تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: المقامة الجزائرية للأستاذ محمد بوسلامة

  1. #1

    Lightbulb المقامة الجزائرية للأستاذ محمد بوسلامة

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
    فهذه مقامة لطيفة للأستاذ محمد بوسلامة حفظه الله نشرت على جريدة الاصلاح الجزائرية العدد السادس ذو القعدة /ذو الحجة 1428 الموافق ل نوفمبر/ديسمبر 2007 م ارتايت أن أنسخها لجمالها أولا ولأهمية الاشارات التارسخية التي وردت فيها فهي بحق خير تعريف بمعالم العاصمة وتاريخها حيث تستوقف القارئ الكريم عند معالم عمرانية ومحطات تاريخية لم تزل بصماتها تعبر بحق عن أصالة مدينة الجزائر وعمق حضارتها حتى قلت فيها:

    شمس القلوب ونورها .. بل سرها وحنينها والراح

    فلتتفضلوها مشكورين وآسف على الاسترسال :

    المقامة الجزائرية
    حدث محمد بن علي قال: وقفت على أطلال السور1 وهي تروي قصة العهد المنصور وما بلغه أمراء تلك القصور من شأو حجز دونه القصور من مراتب عز الدنيا والدين من عهد بابا عروج وخير الدين الى أزمنة الدايات الآخرين وقد ذكرتني خرق على طول الصور باليه برايات الحرير العاليه التي زاد علوها الأعداء اذلالا وزادتها رياح الباب الجديد2 تيها ودلالا وقد أمالتها نخوة الشرف والسناء كما يميل الغنج التدلل الغادة الحسناء ففاض من ذلك التذكار دمعي ثم ضرب على بصري
    وسمعي فلم أشعر بما حولي ولم يكن ذلك من قوتي ولا من حولي ثم طغى التذكار فلازمني وأخرجني الخيال عن زمني فاذا أنا في مجلس السلطان وقد مثل3 بين يديه سفراء الأوطان وفيهم من الانجليز والمريكان والفرنسيس وقد جاءوا بكل غال ونفيس من أجل تأكيد العهود والسلامة في بحر الأسود فقبل منهم الداي4 وصرفهم في الحين وانقلبوا اذ أمنهم الى ملوكهم فرحين ثم خلت الساحة وتحول السلطان الى مجلس الأنس والراحة يصحبه الخزناجي والخليفة ومعهم شواش السقيفة ثم برزت جارية من الغرف تجل ذيول الترف عليها حلة سندسية وفي هيئة أندلسية قد ملئت حسنا كأن البدر أعارها طلعته حتى اذا اطمأن المقام أخذت في مطالع المقام على حالة لو رآها طرفة لأمسك عن قوله :
    نداماي بيض كالنجوم وقينة .. تروح علينا بين برد ومجسد
    رحيب قطاب الجيب منها رقيقة .. بجس الندامى بضة المتجرد
    اذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا .. على رسلها مطروقة لم تشدد
    اذا رجعت في صوتها خلت صوتها ... تجاوب أظآر على ربع ردي
    ثم طفقت تغني الداي وقد طابة عشيته بنغم وأتاي:
    سلي همومك في ذا العشية .. ما تدري باش ياتيك الصباح
    قوم اغتنم ساعة هنية .. والدنيا ما هي الا مزاح
    ولو درت ما جاء به الصباح5 لانقلب الغناء الى نحيب وصياح ولشغلها تعلم الرماية عن رمل الماية6 ولو درى ذلك الداي لأمرها أن تغير النغمة الى الموال6 الذي يذكر بمراثي البرامكة عند تغير الأحوال ولأمرها أن تغنيه :
    الاحكام مقضية .. حكم الاله محتوم
    صبر عما بيا .. والحزن ليس يدوم
    هذه هي الدنيا .. ترفع وتوضع قوم 7
    حتى اذا ذهب بي التذكار كل مذهب أذن مؤذن العصر فأخرجني من ذلك العصر فذهب عني ما قد عراني ثم صليت في المسجد البراني8
    ثم تاقت المهجه الى حاضرة البهجة9 فسلكت ((طريق العين المزوقة))10 الى المدينة المرونقه حيث القصور والدويرات والعيون الجاريات فسرحت الطرف في جمالها الذي تبقى وما ذهب منها أجمل وأرقى ولكن الذي حضر شاهد على ما غبر
    فذكرني جامع ((سيدي رمضان))11 بالفقيه الخطيب من فاق نفخه نفح كل طيب فارس المنابر وسيد القراطيس والمحابر صاحب المواعظ والفتاوى سيدي أبي يعلى الزواوي12 والذي اذا وعظ أبكي واذا طعن في نحور الغي كان أشد وأنكى فليت خطباء هذا الزمان الذاوي يقتدون بالفتى الزواوي الا أني قد دريت أنه لا ينفع شيئا ليت ثم نظرت من أعالي المدينة الى سفحها فقلت رحم من قال في مدحها :
    بلد أعارته الحمامة طوقها .. وكساه حلة ريشه الطاووس
    ثم أنشدت قولي فيها 13:
    ان الجزائر والتاريخ ينبئكم .. كانت بكل حلي العز تزدان
    كانت مكرمة في الخير ناعمة .. يسعى الى خيرها رجل وركبان
    فاسأل رباها وسل ان شئت ساحلها .. واسأل قصورا بها قد عز سلطان
    قد زادها ربها حسنا فكان لها ... في كل ناحية روض وبستان
    اذا ترنم مقنين 14بأيكته ... تمايلت طربا بالثمر أفنان
    تخال من تحت أن الشمس قد وجبت .. وان قطر الندى اذا سال شهبان
    قد أسدلت رقرقا في ظله نهر .. يجري فرات وحول النهر ريحان
    ثم نزهت الطرف في مناظر بديعه من شاطئ باب الوادي الى هضبة بوزريعه فاستعظمت تلك الغابات وما أودع الله فيها من أنواع النبات من الضرو والحلحال والكاليتوس وصابون العرايس والخياطة وعرق السوس والرند والشيح وحب الرشاد15 وغير ذلك مما لا يحصيه عداد مما يطبخ مع الطعام أو هو من عقاقير الأسقام وهنا ذكرت الطبيب الصيدلاني عبد الرزاق بن حمادوش الجزائري16 صاحب كتاب ((الرموز)) والتصانيف الحاوية للكنوز فقد كان في صناعة الطب ومنافع النبات ذا مهارة وعلم جم شهد له بذلك العرب والعجم فهلا اقتدى به من انتسب في هذا الزمن الى صناعة العقاقير وهو في هذا العلم فقير.
    ثم انحدرت من القصبة العلياء الى دار خداوج العمياء امرأة اجتمع فيها الدين والمال والحسب والجمال فمن حباه بمثلها الاله
    فلا تربت يداه ولا رجلاه ولها قصة يرويها الناس ومرآتها مشهورة عند أهل النحاس ثم تواردت علي الأحوال فأتبعت التجوال حتى وفقت ب((دار القاضي)) صاحب الحكم الماضي من جرى حكمه على كل انسان على نهج ((ان الله يأمر بالعدل والاحسن)) النحل :90
    وقد نقشت الآية في أعلى الدار يقرأها الناس لتأصيل هذا الأساس ولم يكن يقضي من تلك الأحكام الا من أتقن الفقه و((تحفة الأحكام))17
    ثم أتبعت المسير في تلك الأمكنة التي هي عندي أزمنة مترددا بين ((دار عزيزة))18 و((الدار الحمراء))19 وغيرهما من قصور الأمراء.
    فدعني من غرناطة وديارها ... وشنيل فالحسن انتهى في الجزائر
    وما تفضل الحمراء بيضاء غادة ... مقرطة بالبدر ذات غدائر20
    وانها لغادة ذات جمال الا أنها بدت في أسمال21 فليت أهل العمران الجديد أصحاب الاسمنت والحديد يبنون مثل هذه المباني التي تدل على حسن الذوق الباني الا أني دريت أنه لا ينفع شيئا ليت وكلما وقع بصري بمكان أذكرني بما كان ثم أخذتني المسيرة الى (( باب الجزيرة)) فوقفت عند (( الجامع الكبير)) جامع المرابطين سادة السلاطين بنوه منذ ألف سنة وهو من أياديهم الحسنة التي مازالت ترويها الألسنه الا ما كان من أمر المئذنة فانها من مآثر الزياني صاحب الفخامه وخبر بنائها مرقوم في الرخامه22 وقد آنس وحشته (( الجامع الجديد))23 اذ لا طارف بقي ولا تليد وكأنهما يتحادثان بما رماهما به الحدثان بعد العصور الراقيه والعصبة الواقيه فهل ترى لهم من باقية.
