مارأيت فتنة أعظم من مقاربة الفتنة وقل أن يقاربها إلا وقع فيها.
ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
قال بعض المعتبرين : قدرت مرة على لذة ظاهرها التحريم وتحتمل الإ باحة إذ الأمر فيها مردد.
فجاهدت النفس فقالت:أنت ما تقدر فلهذا تترك ,فقارب المقدور عليه فإذا تمكنت فتركت كنت تاركا حقيقة.
ففعلت وتركت , ثم عاودت مرة أخرى في تأويل أرتني فيه الجواز وإن كان الأمر يحتمل فلما وافقتها أثر ذلك ظلمة في قلبي لخوف أن يكون الأمر محرما.
فرأيت أنها تارة تقوى علي بالترخص والتأويل, وتارة أقوى عليها بالمجاهدة والامتناع.
فإذاترخصت لم آمن ان يكون ذلك الأمر محظورا,ثم أرى عاجلا تأثير ذلك الفعل في القلب
فلما لم آمن عليها بالتأويل تفكرت في قطع طمعها من ذلك الأمر المؤثر فلم أرى ذلك إلا بأن قلت لها قدري أن هذا الأمر مباح قطعا ,فوالله الذي لا إله إلا هو لا عدت إليه.
فانقطع طمعها باليمين والمعاهدة, وهذا أبلغ دواء وجدته في امتناعها لأن تأويلها لايبلغ إلى أن تأمر بالحنث والتكفير.
فأجود الأشياء قطع أسباب الفتن وترك الترخص فيما يجوز إذا كان حاملا ومؤديا إلا مالايجوز والله الموفق.
ابن الجوزي