الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه من اهتدى بهداه
قال فضيلة الشيخ أحمد الألفي في تعقبه المتواني على سلسة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني (( حديث (( جـاء رجــل من بنى سلمة ، فقال : يا رسول الله ! أبقى من بر أبوى شئُُ أبرهما به من بعد موتهما ؟ ، قال : نعم . الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإيفاءُُ بعهودهما من بعد موتهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التى لا توصل إلا بهما )) .
أخرجه ابن أبى شيبة (( المصنف )) ، وأحمد (3/497) ، والبخارى (( الأدب المفرد )) (35) ، وأبــو داود (5142) ، وابن ماجه (3664) ، والرويـانى (( مسنده ))(1460) ، وابن حبـان كما فى (( موارد الظمآن ))(2030) ، والطبرانى (( الكبير ))(19/267/592) و(( الأوسـط ))(8/65/7976) ، والـحاكم (4/154) ، والبيهقى (( الكبرى ))(4/28) و(( شعب الإيمان ))(6/199/7896) ، والخطيب (( موضـح الأوهام ))(1/77) ، والمزى (( تهذيب الكمال ))(21/56) جميعاً من طريــق أسـيد بن على بن عبيد عـن أبيه مولى أبى أســيد عن أبى أسيد الساعدى به .
قــلت : هذا الحديث إسناده حسن ، رجاله ثقات كلهم غير على بن عبيد مولى أبى أسيد الساعدى ، وقد وثقه ابن حبان وصحح حديثه .
وقال الحافظ فى (( التقريب ))(2/41) : (( مقبول )) .
وأما الحافظ الذهبى ، فقد قال فى (( الميزان )) : (( لا يعرف )) .
والقاعدة عنده فيمن (( لا يعرف )) ما قرره فى (( ديوان الضعفاء )) بقوله : (( وأما المجهولون من الرواة ، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديـثه وتلقى بحسن الظن ، إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ )) اهـ .
وعلى بن عبيد مولى أبى أسيد الساعدى ، من أوساط التابعين إن لم يكن من كبارهم ، فحديثه متلقى بالقبول عند الحافظ الذهبى ، ولهذا لما قال الحاكم : (( صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ، أقره الذهبى ، وقال : (( صحيـح )) .
وأما الألبانى ، فقد قال فى (( سلسلته الضعيفة ))(2/62) : (( هذا إسناد ضعيف ، رجاله ثقات كلهم غير على مولى أبى أسيد ، لم يوثقه غير ابن حبان ، ولم يرو عنه غير ابنه أسيد ولهذا قال الذهبى : (( لا يعرف )) ، وقال الحافظ : (( مقبـول )) اهـ .
قــلت : فهلا ذكر قاعدة الذهبى فيمن لا يعرف كما أسلفنا بيانها ! . والشيخ هاهنا لا يعتد بتوثيق ابن حبان ، ولكنه يعكس القضية بعينها فى (( صحيحته )) ، حيث لا يجد مستنداً لتقوية حال الراوى إلا توثيق ابن حبان وحده !! .
فقد خرّج فى (( صحيحته ))(رقم 365) : حديث (( احضروا الذكر ، وادنوا من الإمام ، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر فى الجنَّة ، وإن دخلها )) .
أخـرجه أحمد (5/11) ، وأبو داود (1198) ، والحاكم (1/298) ، والبيهقى (3/238) جميعاً من طريق قتادة عن يحيى بن مالك أبى أيوب العتكى عن سمرة بن جندب مرفوعاً .
قال الألبانى : (( ويحيى بن مالك هذا ، قد أغفله كل من صنف فى رجال الكتب الستة فيما علمنا ، فليس هو فى (( التهذيب )) ، ولا فى (( التقريب )) ، ولا فى (( التذهيب )) .
نعم . ترجمه ابن أبى حاتم فقال (4/2/190) : (( يحيى بن مالك ، أبو أيوب الأزدى العتكى البصرى المراغى ، روى عن : عبد الله بن عمر ، وأبى هريرة ، وابن عباس ، وسمرة بن جندب ، وجويرية . روى عنه : قتادة ، وأبو عمران الجونى ، وعبد الحميد بن واصل )) . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وأورده ابن حبان فى (( الثقات )) .
فمثله حسن الحديث ، إن شاء الله لتابعيته ، ورواية جماعة من الثقات عنه ، مع تصحيح الحاكم والذهبى لحديثه )) اهـ .
قـلت : فإذن يحيى بن مالك الأزدى العتكى المراغى ، أبو أيوب البصرى ، كما انتهى إليه علم الشيخ ، لم يوثقه إلا ابن حبان ، ولم يذكر فيه غيره جرحاً ولا تعديلاً ، فلم حسّن حديثه ، والحال كذلك استناداً على توثيق ابن حبان إياه ، وأين العمل بقاعدته التى يذكـرها فى مثل هذا : (( توثيق ابن حبانٍ لا يُعتمد لأنه متساهل )) !!))
هنا يحاول فضيلة الشيخ الألفي إظهار الشيخ الألباني في صورة المتناقض لأنه يقبل توثيق ابن حبان في مكان ويرده في آخر
فقد رده في ((على بن عبيد مولى أبى أسيد الساعدى )) وقبله في (( يحيى بن مالك ))
والحق أن الشيخ لم يتناقض فالشيخ يقبل حديث من وثقه ابن حبان بشرطين
الأول ألا يوجد في حديثه ما ينكر
الثاني ان يروي عنه جمع من الثقات
ذكر ذلك في تمام المنة وكرره في صحيح موارد الظمآن
وكما ترى الشرط الثاني تخلف في حالة علي بن عبيد فلم يروِ عنه غير واحد بخلاف يحيى بن مالك الذي روى عنه جماعة من الثقات
هذا وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم