الغلو فى الدين و سياسة ركوب موجة العلمانين
يعلم الله عز و جل أننى لا أحب تسليط الضوء على ما يبعثر جهود العمل الاسلامى أو يعمل على تفرقة صفه ، لكن هناك محطات فى طريق دعوتنا لا يجدر بنا أن نتركها و لا نتلفت إليها و لكن يجب ان نقف عندها و لو قليلا من باب نقد الذات الإسلامية و النصيحة لأحبائنا العاملين فى حقل الدعوة .
ظاهرة منتشرة جذبت انتباهى أنا و أخرين من المترددين على دور النشر الاسلامية ، و هى ظاهرة انتشار مؤلفات تحمل نفس الفكرة و فى بعض الاحيان نفس العنوان و تدور حول موضوع واحد و تعطيه اهتماما بالغ و تسلط عليه الضوء و كأنه مشكلة الزمان ، بالطبع علمتم أنى اتحدث عما يكتب و ينشر بكثافة ، عن موضوع حرمة الغلو فى الدين و التطرف و التشدد... إلخ من عناوين تحمل بين طياتها نفس الفكرة تكررها مررا و تكررا .
بالطبع هذا الموضوع من الخطورة بمكان و لا يجب إهماله إذا ظهر أو أنتشر ، و ما لفت نظرى هو العدد الهائل من المؤلفات فى هذا الموضوع ، و المدهش أكثر من ذلك أن الكتاب و المؤلفين لهذه الكتب ليسوا أبناء مدرسة فكرية واحدة أو جماعة واحدة ، و لكن أتحدت جهودهم هذه المرة فقط فى هذا الموضوع .. و لكن لماذا ؟؟
و الرد على هذا السؤال يتضح فى نقطتين :
1 – أنه من سياسة ركوب الموجة فى ساحة العمل الإسلامى ، نعم هو كذلك ، و تأمل معى حال التيار الإسلامى ... هو تيار لا خطة له و ليست له أهداف إستراتيجيه يسعى للوصول إليها و لكنه هو تيار يتحرك كرد فعل للأحداث و ليس كصانع للأحداث ، فعندما يكتب أحد قادة هذا التيار عن حرمة الغلو فى الدين أو ذم التطرف و التشدد ، إذن يجب على باقى قادة التيار أن يكتبوا فى نفس الموضوع كى يدفعوا عن أنفسهم تمهة التطرف و يبرءوا ساحتهم منها .
2 – أن هذه الكتب هى عبارة عن قربان يقدم من قبل التيار الاسلامى إلى النظام العلمانى الحاكم لنيل ثقة أكبر عنده لكى يتفضل هذا النظام و يمن بدوره على التيار بإعطاء مساحه أكبر له فى الإنتشار .
و هنا لنا عدة وقفات :-
أولا : إذن أين الخلل ؟؟
إن الناظر لهذه الكتب و الأسماء التى عليها يعلم أنها خرجت من مدارس التيار الإسلامى المنتشر و المسيطر على ساحة العمل الدعوى ، و هذا التيار هو التيار الذى يملك المساجد و المنابر و المحاضرات و المؤلفات ، و لا يوجد سواه فى ساحة الدعوة ، إذن عندما تكتب هذه الكتب بهذه الاعداد الضخمة عن فكر منحرف يدعو للغلو منتشر بين الشباب ، إذن أين الخلل و من أين جاء بعد أن فرضتم سيطرتكم على ساحة الدعوة ، أم أنه وهم تم تضخيمه ثم تم تصديقه !
ثانيا : نظرة إلى واقعنا المعاصر :
إن المتأمل فى حال المسلمين اليوم يعلم أنهم أصابهم – إلا من رحم الله – مصيبة البعد عن الدين و التدين و لم يعد صله لأغلبيتهم بالدين إلا عقد الإنتساب و المسميات فقط ،و أن هذه الكتب التى أنتشرت عن حرمة الغلو فى الدين من الممكن أن تجد لها صدى إذا كنا نعيش فى مجتمعات أنتشرت بها عقيدة الخوارج و الأزارقة و أصبح الناس يدينوا بها ، فالعاقل يعلم أن هذه الكتب ليس هذا زمانها و لا مكانها و لا نحتاج إليها فى واقعنا هذا نهائيا .
ثالثا : خطاب للعقلاء :
و الآن لنا سؤال عند إخواننا من عقلاء الصحوة الإسلامية ، بعد أن أكتظت المكاتب بهذا النوع من هذه الكتب من هو المستفيد و من هو المتضرر ؟
بإختصار أن المستفيد هم الصف الكافر من المنصرين و العلمانين الذين وفرنا نحن لهم الخنجر الذى يطعنون يه الإسلام عن طريق هذه النوعية من الكتب ( ماذا لو كانت هذه الأعداد من الكتب تتكلم عن الحضارة الأسلامية و عوامل النهوض بالمجتمع و تكوين الفرد المسلم ) ، و أيضا الحكومات العلمانية هى المستفيد الأساسى حيث تستطيع تبرير أى ضربة للتيار الإسلامى تحت اسم محاربة الأرهاب و التطرف و الغلو و تستعين بهذه الكتب كأدلة شرعية لها !!
و المتضرر الوحيد هو الصف الإسلامى كله عاقلهم و متطرفهم ، فكيف نعين بأقلامنا أهل الباطل و نعطيهم سلاحا يستخدمونه ضدنا كلنا فى النهاية ، كما تقول الحكم القديمة أكلت يوم أكل الثور الأبيض !
أخيرا : الأجدىوالأنفع :
إن الأجدى و الأنفع بدلا من نكتب عن الغلو فى الدين هو أن نكتب ما يوافق واقعنا و نكتب عن الغلو فى البعد عن الدين و نبدأ دعوة الناس و نذكرهم بعقيدتهم و نوضح لهم معالمها من ولاء و براء و ارتباط الشريعة بالعقيدة و أن الإسلام منهج حياة شامل كامل .... وفق الله دعاة الاسلام لما فيه الخير للأمة الإسلامية .
و الحمد لله رب العالمين .