العلامة بكر أبو زيد .. العلم المتين , والقلم المبين .
فقد العلماء الربانيين ثلمة عظيمة ومصيبة كبيرة , فهم "الذين ينفون عن دين الله تحريف الجاهلين وتأويل الضالين, وانتحال المبطلين , فما أحسن أثرهم على الناس".. وفي أيامنا هذه فقدت الساحة العلمية علماً شامخاً , تحلى بالرسوخ العلمي, والمنهج السوي , والخلق الرضي, فقدت المجامع العلمية أحد أكابر علماء العصر ألا وهو العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبوزيد رحمه الله , العالم النحرير , المتفنن المتقن , صاحب قلم التحقيق والتدقيق وذو المؤلفات العديدة الفريدة , ولئن رحل العلامة بكر أبو زيد برد الله مضجعه , فإنه رحمه الله ورث للأمة تراثاً علمياً كتب له الذيوع والانتشار والقبول الحسن , لما امتازت به من جدة وأصالة وعمق معرفي ولغة جزلة وبيان مشرق ورؤية متبصرة ونصح للأمة , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وفي مصنفاته المباركة يظهر الفقه العميق والبيان المشرق , ونَفَس الاجتهاد الموفق ظاهر فيها , قرّب فيها بأجلى صورة تراث السلف ,فتجد كنوز الفوائد في غير مظانها , وأماط اللثام عن الحكم الفقهي في قضايا العصر برأي سديد وخطاب رشيد, فللّه دره من فقيه غزير العلم , متبحر في علوم شتى , زان علمه بالأخلاق الفاضلة , والشمائل الحسنة, تواضع عن الألقاب العلمية, فتواضع أهل الفضل على تعريفه بالعلامة . نافح عن لغة القرآن الكريم , ودعا إلى التعلق بها والاعتزاز بثقافتها , والنهل من معين العلم الصافي , ولهج بالتمسك بالسنة ومنابذة البدع , والدوران مع الدليل الشرعي , والتأدب بأخلاق أهل العلم , والاتساء بصفات أهل الفضل والحلم. امتاز بالتبحر والتبصر , ودعا إلى التثبت والتيقن والتيقظ . وفي كثير من مؤلفات البحاثة الكبير الشيخ بكر أبو زيد ترى البحث في حوادث العصر وتجلية الحكم الشرعي فيها من قبيل السفور والحجاب و"حوار الأديان" و" التمثيل" و"أدب الهاتف" و"تصنيف الناس" و"الألقاب العلمية" و"الرقابة على التراث" , والمسائل الطبية , والاقتصادية ,وكثير من الكتب النافعة المفيدة . وقبل أشهر رغبت أن أقف على الحكم الشرعي في مسألة (حقوق الطبع) , وقدراً وقفت على مجلة المجمع الفقهي(برابطة العالم الإسلامي) العدد الثاني عام 1408, هـ , وتتضمن بحثاً بعنوان (ملكية التأليف..تأريخاً وحكماً) دبجه يراع الشيخ بكر ابوزيد,وكعادة قلمه السيال وذهنه الوقاد وإطلاعه الواسع في كتب التراث , وكتب المعاصرين , ولغته الناصعة يتسطر العلم نوراً. وبدأت في قراءة البحث , ويقدر الله أن تصلني فاجعة فقد الشيخ ولما أكمل بعد قراءة بحثه الماتع الفريد.وبغياب العلامة الجِهبذ بكر أبو زيد يفتقد المسلمون علماً من أعلام العلماء, وأحد أساطين المحققين , ونوادر المؤلفين ,وكما نعاه الشيخ أبو إسحاق الحويني " لقد دفن معه علم كثير" , ولكن تبقى كتبه المفيدة , ويبقى العلم الزكي الذي ورّثه , اللهم ارحم الشيخ بكر أبو زيد واجزه حير الجزاء كفاء ما قدم للإسلام والمسلمين.