    ثم جذبتني جواذب الأشواق اذ وقفت في ذلك الرواق ذي الأبواب والأعمدة التي كانت في (( مسجد السيدة))24 فنقلني من زمني خاطر ناقل فدخلت مسجد ((باب البواقل))25 فاذا أنا في مجلس صاخب السمعة المأثورة والمكانة الرفيعة المشهوره العلامة سعيد قدوره وهو جالس في وقاره وحلمه وقد سالت بين السواري سيول علمه وقد أحاط به الطلاب زمر احاطة الهالة بالقمر يغرفون من بحر علومه ويرقون الى ذرى فهومه رجل أعزه الله وأيده فكان ((الباشا)) يقبل يده حتى اذا فارقني التذكار وانقضى خرجت من المسجد قائلا : ياحسرتا على ما مضى ثم هبت ريح شرقية من الناحية البحريه بذكرى الأساطيل العليه لدولة الجزائر وقد علاها كل ليث زائر26 على حالة لو رآها عمروا ابن كلثوم لاستحى أن يقول :
    ملأنا البحر حتى ضاق عنا .. ونحن البحر نملأه سفينا
    ثم حضر ذكر الريس الأبي حميدو بن علي27 الذي أعرض عن الخياطه وأقبل على الفرقاطه لعلو نفسه وشدة بأسه فكانت له عل الأعداء الصولة وأعز الله به الدوله وكم كان هنا من ربان سارت بأخباره الركبان .
    قال محمد بن علي : قد علمت أن الأسجاع لا تشبع من جاع وأن الكلام لا يبني القلاع وأن الجرح لا يندمل بالدمع المنهمل ولكنه شئ بهأشحذ العزائم وأوقظ النائم وهو قبس من نور لمن يهيم في ليل بهيم فاذا سلك الطريق فواها واها وان تنكب المحجة فآها آها فعسى أن نبعث مجدنا من رمسه وأن نربط يومنا بأمسه ولكل غارس جني غرسه
    ....... تمت ...
    1- وهو السور الذي كان يحيط بمدينة الجزائر ومازالت فيه بقية متصلة بدار السلطان من الناحية الشرقية في نهاية منحدر السوارج بالباب الجديد وقد انهارت منه بعض الصخور بسبب الامطار والاهمال قبل صدور هذا العدد بأيام فحرك فينا مشاعر الأسف فكانت هذه المقامة.
    2-وهو أحد أبواب مدينة الجزائر القديمة الخمسة التي هي أبواب للسور العظيم المحيط بها وهي : باب الجزيرة وباب الديوانة وباب عزون والباب الجديد وباب الوادي.
    3- مثل بضم المثلثة وفتحها أي انتصب قائما
    4- الداي لفظ تركي بمعنى ((الخال)) وما زالت بعض الأسر العريقة في الجزائر ينادون خالهم بلفظ ((ديدي)) وانما سمى الجند التركي أميرهم بذلك اشارة الى أنهم من أسرة واحدة
    5- المراد صباح ذلك اليوم الأسود الذي وطأت فيه أقدام الجيوش الفرنساوية مدينة الجزائر في أحداث اليمة سنة -1830 م- وربما أفردنا أحداث هذه الفاجعة الأليمة بمقال في غير هذا الركن – وقد مكث أهل الجزائر عبر أزمنة الاحتلال صابرين مجاهدين الى أن قيض الله للغزاة الظلمة فتية نوفمبر الأحرار الأبطال فعصفوا بالظلم زالظالمين وأخرجوهم عليهم الذلة والصغار فخفقت أعلام الدولة الجزائرية وفي ساحاتها العمومية كما خفقت أول مرة
    6- رمل المايه والموال من المقامات الموسيقية الأندلسية
    7- هذه الأبيات من قصيدة ((يا قلبي خل الحال .. يمشي على حالو))
    8- سمي بالباب ((البراني)) لأنه خارج قصبة السلطان
    9- من أسماء مدينة الجزائر
    10- عين من عيون مدينة الجزائر تقع في أعالي المدينة
    11- وهو من أقدم مساجد الجزائر بل قيل هو أقدمها
    12- من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين البارزين
    13-هي أبيات من القصيدة النونية وهي قصيدة طويلة أقول في مطلعها :
    حسن المظنة بالأيام خسران .... والسعي خلف سراب الدهر خذلان
    14- هو طير من أجمل طيور الجزائر وأحسنها صوتا وما زال من تقاليد أهل البلد الاعتناء بتربيته في بيوتهم
    15- هذه أنواع من النباتات منافعها معروفة عند العشابين
    16- هو الطبيب الصيدلاني والعشاب المشهور عبد الرزاق ابن محمد بن حمادوش ولد سنة 1108 هجرية وكان معاصرا لجلة من علماء الجزائر كابن عمار وابن علي والحسين الورتيلاني وله علم بالفلك والطرق البحرية واتجاه الرياح وله كتاب مشهور ب((رحلة ابن حمادوش)) ولم ينضبط عندي تاريخ وفاته الا أنه من المعمرين
