بسم الله الرحمن الرحيم
كان من لطف الله بالأمة أن جعل العربية لغتها ووسيلة التخاطب بين أفرادها...
فالعربية قالبٌ بيانيٌ لا سمي له ولاشبيه بين لغات العالم طرا..
ولقد أحسن شاعر النيل عندما قال بلسان العربية:
أنا البحر في أحشائه الدر كامن ***فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
وفي عتيق الزمان أنشأ العرب الأقحاح البناء اللغوي وتكاملت لبناته عبر الإرث التراكمي...
وعندما أراد المحدثون إيجاد مصطلحات حديثية تداولية بينهم كانت العربية مأرِزَهم في ما يصبون إليه...
ومن المعلوم أن ثمةَ خيطاً رفيعاً بين المصطلح الحديثي والمعنى اللغوي لذلك المصطلح ، ولنضرب مثالا على ما سبق:
مصطلح التعديل الشهير(ثقة) قد جاء في لغة العرب وأشعارهم كما قال حسان رضي الله عنه في مدح أبي بكر:
إذا تذكرت شجوا من أخي (ثقة)***فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
فالمعنى اللغوي لـ(ثقة) في البيت ظاهر واضح والمراد منه التعديل والثناء...
وترى المحدثين يطلقون مصطلح(ثقة) على من توافرت فيه شرائط التوثيق عندهم القاضية بقبول حديث الراوي...
وإدراك الفقه اللغوي للمصطلح الحديثي يسعف الباحث في مواطن كثيرة...
فإذا صادف الباحث راو قد أطبقت كلمة النقاد على سوء ضبطه ولاح اجتهادُ ناقدٍِ قال عن ذلك الراوي(ثقة) فالباحث بين أمرين...
إما أن يتجاهل قول الناقد الموثِّق ويبني على قول النقَدة الآخرين أو أن يحمل قول الناقد على الصواب ما أمكن ...
والحمل على الصواب أولى وذلك بحمل التوثيق على معناه اللغوي أي أن التوثيق ينصب على العدالة فحسب-وهذا إذا يتكلم أحد النقاد في عدالة الراوي-
وهكذا يتوافق قول الناقد الموثَّق ورأي الجمهور بتفريغ الدلالة العرفية من المصطلح وحمله على المعنى اللغوي...
وبذلك استفدنا من الفقه اللغوي للمصطلح بحمل كلام الناقد على أحسن محمل...
والأمثلة في هذا المقام كثيرة ولعلي-إن شاء الله- أذكر في وقت لاحق أمثلة أخرى...
ولله الأمر من قبل ومن بعد...