لماذا نسارع في التحريم ؟ ألا نخشى أن يشملنا قوله تعال: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب.
قال عبد الله بن المبارك:
"أخبرنا سلام بن أبي مُطِِيع عن ابن أبي دخيلة عن أبيه قال:
كنت عند ابن عمر فقال: "نهى رسول الله r عن الزبيب والتمر يعني أن يخلطا".
فقال لي رجل مِن خلفي: ما قال ؟ فقلت: "حرّم رسول الله r التمر والزبيب"، فقال عبد الله بن عمر: "كذبت!"، فقلت: "ألم تقل نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم عنه ؟ فهو حرام" فقال: "أنت تشهد بذلك؟"، قال سلام كأنّه يقول: ما نهى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فهو أدب.
فانظر أخي: إلى ابن عمر ررر، وهو من فقهاء الصحابة –كَذَّب الذّي فسّر "نهَىَ" بِلفظ حَرَّم, وإن كان النهي يفيد التحريم، لكن ليس صريحاً فيه بل يفيد الكراهة أيضاً.
فاحرص أخي أن لا تتجرأ على الحكم بالتحريم إلاّ بدليل صريح من الكتاب أو السنّة, وعلى هذا درج الصحابة والتابعون والأئمّة.
قال إبراهيم النخعي – رحمه الله -:
"كانوا يكرهون أشياء لا يحرّمونها"
كذلك كان مالك والشّافعي وأحمد كانوا يَتَوقَّـونَ إطلاق لفظ الحرام على ما لم يتيقن تحريمه لنوع شبهة فيه, أو اختلاف أو نحو ذلك, بل كان أحدهم يقول أكره كذا, لا يزيد على ذلك.