صحـوي حتى النخاع..(أمي) الصومالية..!
2009-06-19
بقلم د. محمد الحضيف
لم تتعلم هذه (الأم) على يد شيخ، ولم تدخل مدرسة.. لكنها تعرف الحلال والحرام. غرس الإسلام، كما جاء نقيا.. في قلبها، معايير (العدل والظلم) و (الحق والباطل). لو خلى الغرب بين هذا الاسلام، وبين الشعوب.. والعالم بأسره، لانتهت مشكلة القرصنة، ولما كان هناك قضية إسمها الإرهاب..!

قال القرصان :”لا أحد يقبل أن يأخذ مني مالا.. الكل يرفض. حتى أمي.. ترفض الصلاة في بيتي. تقول مالك حرام “.
هذا الحديث، كان جزءا من تقرير تلفزيوني، أذاعته قناة الجزيرة..عن حملة توعية، يقوم بها علماء دين ودعاة صوماليون في أوساط القراصنة، لتوضيح موقف الشريعة الإسلامية من عملياتهم، ولإقناعهم بوقف أعمال القرصنة.
“حتى أمي ترفض الصلاة في بيتي”.
كم نزلت هذه العبارة، ودوت في وجداني عميقا. تمنيت لو كانت لي حنجرة تسمع العالم كله، أو أن يمنحني الله سبحانه، (معجزة) ابراهيم عليه السلام، حينما أذن في الناس بالحج، فأسمع البشرية كلها. كنت سأقول :” أيها العالم (المتحضر).. العالم الذي يشن الحروب، ويقتل الناس، من أجل النفط.. في العراق، أو دارفور. العالم الذي ينهب جنوده الغزاة.. المتاحف، هاتوا لي (أما)..من عندكم، تقول لابنها الجندي :” آسفة.. لا أستطيع أن أقبل هديتك يابني. أنت أشتريتها بمال حصلت عليه، مقابل أن تقتل الناس، وتنهب خيراتهم”.
هذا (هوالإسلام)..تقدم ه لكم إمرأة صومالية مسلمة..!
أعلم أن هناك، من بين المسلمين، من قد (يبرر) أعمال القرصنة في الصومال، بصفتها أعمالا موجهة لدول (كافرة)، بعضها يحارب المسلمين. لكن الإسلام الجميل الناصع، الذي عبرت عنه الأم الصومالية.. لايمكن التحايل عليه..! لم تتعلم هذه (الأم) على يد شيخ، ولم تدخل مدرسة.. لكنها تعرف الحلال والحرام. غرس الإسلام، كما جاء نقيا.. في قلبها، معايير (العدل والظلم) و (الحق والباطل). لو خلى الغرب بين هذا الاسلام، وبين الشعوب.. والعالم بأسره، لانتهت مشكلة القرصنة، ولما كان هناك قضية إسمها الإرهاب..!
هذا هو الإسلام الذي (يطارده) حلف الناتو، وعملاؤه المحليون.. من غزة الى وادي سوات، ومن الصومال إلى الشيشان..فصنع من بعض مضطهديه، ومعذبيه، وضحاياه، (إرهابيين) و (قراصنة)..!
آآه.. كم يتوغل هذا الاسلام في قلبي ..حبا وجمالا. أنا ابن (الصحوة)، وعاشقها المتيم. أنا صناعتها ونتاجها، وهي بهجة قلبي..عشتها لعقد ونصف.. وما زلت، وهي لي.. أعذب حياة.
كأنما نعاس تغشاني..فصحوت على صوت (أمي) الصومالية، تعيدني للحقيقة. فأنا أعيد (إكتشاف) مواطن الجمال، وقيمة الإنسان ..بمعايير الحلال والحرام، كما تشربتها..حتى السويداء، في رحلة (عرفان) صحوية.
فأنا صحوي ..حد النخاع،
وشكرا أمي الصومالية.. عدت تلميذا في مدرسة الإسلام الجميل المدهش.. “فطرة الله التي فطر الناس عليها”.