بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يا آل الوهيبي إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط. لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبروا ولتحتسبوا.
أسأل الله أن يغفر للشيخ عبد العزيز مغفرة من عنده، ويرحمه رحمة يغنيه بها عن رحمة من سواه، وأن يرفع درجته في المهديين ويخلفه في عقبه في الغابرين ويغفر لنا وله يوم الدين.
الذين يموتون على مدار الساعة لا يحصون عدا، ولكن الذين ترتج لموتهم الأرض بما خلفوا من آثار صالحة قليل، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
يا آل الوهيبي إن مصابكم جلل ولكنه قدر الله الذي لا مفر منه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا آل الوهيبي مصابكم مصاب جميع من عرف الشيخ عن قرب فأحسنوا الظن بربكم فإن الناس شهداء الله في أرضه وكم هم شهود الشيخ الذي يشهدون له بالصدق والأمانة وقول كلمة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نحسبه جمع هذه الصفات وغيرها ولا نزكي على الله أحدا.
عزاؤنا في الشيخ-رحمه الله- أنه قدم على رب رحيم أرحم به من الوالدة بولدها وهو الذي اختار له هذا المصاب. فما رحمة الخلق أجمعين بجانب رحمة رب العالمين!!!
عزاؤنا في الشيخ- بعد رحمة أرحم الراحمين- أعمال خيرة وألسنة داعية خلفها وراءه والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) يس 12.
يا آل الوهيبي إن هذه الدنيا الملعونة شرعا لم تكن يوما من الأيام مطمعا لأمثال الشيخ عبد العزيز فنرجو أن ما عند الله خير للشيخ من هذه الدنيا بأجمعها. فعلام الأسف!!!
يا آل الوهيبي-آجركم الله في مصابكم- أعلم وتعلمون أن النائحة الثكلى ليست كالمستأجرة وأن ما تقاسونه ليس كما يقاسيه غيركم، ولكنه قدر الله الذي كتبه قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{22} لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{23}) الحديد. (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ) يونس 49.
هل يتعظ من لا يزال سادرا في غيه ولهوه بمصارع الغابرين، ويتفكر في موت الصالحين الذين تهتز الدنيا لموتهم فيحاول أن ينضم إلى ركبهم فيفوز في الدارين (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97.
هل يرضى العاقل أن يموت على فراشه كما تموت البهائم هائما في دنياه ناسيا مولاه لا يعرفه إلا أهله!! أم أن اللائق به أن يسعى في مرضاة ربه ويبذل جهده في طاعته ما استطاع حتى يعليه الله في الدنيا والآخرة ويضع له القبول في الأرض ويحبه أهل السماء ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض و إذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض). *
نحسب الشيخ عبد العزيز رحمه الله من هذا الصنف ولا نزكي على أحدا.
أخيرا......أذكر بقول الإمام أحمد رحمه الله: "قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز". فستكون جنازة الشيخ عبد العزيز واعظا لكل مخالف ومظهرة لفضل أمثاله عند الناس (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُو نَ) المطففين 26.
أسأل الله أن يغفر للشيخ ذنوبه وخطاياه وأن يعلي درجاته وأن يخلف عليه وعلى أهله بخير وأن يشفى مصابهم ويجبر كسرهم إن ربي رؤوف رحيم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والســــلام