    17- هي لابن أبي عاصم الأندلسي وهو كتاب في علم القضاء الاسلامي
    18-هي عزيزة باي بنت الخزناجي –رحمها الله- وقد ذكروا أن دارها المعروفة اليوم ب((دار عزيزة)) قد ملكها اياها زوجها بمناسبة زواجهما
    19- ماوال هذا القصر قائما الى يومنا هذا بجماله ورونق هندسته وهو قصر من قصور الداي حسين وهو قريب من موقف الحافلات بساحة الشهداء قبالة ((جامع علي بتشيني الطلياني)) رحمه الله وأما تسميتها ب((الدار الحمراء)) فلأنها كانت مطلية باللون الأحمر وقد بقي الى زماننا هذا قصور كثيرة سلمت من يد التدمير الفرنسي
    20-قائل هذه الأبيات هو الرحالة عبد الرحمن الجامعي
    21- الثوب البالي
    22- وهي رخامة لاصقة في الجدار الذي عن يمين الآخذ في الصعود الى المئذنة
    23- ويعرف أيضا ب((الجامع الحنفي)) وقد كان فيه جماعة من كبار علماء الجزائر وآخر عالم ولي الخطابة في هذا المسجد هو شيخنا الفقيه اللغوي المؤرخ محمد اليعقوبي الحسني الادريسي رحمه الله الذي عمر مائة عام وتوفى سنة 2006 م وكان المفتي أحمد خماني رحمه الله اذا نزلت نازلة لا يفتي الا بعد مراجعة الشيخ اليعقوبي ثم يطلب منه كتابة رأيه حدثني بهذا الشيخ اليعقوبي رحمه الله وممن تخرج من هذا المسجد من العلماء الشيخ العلامة المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي وهو في هذه الأيام حي-أمد الله في عمره- وقد بلغ مائة عام
    24- أجمل مساجد مدينة الجزائر المحروسة وسمي ب((مسجد السيدة)) نسبة الى بعض بنات ملوك صنهاجة وقد خدد بتناؤه في العهد التركي ثم هدم في السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي كما جرى ذلك على أكثر مساجد المدينة
    25- هذه تسمية (( الجامع الكبير))
    26- زائر : اسم فاعل من زئير وهو صوت الأسد تقول : زأر يزأر فهو زائر
    27- اشتهر باسم ((الريس حميدوا)) من أب وأم جزائريين ولد سنة 1770 م وتوفي سنة 1815 م في معركة بحرية في مواجهة الأسطول الأمريكي وقد حملت رايته الى أمريكا وهي محفوظة في بعض متاحفها وله أخبار كثيرة وقد اعتنى بدراسة حياته وذكر أخباره وشجاعته كثير من الباحثين الجزائريين وغيرهم
    29- فرقاطه –وهي في النطق بالقاف المعقودة وتسمع مثل الجيم المصرية- سفينة حربية وما زال استعمال هذه التسمية جاريا عندنا
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  2. #2

    افتراضي رد: المقامة الجزائرية للأستاذ محمد بوسلامة

    للرفع ...
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    الجزائر البيضاء
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: المقامة الجزائرية للأستاذ محمد بوسلامة

    أخي العاصمي بارك الله فيك.....

    رائعة جدا....

    و لا أخفيكم أخي....

    لما قرأتها في مجلة الإصلاح...كانت هي السبب الأول في كتابتي للمقامات....
    و الشيخ محمد بوسلامة ...مفخرة الجزائر....قد درس في شنقيط..و نهل من علومها...و هو على تواضع جم...و خلق كريم...و قد التقيته مرة مضى عليها بضع سنين و الله المستعان...
    و قد رحب بي و بصاحبي أيما ترحيب...
    حفظه الله و أسأله سبحانه أن يوفق جميع شيوخ و طلاب الجزائر لما فيه الخير...
    و أسأله مثل ذلك لسائر الدعاة و العلماء في أرجاء المعمورة ...
    فعلا....
    نحن بحاجة إلى دعاة أدباء...
    يكتبون لنا و يمتعوننا بالفوائد الأدبية و العلمية و التاريخية كما فعل شيخنا هنا أكرمه الله.
    بارك الله فيك أخي و جزاك الله كل خير....

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •