تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 55

الموضوع: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

  1. #21

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    المتابعة يا شيخنا السكران أولا بأول...وبعض المناقشات في الآخر: حول الأوامر والخصوص والعموم.
    إذا تغلغل فكر المرء في طرف ** من مجده غرقت فيه خواطره
    رحم الله ابن حزم


  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (التخصيص)
    قصر العام على بعض أجزائه.
    ويطلق على: قصر لفظٍ غير عام على بعض مسمّاه.
    ولا تخصيص إلا فيما يصح توكيده بـ(كل)، وهو ما له شمول _ حساً أو حكماً _.
    والتخصيص جائز.
    ويجوز التخصيص إلى أن يبقى واحد.
    ومنع بعض الحنابلة وغيرهم النقص من أقل الجمع.

    والمخصِّص: المُخْرِج، وهو إرادة المتكلم، ويطلق على ما دل عليه مجازا.
    وهو: متصل، ومنفصل.
    وخصه بعض الحنابلة بـ(المنفصل)، وزعم أنه اصطلاح كثير من الأصوليين.
    والمتصل: الاستثناء المتصل، والشرط، والصفة، والغاية.
    وزاد بعضهم: (وبدل البعض).

    ولا يصح الاستثناء من غير الجنس، وذكر التميمي أن أصحاب أحمد اختلفوا.
    وعن أحمد: يصح استثناء نقدٍ من آخر، أي: الذهب والفضة، والصحيح من المذهب أنه لا يجوز.
    وقيل: يصح مطلقا.

    والاستثناء: إخراج بعض الجملة بـ(إلا)، أو ما قام مقامها _ وهو: (غير)، و(سوى)، و(عدا)، و(ليس)، و(لا يكون)، و(حاشى)، و(خلا) _ من متكلمٍ واحدٍ.
    وقيل: مطلقا، أي: من متكلمين.
    وهو: إخراج ما لولاه لوجب دخوله لغةً، وهذا تعريف الحنابلة وأكثر العلماء.
    وقال قوم: جاز، أي: أن (الاستثناء) إخراج ما لولاه لجاز دخوله لغةً.

    واختلف في تقدير الدلالة في الاستثناء:
    فالأكثر؛ المراد بعشرة في قولك (عشرة إلا ثلاثة): سبعة.
    وقيل (عشرة إلا ثلاثة) بإزاء (سبعة)؛ كاسمين: مركب، ومفرد. وهذا قول الباقلاني؛ فإن الاستثناء عنده ليس تخصيصاً! فيكون العدد سبعة له لفظان: أحدهما: مركب، وهو (عشرة إلا ثلاثة)، والثاني: مفرد، وهو لفظ (سبعة). وقصده من ذلك أن يفرق بين التخصيص بدليل متصل فيكون الباقي فيه حقيقة، أو بالمنفصل فيكون تناول اللفظ للباقي مجازا.
    فالاستثناء على الأول تخصيص، وعلى الثاني ليس بتخصيص.

    وشرط الاستثناء الاتصال لفظاً أو حكماً وفاقا بين المذاهب الأربعة.
    وعن الإمام أحمد: يصح في اليمين منفصلا في زمن يسير، ولم يختلط كلامه بغيره.
    وعنه أيضاً: في المجلس. وهو مروي عن الحسن، وعطاء، واختاره شيخ الإسلام.
    وقيل: ولو تكلم.
    ولا يصح إلا نطقا وفاقا بين المذاهب الأربعة.

    · واستثناء الكل باطل إجماعاً.
    وكذا الأكثر، أي: لا يصح استثناء الأكثر، وهو مذهب أحمد وأصحابه، وقول أبي يوسف، وابن الماجشون، وأكثر النحاة.
    وقيل: يصح، اختاره أبو بكر الخلال، وباقي أصحاب المذاهب.
    وفي النصف وجهان، ذكر ابن هبيرة الصحة ظاهر مذهب أحمد.

    وإذا تعقب الاستثناء جملا بـ(الواو) العاطفة عاد إلى جميعها، عند الحنابلة والمالكية والشافعية.
    وعند الحنفية: للأخيرة، قال المجد ابن تيمية: (وهو أقوى).
    وقيل _ وهو معنى قول القاضي أبو يعلى _: (إن تبيّن إضرابٌ عن الأولى فللأخيرة، وإلا فللجميع).

    · والإضراب: أن يختلفا نوعا، أو اسما، أو حكما.
    ومثّل للجميع بـ: (بنو تميم وربيعة أكرمهم إلا الطوال).
    وقال بعض الحنابلة: (لو قال: أدْخِل بني هاشم، ثم بني المطلب، ثم سائر قريش، وأكرمهم؛ فالضمير للجميع).

    · والاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، عند الحنابلة والمالكية والشافعية.
    وهو كذلك عند الحنفية في الأولى، فقد خالفوا في الاستثناء من النفي فقالوا: ليس إثباتا، ووافقوا الجمهور في الثانية وهي الاستثناء من الإثبات وأنه نفي، وذهب بعض محققي الحنفية إلى موافقة الجمهور.

    · و(الشرط) مخصِّصٌ مخرِجٌ ما لولاه لدخل.
    وإذا تعقب جملا متعاطفة فللجميع.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (التوابع المخصِّصة _ كالبدل، وعطف البيان ونحوها _ كالاستثناء.
    والشروط المعنونة بحرف الجر _ كقوله: (بشرط أنه)، أو (على أنه) _، أو بحرف العطف _ كقوله: (ومن شرطه كذا) _، فهو كالشرط اللفظي).

    · والتخصيص بالصفة وبالغاية كالاستثناء.

