القِسْمُ الثَّانِي : الْحَسَنُ
50 - وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ *** اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
51 - (حَمْدٌ) وَقَالَ (التّرمِذِيُّ): مَا سَلِمْ *** مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
52 - بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ *** قُلْتُ : وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
53 - وَقِيْلَ : مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ *** فِيْهِ ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ
54 - وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ *** أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ
55 - قِسْماً ، وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا *** وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ
56 - وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ يَستَعمِلُهْ *** وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ
وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ *** اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ
(حَمْدٌ)
إختلف العلماء في تعريف الحديث الحسن فقال الخطابي و هو "حمد" المذكور في أول البيت الثاني : الحسن ما عرف مخرجه و اشتهرت رجاله.
مخرج الحديث رواته، اذن المعروف مخرجا هو الذي عرف رواته الذين خرج من طريقهم ، يقصد الخطابي بذلك إتصال السند.
إشتهرت رجاله : اي اشتهر روات الحديث بالتوسط أي بالإعتبار فالروات درجات فقد يكون الراوي ثقة و قد يكون صدوقا و قد يكون ضعيفا. التوسط المقصود هنا هو الراوي الذي لا يرتقى لدرجة الثقة الضابط لكن لا ينزل عن درجة الاعتبار كأن يكون صدوقا.
تعريف الخطابي فيه نظر فالحسن أنواع و لا يكفي النظر إلى سند حديث واحد للحكم عليه فقد يرتقي الحديث بمجموع طرقه إلى الحسن مثلا كما أن تعريف الخطابي يدخل فيه الصحيح ايضا .
وَقَالَ (التّرمِذِيُّ): مَا سَلِمْ *** مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ
بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ
إشترط الحافظ الترمذي ثلاث شروط للحسن : أن يكون سالما من علة الشذوذ و أن لا يكون احد رواته متهما بالكذب و الوضع و أن يروى الحديث من أوجه مختلفة ليجبر بعضها بعضا فإن كان الراوي في الحديث الأول صدوق قد يهم و الحديث ورد من طريق ثاني علمنا أن للحديث مخرجا و يرتقي للحسن.
قُلْتُ : وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ
قال الحافظ العراقي قد حسن الترمذي بعض الاحاديث التي تروى من طريق واحد فقط كحديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا خرج من الخلاء قال غفرانك.
قال الترمذي فيه حديث حسن غريب لا نعرفه الا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة ،قال و لا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة.
وَقِيْلَ : مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ *** فِيْهِ ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية و في الموضوعات الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن و اعترض ابن دقيق العيد على هذا الحد بأنه ليس مضبوطا.
و في الحقيقة ليس في التعريفات السابقة تعريف شاف للحسن لذلك قال المؤلف وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ
وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ *** أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ
قِسْماً
قال ابن الصلاح بعد امعان النظر اتضح لي أن الحديث الحسن قسمان أحدهما الحديث ذكر كليهماأي أن الخطابي قد ذكر قسما و الترمذي ذكر اخر.
القسم الأول و هو الحسن لذاته و هو تعريف الخطابي و القسم الثاني هو الحسن لغيره و هو تعريف الترمذي.
وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا *** وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ
اي و اضاف على التعريفين أن يكون الحديث سالما من العلة و الشذوذ فهذا شرط لقبول الحديث في الجملة.
قال ابن الصلاح في مقدمته : الحديث الذي يكون جميع رواته مشهورين بالصدق والأمانة إلا أنهم لم يبلغوا درجة رجال الحديث الصحيح لأنهم يقصرون عنهم في الحفظ والإتقان. وهم مع ذلك أرفع درجة ممن يعد ما انفرد به من حديثه منكراً، بالأضافة إلى سلامة الحديث من أن يكون منكراً أو شاذاً أو معللاً.
إذن :
الحسن لذاته: هو الحديث الذي يتصل سنده بنقل عدل خفّ ضبطه ، من غير شذوذ ولا علّة
والحسن لغيره : هو الضعيف إذا تعددت طرقه ، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي ، أو كذبه . ويستفاد من هذا التعريف ؛ أن الضعيف يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بأمرين ،هما :
أ- أن يروى من طريق آخر فأكثر ، على أن يكون الطريق الآخر مثله ، أو أقوى منه .
ب- أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه ، أو انقطاع في سنده ، أو جهالة في رجاله .
وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ يَستَعمِلُهْ *** وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ
أي أن جل الفقهاء و العلماء يحتج بالحسن.