدليل على الزعم بتعلم الرسول لغات اجنبية، فضلا عن العربية، من مكة الا بإشارة سطرها على استحياء الى ان استاذ اللغات المكي هو غلام اعجمي، ثم قال انه كائنا من يكون المعلم المهم انه قد حدث تعلم!!!! (انظر ص 154) وكأنه يمكن لغلام يعمل في الحدادة تعليم لغات تؤهل لترجمة كتب مقدسة فيها من المصطلحات المعقدة ما فيها! ولم يقدم على صحة اسطورته الا اقتباسات اقتبسها هو من مخيال المستشرق أندري العلماني و"كيفية" علمانية من جرأة فارغة غارفة في صناعة الأساطير! فهل يا ترى هذه (الكيفية العلمانية) التي يتحدانا جابر عصفور بها هي آخر علميات العقلانية التنويريه العربية وعلى لسان كبارها وروادها -رواد النهضة!- بحيث يمكن القول ان هذه الاساطير العلمانية الملفقة من أفواهها الفارغة الموسومة بالرهق والريب، قادرة على إطفاء نور الحقيقة، ام ان الامر كما عرضه الوحي " بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ "(ق : 5) " وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ "(التوبة 45)ان موريس بوكاي يكشف هذا الدجل العلماني الممسوس بالأغاليط الاستشراقية، فيقول في كتابه (أصل الانسان) "أما بالنسبة للقرآن الكريم، فإن أفكارا مغلوطة وخاطئة كانت تتداول في بلادنا لمدة طويلة ولما تزل كذلك بصدد مضمونه وتاريخه، ومن الضروري جدا أن نستبق الامور بعرض المعطيات التي يعبر بها عن الانسان...لا جرم بأن الثوابت المتعلقة بالإنسان والمستخرجة من آياته ستدهش غيري كما أدهشتني عندما اكتشفتها، فإن القرآن الكريم يتضمن في آياته المتعلقة بالانسان أشياء مذهلة، وبالتالى يصعب علي الفكر البشري تفسير وجودها في العصر الذي أبلغ فيه للناس، ونحن نعلم مدي مداركهم في ذلك العهد. وعندما نلاحظ بأن تطابقات ذات معنى كبير بين معطيات علمية مثبتة حكما وبين كتاب سماوي، يصبح من الضروري تمحيص الأحكام المتسرعة التي أخذت بعين الاعتبار تصورات مجردة أكثر منها وقائع" (ص13).
لنترك له الكلام عن (العلق) في القرآن بما يدحض الخيالات العلمانية.
w w w . a s s a b e e l . n e t
http://www.assabeel.net/ar/default.a...54pBnYBVtUA%3d
او من هنا ص11
http://www.assabeel.net/ar/DataFiles.../09-12-974.pdf