ساركوزي وديكتاتورية الأغلبية
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
حركة ممنهحة في همز ولمز بل والطعن في الشريعة الإسلامية واحكامها السامية التي لا يرقى لكمال عدلها وعظمة أحكامها قوانين الأرض جميعاً، والأدوار تتوزع وفق الأوضاع العالمية فمن الرسوم المسيئة في الدنمارك إلى طعن بابا روما -أعلى سلطة كاثوليكية في العالم- في شخص سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم إلى هجمات النائب في البرلمان الهولندي خيرت فيلدرز على كتاب الله تعالى ثم الإستعراض الإعلامي بالأمس للرئيس الفرنسي أمام البرلمان الفرنسي وهو يعلن طعنه السافر في شريعة النقاب التي اختلف علماء المسلمين في وجوبها، لكنهم لم يختلفوا في شرعيتها واستحبابها، هذه التصريحات التي تستحق الإدانة من غير تحفظ من كل المؤسسات الدينية والرسمية في العالم العربي والإسلامي، ليس لكون ساركوزي رجلاً عَلمانيا يحبذحظر بعض الشعائر الإسلامية في بلد لا يؤمن لا بالله ولا باليوم الآخر.
بل لكونه تجاوز ذلك الى تحقير وتسفيه هذه الشعيرة، وهو تدخل علماني سافر في أحكام دينية لا تخوله صلاحياته الرئاسية وعقيدته العلمانية التدخل بها فكيف وقد تجاوز إلى الطعن في نساء شعب أفغانستان المسلم وهذا وربي يعتبر تدخل في شؤون الدول الأخرى حتى بالمفهوم العلماني الديموقراطي الغربي، وهذا ما يجعل موقف شيخ الأزهر الذي نقلته بعض وسائل الإعلام يثير الدهشة والإستغراب حين وصف تلك التصريحات أنها شان داخلي فهل وصف الرئيس ساركوزي للنقاب بأنه رمز لإذلال المراة واستعبادها ونفى كونه رمزاً دينياً هو شان داخلي أم تدخل سافر في أحكام الشريعة الإسلامية لاسيما أن شيخ الأزهر يعلم أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يرتدين النقاب وكثير من نساء الصحابة، بل لا تزال ترتديه كثير من نساء العالم الإسلامي ولاسيما بلاد الخليج باعتباره رمزاً للعفة والكرامة وليس لاستعباد المراة واذلالها.
إن سكوت علماء المسلمين ولاسيما مؤسساتهم الدينية الرسمية على هذه الإهانات العلمانية قد يشجع مزيد من الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية في الغرب للإستسرسال في تسفيه وتحقير وتشويه الأحكام الربانية، ويدفع المشرعين إلى سن مزيد من القوانين التي تضيق الجاليات الإسلامية في دينها وأخلاقها وسيدفع أبناء المسلمين وبناتهم في الغرب إلى استمراء هذه الإهانات وقَبولها، كما قد يدفع آخرين إلى أن ينحو نحو التطرف والغلو والعنف، قال تعالى: { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا } (الأحزاب:39)
أخوكم أبو عبادة فواز جنيد
إدارة الدعوة والإفتاء
مركز شيخ الإسلام ابن تيمية
لاهاي – هولندا
الثلاثاء 23 يونيو 2009