الحمد لله على الائه والصلاة والسلام على صفوة انبيائه
وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان
وسلك طريقهم الى يوم الدين
وبعد
هذا الموضوع قد دعت اليه عوامل والحت عليه
امور وحركته كوامن فهو نتاج استجابه فطريه
لما يتردد ويشاع فى المجالس والمنتديات والجامعات
والمساجد 0
وهذا الموضوع فرض نفسه وبقوه على الواقع المعاصر
بالتالى فقد استحوذ على عقل كل من يعمل
فى الحقل الدينى بل على عقل العامى والجاهل
وهذا الفرض ازعج الغيورين واقلق المهتمين بامر
صفاء الفكره ونقائها والحفاظ عليها بعيدا
عن كل تشويش وافتعال او تكلف او اقتتال
وبحث اهل الاختصاص للمشكله عن مخرج لتبقى
الامور كما كانت صافيه ممتده واصله
بين اطر الزمن وعمق المكان وبرزت فى الافق
معالجات مجديه من شانها ان تجيب كل سائل
وترد الى الصواب كل حائر تستشعر فيها صدق الرغبه
ومدى الحرص على راب الصدع
وجمع الشمل وتوحيد الكلمه والفكره
(ولكن اى صف واى جمع شمل فهل نجمع الرافضى
مع الخارجى مع العلمانى مع المعتزلى فى سله واحده)
كما يقول البعض بحسن قصد او سوء قصد
(فلنتعاون فيما اتفقنا عليه
وليعذر بعضا بعضا فيما اختلفنا فيه)
نعم هذا القول حق اذا كان الخلاف بينا اختلاف تنوع
كما كان يحدث بين الائمه
اما اذا كان الخلاف خلاف تضاد فهذا القول
حق يراد به باطل وتمييع الدين
===
اذا لابد لنا من ضوابط للاختلاف
لتكون السنه هى الحكم ---
فتعرض الاقوال عليها وتوزن الاراء بميزنها
وتضبط الاختلافات بضوابطها
فالاحتكام الى السنه من اساسيات الاسلام وقواعده
قال تعالى
(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ
يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تسليما)
النساء 65
(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به
ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه
الذين يستبطونه منهم ) النساء 83
كما ان مطلوب السنه الوفاق ورد المختلف فيه
اليها بعد القران
وامر الناس فى صلاح ما داموا يحتكمون الى سنة
نبيهم صلى الله عليه وسلم فان هم خرجوا عنها
هلكوا وضلوا 0
ومن بديع تشبيه قال الامام مالك بن انس
(السنن سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق )
قال الامام احمد
(من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
فهو على شفا هلكه )
وقال له احد اصحابه ظهرت البدع
(فقال فمن لم يكن عنده حديث وقع فيها )
---------
اولا --- حقيقة الخلاف والاختلاف والصله بينهما
الخلاف بمعنى ان يجى شى بعد شى يقوم مقامه
بمعنى خلاف قدام وبمعنى التغيير
وبمعنى المخالفه لقوله تعالى
( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله )التوبه 81
وفى لسان العرب الخلاف المضاده وفى قوله تعالى
... «وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه». هود 88
اذا الخلاف عكس الاتفاق والاتحاد والاستواء ومثال
وخالفه فى كذا سلك طريقا اخر غير طريقه
2- الاختلاف بمعنى عدم الاستواء ومنه فى صحيح مسلم
(استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)
وبمعنى عدم الموافقه بين الشيئين
ويستعمل عند المقارنه غالبا
فى الاصطلاح قال الاصفهانى
(والاختلاف والمخالفه ان ياخذ كل واحد طريقا
غير طريق الاخر فى حاله او قوله )
قال الجوهرى
(والخلاف اعم من الضد لان كل ضدين مختلفان
وليس كل مختلفين ضدين لما كان الاختلاف بين
الناس فى القول قد يقتضى التنازع استعير ذلك
للمنازعه والمجادله )
قال شيخ الاسلام بن تيميه
(ولفظ الاختلاف فى القران يراد به التضاد
والتعارض ولا يراد به مجرد التماثل )
(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه أختلافاً كثيراً )النساء 82
(ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ) البقره 253
3-- الصله بين الخلاف والاختلاف
عند المتقدمين لا يوجد فرق بين الخلاف والاختلاف
وقد يقال احدهما قائم على دليل والاخر ليس كذلك
ويرى البعض ضرورة الفصل بين الخلاف والاختلاف
وعدم الخلط بينهما وان من خواص الاختلاف
التفاعل ومن خواص الخلاف التصارع
