يقول الطنطاوي رحمه الله في الذكريات (1/72) :
" حادثة طريفة
ولما جاءنا الشريف فيصل كثر الواردون من الحجاز من علماء وغير علماء،
وهذه حادثة طريفة إذا لم تجدوا في روايتها نفعاً، فإنكم واجدون في ذلك متعة.
هي أن الشريف فيصل نزل في دار عثمان باشا، وهي الدار التي اشترتها فيما بعد السفارة الفرنسية، وسكنتها، وهي في محلة (العفيف) أول حي المهاجرين، ونزلت حاشيته الدور المجاورة لها. وكان لعمي الشيخ عبد القادر دار كبيرة جدا بها براني وجواني (اقرأ وصفها في كتابي : من حديث النفس) فاستأجروا برانيها.
وكنت أمشي يوما في الحرم في مكة أول سكني بها (وذلك سنة 1384) ولم يكن قد تم بناؤه، فسمعت صوتا يناديني فالتفتُّ فإذا أنا بشيخ له سمت وهيئة، مع جماعة يتبعونه، فوقفت له حتى وصل.
قال : أنت الشيخ علي ؟
قلت نعم.
فهش لي، ورحب بي، وسلّم عليّ، وانطلق يسائلني.
فقال : ابن الشيخ مصطفى ؟
قلت : نعم.
قال : كيف حاله ؟
فدهشت، وقلت : رحمه الله.
قال : متى ؟
قلت : في شعبان سنة 1343 أي من أربعين سنة !!
قال : رحمه الله، رحمه الله. وعمك الشيخ عبد القادر ؟
قلت : توفي من عشرين سنة.
قال : وأخوه ؟ وفلان وفلان ؟
يسأل عن ناس مرت على موت أقربهم وفاة عشرون سنة.
قلت : يا سيدي، من أنت ؟ هل أنت من بقايا أهل الكهف !!
فإذا به الشيخ حسن فدعق رحمه الله، وكان (كما تذكرت بعد) إماما للشريف فيصل، استأجر براني بيت عمي، وعرفنا ونحن صغار، رحمهم الله جميعاً." اهـ