تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ابن جبرين وسبع وسبعون سنة في خدمة العلم مع مرثية رائعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    13

    افتراضي ابن جبرين وسبع وسبعون سنة في خدمة العلم مع مرثية رائعة

    ابن جبرين وسبع وسبعون سنةً في خدمة العلم

    كتبـه / حاتم بن فالح المدرَّع

    إن للعلماء مكانة عظمى ومنزلة كبرى؛ لأنهم ورثة الأنبياء وخلفاء الرسل . وفقد العلماء الربانيين والأئمة المصلحين فجيعة عظيمة ورزيَّة كبيرة، كما قيل:


    لعمرك ما الرزية فقد مـال * ولا شاة تموت ولا بعيـر
    ولـكن الرزيـة فقد شيـخ * يموت بموته خلق كثيـر



    فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى ‏: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا‏ ‏ قال : (موت علمائها وفقهائها‏‏).‏



    وقال الحسن - رحمه الله - : "موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيءٌ ما اختلف الليل والنهار".



    والإمام العلامة الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين هو أحد العلماء الأفذاذ والمحققين الكبار الذين يسير الناس على منهجهم، ويقتبسون من نور علمهم، كيف لا وقد بذل نفسه ووقته وعمره كله في خدمة العلم دراسةً وتدريساً ودعوة وتوجيهاً.



    سبع وسبعون سنةً كلها صبر وعطاء وعلم وعمل، وبذل وإحسان.



    عرف الكثير من الناس العلامة ابن جبرين منذ سنوات طويلة، فلم تبق قرية ولا مدينة إلا وزارها داعياً وموجهاً ومعلماً ومفتياً، وقد وضع الله تعالى له القبول في قلوب الملايين من الناس؛ وما ذلك إلا لإخلاصه لله سبحانه – نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً – جمع بين العلم والعمل، إذا رأيته تذكرت علماء السلف في جدّهم وصبرهم وبذلهم الغالي والنفيس في خدمة الأمة، إذا رأيته رأيت سَمْتاً ووقاراً وهيبةً وجلالاً.

    حدثني أحد أصهار الشيخ – في مجلس العزاء - بأنه قبل وفاته بأيام لم يكن يتكلم من شدة المرض وبسبب الأجهزة الطبية، لكن إذا قرأ عليه القرآن تحرك فكّاه مع القراءة، وفي موقف آخر كانت إحدى بناته تقرأ عليه القرآن في مرضه فأخطأت في آية فالتفت إليها الشيخ بقوة .



    تميَّز الشيخ بالتواضع الجمّ والأدب الرفيع، لم يكن يسمح لأحد بأن يقبل رأسه وإذا أصر أحدهم على ذلك دفعه بيده بكل أدبٍ ولطفٍ، كما حصل معي ذات مرة .



    روى أبو هريرة ررر : أن النبي قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح . والشيخ انقطع عمله منذ الساعة الثانية ظهراً يوم الاثنين الموافق 20/7/1430هـ إلا من هذه الثلاث، فإنه عرف عن الشيخ كثرة الصدقات والشفاعات لطلاب العلم ولعموم الناس وخصوصاً المحتاجين والفقراء . كما أن له أولاداً صالحين كانوا في حياته يغْشَون أباهم ويخدمونه ويقومون بالحقوق الشرعية والآداب الدينية، وهم لا يزالون مستمرين بالدعاء لوالدهم . كما أن الشيخ خلّف علماً غزيراً وكتباً كثيرة وفتاوى نافعة، وعدداً لا يحصى من طلاب العلم والدعاة والمصلحين .



    وكان أول مؤلفاته:



    البحث المقدم لنيل درجة الماجستير في عام 1390هـ( أخبار الآحاد في الحديث النبوي)



    وفي عام 1399هـ سجّل في كلية الشريعة لدرجة الدكتوراه واختار تحقيق (شرح الزركشي على مختصر الخرقي ) وهو أشهر شروحه التي تبلغ ثلاثمائة بعد المغني لابن قدامة، واقتصر في الرسالة على أول الشرح إلى النكاح دراسةً وتحقيقاً ونوقشت الرسالة، ثم كَمَّل تحقيق الكتاب وطبع في سبعة مجلدات كبار وهو موجود متداول والحمد لله .



    وقد أخبرني أحد المسؤولين في المكتبة المركزية بجامعة الإمام أن أكثر ما يطلب من الأشرطة المسجلة لمناقشات الرسائل العلمية هي مناقشة رسالة الدكتوراه للشيخ .



    و قد اهتم التلاميذ بتسجيل علم الشيخ وأَوْلَوه عنايةً شديدةً، وذلك بتتبع الدروس والمحاضرات وتسجيلها في أشرطة ثم الاحتفاظ بها ومن ثم نَسْخ ما تيسر منها للتداول وللطبع، وقد فُرِّغَ كثيرٌ منها وطُبِع بعناوين متعددة تتعلق بالصيام والحج والصلاة والزكاة وغيرها .



    شيَّع جنازته الآلاف من العلماء وطلاب العلم ومحبي الشيخ بعد ظهر يوم الثلاثاء 21/7/1430هـ في مشهد عظيم ومنظر مهيب تبكي له القلوب وتدمع له العيون تسمع فيه نشيج البكاء من بين الصفوف، كنت ممن حضر الصلاة على فقيد الأمة ورأيت هذه الجموع الغفيرة التي قدمت للصلاة عليه، لم يثنها عن ذلك ارتفاع درجات الحرارة، وازدحام الطرق، وقلة مواقف السيارات .



    رحمك الله يا شيخنا الفاضل، وأسأل الله أن يحسن عزاء الأمة الإسلامية في فقدينا، وأن يأجرنا في مصيبتنا وأن يخلف لنا خيراً، وأن يجمعنا وإياه ووالدينا في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .



    إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .




    وهذه مرثية في العلامة ابن جبرين قالها الشيخ الفاضل والأديب الأريب:



    سعد بن محمد العثيمين بعنوان :




    ولا عذر للأشعار



    من بحر ( الطويل )



    1- على الحَبْرِ عبـدِالله تبـكي محابـرُ





    بهـا من علـوم الشـيخ كانـت دفاتـرُ






    2- وكـم حلقةٍ للعلـم تبكـي تفجعاً






    عـلى فـقـده ناحـت كـذاك المنابرُ






    3- ولا عـذر للأشعـار إنْ قصَّرتْ فلم






    تَجُـدْ للفـقـيـه الفـذ ذاك المثـابـرُ






    4- صبـورٌ عـلى نشـر الهدى يستطيبه






    وبالعُـرْفِ أمَّـارٌ عـن النُّكْـرِ زاجـرُ






    5- ترى حوله الطـلاب بالكُتْب تستقي






    كبئـرٍ بهـا الـوُرَّادُ حَـفّـوا وجاوروا






    6- إذا قـال لم تسمـع مقـالاً كقـوله






    بنـورٍ من الوحيـين يمضـي يحـاضـرُ






    7- سراجٌ أنـار الدرب لكنـه انطفى






    فـواحـرَّ قـلـبي مِنْ دَوَاهٍ تُخـامِـرُ






    8- دنا من عموم الناس في حُسْنِ عشـرةٍ






    كـريمُ السجايـا سمـحُ كـفٍ ينـاصرُ






    9- مُهابٌ وقـورٌ خاشـعٌ عابـدٌ بـه






    جلالٌ بَهـاءٌ سـالـمُ القلـبِ طـاهرُ






    10- نجيبٌ أريـبٌ زاهـدٌ في رَغَائـبٍ






    عليـها تـرى جُـلَّ البرايـا تَغَـايـروا






    11- له في قلـوب النـاس حُبٌّ أتى به






    ينـادي أمـيـنُ الـوحي والله آمــرُ






    12- أُعَزِّي ذويـه والتلاميـذَ إذ قـضى






    وكُـلُّ البـرايـا للمـنـايـا تُعَـاقِـرُ






    13- ولو كانت الأعمار تُهْدَى لِـمَيـِّتٍ






    لأهـداه أحبـابٌ وجـادت عشـائـرُ






    14- ولكنـه المحتـوم إن جـاء طـالباً






    فلن يَنْـجُوَنْ منه شـريفٌ وصـاغـرُ






    15- خليـليَّ عوجـا بي على قبره الذي






    ثـوى فيـه نستـجدي كـريماً يبـادرُ






    16- بإنجـازه مـوعـودَه غيرَ مخـلِفٍ






    ولا شـك فـي إيفـائـه فهـو قـادرُ






    17- فيـا رب يا رحمـن يا خالق الورى






    أَنِلْنـا الأَمَـاني أَنـت للذنـب غافـرُ






    18- وأسعـف بجـودٍ منك واقبل دعاءنا






    فبالشوق قد زُفَّـتْ إليـك الضمـائـرُ






    19- وتأريخ موت الشيخ يا صاح قولنا :






    ( بِزَهْوٍ ) ( أجابَ ) ( الحقَّ هـامٌ مغادرُ )





    استخدم هنا في تأريخ موت الشيخ حساب الجُمَّل المعروف عند العرب ، وهو :



    ( ب 2 + ز 7 + هـ 5 + و 6 = 20 ) ( أ 1 + ج 3 + ا 1 + ب 2 = 7 )
    ( ا 1 + ل 30 + ح 8 + ق 100 + هـ 5 + ا 1 + م 40 + م 40 + غ 1000 + ا 1 + د 4 + ر 200 = 1430 )



    فوفاته رحمه الله كانت يوم الاثنين بتأريخ 20 / 7 / 1430 هـ .


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    16

    افتراضي رد: ابن جبرين وسبع وسبعون سنة في خدمة العلم مع مرثية رائعة

    رحم الله الشيخ ابن جبرين فما أحوج الأمة اليوم إلى مثله من العلماء الربانيين

  3. #3

    افتراضي رد: ابن جبرين وسبع وسبعون سنة في خدمة العلم مع مرثية رائعة

    رحم الله الشيخَ رحمة واسعة .

    بارك الله فيكـم .
    "
    أزْرَة المؤمن إلى نصف الساق، فإن طال فإلى الكعبين، فإن طال ففي النار "
    فاتقوا النار ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •