بسم الله الرحمن الرحيم
أيَّامٌ قلائلٌ ويطلُّ علينا شهرُ الإيمانِ وتنوعُ استعداد الناس حياله مختلفٌ لاختلاف التوجُّهات والمشَارِب والأفكار...
ولكن يبقى الإستثمار الأصيل الأبقى للعبد في ديوان عمله عند ربه جل في علاه...
ويبقى على طلبة العلم والدعاة والمشايخ حملٌ ثقيلٌ يجب أداءه إبراءً للذمة وتزكية للعلم...
وبكل سرور أضع بين يديكم إخواني طلاب الحديث وغيرها من العلوم الشرعية مشروعاً دعوياً في شهر رمضان المبارك وفي غيره أيضا...
وهذا المشروعُ لا يحتاج إلى إعداد مناقصةٍ أو مقرِّ عملٍ أو ما شابه من المشاريع التقليدية ، وإنما يحتاجُ إلى الداعية المخلص الذي يقوم بإعداد موضوع ما في الحديث أو العقيدة أو الرقاق أو التفسير... ثم بعد جمعِ المادةِ العلميةِ يقوم بنقل الموضوع من التفكيك إلى البنيوية... بمعنى جعل الموضوع كتلةً واحدةً ذاتِ هدفٍ رئيس يصل للمتلقي... ولا بأس في تضمين الموضوع أهدافاً فرعيةً شريطةَ ألا تُفقِدَ الهدفَ الرئيسَ قوَّته ووهَجَه؟؟؟
ثم بعد استظهار الموضوعِ المزمعِ طرحُه على المتلقينَ تقوم يا داعي الله-وأنعمْ به من نعتٍ يُنعَتُه العبدُ- بالتَّجوالِ على بيوت الله وأكثرْ من قصدِ الجوامع التي تضمُّ أكبرَ عدد من المصلين ثم تلقي عليهم الموضوع المعدَّ سلفاً بإسلوب سهل لكن حذار من الهبوط في قالب الطرح لانك في مقام اقتداء حتى في أسلوب الطرح...
وبهذا تكون قد أسهمت في إنارة الدرب الصحيح لأناسٍ ربَّما جهلوا الطريق وضلوا....وزكَّيت علمك الذي تعلمته ويكفيك أنك داع إلى الله وكفى بالله هاديا ونصيرا...
وفي كتاب الله تتجلى مظاهرُ شغفِ الدعاةِ وحرقتهم على دين الله...
ولم يقتصر الأمر على البشر فحسب بل تعداه إلى غيرهم...
فذاك الهدهدُ الداعيةُ قولُه بمثابةِ تعدٍّ على الصلاحيات المتاحة له من نبي الله سليمان ...
وتأمل ما قام في نفسه من حرقة على التوحيد واستهجانه للتنديد ما دفعه إلى ما قاله بين يدي نبي الله سليمان...
((فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ** إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم***وجدتها
وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون **ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون**الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) )
وتأملْ أيضاً حالَ الجنِّ الذين غدوا دعاة إلى الله جل في عُلاه بعدما آمنوا بالله ربِّ العالمين...
(( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ** قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ** يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ))
إلا متى نظلُ متقوقعين في بيوتنا ومكاتبنا ...
الناس بحاجة لمن يذكرهم بأيام الله ...إن لم يكن إخواني دماءٌ وأشلاءٌ نقدمها لأمتنا فلا نبخلْ على أقلِّ تقديرٍ بالكلمة الطيبة علَّ الله أن يهدي بها...
ولله الأمر من قبل ومن بعد...