بارك الله فيك أبا المظفَّر.. لا أنهض ولا أقعد لشيءٍ يخالف ما ذكرتَه أخيرًا، ممَّا ترى مثله في تعقيبي السَّابق لتوضيحك، وهو ما يحاول ردَّه الأخ عبدالكريم.
أمَّا قضيَّة وصف الإسناد بالصِّحَّة والاستقامة مع كون الرجل "كثير الخطأ والوهم" فلم يستقم عندي حتى الآن! إلا إن بيَّنت لنا خلافه.
فالقضيَّة أن يُقال: الخبر صحيح، ولا يقال: الإسناد صحيح مستقيم! ألا ترى في ذلك فرقًا؟
وجه التهويل قولك: "غاب عن الجميع"، "لم يفطن له أحدٌ"؟! وهل ما كتبه الإخوة قبل هذا التهويل غياب وعدم فظنة لما ردَّدت مثله بعدهم! إلا إن كان ثَم فرق فلعلَّك تبيِّنه لنا.
والله مثل هذا لا يخفى عن العارفين ببدهيات علم المصطلح، لا تلازم بين صِحَّة الخبر (في الظَّاهر) وبين ضعف إسناده (في الظَّاهر)؛ من الجهة التي اتَّفقنا فيها، وليست القضيَّة في وجود مقو له.
فالرجل -وهمُه وكثرة خطئه- يمنع الحكم لرواياته بالصِّحَّة (كما عبَّرت بقولك: إسناد صحيح مستقيم) احتياطًا لحديث رسول الله ، أوما ينقله عن غيره إن كان له حكمه، أمَّا ما رآه وضبطه فلا علاقة له بالصناعة الإسنادية.
للأسف ما زلت مصرًّا على تهويلك.
السلام عليكم.
يبدو أن الكلام سيطول ! وأن وصْفي بالتهويل سيتكرر في كلام صاحبي !
وحرصًا مني على سلامة صدري أقول :
زبدة كلامي في هذا الموضوع: أن إسناد الأثر المذكور : صحيح مليح !
وأن أبا سهل الصفار : شيخ تالف الحديث على التحقيق ! ولا يمنع وجوده استقامة ما رآه بإنسان عينيه البتة !
والله المستعان لا رب سواه.
بل هو مقدوح في حفظه كثير الوهم و بما أنه لا يروي عن ابن سيرين فهذا يعني صغر سنه عند ملاقاته إذن لا يصلح للتحمل عندها فإن كان كثير الوهم و أضفنا عليه صغر سنه عند رؤيته بن سيرين فالنتيجة واضحة و هي أن وصفه لإبن سيرين ضعيف و الله أعلم
الأخ / النوراني
بعيدًا عن تنميق الكلام الذي يفسد عليَّ حلاوة مذاكرة العلم أقول:
فهمت من كلامك أنك تقرُّ أنَّ يوسف بنَ عطية الصفار متروك ، لكن لا ترى بأسًا بقبول روايته أنَّه رأى ابن سيرين ورأى من صفته ما ذُكر في الأثر.
وعلة ذلك – في رأيك - : [لا يمنع استقامة ما رآه بإنسان عينيه البتة !
ـــــــــــــــ ــــــــــ
والسؤال: هل لو صح الإسناد إلى يوسف بن عطية هذا أنه قال : رأيت ابن سيرين في المسجد يقول سمعت أنس بن مالك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا .
هل ستقبل هذا الخبر ؟
إن كان الجواب نعم فقد خالفت البديهي عند صغار طلبة هذا العلم.
وإن كان الجواب : لا .
فنقول : لماذا فرقت بين قول يوسف بن عطية هذا : ((رأيت ابن سيرين في المسجد يقول سمعت أنس بن مالك ...)).
وبين قوله: (( رأيت ابن سيرين عظيم البطن ...)).
ما الفرق وهذا خبر عن ابن سيرين وذاك خبر عن ابن سيرين ؟!
بارك الله فيك أبا الحسن.
ماذا لو صححنا قوله: (رأيت ابن سيرين في المسجد)، وضعفنا قوله: (يقول: سمعت أنس بن مالك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم...)؟
مع تكرير التنبيه إلى أن الرجل لا يكذب، لكنه يخطئ ويهم كثيرًا في الحديث.
هذا وصف قد يهم فيه لذلك الخبر يضعف من هذه الناحية لصغر سنه و وهمه.
لو كان يروي عن بن سيرين لقلنا رآه مرارا لكن هو لا يروي عنه بل يكاد يلحق بمن جاء بعده فهذه قرينة تدل على صغر سنه يوم رآه و الله أعلم
احتمال الوهم والخطأ وارد في الموضعين فلماذا التفرق ؟!!
قد يكون رأى غير ابن سيرين لكنه عند التحديث وهم فرواه عن ابن سيرين .
وقد يكون هذا الكلام له حظ من النظر لو كان الرجل قليل الخطا أم كونه يخطئ كثيرًا حتى قال البخاري فيه : منكر الحديث .
فعندها لا أرى ذلك مقبولا .
ما زال أبو الحسام يعجبه الخوض في هذا الميهع !
ولعلي أزيد في الطنبور نغمة وأقول : نعم لا أقبل قول أبي سهل الصفار : ((رأيت ابن سيرين في المسجد يقول سمعت أنس بن مالك ...)) ! لكون كلامه هنا من باب الرواية يا عباد الله
يعني : أنه روى شيئا بإسناده ، والرجل واهٍ كما ذكرنا ذلك قبل .
لكني أقبل منه قوله : (( رأيت ابن سيرين عظيم البطن ...)) لأن هذا خبر محض ليس فيه رواية عن ابن سيرين ولا غيره ! إنما يحكي الرجل شيئا رآه بأُمِّ رأسه !
وهل إذا قال الرجل : ( رأيتُ رجلا عظيم البطن .... ) ولم يُسمِّ من رآه ! هل تكون روايته مردودة أيضًا !
الحقيقة التي أعرفها الآن : أن من نازعنا القول هنا : قد خلط بين رواية الراوي الضعيف وبين قوله نفسه ! وتلك مزلة الأقدام !
نعم : قد كان يمكن إعلال الأثر بالرجل لو أنه قال : ( سمعت ابن سيرين يقول : كذا وكذا ...) لأنه هنا يحكي ما سمعه بأصماخ أذنيه ، وهو موصوف بكثرة الخطأ والأوهام ، فلا يقبل منه ما كان من هذا القبيل .
وكذا : قد كان يمكن أن يُردَّ خبره في هذا السبيل : لو أن بعضهم - ممن هو أوثق من يوسف - قد وصف ابن سيرين بنقيض ما وصفه به أبو سهل !
ويعجبني قول صاحبنا أبي عاصم حين قال سابقًا :
فالرجل يقول: رأيتُ..، فهل يقال: لم يَرَ، وكذب!
فالحاصل : أن التعلل بوهن الرجل إنما يكون متعلقا بروايته وحسب !
ولا يكون ضعفه متعلقًا : بقوله نفسه وما رآه ! فلْيتبصَّر المتبصِّرون !
ومع هذا البيان : فلن يعدم أبو المظفر من يخرج عليه يناهده الكَلام بالكِلام !ويناهضه معسول البيان بمفرادات سمادير الأوهام !
والله المستعان لا رب سواه .
كلامك يستقيم لو أن قول (يوسف) لما رآه بعينه كان متفقا متشابها في جميع الطرق المروية عنه به، لكن وجدنا اختلافا كبيرا في تحديد ما رآه في (ابن سيرين) وهذا الإضطراب وعدم الاتفاق على وصف محدد؛ يدل على وهم الرجل وتردده حتى فيما رآه هو، فهل بعد هذا نقول حتى بقبول روايته هذه كما تزعم؟!
كلامك يستقيم لو أن قول (يوسف) لما رآه بعينه كان متفقا متشابها في جميع الطرق المروية عنه به، لكن وجدنا اختلافا كبيرا في تحديد ما رآه في (ابن سيرين) وهذا الإضطراب وعدم الاتفاق على وصف محدد؛ يدل على وهم الرجل وتردده حتى فيما رآه هو، فهل بعد هذا نقول حتى بقبول روايته هذه كما تزعم؟!قد قلَّبتُ وجوه النظر في كلامك هذا فلم أهتد إلى وجه البيان منه ؟ فأيش مرادك يا عبد الله ؟
والذي أعرفه :أن ليس للأثر المذكور سوى طريق واحد قد أخبرنا به : شيخ تطوان العلامة السلفي محمد الأمين أبو إدريس المغربي - إجازة بالمكاتبة - عن محمد عبد الحي الكتاني عن شيخه عبد الله بن درويش السكري الحنفي عن شيخه عبد الرحمن بن محمد الكزبري عن شيخه عمر بن عقيل المكي عن شيخه محمد مرتضى الزبيدي عن شيخه حسن بن عليّ العجيمي عن شيخه البرهان إبراهيم الميموني عن شيخه الشمس الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر عن أبي هريرة ابن الذهبي عن أبي نصر محمد بن أبي نصر بن الشيرازي عن جده عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر أنه قال في تاريخه [53/182-183/طبعة دار الفكر] : ( أخبرنا أبو الحسن بن قبيس أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد أنبأنا جدي أبو بكر
أنبأنا محمد بن جعفر الخرائطي أنبأنا عمر بن شبة النميري حدثنا يوسف بن عطية الصفار قال: رأيت محمد بن سيرين وكان قصيرا عظيم البطن، له وفرة، يفرق شعره، كثير المزاح، كثير الضحك، يخضب بالحناء، وافر اللحية ).
أقول : فأين مشاهد الاضراب والاختلاف وعدم الاتفاق في هذا الخبر يا قوم ؟
حياك الله أبا المظفر ، بل أنت خلطت بين ما يحتمل الصدق والكذب من كلام الناس وما لا يحتمله .
فإخبار الرجل عن غيره بأي صفة أو صورة يدخله الصدق والكذب.
وأبسط تعريفات الخبر أنه يقبل الصدق او الكذب.
أسألك سؤالا: قول يوسف بن عطية هنا يجوز عليه الصدق والكذب أم لا يدخله الصدق ولا الكذب ؟!!
يقينًا ابن سيرين إما أن يكون موافقًا لهذا الوصف أو يكون مخالفًا له.
فقوله هذا عن ابن سيرين يخضع لقوانين الرواية لأنه يحتمل أن يكون صادقًا في خبره ويحتمل أن يكون غير صادق.
فاحتمال الصدق والكذب قائم واحتمال الإصابة والخطا قائم ، لذلك يخضع ما نقله لقواعد التصحيح والتضعيف المعروفة.
وفرق بين قولك وقول الشيخ محمد بن عبد الله ، فالشيخ محمد يرى ان الراوي وإن كان ضعيفًا من جهة حفظه فإن الخبر الذي ينقله يصعب وقوع الخطأ فيه والوهم.
وهذا المبدا الذي سار عليه أوافقه عليه نظريًا لكن أخالفه في تطبيقه هنا فالرجل منكر الحديث وليس هو من المعروفين بملازمة ابن سيرين حتى نستبعد ان يخطئ في صفته. والله أعلم
أعتقد أن الأخ (أبا المظفر) قد فرح بإجازته هذه ومن ثم لم يرد أن ينظر في باقي الأسانيد الأخرى..
على العموم حتى لا أطيل؛ انظر رحمك الله طريق الإمام الحافظ أبو نعيم في (الحلية) والتي ذكرته سابقا لتعرف أنه مروي من غير طريق إجازتك هذه، وأنه فعلا مضطرب في نقله.
لعلك تقصد ما أخبرنا به الشيخان : أبو أنس أسامة بن السيد التيدي المصري ، وأبو معاذ صلاح بن محمد المنصوري - إجازة بالمشافهة - كلاهما عن عبد العزيز الغماري عن محمد عبد الحي الكتاني عن شيخه عبد الله بن درويش السكري الحنفي عن شيخه عبد الرحمن بن محمد الكزبري عن شيخه عمر بن عقيل المكي عن شيخه محمد مرتضى الزبيدي عن شيخه حسن بن عليّ العجيمي عن شيخه البرهان إبراهيم الميموني عن شيخه الشمس الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر عن شيخه إبراهيم بن علي القطبي وجماعة آخرين عن النجيب أبي الفرج عبد اللطيف ابن عبد المنعم بن علي الحراني بإجازته من أبي المكارم أحمد بن محمد اللبان ومن مسعود بن أبي منصور الجمال كلاهما عن أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد أنبأنا أبو نعيم الأصبهاني أنه قال في حلية الأولياء [2/ 274/الطبعة العلمية]: ( حدثنا أبو حامد بن جبلة قال ثنا محمد بن اسحاق- هو أبو العباس السراج - قال ثنا عمر بن شبة [ تصحف : ( شبة ) في المطبوع إلى ( رسته !) وتحرف ( عمر ) إلى ( عمرو ) فانتبه ] قال ثنا يوسف بن عطية أبو سهل قال: رأيت محمد بن سيرين وكان كثير المزاح كثير الضحك )
قلتُ :فهل هذا ما عناه صاحبنا ؟ أم لا يزال فيه جعبته سواه ؟
وأين الاضطراب وأوجه الاختلاف في هذا اللفظ مما قبله ؟