---
ثانيا -- اسباب الخلاف والاختلاف بين الناس
1--ان الاختلاف الواقع فى احوال الناس وملكاتهم
وخصائصهم والوانهم وطرائق تفكيرهم
مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى وايه من اياته قال تعالى
(ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف
ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين )
وان تتبع الاسباب واستقصائها صعب وقد لا يتيسر
نظرا لتدخلها وكثرتها ومنها
2-- اختلاف الميزان اله تقدير الاشياء والحكم عليها
فالمؤمن صاحب العقيده ينظر اشياء ويقدرها بخلاف غيره
ومثال بسيط اسال عن سبب الانحطاط الذى فيه الناس
بدون شك سوف تجد الاجابه تختلف بحسب
منهج هذا الشخص 0
سئل عمر بن الخطاب رضى الله عنه اتوشك القرى
ان تخرب وهى عامره
(قال نعم اذ علا فجارها على ابرارها)
فهذه الاجابه مستنده من رصيد من ميراث النبوه
ذلك انه لما انتاب النبى شى من القلق والفزع
قال (ويل للعرب من شر قد اقترب)قالت ام المؤمنين
(انهلك وفينا الصالحون )قال نعم اذا كثر الخبث
3-- اتباع الهوى
ومن الهوى السقوط من مكان مرتفع لانه يهوى
بصاحبه فى الدنيا الى كل داهيه
وفى الاخره الى الهاويه
فليس الذى يثير النزاع هو اختلاف وجهات النظر
انما هو الهوى الذى يجعل كل صاحب
وجهه يصر عليها مهما تبين له وجه الحق فى غيرها
قال ابن عباس رضى الله عنهما
(ما ذكر الله هوى فى القران الا ذمه )
4-- تحكيم الرجال وايثارهم على الحق والغلو فى
المذهب او الجماعه او التعصب للجنس
او التراب وهو امر ضل بسببه افراد وزل به اقوام
خرجوا عن حد الاعتدال
حتى ان سلطة الافكار تكتسب قداسه بمرور الوقت
(ومن هنا رفض الاسلام كل انواع العصبيات)
5--الاعجاب بالنفس
ورفع السعر وادعاء المرء لنفسه منزله يستعلى
بها على الاخرين كما فعل ابليس
( أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً )
وكما فعل اليهود والنصارى
( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه )
6-- غياب البعد الايمانى
والادراك السليم لما جاء به الرسل الكرام
7--الغفله عن العواقب المترتبه على الاختلاف والفرقه
انه يؤدى الى التمزق والتحزب والفشل الى الهلاك
قال تعالى
(ولا تكونوا كالذين افترقواو اختلفوا من بعد ما جاءهم
البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )
8-- حب الدنيا وطلب الرئاسه
9-- عدم التعقل فالعقل قوه ضابطه لعواطف
المرء كابحه لنزواته
10--اهمال نصوص الشرع قال تعالى
(فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة
والبغضاء إلى يوم القيامة )
11 --تحقيق مشيئة الله وقدره قال تعالى
(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون
مختلفين إلا من رحم ربك )
وذكر صاحب الموافقات الامام الشاطبى
(ان الاختلاف لا مدخل للفرد فيه ولا كسب )
وقال شيخ الاسلام ابن تيميه
\\بل الاختلاف كسبى بتحصيل اسبابه واتيان مقدماته \\
---------
الاخوه والاخوات الكرام
بهذا الاسباب ودراستها والتعمق فيها يمكن نتدارك ها ونحذر الوقوع فيها وكما قلت
فى اول الموضوع لابد لضوابط للاختلاف
واقتراح ان يكون باقى الموضوع عن طريق الحوار
ولكن من يدخل يتكلم عن هذه الضوابط
ويكون الحكم هو السنه ليس زبالة العقول
واراء الرجال فقد عصفت على القلوب هذه
الاهواء فاطفات مصابيحها وتمكنت منها اراء الرجال
فاغلقت ابوابها واضاعت مفاتيحها
وران عليها كسبها فلم تجد حقائق القران والسنه
اليها منفذا كما قال شيخ الاسلام بن القيم
قال شيخ الاسلام ابن القيم
(والله انها فتنه اعمت القلوب عن مواقع رشدها
وحيرت العقول عن طرائق قصدها
يربى فيها الصغير ويهرم فيها الكبير )
ضوابط الاختلاف للحوار
1-- التسليم للائمه المجتهدون فيما اجمعوا عليه
2-- ترك الانكار فى المسائل الخلافيه (المعتبره )
3-- ان يكون المعتبر اثبات الاختلاف دون الاحتجاج به
4-- العلم باختلاف العلماء
5-- الاتفاق على اصل يكون بينهما
6-- تقدير حاجة الناس الى تغير الفتوى
7-- اعتبار المصالح
يتبع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته