تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إخواني، تعالوا بنا نستفيد من قصة. ابن العربي المالكي، وقائد السفينة.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي إخواني، تعالوا بنا نستفيد من قصة. ابن العربي المالكي، وقائد السفينة.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني، تعالوا بنا نستفيد من قصة
    روى الإمام ابن العربي الإشبيلي المالكي في أحكام القرآن، عن شيخه أبي بكر الطرطوشي قال: "كان شيخنا أبو بكر الفِهري يرفع يديه عند الركوع، وعند رفع الرأس منه، وهذا مذهب مالك والشّافعيّ، وتفعله الشّيعة، فحضر عندي يومًا بِمُحْرِسٍ بن الشّوّاء بالثّغر موضع تدريسي عند صلاة الظّهر، ودخل المسجد من المحرِس المذكور، فتقدّم إلى الصّفّ الأوّل وأنا في مؤخّره قاعد على طاقات البحر، أتنسّم الرّيح من شدّة الحرّ، ومعه في صفٍّ واحد أبو ثُمنَة - رئيس البحر وقائده -، مع نَفرٍ من أصحابه ينتظر الصَّلاة، ويتطلّع على مراكب تحت الميناء.
    فلمّا رفع الشّيخ يديه في الرّكوع وفي رفع الرّأس منه، قال أبُو ثمنة لأصحابه:
    "ألا ترون إلى هذا المَشرِقيِّ كيف دخل مسجدنا ؟، فقوموا إليه فاقتلوه وَارمُوا بِه في البحر، فلا يراكم أحد !!!!".
    فطار قلبي من بين جوانحي، وقلت:"سبحان اللَّه، هذا الطُّرطُوشي فقيه الوقت !".
    فقالوا لي: "ولِمَ يرفع يديه ؟".
    فقلت: كذلك كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يفعل، وهو مذهب مالك في رواية أهل المدينة عنه"، وجعلت أُسَكِّنهم وأسكِتُهم، حتَّى فرغ من صلاته، وقمتُ معه إلى المسكن من المحرِس، ورأى تغيُّر وجهي، فأنكره، وسألني فأعلمته فضحك، وقال: "ومِن أين لي أن أُقتَل على سُنَّة"، فقلت له: "ولا يحِِلُّ لك هذا، فإنّك بين قوم إن قمت بِها قاموا عليك، ورُبَّما ذهب دَمُك". فقال: دَع هذا الكلام وخُذ في غيره" اهـ.

    من خلال هذه الرواية يمكن أن نستخلص مجموعة من الفوائد:
    الفائدة الأولى:


    قول الإمام في بداية حديثه:
    أنّ الشّيخ كان يرفع يديه في موضعين، وتصديره القول بأنّ ذلك مذهب مالك.

