المرأة المسلمة ومكانتها في الشريعة- 12- دور المرأة المسلمة في الأزمات الاقتصادية
تستطيع المرأة المسلمة أن تساهم في بناء المجتمع عن طريق توجيه اقتصاد الأسرة وتنظيمه والاعتدال فى الإنفاق جريا على منهج القرآن والسنة وتؤدي مسؤوليتها بوصفها راعية لبيت زوجها ومسؤولة عنه
أدت المرأة المسلمة دورًا بارزًا عبر العصور فى شتى قضايا الحياة، ففاعلية المرأة من أول عصر النبوة مرورا بعصور الخلافة إلى يومنا هذا، كان ناجمًا عن قدرتها على الوعى والاستيعاب لأزمات أمتها وقضاياها؛ لذلك كان لها دور مهم في الحياة الاقتصادية، والوقوف جنبا إلى جنب مع الصحابة الكرام فى حل الأزمات الاقتصادية التي مرت بهم، خصوصًا مع ما يلقونه من شظف العيش، بدءًا من أيام الحصار في الشعب ثم الانتقال من مكة إلى المدينه، تاركين أموالهم وثرواتهم وتجارتهم.
من مشكلات المجتمع الأساسية
إن من المشكلات الأساسية للمجتمع البشرى مشكلة المال والدخل الفردي والجماعي والموازنة بين الواردات والنفقات، وينسحب ذلك على اقتصاد الأسرة وموازنتها المالية في النفقة والاستهلاك؛ فالإسراف والتبذير في الطعام والشراب والزينة واللباس والسكن والكماليات والخدمات والصرف غير المقنن الذي يرهق اقتصاد الأسرة، ولا يتناسب فى كثير من الأحيان مع دخلها ومواردها، هو من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمع؛ لذلك دعا الإسلام إلى الاعتدال في النفقة، وحرَّم الإسراف والتبذير كما حرم التقتير والبخل والحرمان؛ فوسطية الإسلام تقتضى إيجاد شخصية إسلامية متزنة تقتدى بالسلف الصالح فى شمول فهمهم وإعتدال منهجهم وسلامة سلوكهم من الإفراط والتفريط والتحذير من الشطط فى أى جانب من جوانب الدين والحياة. دور المرأة في تخفيف الأزمات
من هنا كان واجبًا على المرأة المسلمة أن يكون لها دور كبير في تخفيف وطأة الأزمات التي تصيب أسرتها وتمتد إلى المجتمع بأثره، فهي الزوجة المسؤولة عن الميزانية والإنفاق، وتتحمل هذا العبء باعتبارها وزيرة اقتصاد الأسرة، وكلما كانت الزوجة مدبرة ولديها قدرة للتغلب على الرغبات الاستهلاكية ولا سيما غير الضرورية استطاعت الوصول بأسرتها لبر الأمان. نظرة نقدية واعية
فلابد أن تمتلك المرأة المسلمة نظرة نقدية واعية عند شرائها أى شيء؛ فهى تحافظ على مال الأمة وليس مجرد مالها الخاص؛ فلا شك أن هناك الكثير من السلع الاستهلاكية قد غمرت الأسواق وليكن السؤال الأهم الذى يجب أن تسأله المرأة المسلمة عند الشراء هو: أى هذه السلع الاستهلاكية هو حاجة حياتية حقيقية؟ وأيها حاجة وهمية زائفة؟ فهناك كثير من الحاجات الزائفة تبدو ملحة وحقيقية نتيجة الدعاية المكثفة ونتيجة التقليد الأعمى؛ فتشعر الأسرة بالاختناق من كثرة الضغوط التى تقع عليها، ويكون شراء هذه السلع في كثير من الأحيان أداة للتفاخر والمباهاة واستنزاف للموارد. المرأة المسلمة الواعية
أما المرأة المسلمة الواعية فلا تستخفها الدعاية ولا التقاليد، وهي لا تحب التفاخر والمباهاة، ومن ثم فهي تحفظ وقتها ومالها وقلبها، وتترفع عن حطام الدنيا الزائلة باعتدال وتوسط، والمرأة المسلمة تمتلك بدائل كثيرة وحلولا إبداعية لقضية الغلاء؛ فهي لا تستجيب بسهولة لضغط الأسواق فتفكر جيدًا فى الحاجة الحقيقة والكمية المطلوبة وتسجيل احتياجاتها الأساسية، وعدم شراء أى سلعة أخرى لم تكتب في قائمة احتياجاتها. ولنجاح ميزانية الأسرة لابد من وجود قاعدة بيانات صحيحة وصادقة عن الدخل الحقيقي للأسرة ومتطلباتها؛ فلقد أصبح التفكير فى ميزانية الأسرة ومهارة إدارتها والتحكم بإيراداتها ومصاريفها فنا من الفنون التى ينبغى للزوجين أن يتعلماه، ويحرصا عليه حتى لاتقع الأسرة في مأزق مالي.
مشاركة جميعهم أفراد الأسرة
وعند وضع الزوجة لهذه الخطة، لابد من مشاركة جميع أفراد الأسرة أو معظمهم؛ لأن المشاركة فى التخطيط غالبا ما تساعد على إنجاح أى خطة، وتضع الجميع فى موضع المسؤولية، وتتضح المسوغات لمعظم التصرفات المالية للأسرة أمام الأبناء، وفى حال الأزمات المالية يكون هناك نوع من التراضى والتفاهم فيما يمكن الاستغناء عنه لمواجهة الأزمة. التربية على السلوك الإنتاجي
كذلك من الأمور المهمة تربية الأبناء على السلوك الإنتاجي لا الاستهلاكي فقط، وعدم ربط سعادة الأسرة بمعدل صرفها المادي، وتعويد الأبناء على المرونة المالية والإبداع فى إيجاد الحلول والبدائل وتربيتهم علي التحمل والمسؤولية. تحديد الأولويات
كذلك تربيتهم على تحديد الأولويات التى تختلف من وقت لآخر، ومن مكان لآخر، ومن أسرة لأخرى، طبقا لظروفها؛ لذا يجب تحديد الأولويات فى ضوء الزمان والمكان دون النظر أو التقليد لغيرها من الأسر؛ فينبغى إعادة النظر كل فترة فى نفقات الأسرة وترتيب أولويتها بماهو ضروري وماهو ترفيهي؛ بحيث تستوفى الضرورات أولا ثم تكون بعد ذلك للكماليات بحسب ظروف الأسرة، فيجب أن يتفق كل من الزوج والزوجة على تحديد الأولويات والأهداف الاقتصادية لحياتهما الأسرية؛ فيجب أن يكون هناك هدف طويل الأجل ومجموعة أهداف قصيرة الأجل والاتفاق على هذه الأهداف، وترتيب أولوياتهم وفقا للحياة والأهداف الجديدة. أهمية الادخار
المرأة المسلمة الواعية تدرك أهمية الادخار، وأنه صمام الأمان للأسرة ولو كان مبلغا بسيطا؛ فهو المساند في كثير من الأزمات، وتلبية طلبات الأسرة الزائدة لن يكون إلا عبر المال المدخر ومحاولة استثمار هذا المال المدخر بما يتيح للأسرة فرصة تنمية مواردها ورفع مستواها المالي، وهي تدرك أن الادخار يكون سهلا في بداية الحياة الزوجية؛ حيث تقل النفقات نظرا لقلة عدد أفراد الأسرة وصغر مسؤولياتها. أخطر ما يدمر ميزانية الأسرة
المرأة المسلمة الواعية تدرك أن أخطر ما يدمر ميزانية الأسرة هو الاعتماد فى شراء الحاجات اليومية بنظام الأجل أو الحساب المفتوح والتسديد في آخر الشهر، فهذه الطريقة تجعل الفرد يستهلك أكثر من المبلغ المخصص له؛ لأنها غالبا ما تكون بغير ضوابط وقواعد. الحذر من حل الأزمات بطرائق سلبية
المرأة الواعية تحذر من حل الأزمات المالية بطرائق سلبية تزيد من إغراق الأسرة فى المشكلات طويلة الأمد، مثل الاعتماد على الاقتراض أو منح الأقارب مثل الوالدين، أو استمرار الأسرة فى اتباع أسلوب البذخ قى المصروفات والمعيشة وعدم التخلى عن العادات والتقاليد التى تدعو إلى الإسراف، والاهتمام ببعض المظاهر الاجتماعية الجوفاء لمجرد تقليد الآخرين.
اعداد: أميرة عبدالقادر