المقامة العَدُّودِية
زلزال شنقيط برحيل بحر الأمة المحيط !!..
ـ العلامة الموسوعي محمد سالم ولد عدود رحمه الله ـ
حدثني خاطر أبي همام بعد وفاة الشيخ الإمام فقال :
الحمد لله على الأقدار ، حيثما حلت في كل دار ، بليل نزلت أو نهار ، تكشف حِكَمَ الواحِدِ القهار....
و الصلاة و السلام على النبي المختار ، إمام الصبر و الاصطبار، ، عند المحن و الاختبار ....
أما بعد ...
فقد ابتليت الأمة ، بفقد موسوعة مهمة ، و حافظة ملمة ، و فهم سديد ، و عقل رشيد ، و خلق حميد....
نعم ، ابتليت برحيل حافظ ضابط ، و معلم في المحاضر مرابط ، حتى في الطائرات و هو صاعد هابط !....
مات الشيخ محمد سالم ولد عدود ...
فلكل نفس أجل معدود ، و لا نقول إلا ما يرضي المعبود ، و لا نشق الجيوب و لا نلطم الخدود ، و لكن قد حزن على فراقه الوجود ،و بكى لموته أهل السجود ، و جفت السدود ، برحيل بحرنا عدود !!! ....
صبرا يا أهل شنقيط ، على فقد البحر المحيط ، و العالم الجلد النشيط...
مات الشيخ ولد عدود...
فمن للعلم يا تُرى ، من يُعَلِّمُ الوَرَى ، في تلك المحاضر و القرى ، بذلك الحفظ الذي لا يجارى....
مات الشيخ ولد عدود...
الحافظة التي لا تعرف الحدود ، و الاجتهاد الذي لا يعرف التعصب والقيود ، و القضاء الذي يحكم بالشريعة و تطبيق الحدود...
رحلت عنا شيخنا الحبيب...
و لمّا نراك من قريب ، و نسألك فتجيب ، و نسمع منك أشعار الأديب.....
رحلت عنا أيها النابغة العبقري....
قد شابهت في صباك الإمام البخاري، حيث كنت غلاما في العلم تجاري ، أكابر القوم في تلك الصحاري ... فاستودعك الأبُ كرسيَّهُ عند الفراق ....
فأخذت تعلم بلا أوراق !!....
فذاع صيتك في الآفاق ، و جاء العلماء المتخصصون على اتفاق ، يوم الخميس مع الإشراق ، ليمتحنوك يريدون الاخفاق....
فسألوك عن قاعدة في التصريف ، فقلت : الشرحَ تريدون أو الخلطَ المخيف ، فاختاروا الأمر الثاني ، رجاء الانصراف في ثواني ، فخلطتَّ لهم المعاني ، مع المسائل و المباني ، حتى كدت تلج النهار الثاني ، فانصرفوا و نفضوا أيديهم من علّامة الغلمان ، و ظنوا أنه جن من الجان !!!
رحلت عنا يا فارس الشعر و القانون !...
يا من نظمت بتونس الفنون ، فسحرت الآذان و العيون ، بنظمك الدوليَّ من القانون ، في ألفية حيرت أهل تلك الشؤون ، و أخرى نظمت فيها الإداريَّ من القانون ، فكنت الفاتن و كان غيرك المفتون...
رحلت يا ناصر القضاء الشرعي !....
و قامع القضاء الوضعي...
رحلت عنا أيها العالم التقي...
و العامل النقي....
يا من فرقت بين النفقة والراتب ...
فتحملت المشاق و المتاعب...
فكنت تنفق على أهلك بالدَّين ! ...
و تسدد ما عليك بالراتب قرير العَيْن !...
فدَفْعُ الدَّيْن بالشبهة في المذهب جائز...
اجتهدت و أنت على الآلة حائز...
و من احتاط لدينه فهو فائز...
رحمك الله يا دُرّةَ البحار و واحة المفاوز!!...