    فيه دليل على أنّه رحمه الله كان عالماً بقول آخر في مذهب الإمام مالك، وبذلك لا يدع مجالاً للتعقيب.
    فنستفيد من ذلك إنّ المرء إذا خاطب قوماً لا يعرفون إِلاّ شيخاً واحداً، وعلمت أن القول الذي ترضاه يوافقك فيه هذا الشيخ، فصَدّر قولك بأنّ هذا مذهب فلان، حتّى يرتاح مخاطبك المتعصب.
    الفائدة الثانية:
    تسمية الإمام للشّخص المعترض، مع ذكر المِهنَة التيّ كان يشتغلها، وهي: قائد سفينة.
    فيه فائدة: أنّ المعترضين اندفاعاً وتعصباً غالباً ما يكونون بعيدين عن العلم الشرعي، وعن التخصص، فيجب أن يتنبه طالب العلم للمعاملة التّي تليق بهؤلاء.
    الفائدة الثالثة:
    قول قائد السفينة لأصحابه: ألقوا به في البحر.
    دليل على أن المتعصب قد يفعل كل شيء إرضاءً لهِواه.
    الفائدة الرابعة:
    جواب الإمام ابن العربي لهم: بأنّ هذا الرجل هو الطرطوشي، إمام الوقت.
    فيه فائدة: أن لا يسارع طالب العلم في الإجابة عن المسألة إلا بعد أن يبين قائلها، ويعلم الجُهَّال قدر الأئمة.فمن جاءك يعترض مثلاً عن إمام يفعل القنوت في الصبح، فذكره أولاً بقدر فاعله، فإن لم يرضى به، فذكره بأنّه قول مالك والشّافعي، فإن تعجب ولم يصدقك، فذكره بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم التحق بربه، وترك أصحابه في المدينة في القرون المفضلة الثلاث يفعلون ذلك حتى أصبح حجة قطعية كانت من أقوى أدلة مالك فيها، فإن فعل مثل هذا المتعصب فلا حاجة لك بعدها أن تُسَكنه، وتسكته، ولا أن تبسط له المسألة بأدلتها، وبالرد على أدلة المخالفين وبيان ضعفها، لأنّك ببساطة تجادل متعصبا !!.
    الفائدة الخامسة:
    قول الشيخ الطرطوشي: "ومِن أين لي أن أُقتَل على سُنَّة ؟".
    فيه فائدة: أنّ طالب العلم إذا فعل شيئاً من العِبادة، يجب أن يعتقد أنّه بِفعله لها فهو مصيب للسنة، فإن كان قادراً على النظر في الأدلة فيجب عليه التحري، وإن كان عاجزاً عن ذلك فيختار الإمام الذّي يثق فيه أنّه سيوصله إلى السنة.
    الفائدة السادسة:
    أمّا الفائدة السادسة التّي يمكن أن نستخلصها من هذه القصة، هي ما جاء في آخرها.
    عندما قال الإمام الطرطوشي لتلميذه ابن العربي: "دَع هذا الكلام وخُذ في غيره".
    ففيه فائدة أنّ المرء لا يشغل نفسه بهذه المسائل الخلافية، ولا يعقد حلقات عليها، وإنّما يكفيه أن يقرأ أسباب الخلاف بين الفقهاء، ويتعلم أن ذلك سَعَة، وفي كل خير ما دامت الأقوال لها مقدمات بُنِيت عليها.
    هذا ولا يفوتني أن أذكر لإخواني شيئاً أرجو من كلّ من قرأه أن يدعو الله لي التوفيق والسداد، والإخلاص في القول والعمل، وهي أنّ الناس إذا أَلِفوا شيئا معينا فيصعب تغييره عندهم، والحكيم من أعطاه الله العقل الراجح، والصدر الرحب، وكثير من المسائل اعتادها الشيوخ وكبار السن عندنا، فربما جهلوا من يفعل خلافها، أو يخرجوه من الملة – عفانا الله-، هذا وإنّ بعض هذه الأمور التّي اعتادها كبار السن، قد نُسِخت والحمد لله، لكن بأشياء قد يكون الدليل فيها ضعيفا، فاعتادها الشباب أيضا، فكان هروبنا من التقليد إلى التقليد، فنسأل الله أن يعيننا لبناء أمتنا، وإعادة حضارتنا.
    وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا الله، أستغفرك وأتوب إليك.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي رد: إخواني، تعالوا بنا نستفيد من قصة. ابن العربي المالكي، وقائد السفينة.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعيد الباتني مشاهدة المشاركة
    فمن جاءك يعترض مثلاً عن إمام يفعل القنوت في الصبح، فذكره أولاً بقدر فاعله، فإن لم يرضى به، فذكره بأنّه قول مالك والشّافعي، فإن تعجب ولم يصدقك، فذكره بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم التحق بربه، وترك أصحابه في المدينة في القرون المفضلة الثلاث يفعلون ذلك حتى أصبح حجة قطعية كانت من أقوى أدلة مالك فيها
    هل صح - بارك الله فيك- هذا؟!

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: إخواني، تعالوا بنا نستفيد من قصة. ابن العربي المالكي، وقائد السفينة.

    السلام عليكم.
    بارك الله فيك أخي على المشاركة.
    قال ابن العربي في عارضة الأحوذي:
    " ثبت أنّ النبي قنت في صلاة الفجر، وثبت أنّه قنت قبل الركوع، وبعد الركوع، وثبت أنّه قنت لأمر نزل بالمسلمين من خوف عدو، أو حدوث حادث، ولكن قنت الخلفاء بالمدينة، وسنّه عمر ررر واستقر بمسجد رسول الله ، فلا تلتفتوا إلى غير ذلك..".

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •