بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
بيان الوهم الحاصل في تعيين: أوس بن خالد.

لقد حصل خلط عند الرواة في تحديده وتعيينه، ووهموا فيه، أخطأ من أخطأ منهم، وأصاب من أصاب.

ولقد حيرني فعلا هذا الالتباس عندهم مما جعلني أقف مع هذا الراوي وقفة تمحيص وتحليل وسبر وتدقيق، فخرجت بهذه الحصيلة المباركة إن شاء الله تعالى.

فأقول وبالله التوفيق:
إن بداية وقوفي على هذا الاضطراب هي عندما أوقفني أحد الأحبة الأخيار على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في أصناف الناس في الحشر يوم القيامة. والذي يرويه عنه (أوس بن خالد).

و (أوس بن خالد) هذا هو على الصواب والصحيح: أوس بن خالد، أبو خالد، حجازي. وهو أيضا: أوس بن أبي أوس، فخالد أبوه هو من يقال له: أبو أوس.
سمع من: أبي هريرة، وأبي محذورة، وسمرة، ولا يعرف له سماع من غيرهم.
وروى عنه: علي بن زيد بن جدعان، ولا يعرف له راو عنه غيره.

وهو مجهول الحال غير معروف، وأورده البخاري في (الضعفاء الصغير) وقال: عامة ما يرويه في سمرة مرسل، وفي إسناده كلام. قال: لأن أوسا هذا لا يروي عنه إلا علي بن زيد، وعلي فيه بعض النظر.
قال ابن القطان: أوس مجهول الحال، له عن أبي هريرة ثلاثة أحاديث منكرة وليس له كبير شي.

قال الخطيب: أوس بن أبي أوس؛ قال أبو حفص: هو أوس بن خالد. وأبو حفص هو: عمرو بن علي الصيرفي البصري.
وعده ابن حبان من الثقات، وما أظنه إلا واهما رحمه الله به بأوس بن عبد الله الربعي، وسيأتي وجه توهمه رحمه الله بعد.

لكن من الرواة وأهل العلم من كناه بأبي الجوزاء، ولعله اشتبه عليه بأوس بن عبد الله الربعي، وسيأتي وصفه إن شاء الله تعالى.
فقد قال ابن أبي شيبة في (المصنف) بعد أن روى له حديثا من طريق علي بن زيد؛ قال: حدثنا أبو الجوزاء أوس بن خالد.
فلذلك حصل الوهم عند ابن حبان رحمه الله حيث قال في (الثقات) عند نسبته لأبي الجوزاء: أبو الجوزاء؛ أوس بن عبد الله بن خالد.

قلت: فمن هنا حصل الخلط بين الأوسين عند بعض من تابع ابن أبي شيبة وابن حبان، كابن معين في (تاريخه) فقد قال: أبو الجوزاء؛ أوس بن خالد.
وقد التمس الحافظ ابن حجر مخرجا لهذا فقال: فيجوز أن يكون ابن جدعان نسبه إلى جده والله أعلم، ولكن قال البخاري في (الضعفاء): أوس بن خالد، سمع أبا محذورة وسمرة وأبا هريرة، وعنه علي بن جدعان.

قلت: فكأنه يشير رحمه الله إلى ضعف النسبة الثانية وتقوية نسبة البخاري. والتي هي الصواب. فلذلك قال هو في (التقريب): وقيل إنه أبو الجوزاء؛ فإن صح فلعل له كنيتين.

وأما بالنسبة (لأوس بن عبد الله الربعي) الثقة المعروف، فإن أول من وهم في تعيينه ونسبته هو: (عمرو بن مالك النكري) حيث قال في نسبته: أوس بن خالد الربعي. كما ذكر ذلك الإمام أحمد في (الأسامي والكنى)، وابن سعد في (الطبقات)، والفسوي في (المعرفة والتاريخ) ولكنه تصحف عنده فلتصحح نسخكم؛ فإنه أتى عنده هكذا: (يونس بن جابر الربعي) فتنبه لهذا التصحيف.

فلذلك تنبه الإمام البخاري رحمه إلى هذا الوهم من عمرو بن مالك؛ فروى في (خلق أفعال العباد) قال:
حدثنا محمد بن موسى القطان، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأ سعيد بن زيد، حدثنا عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت فجهر بالدعاء فجعل يقول: "يا الله يا رحمن" فسمعته أهل مكة فأقبلوا عليه، فأنزل الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى..} إلى آخر الآية.

ومثله الإمام الدارمي في (السنن) حيث روى بسنده إلى مالك قال: ... ثنا عمرو بن مالك النكري، حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله.

بل أن ابن أبي شيبة رحمه الله في (المصنف) قد نسب أبو الجوزاء على الصواب فقال: أبو الجوزاء اسمه أوس بن عبد الله بن الربعي.

وقد تنبه الكلاباذي رحمه الله تعالى في (رجال البخاري) إلى وهم وتفرد عمرو بن مالك في نسبته، والكلاباذي متقدم الوفاة، حيث قال: أوس بن عبد الله، وقال عمرو بن مالك البكري: أوس بن خالد، ذكره ابن سعد.
قلت: وكأنه يستغربها رحمه الله.

والأئمة والرواة جميعهم ينسبون أبا الجوزاء المعروف أنه: (أوس بن عبد الله الربعي). فتأمل
فلذلك قال ابن عدي في (الكامل) في رواية عمرو بن مالك عن أوس: والنكري ضعيف عنده _ يعني البخاري _، حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة.

هذا باختصار إلماحة إلى ما قد يزيل اللبس الذي قد يقع عند البعض ممن تعرض أو سيتعرض لمثل هذه الحالة.

والله تعالى أعلم