    · والإشارة بلفظ (ذلك) بعد الجُمَل تعود على الكل، ذكره القاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وأبو يعلى الصغير، والعكبري.

    · والتمييز بعد جُمَلٍ؛ مقتضى كلام جماعة من الأصوليين والنحاة، عوده على الجميع.
    وأشار بعض الحنابلة إلى أنه مختلف فيه.

    · والتخصيص بالمنفصل: يجوز بـ(العقل).
    وعند أحمد وأصحابه: وبالحس.

    · وإذا ورد خاص وعام مقترنين قدم الخاص عند عامة الفقهاء والمتكلمين.
    وقيل: تعارَضَ الخاص بما قابله من العام.
    وغن لم يقترنا قدم الخاص مطلقاً، في ظاهر كلام أحمد،وعليه أصحابه، وهو مذهب الشافعية.

    · ويجوز تخصيص السنة بالسنة، والسنة بالكتاب؛ خلافا لبعض الحنابلة وغيرهم، وذكره ابن حامد والقاضي أبو يعلى رواية عن أحمد.

    · ويجوز تخصيص الكتاب بالمتواتر إجماعاً، وبخبر الواحد عند الحنابلة والمالكية والشافعية.
    وعن أحمد: المنع، ذكره ابن شهاب العكبري.

    · والجمهور: أن الإجماع مخَصِّصٌ، والمراد كما قال ابن مفلح: (أي: تضمّنه، لا أنه في نفسه مخصص).

    · ويُخَصُّ العام بالمفهوم _ عند القائل به _، قاله أحمد وأصحابه، والشافعية، خلافا للقاضي أبو يعلى والمالكية.

    · وفعله صلى الله عليه وسلم يَخُصُّ العموم، وفاقا عند المذاهب الأربعة.
    وكذا تقريره صلى الله عليه وسلم ما فعل واحدٌ من أمته بحضرته مخالفا لعمومٍ، ولم ينكره _ مع علمه _، عند الجمهور، خلافا لأكثر الحنفية.

    · ومذهب الصحابي يخص العموم _ إن قيل هو حجة، وإلا فلا _ وفاقا بين المذاهب الأربعة.

    · والعادة لا تخص العموم، ولا تقيد المطلق عند الحنابلة والشافعية، خلافا لحنفية والمالكية، وهو ظاهر كلام القاضي أبو يعلى.

    · والعام لا يُخَصُّ بمقصوده عند الجمهور، خلافا لظاهر كلام المجد ابن تيمية وحفيده شيخ الإسلام، وبعض المالكية وغيرهم.

    · وإذا وافق خاص عام لم يخصصه وفاقا بين المذاهب الأربعة.

    · ورجوع الضمير إلى بعض العام المتقدم لا يخصصه عند الحنابلة، وأكثر الشافعية، خلافا للقاضي أبو يعلى.

    · ويخص العام بالقياس عند الحنابلة والمالكية، وأكثر الشافعية، خلافا لابن حامد وجماعة من الحنابلة.
    وأطلق القاضي أبو يعلى روايتين عن أحمد، وأطلق ابن شاقلا وجهين.

    · ويُخَصُّ العموم بقضايا الأعيان، خلافا لقول بعض الحنابلة: (يحتمل منعه).
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (المطلق)
    لفظ دالٌ على شائعٍ في جنسه.
    · و(المقيد) بخلافه:
    فهو: اللفظ الدال على مميز من جنسه.

    وإذا ورد مطلق ومقيد:
    · فإن اختلف حكمهما لم يحمل أحدهما على الآخر.
    وإن لم يختلف، واتحد سببهما، وكانا مُثْبَتَين: حمل المطلق على المقيد وفاقا عند المذاهب الأربعة، وذكره المجد ابن تيمية إجماعاً.
    خلافا لظاهر رواية المروذي عن أحمد، وظاهر كلام أبي الخطاب، وظاهر كلام القاضي أبو يعلى: يحمل إذا لم يكن تأويله.

    · ثم إن كان المقيد آحاداً، والمطلق متواتراً؛ انبنى على مسألة الزيادة: هل هي نسخٌ؟ وعلى نسخ التواتر بالآحاد.
    والأشهر أن المقيد بيانٌ للمطلق، لا نسخ له.

    · وإن اتحد سببهما، وكانا نهيين: فهل يعمل بالمطلق أو بالمقيد؟ فيه خلاف.

    · وإن اختلف سببهما؛ فأشهر الروايتين عن أحمد: الحَمْل، وهو مذهب الجمهور.
    فعن الإمام أحمد: لغةً، اختارها القاضي أبو يعلى؛ وقال: (أكثر كلام أحمد يدل عليه).
    وعنه: قياساً، اختاره أكثر الحنابلة.

    قال طائفة من محققي الحنابلة وغيرهم: (المطلق من الأسماء يتناول الكامل من المسميات في الإثبات لا النفي).
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (المجمل)
    لغة: المجموع.
    وشرعا: ما لم تتضح دلالته.
    وقيل: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.

    · ويكون في (المفرد)، وفي (المركب).
    · ولا إجمال في إضافة التحريم إلى الأعيان.
    · ثم هو عامٌ عند ابن عقيل، والحلواني وغيرهما.
    وقال أبو الخطاب، وابن قدامة، والمالكية: ينصرف إطلاقه في كل عين إلى المقصود اللائق بها.

    ولا إجمال في نحو: {وامسحوا برءوسكم}، وهو قول أكثر الحنفية.
    وحقيقة اللفظ مسح كله، عند الحنابلة والمالكية.

    ولا إجمال في "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان"، ولا في نحو: "لا صلاة إلا بطهور"، "... إلا بفاتحة الكتاب"، "لا نكاح إلا بولي"، ويقتضي نفي الصحة، عند الحنابلة والمالكية والشافعية.

    ورفع أجزاء الفعل نصٌ، فلا ينصرف إلى عدم إجزاء الندب إلا بدليل.

    · ونفي قبول الفعل يقتضي عدم الصحة، ذكره ابن عقيل؛ خلافا لقوم: لا يمنعها لكن لا ثواب.

    ولا إجمال في: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيدهما}.
    ولا في: {وأحل الله البيع}؛ خلافا للحلواني.

    · وما له مَحْمَلٌ لغةً؛ ويمكن حمله على حكم شرعي، فلا إجمال فيه عند الجمهور.

    · وما له حقيقة _ لغة وشرعا _ غير مجمل، وهو للشرعي عند أبي الخطاب، وابن قدامة، وغيرهما، وهو مذهب الحنفية.
    وقال الحلواني، وابن عقيل: مجمل، وهو ظاهر كلام أحمد، وقيل: بل نصه على الصحيح، واختلف كلام القاضي أبو يعلى.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    359

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سطرت يمينك !! فأمتعت القارئ !! فشكراً لك
    لكن قولك ونفي المساواة للعموم، عند الحنابلة والشافعية.
    فيه شيئ من الإبهام لكونه عند المالكية حجة خلا القرافي رحمه الله
    وليس بحجة عند الحنفية والظاهرية وبعض علماء الشافعية .
    وهذه المقولة لم أفهمها أرجوا ايضاحها .... وشكراً
    والقِرانُ بين الشيئين لفظاً لا يقتضي التسوية بينهما حكماً غير المذكور؛ إلا بدليلٍ من خارجٍ، ذكره بعض الحنابلة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (البيان)
    · يطلق على فعل المُبَيِّن _ وهو التبيين _، وعلى الدليل، وعلى المدلول.

    · والفعل يكون بيانا عند الجمهور.

    · والقول والفعل بعد (المجمل):
    إن اتفقا وعُرف أسبقهما فهو البيان، والثاني تأكيد.
    وإن جُهل فأحدهما.

    · ويجوز عند الجمهور كون البيان أضعف مرتبة، لأن السنة قد بينت مجمل القرآن.

    · ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، إلا عند القائل بتكليف ما لا يطاق.
    قال بعض الحنابلة: (ولمصلحة هو البيان الواجب المستحب).

    · ويجوز تأخيره إلى وقت الحاجة عند ابن حامد، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وأبي الخطاب، والحلواني، وابن قدامة، وذكره المجد ابن تيمية عن أكثر الحنابلة، وقاله أكثر الشافعية.
    ومنعه أبو بكر عبد العزيز، وأبو الحسن التميمي.
    ولأحمد روايتان.

    · ويجوز _ على المنع _ تأخير إسماع المخصص الموجود؛ عند جمهور العلماء، خلافا لبعضهم.
    وعليه: يجوز تأخير النبي صلى الله عليه وسلم تبليغ الحكم إلى وقت الحاجة، عند القاضي أبو يعلى، والمالكية، خلافا لبعضهم.

    · وعلى الجواز: يجوز التدريج في البيان عند الحنابلة.

    · وهل يجب اعتقاد العموم والعمل به قبل أن يُبحث فلا يجد ما لا يخصه؟
    فيه روايتان عن أحمد:
    الوجوب؛ قول أبي بكر عبد العزيز، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، وابن قدامة.
    والمنع؛ قول أبي الخطاب، والحلواني، وغيرهما، وأكثر الشافعية.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

    أما قولكِ:
    لكن قولك ونفي المساواة للعموم، عند الحنابلة والشافعية.
    فيه شيئ من الإبهام لكونه عند المالكية حجة خلا القرافي رحمه الله
    وليس بحجة عند الحنفية والظاهرية وبعض علماء الشافعية .
    فأقول:
    صوابها: فيها شيء من عدم الاستيعاب، أو النقص.
    وفي الواقع أخيتي لم يكن من شرطي في هذا المختصر التوسع إطلاقا؛ وإن كان كلامك في محله، فجلّ من لا يسهو.

    أما قولك:
    وهذه المقولة لم أفهمها أرجوا ايضاحها .... وشكراً
    والقِرانُ بين الشيئين لفظاً لا يقتضي التسوية بينهما حكماً غير المذكور؛ إلا بدليلٍ من خارجٍ، ذكره بعض الحنابلة، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
    فأقول:
    المراد أخيتي: أن القِران والدمج بين الشيئين عموما في اللفظ في حكم ما، لا يقتضي منه تعميم التسوية بين هذين المقرونين في غيره من الأحكام الأخرى، إلا أن يأتي دليل آخر خارج عنهما يجعلنا نعمم الحكم في الجميع والحالة هذه.
    ولهذا يعطف الواجب على المندوب، كقوله تعالى:{كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}.

    وقال أبو يوسف من الحنفية والمزني من الشافعية: يقتضي التسوية؛ لأن العطف يقتضي الشركة، كقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} يقتضي أن لا تجب الزكاة على الصبي كالصلاة للاشتراك في العطف.
    وهو ضعيف، فإن الأصل ألا يشترك المعطوف والمعطوف عليه إلا في المذكور، فإن اشتركا في غيره فلدليل خارج لا أنه من نفس العاطف، وقد أجمعوا على أنه لو كان عمومان وخص أحدهما لم يلزم منه تخصيص الآخر.

    لعله إن شاء الله قد شفى غليلك هذا البيان.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    359

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    لم يصل الأمر إلى درجة الغلايان ,,, فكن واسع الصدر !!!
    شكراً ياشيخنا الفاضل وبارك الله فيك ( ابتسامة )

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    أفهم أخيتي أنكِ حتى الآن تبتغين مزيد بيان..

    أبشري بما يسرك، فقط أمهليني حتى أعود وسيسهل الله الأمر.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    الحمد الله وحده..

    أقول وبالله التوفيق:
    القران بين الجملتن أو الشيئين لفظاً _ أي: في اللفظ _؛ بأن تعطف إحداهما على الأخرى، فلا يقتضي ذلك التسوية بينهما _ أي: بين الشيئين المذكورين _ حكماً في غير الحكم المذكور؛ _ أي: فيما لم يذكر من الحكم المعلوم لإحاداهما _ إلا بدليل من خارجٍ، وذلك عند أكثر الحنابلة والحنفية والشافعية.
    وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة"؛ لأن الأصل عدم الشركة، فالبول فيه ينجسه بشرطه كما هو معلوم، وذلك حكمه النهي. فلا يلزم من تنجيسه بالبول تنجيسه بالاغتسال.

    ومن الأدلة أيضا على هذا؛ قوله تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} فعطف واجباً _ وهو دفع الزكاة _ على مباح _ وهو الأكل _ لأن الأصل عدم الشركة وعدم دليل خارجي على الشركة.

    أعتقد أنه ليس بعد هذا البيان بيان إن شاء الله تعالى.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    شرح رائع وممتع ومميز بارك الله فيكم شيخنا ورفع قدركم وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم ونتمنى من المشرفين بارك الله فيهم تثبيت الموضوع لتعم الفائدة
    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (الظاهر)
    لغة: الواضح.
    وشرعا: ما دلّ دلالة ظنيةً؛ وضعا أو عرفا.
    وقيل: هو ما احتمل معنيين فصاعدا، هو في أحدهما أظهر.

    · و(التأويل):
    لغة: من آل يؤول؛ إذا رجع.
    وشرعا: حمل الظاهر على المحتمل المرجوح.
    فإن أردت التأويل الصحيح زدت في التعريف السابق: بدليلٍ يصيره راجحا على مدلوله الظاهر.

    · ثم الاحتمال المرجوح:
    إن قَرُبَ التأويل؛ ترجح بأدنى مرجح.
    وإن بَعُد؛ افتقر إلى أقوى.
    وإن تعذر رد. وقد سبق بعض ذلك في أول الدروس.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (المفهوم)
    ما دلّ عليه الكلام لا في محل النطق.
    · ومنه (مفهوم موافقة): أن يكون المسكوت عنه موافقا في الحكم.
    ويسمى: (فحوى الخطاب)، و(لحن الخطاب).

    · وشرطه: فهم المعنى في محل النطق، وأنه أولى.
    وهو حجة عند الجمهور، وذكره بعضهم إجماعاً.

    · ودلالته لفظية عند القاضي أبو يعلى، قال بعض الحنابلة: (نص عليه_ أي: أحمد _ في مواضع)، واختاره ابن عقيل، وذكره عن الحنابلة، وهو مذهب الحنفية والمالكية وبعض الشافعية.
    وقال ابن أبي موسى، وأبو الحسن الخرزي، وأبو الخطاب، والحلواني وغيرهم، وأكثر الشافعية: هو قياس جلي.

    · ومنه (مفهوم مخالفة): وهو أن يكون المسكوت مخالفا للمنطوق في الحكم.
    ويسمى: (دليل الخطاب).

    · وشرطه _ عند القائلين به _: أن لا تظهر أولويةٌ، ولا مساواةٌ في المسكوت عنه فيكون موافقة.
    ولا خرج مخرج الأغلب، ذكره الآمدي اتفاقاً.
    ولا جوابا لسؤال، ذكره المجد ابن تيمية اتفاقاً.
    وأبدى القاضي أبو يعلى احتمالين.

    · والمفهوم أقسام:
    · (مفهوم الصفة):
    أن يقترن بعامٍ صفةٌ خاصةٌ، كقوله صلى الله عليه وسلم: "في الغنم في سائمتها الزكاة".
    قال به أحمد، وهو مذهب المالكية والشافعية، خلافا للتميمي.
    ثم مفهومه _ عند القائلين به _: لا زكاة في معلوفة الغنم؛ لتعلق الحكم بالسوم والغنم، فهما العلة.
    وللحنابلة وجه اختاره ابن عقيل، وذكره القاضي أبو يعلى ظاهر كلام أحمد: لا زكاة في معلوفة كل حيوان، بناءً على أن (السوم) العلة.
    وهل استفيدت حجيته بالعقل، أو اللغة، أو الشرع؟ أقوال.

    · و(مفهوم الشرط): مثل: {وإن كن أولت حمل}؛ أي: فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن.
    وهو أقوى من (مفهوم الصفة)، فلهذا قال به جماعة ممن لم يقل بـ(مفهوم الصفة).

    · و(مفهوم الغاية): مثل: {ثم أتموا الصيام إلى الليل}.
    وهو أقوى من (الشرط)، فلهذا قال به جماعة ممن لم يقل بـ(مفهوم الشرط).

    · (مفهوم العدد): مثل: "لا تحرم المصة ولا المصتان".
    وهو حجة عند أحمد وأصحابه، ومالك، والشافعي.
    ونفاه ابن شاقلا، والقاضي أبو يعلى، وأكثر الشافعية، وهو مذهب الحنفية.

    · و(مفهوم اللقب): حجة عند أكثر الحنابلة، وحكوه عن أحمد، وقاله مالك وغيره.
    ونفاه أكثر العلماء،واختاره القاضي أبو يعلى في موضعٍ _ لكنه في العدة قال بحجيته _، وابن عقيل في (تقسيم الأدلة)، وابن قدامة وغيرهم.

    وإذا خُصَّ نوع بالذكر بحكم أو مدح أو ذم _ أو غيره مما لا يصلح للمسكوت عنه _ فله مفهوم.

    وفعله عليه السلام له دليل كدليل الخطاب، ذكره بعض الحنابلة منهم القاضي أبو يعلى.

    (فرع):
    (إنما): تفيد الحصر نطقاً عند أبي الخطاب، وابن قدامة، وغلام ابن المني وغيرهم.
    وعند ابن عقيل، والحلواني: فهماً.
    وعند أكثر الحنفية وبعض الحنابلة لا تفيد الحصر، بل تؤكد الإثبات.

    والمرجح: أن (أنما) تفيد الحصر _ كالمكسورة _.

    ومثل: "تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"، والعالم زيد، وصديقي زيدٌ _ ولا قرينة عهد _: يفيد الحصر نطقاً _ على كلام القاضي أبو يعلى _.
    واختاره ابن قدامة وابن تيمية، وذكره المجد قول المحققين.
    وقيل: فهماً.
    وعند الحنفية وغيرهم: لا تفيده.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    845

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    ما شاء الله يا شيخنا السكران التميمي :
    نطالب الإخوة المشرفين بتثبيت هذا الموضوع الرائع والمفيد فوراً .
    واجعَل لوجهكَ مُقلَتَينِ كِلاَهُما مِن خَشيةِ الرَّحمنِ بَاكِيَتَانِ
    لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ


  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    (النسخ)
    لغة: الرفع، والإزالة.
    وهو عند الحنابلة: حقيقة في الأول.
    وقيل: الثاني.
    وقيل: مشترك.
    وشرعا: رفع حكم شرعي، بقول الشارع أو فعله، متراخياً.

    · وأهل الشرائع على جواز النسخ عقلاً، ووقوعه شرعاً.

    · وبيان الغاية المجهولة ليس بنسخٍ على الأصح، وهو قول الأكثر.

    · ويجوز النسخ قبل الفعل، بعد دخول الوقت، ذكره القاضي أبو يعلى، وابن عقيل، إجماعاً.
    وقال أبو الخطاب: (لا أعلم فيه خلافا).
    خلافاً لبعضهم.

    · ويجوز النسخ قبل وقت الفعل عند الحنابلة، وذكر القاضي أبو يعلى ظاهر قول أحمد، وبه قال أكثر الشافعية.
    خلافاً لأحد قولي أبي الحسن التميمي، وأكثر الحنفية.

    · ويجوز نسخ أمر مقيد بالتأبيد.
    · ويجوز النسخ إلى غير بدل.
    ومنعه بعضهم.
    وقيل: في العبادات.

    · ويجوز النسخ بأثقل، ومنعه بعضهم.
    قال بعضهم: شرعاً، وقال آخرون: عقلاً.

    · ويجوز نسخ التلاوة دون الحكم، وعكسه.
    · ويجوز نسخ القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بمثلها وبالمتواتر.
    · ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد عقلاً، ذكره الآمدي محل وفاق.
    ولا يجوز شرعاً، ذكره جماعة إجماعاً.

    · وفي نسخ القرآن بالآحاد خلاف، والأكثر على عدم الجواز.

    · ويجوز نسخ السنة بالقرآن وفاقا بين المذاهب الأربعة.
    وعن أحمد: المنع، وقاله بعض الشافعية، وهو منصوص الشافعي.

    · ويجوز عقلاً نسخ القرآن بخبر متواتر، قاله القاضي أبو يعلى، وقال: (ظاهر كلام أحمد منعه).

    · ويجوز شرعاً في إحدى الروايتين عن أحمد، اختارها أبو الخطاب، وهو مذهب الحنفية، وأكثر المالكية، وغيرهم.
    ثم قيل: وقع نسخ القرآن بالسنة المتواترة، اختاره ابن عقيل، وذكره ابن قدامة عن الحنابلة.
    وقيل: لا، اختاره أبو الخطاب.

    والرواية الأخرى عن أحمد: المنع من ذلك، وهو الأشهر عنه، ذكره ابن مفلح، واختارها ابن أبي موسى، والقاضي أبو يعلى، وابن قدامة، وأكثر الشافعية.

    · ويتعين الناسخ بعلم تأخُّره، زاد بعض الحنابلة: (أو ظَنَّه).
    أو بقوله صلى الله عليه وسلم: هذا ناسخ، أو معناه.
    أو بالإجماع.
    أو بقول الراوي: (هذا وقت كذا، وهذا وقت كذا)، وتَقَدُّمُ أحدِهما معلوم.

    · وإذا قال الصحابي: (هذه الآية منسوخة) لم يقبل حتى يخبر بما نُسِخَت، قال القاضي: (أومأ إليه أحمد)، وهو مذهب الحنفية والشافعية.
    وذكر ابن عقيل رواية عن أحمد: يقبل.

    · وإن قال: (نزلت هذه قبل هذه) قُبل، ذكره القاضي أبو يعلى وغيره، وهو ظاهر قول من سبق، خلافاً للآمدي وغيره.

    · وإن قال: (هذا الخبر منسوخ) فكالآية، وقطع أبو الخطاب بالقبول.
    · وإن قال: (كان كذا ونُسِخ) قُبل قوله في النسخ في قياس مذهب الحنابلة، وقاله بعض الحنابلة، وهو مذهب الحنفية.
    وقال ابن برهان من الشافعية: (لا يقبل عندنا)، وجزم به الآمدي.

    · ويعتبر في النسخ:
    تأخر النسخ؛ وإلا فاستثناء، أو تخصيص.
    والتعارض؛ ولا نسخ إن أمكن الجمع.

    والجمهور: أن الإجماع لا ينسخ، ولا ينسخ به.
    وكذلك القياس لا ينسخ به، خلافاً لبعضهم.

    · وما حكم به الشارع مطلقاً أو في أعيان لا يجوز تعليله بعلةٍ مختصةٍ بذلك الوقت، عند الحنابلة والشافعية.
    وجوزه الحنفية والمالكية.

    · والفحوى يُنْسَخُ، ويُنْسَخُ به، ذكره الآمدي محل وفاق.
    وذكر أبو الخطاب المنع عن بعض الشافعية، وذكره القاضي أبو يعلى عن جميعهم.

    · ويجوز نسخ أصل الفحوى، ذكره أبو محمد البغدادي، وابن عقيل، وهو مذهب الحنفية.
    وذكر ابن قدامة: المنع، وذكره الآمدي قول الأكثر.

    · ويجوز نسخ الفحوى دون أصله في ظاهر كلام الحنابلة.
    وجزم بعض الحنابلة بالمنع، وهو مذهب الحنفية.

    · وإذا ثبت حكم المفهوم جاز نسخه، وإلا فلا نسخ.
    قال أبو الخطاب: (يجوز نسخه مع بقاء اللفظ).

    · وإذا نُسخ حكم أصل القياس تبعه حكم الفرع، عند الحنابلة والشافعية، خلافاً للحنفية، وبعض المالكية.
    وقال القاضي أبو يعلى _ في إثبات القياس عقلاً _: (لا يمتنع عندنا بقاء حكم الفرع مع نسخ حكم الأصل).
    وقال أبو الخطاب: (يحتمل أن يثبت النسخ في الفرع)، ثم مَنَعه.

    · ولا حكم للناسخ مع جبريل.

    · وزيادة عبادة مستقلةٍ ليست نسخاً، خلافا لبعضهم.
    · وزيادة جزء أو شرطٍ في العبادة ليس نسخاً.
    · ونسخ جزئها أو شرطها ليس نسخاً لجميعها عند الحنابلة، وعند أكثر الشافعية، خلافاً للحنفية وغيرهم.
    قال المجد ابن تيمية: (يجوز نسخ جميع التكاليف _ سوى معرفة الله تعالى _ على أصل أصحابنا) ونسبه إلى سائر أهل الحديث.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    الفصل الرابع


    القياس


    لغة: التقدير.
    وشرعاً: حمل فرعٍ على أصلٍ في حكم لجامعٍ بينهما.

    · وأركانه:
    الأصل، والفرع، وحكم الأصل، والوصف الجامع.
    · فـ(الأصل) عند الأكثر: محل الحكم المشبه به.
    وقيل: دليله.
    وقيل: حكمه.
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (الأصل) يقع على الجميع.

    · و(الفرع): ثبوت المحل المشبَّه.
    وقيل: حكمه.

    · و(العلة): وهي في الأصل: العرض الموجب لخروج البدن الحيواني عن الاعتدال الطبيعي.
    ثم استعيرت عقلا: لما أوجب الحكم العقلي لذاته، كالسكر للانكسار والتسويد للسواد.
    ثم استعيرت شرعا لمعان:
    أحدهما: ما أوجب الحكم الشرعي لا محالة، وهو: المجموع المركب من مقتضى الحكم وشرطه ومحله وأهله.
    الثاني: مقتضى الحكم، وإن تخلف لفوات شرط أو وجود مانع.
    الثالث: الحكمة، كمشقة السفر للفطر.

    · و(الحكم) وقد مضى ذكره فيما سبق من الدروس.
    والعلة فرعٌ في (الأصل) لاستنباطها من الحكم، أصلٌ في (الفرع) لثبوت الحكم فيها.

    · ومن شرط حكم الأصل:
    كونه شرعياً.
    وأن لا يكون منسوخاً؛ لزوال اعتبار الجامع.
    وفي اعتبار كونه غير فرعٍ وجهان. جمهور أهل العلم على جواز كونه فرعاً.
    فإن كان حكم الأصل يخالفه المستدلُّ ففاسد؛ لأنه يتضمن اعترافه بالخطأ في الأصل.
    وأن لا يكون معدولا به عن سَنَن القياس، ولا يعقل معناه.
    وأن لا يكون دليل الأصل شاملاً لحكم الفرع.
    ولا يعتبر اتفاق الأمة على حكم الأصل، ويكتفي اتفاق الخصمين.
    واعتبره قوم، وسموا ما اتفق عليه الخصمان: (قياساً مركبا) وهو: أن يكتفي المستدلُّ بموافقة خصمه في الأصل مع منعه علة الأصل، أو منعه وجودها في الأصل.

    · ومن شرط علة الأصل:
    كونها باعثة؛ أي: مشتملة على حكمةٍ مقصودة للشارع من شرع الحكم.
    وقال غير واحد من الحنابلة: (هي مجرد أمارةٍ وعلامةٍ نصَبَها الشارع دليلا على الحكم، موجبةً لمصالح، ودافعة لمفاسد، ليست من جنس الأمارة الساذجة).

    قال الآمدي: (منع الأكثر جواز التعليل بحكمةٍ مجردةٍ عن وصفٍ ضابطٍ لها).
    وقال ابن اللحام: (إن كلام أصحابنا مختلف في ذلك).

    ويجوز أن تكون العلة أمرا عدميا في الحكم الثبوتي عند الحنابلة وغيرهم، خلافاً للآمدي وغيره.

    · ومن شرطها أن تكون متعدية.
    فلا عبرة بالقاصرة _ وهي ما لا توجد في غير محل النص _.

    · واختلف في اطراد العلة _ وهو استمرار حكمها في جميع محالّها _؛ فاشترطه الأكثر؛ خلافاً لأبي الخطاب وغيره.

    · وفي تعليل الحكم بعلتين، أو علل كلٌ منها مستقل: أقوال؛ الثالث: يجوز في المنصوصة لا المستنبطة، اختاره ابن قدامة وغيره.
    والرابع: عكسه. أي: يجوز في المستنبطة لا المنصوصة، وهو اختيار ابن الحاجب.

    · واختلف القائلون بالوقوع إذا اجتمعت، فعند بعض الحنابلة وغيرهم: كل واحدةٍ علة.
    وقيل: جزء علة، اختاره ابن عقيل وغيره.
    وقيل: واحدة لا بعينها.

    والأظهر تعليل حكمين بعلةٍ _ بمعنى الباعث _، وأما الأمارة فاتفاق.
    والمختار أن لا تتأخر علة الأصل عن حكمه.

    · ومن شرطها: أن لا ترجع عليه بإبطال.
    وأن لا تخالف نصاً، أو إجماعاً.
    وأن لا تتضمن المستنبطةُ زيادةً على النص.
    وأن يكون دليلها شرعياً.

    · ويجوز أن تكون العلة حكماً شرعياً عند الأكثر.
    ويجوز تعدد الوصف ووقوعه عند الأكثر.

    · ومن شرط (الفرع):
    مساواة علته علة الأصل ظناً.
    ومساواة حكمه حكم الأصل.
    وأن لا يكون منصوصاً على حكمه.
    وشرط بعض الحنابلة، وهو مذهب الحنفية: أن لا يكون متقدماً على حكم الأصل.
    وصحح ابن قدامة اشتراطه لقياس العلة دون قياس الدلالة.

    يتبع إن شاء الله (مسالك إثبات العلة)..
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    ويجوز أن تكون العلة أمرا عدميا في الحكم الثبوتي عند الحنابلة وغيرهم، خلافاً للآمدي وغيره.
    بارك الله فيكم شيخنا وزادكم من فضله .. أجد صعوبة في فهم واستيعاب هذه النقطة بالكامل مع أني قرأت شروحا لها ..
    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    حسناً أخيتي..

    سأضع لك هذا الشرح ولعله يفي بالغرض إن شاء الله تعالى:
    اعلمي رحمني الله وإياك بدايةً: أنه يجوز تعليل الحكم الوجودي الثبوتي بمثله؛ مثل: كالإسكار للتحريم. والحكم العدمي بمثله؛ مثل: كعدم التصرف لعدم العقل. والحكم العدمي بالحكم الوجودي الثبوتي؛ مثل: كعدم نفاذ التصرف للمسرف. وذلك بلا خلاف.

    وإنما اختلفوا في تعليل الحكم الوجودي الثبوتي بالحكم العدمي على قولين:
    الأول: _ وهو قول أكثر المتقدمين _ جواز أن تكون علة الحكم المستنبطة أمراً عدمياً في الحكم الثبوتي الوجودي على الأصح. بمعنى: أنه يصح أن يعلل الحكم الثبوتي الوجودي بالعدم.
    لأنه لا معنى للعلة إلا المعرِّف وهو غير منافٍ للعدم.
    ومثاله: أن علة تحريم متروك التسمية؛ عدم ذكر اسم الله.
    إذاً = فيصح تعليل الحكم الثبوتي بالعدم _ بشرط أن يكون مناسباً _ وذلك لصحة تعليل ضربه لعبده بعدم امتثاله؛ أي: يصح أن يقال: ضرب فلان عبده لأنه لم يمتثل أمره، وشتم فلان فلاناً لأنه لم يسلم عليه، وهو تعليل الأمر الوجودي بالأمر العدمي.
    ولأن العلة أمارة تُعَرِّفُ الحكم، فالعدمية تعرف كالوجودية، بمعنى: أنه يجوز أن تكون عدمية كما يجوز أن تكون وجودية.

    ومن الأدلة على جوازه أيضاً غير ما سبق:
    * أنه كنص الشارع عليه؛ بمعنى: أنه إذا جاز أن ينص الشارع عليه في التعليل؛ جاز أن يستنبط بالدليل ويعلق الحكم عليه كالإثبات.
    * وأنه كالأحكام تكون نفياً؛ بمعنى: أنه إذا جاز أن تكون الأحكام تارة إثباتا وتارة نفيا، جاز أن تكون عللها تارة إثباتا وتارة نفيا، لأن الأحكام تترتب على العلل.
    * ولأنه أشبه بالعلل العقلية مع أنها موجبةٌ؛ بمعنى: أن العلل العقلية مع كونها موجبة يجوز أن تكون نفياً؛ فأولى أن تكون العلل الشرعية نفياً، وهي موجبة للظن.
    * ولأنها كتعليل العدم به. ومن أمثلته نحو: لم أفعل هذا لعدم الداعي إليه، ولم أسلم على فلان لعدم رؤيته؛ لأن نفي الحكم لنفي مقتضيه أكثر من نفيه لوجود منافيه.

    القول الثاني: _ وهو مذهب الحنفية والآمدي وابن الحاجب وغيرهم _ المنع من ذلك، لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضي ثبوته، والنفي عدمُ معنى فلا يجوز أن يوجب الحكم.
    ولأن العلة يجب أن تكون منشأ للحكمة؛ كالسرقة المنصوبة علة القطع؛ فإنها منشأ الحكمة، إذ كونها جناية ومفسدة إنما نشأ من ذاتها لا من خارج عنها.

    ورُدَّ دعليهم هذا: بأنه منازع فيه، فإن العلة لا يشترط فيها ذلك، بل يكفي كونها أمارة على الحكمة، وحينئذ فالعدم يصلح أن يكون أمارة عليها، وقد ساعد الخصم على جواز تعليل العم بالعدم؛ وهو اعتراف منه بإمكان جعل العدم أمارة، وإذا أمكن ذلك في طرف العدم أمكن في الطرف الآخر لأن الظهور لا يختلف.

    وقد أفاض في تقرير هذا القول الثاني:الأصفهان في كتابه (بيان المختصر 3/28).
    وللمزيد انظري (التحرير شرح التحبير 7/3198) للمرداوي.

    وقد تقدم أن الصواب الأول.

    هذا ما أراد الله توضيحه وبيانه، أسأل الله تعالى أن يكون وافيا لتوضيح الفهم لديك آمين.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    547

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    ... جزاكم الله خيرااا شيخنا على هذا التوضيح ولكن مازال القول الثاني يُشكل علي فهمه ...

    الذنوب جراحات ورُب جرح وقع في مقتل وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله وأبعد القلوب من الله القلب القاسي

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: سلسلة دروس علم الجدل والأصول الميسرة

    لا بأس أخيتي..

    القول الثاني في المسألة:
    منع أن تكون علة الأصل عدماً في الحكم الثبوتي، وبوجه آخر: أن لا تكون علة الحكم الثبوتي عدماً.
    قالوا: لأن الحكم لا يثبت إلا بوجود معنى يقتضي ثبوته، والنفي عدمُ معنى، فلا يجوز أن يوجب العدم الحكم.
    ولأن العلة يجب أن تكون منشأ للحكمة؛ كالسرقة المنصوبة علة القطع؛ فإنها منشأ الحكمة، إذ كونها جناية ومفسدة إنما نشأ من ذاتها لا من خارج عنها.
    بمعنى: أنه لو كان الوصف الجامع في الحكم الثبوتي عدما، لكان مناسبا أو مظنة مناسب، واللازم باطل.
    أما الملازمة؛ فلأن الوصف الجامع لا بد وأن يكون بمعنى الباعث، وحينئذ إما أن يكون نفس الباعث هو المناسب، أو أمر يشتمل عليه وهو المظنة.

    والمناسب هو: الوصف الظاهر المنضبط الذي يحصل عقلا من ترتيب الحكم عليه، ما يصلح أن يكون مقصودا من حصول مصلحة أو دفع مفسدة.

    ومظنة المناسب: هو ما يلازم الوصف المذكور إذا لم يكن ظاهرا.

    وأما بطلان اللازم؛ فلأن العدم المعلل به عدم مطلق وواضح _ إذ لا يعلل به لعدم تخصصه بمحل وحكم واستواء نسبة إلى الكل _، وإما عدم مخصص بأمر، أي:مضافا إليه.

    والأول باطل; لأن العدم المطلق يختص ببعض الأحكام الثبوتية دون بعض.
    والثاني أيضا باطل; لأن وجود الأمر الذي اختص العدم به وأضيف إليه إما أن يكون منشأ مصلحة لذلك الحكم الثبوتي أم منشأ مفسدة أو لا.

    فإن كان وجود الأمر الذي اختص به العدم منشأ لمصلحة الحكم الثبوتي; فلأن عدمه حينئذ لا يكون مناسبا للحكم الثبوتي، ولا مظنة مناسب، فلا يكون عدمه علة؛ لاستلزام عدمه فوات تلك المصلحة، ولا يصلح مقصودا للشارع.

    وإن كان وجود ذلك الأمر الذي اختص العدم به منشأ لمفسدة الحكم الثبوتي; فلأنه حينئذ يكون وجود ذلك الأمر مانعا من تحقق ذلك الحكم الثبوتي، فعدمه عدم المانع، وعدم المانع لا يكون علة بالاتفاق.

    وإن لم يكن كذلك _ أي منشأ مصلحة أو مفسدة _ فإما أن يكون وجود ذلك الأمر الذي اختص به العدم منافيا لوجود المناسب لذلك الحكم الثبوتي; فلأن عدم ذلك الأمر المنافي للمناسب لا يصلح أن يكون مظنة للمناسب الذي هو نقيض ذلك الأمر المنافي; لأن نقيضه _ أعني المناسب _، إن كان ظاهرا: تعين أن يكون بنفسه علة من غير احتياجه إلى مظنة، وإن كان خفيا: فنقيضه - وهو ذلك الأمر المنافي له - أيضا خفي، فعدم ذلك الأمر المنافي للمناسب أيضا خفي. والخفي لا يصلح أن يكون مظنة للخفي.

    وإما أن يكون وجود ذلك الأمر الذي اختص العدم به لا يكون منافيا للمناسب، فوجوده كعدمه؛ فالمناسب يحصل عند وجوده كما يحصل عند عدمه، وإذا تساوى وجوده وعدمه لا يكون عدمه مناسبا ولا مظنة مناسب.

    وحقيقةٌ؛ على كلامهم هذا اعتراضات وردود كثيرة قد فندها العلماء في الرد عليهم، فهو قول مرجوح ضعيف كما مر بكِ.

    وللإطلاع على ردود العلماء عليهم راجعي:
    1) تحفة المسؤول في شرح مختصر منتهى السول. للرهوني. (4/31).
    2) بيان المختصر. للأصفهاني. (3/28).
    3) التحرير شرح التحبير. للمرداوي. (7/3198).


    هذا أقصى ما أستطيع، فلعل الله سبحانه أن يجعل فيه التسهيل آمين.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •