تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل نحن الفرقة الناجية؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    امريكا
    المشاركات
    168

    افتراضي هل نحن الفرقة الناجية؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري

    يقول المولى تبارك وتعالى في سورة الأنفال 25

    وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةً۬ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةً۬*ۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ


    روى الامام الترمذي وابن ماجة وابو داوود رحمهم الله عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال:انّ اليهود افترقت على احدة وسبعين فرقة, والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة, وأنّ هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة, كلها في النار الا واحدة, قالوا فمن هي يا رسول الله: قال عليه الصلاة والسلام:

    ما أنا عليه وأصحابي



    وروى الامام البخاري رحمه الله عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال طائقة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرين

    وفي الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد, أي غير مقبول ومردود على صاحبه

    وفي رواية لمسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم الذين يقتلون أهل الاسلام ويتركون أهل الاوثانو ويكفرون الصحابة, فقال في وصفهم: هم قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم, يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية, فاذا لقيتموهم فاقتلوهم, فانّ في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة

    وقد أجمع أهل العلم على أنهم الخوارج الذي تبعوا عبد الله بن سبأ فقتلوا عثمان وخرجوا على علي وقتلوا الزبير بن العوام رضي الله عنهم ظلما وعدواناً, و وكفَّروا الصحابة وتقوّلوا عليهم بما لا يليق بهم , وقد امتدحهم الله عزوجل في كتابه الكريم بقوله تعالى في آية كريمة ختم بهاسورة الفتح : محمد رسول الله, والذين معه, أشداءُ على الكفار رحماءُ بينهم , تراهم رُكّعاً سُجّدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً, سيماهم في وجوههم من آثر السجود

    والسؤال الذي يتبادر الى الذهن ما الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟ هل هذه الطائفة موجودة الآن؟ وان كانت موجودة فما هو منهجها؟ وأين مكانها؟ وهل لها امام يقودها بكتاب الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما الذي سنأتي على ذكره لاحقا؟

    أيها الأخوة والأخوات الأفاضل, سنجيب على كل هذه التساؤلات باختصار كي نستوعب ما نقرأ وندرك انفسنا في الانتماء للفرقة الناجية سائلين المولى عزوجل أن يكتبنا منها برحمته تعالى.

    سأذكر البنود الأساسية لمنهج الفرقة الناجية, ومن خلالها سيدرك كل منا ان كان ينتمي اليها أم لا, فان كان منها فليحمد الله عزوجل ولتابع سيره على ما هو عليه فانه والله على الحق, وان يجد نفسه بعيدا عنها بعد المشرقين فليحاول اعادة جدولة حياته من جديد مع وضع يده على بنود الخلل فيه قبل أن يدركه الموت , فالتوبة مقبولة ما لم تغرغر النفس أو تشرق الشمس من الغرب, والسعيد من اعتبر واتعظ وعمل الى ما بعد الموت.

    أولا: منهج الفرقة الناجية هو المنعج الذي كان ينتعجه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

    * ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كان يعتمد على اتباع القرآن الكريم, يحللون حلاله ويحرمون حرامه ويقيمون حدوده, ويتمسكون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم المبينة الشارحة المفسرة لكتاب الله عزوجل ذلك أن السنة هي الوحي الثاني كما في قوله تعالى في سورة النحل 44: وأنزلنا اليك الذكر لتُبيّنَ للناسِ ما نُزّلَ اليهم

    وقوله تعالى في مستهل سورة النجم 3-4: وما ينطقُ عنِ الهوى * انْ هوَ الاَّ وحْيٌ يُوْحى

    * هؤلاء ساروا على الايمان بالله عزوجل الها واحدا لا شريك له, فصرفوا جميع أنواع العبادة من الاعتقادات والأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة اليه وحده سبحانه وتعالى.

    * الايمان بأسماءه الحسنى وصفاته العلا كما وصف الله عزوجل نفسه في كتابه الكريم, ووصفه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل (تحريف أو تبديل) بل اثبات تلك الصفات لله عزوجل على اساس قوله تعالى في سورة الشورى 11: ليس كمثله شيءٌ وهو السميعُ البصير

    وحكموا بما أنزل الله عزوجل, فقطعوا يد السارق والسارقة امتثالا لقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كَسَبا نَكالاً

    وأقاموا الحدود على الزناة اما بالرجم حتى الموت للزناة المحصنين أو من سبق لهم الزواج ولو حتى مرة واحدة , حتى وان كانوا مطلقين أو أرامل , والجلد والنفي بتغريب عام عن مكان اقامتهم لمدة عام حدا وتعزيرا, والجلد لشراب الخمر حدا وتعزيراً.

    * وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر لا يخافون في هذا في الله لومة لائم, وما كنت تسمع من أحدهم عبارة وأنا مالي , ذلك أنّ قضيىة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل مسلم ومسلمة بالغين, , كما في قوله تعالى آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم في سورة يوسف 108: قل هذه سبيلي أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين

    وقوله تعالى في سورة النحل 125: ادعُ الى سبيلِ ربّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلْهُمْ بالتي هيَ أحسن, انّ ربّكَ هو أعلم بمَنْ ضلّ عن سبيلهِ وهوَ ألعلمُ بالمهتدين

    فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ضوء هاتين الايتين: العلم أولا ثم الحكمة, والدعوة على هذا المنهج تعمُّ المسلمين جميعا كلٌّ بقدر استطاعته وفي المجال المختص به, لا يكلف الله نفسا الا وسعها, وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: : دعوني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم

    وقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: من رأى منكرا فليُغيّرهُ بيدهِ, فان لم يستطعْ فبلسانهِ, فانْ لمْ يستطع فبقلبه وذلك أضعفُ الايمان

    ومن هذا الحديث نستخلص أنّ التغيير باليد يكون بيد الحاكم, وباللسان لكل مسلم ومسلمة, فمن لم يستطع فيلزمه كراهة هذا المنكر بقلبه وهذا أضعف الايمان,

    * والجهاد في سبيل الله تعالى لنشر هذا الدين العظيم وانقاذ العباد من عبادة العباد الى عبادة رب العباد كما في قوله تعالى في سورة فصلت: ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال قال اني من المسلمين

    عكذا علينا أن نتخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم الموافقة للقرآن الكريم , وليس صعبا ولا مستحيلا تحقفيق ذلك طالنا الصحابة رضي الله عنهم انتهجوه وهم ليسوا أنبياء, لأجل هذا نجدهم وقد استحقوا مدح الله عزوجل لهم : رضي الله عنهم ورضوا عنه.

    هذه هو منهج اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى هذا المنهج سارت الفرقة الناجية, ومن خلال ما تقدّم هل تجد نفسك منها؟

    انّ مكان وجود هذه الفرقة الناجية في كل ارجاء المعمورة لا يحدها حد ولا يحصرها بلد دون آخر.

    أما الجانب الثاني من السؤال الأهم هل لهذه الفرقة امام يقودها بكتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, هيا بنا جميعا نُصغي الى حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما علّنا نُدركُ الاجابة على تساؤلاتنا كلها.

    روى الامامين البخاري ومسلم رحمهما الله عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة أن يدركني, فقلت يا رسول الله ! انا كنا في جاهلية وشر, فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟
    قال: نعم
    قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير
    قال: نعم وفيه دخن
    قلت: وما دخن؟
    قال: قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتُنكر
    قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟
    قال: نعم , دعاةٌ على أبواب جهنم, مَنْ أجباهم اليها قذفوه فيها
    قلت: يا رسول الله! صفهم لنا.
    قال: هم من جَلدَتِنا ويتكلمون بألسنتنا.
    قلت: ما تأمرني ان أدركني ذلك؟قال: تلزم جماعة المسلمين وامامهم.
    قلت: فان لم يكن لهم جماعة ولا امام؟
    قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعضُّ بأصل شجرة حتى يدؤكك الموت وأنت على ذلك

    يقول الامام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها..قال العلماء رحمهم الله: هؤلاء من كان من الامراء يدعو الى بدعة أو ضلال آخر, كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة, وفي الحديث لزوم جماعة المسلمين وامامهم ووجوب طاعته وان فسق وعمل المعاصي.

    يقول المولى تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة الانقال
    واتقوا فتنةً لا تُصيبَنَّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب

    قال الآلوسي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية الكريمة: من هذه الفتن المداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ومنها التفرق والاختلاف, ومنها ترك انكار البدع اذا ظهرت, وما شابه ذلك.

    يعني اذا كان الزمان زمان تفرق واخلاف كأيامنا هذه, علينا أن نُحذّرُ بعضنا بعضا ن مغبة الفتن أن تصيبنا, فان لم نتقي التفرق والاختلاف القائم الآن فيما بيننا فانّ مساويء الفتن لا تصيبُ فقط الذين ظلموا وانما تصيبُ الجميع.

    لأجل هذا ونحن في هذا المقام ونحن نتحدث عن الفتن أردنا أن نثنّبهَ ونذكّر بهذا الأمر خاصةً وأنّه لا زالت هناك ثلةٌ قائمة بدعوة التوحيد في هذا الزمان, وكان لزاما علينا أن نُذكّر بعضنا بعضا من مغبة العقاب الجماعي, والمخرج الوحيد مما نحن فيه من البلاء الذي يعمنا من رؤوسنا حتى اخمص قدمينا هو العلم النافع والالتزام ما أمكننا بمنهج وعقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة.

    وهذه التأويلات هي التي تدعمها الأحاديث الصحيحة ; ففي صحيح مسلم رحمه الله عن أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله !، أنُهلكُ وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث

    وهل هناك خبثٌ أكثر من الخبث الذي يعيش بيننا نحن مسلموا هذه الأيام؟

    حديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة

    ففي صحيح الترمذي رحمه الله: إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده

    وفي صحيح البخاري والترمذي رحمهما الله عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [color="purple"]مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا .

    ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة استحقاق العقوبة وذلك نتيجة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    قال علماؤنا رحمهم الله : فالفتنة إذا عمت هلك الكل . وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير ، وإذا لم تغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران تلك البلدة والهرب منها كما في قوله تعالى في سورة النساء 79: إن الذين توفّاهمُ الملائكة ظالمي أنفسهم، قالوا فيمَ كنتم , قالوا: كنا مستضعفين في الأرض. قالوا: ألم تكُنْ أرضُ الله واسعةً فتُهاجروا فيها, فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً،

    وقال ابن ابن وهب عن مالك رحمهما الله أنه قال : تهجر الأرض التي يصنع فيها المنكر جهارا ولا يستقر فيها .

    وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب مَن كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم

    وهذا الحديث يدل على أن الهلاك العام منه ما يكون طُهرة للمؤمنين ومنه ما يكون نَقمة للفاسقين.

    وروى مسلم رحمه الله عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما, أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ، فقلت : يا رسول الله ، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله ؟ فقال : العجب أن ناسا من أمتي يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم . فقلنا : يا رسول الله ، إن الطريق قد يجمع الناس . قال : نعم ، فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى يبعثهم الله تعالى على نياتهم .

    وسأتناول في بحثي المتواضع هذا ما جمعته من كلام أئمتنا ومن كلام أهل السنة والجماعة الذي بنوه على كلام المولى تبارك وتعالى, ومن ثمّ استنبطنوه من كلام الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.

    انّ الفتن ان لم نرعوي منها ولم ننظر الى نتائجها مآلها ستحرقنا جميعا بلهيبها الذي لن يخمد الا باتباعنا لكتاب الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلمو فهما المعيار الأساسي في كل أمر, ووجوبا علينا اتباعهما حتى يتسنى لكل منا أن يعصم نفسه من أن ينساق الى مالا يُحمد عقباه, ولكي نقي أنفسنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن علينا أن نراعي االقوانين والقواعد التي بينها أهل السنة والجماعة.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم
    انه مَن يعشْ منكم فسيرى اختلافا كثيراً, فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي, تمسّكوا بها, وعضّوا عليها بالنواجذ

    أي تمسكوا بها بأسنانكم وعضوا عليها بقوة, ولأنّ الصحابة رضوان الله تعالى عنهم تمسكوا بها فقد نجوا وفازوا في الدنيا والآخرة.

    ولكي ننجوا نحن من هذه الفتن علينا بالتمسك بكتاب الله الكريم, وأن نغذي عقولنا وقلوبنا وكل جوارحنا من نوره الفياض, فنُحلُّ حلالَه ونُحرَمُ حرامَه ونُقيمُ حُدودَهُ, ونتجنب كل ما يخالف الشرع حتى يحل علينا رضوان الله عزوجل, ومن رضي الله عنه أدخله في حصنه, ومن دخل حصن الله عزوجل فلا يعذبه أبدا.

    أيضا هناك وجوب ملازمة أهل السنة والجماعة, لأننا اذا كنا بمعزل عنهم من حيث لا ندري, تجدنا وقد جارينا عقولنا فيما تريد وتهوى وساقتنا وراء الفتن من حيث لا ندري, لذا من سار خلف أهل السنة والجماعة وفق ما جاء في الكتاب الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم, فانه لن يندم بعد ذلك أبدا.

    أمرٌ آخر البعد ما أمكننا عن المعاصي والآثام وذلك بتجنب الطرق والمسالك المؤدية اليها, ولأنّ من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه, فقد حرّم الله عزوجل الفواحش ما ظهر منها وما بطن, اذ متى تمكن المسلم من السيطرة على ظواهر الفاوحش فانه وبسهولة يسيطر على بواطنها.

    انّ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم كان لهم سيرة طيبة في تجنب الفتن, لذا علينان نسلك مسلكهم في الاتباع , فطوبى ثم طوبى لمن سار خلف مهتدٍ, وطوبى له في سيره وممشاه واقتفاء أثر الصالحين, فانه لن يندم ان شاء الله أبداً.

    ومن هذه الأحكام والقوانين والقواعد الواجب علينا اتباعها فيما اذا ظهرت الفتن أو نحوها: الرفق واللين والحلم والتأني, فالعجلة دوما من الشيطان, ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة حين لن ينفع الندم.

    وعن الرفق قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
    ما كان الرفق في شسيءس الا زانه, ولا نزع من شيءٍ الا شانه
    وهذا يعني أن الرفق أمر محمود في الأمر كله
    نعم في كل أمر علينا بالرفق والتأني , وأن نبتعد عن الغضب ما أمكننا, فالرفق نجاة ولا ندم بعده أبدا, فالرفق محمود في كل شيء في التفكير والمواقف وفي كل شيء , اذ على العقل نعول فيما نريد أن نتخذ من قرارات ومواقف..
    فلناخذ دوما بالزين والأمر الحسن, ولنحذر الأمر المشين الذي ينزع الهيبة والوقار من صاحبه قولا وفعلا.

    أما عن التأني فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن القيس رضي الله عنه: انّ فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة
    والتأني خصلة محمودة , لأنّ في العجلة الندامة كما في قوله تعالى في سورة الاسراء: ويدعو الانسانُ بالشرِّ دعاءَهُ بالخيرِ, وكان الانسانُ عجولا

    وأما في الحلم فقد روى الامام مسلم رحمه الله عن الليث بن سعد رضي الله عنه قال أن المستورد القرشي وكان عنده عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سيمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس, فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: أبصر ما تقول؟ فقال: وما لي ألا أقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ان كان كذلك فلأنّ في الروم خصالاً أربعْ وذكر منها: أنهم أحلمُ الناسِ عند الفتنة, أنهم أسرعُ الناس افاقةً بعدَ مصيبة.

    وهذا يعني أنه اذا ظهرت الفتن فانهم يحلمون ولا يغضبون ولا يعجلون ليقوا أصحابهم النصارى القتل وشرّ الفتن, لأنهم يعلمون أن الفتنة اذا ظهرت فانها ستأتي عليهم, لأجل تلك الخصلة الحميدة فيهم, فهم سيكونوا أكثر الناس الى قيام الساعة, وان كانت فيهم تلك الخصلة الحميدة وهم نصارى , أليس نحن أهل الاسلام أولى بهم بهذا الخير؟

    الحلم محمود في الأمر كله, فانه يُبصرُ عقل العاقل في الفتنة بحلمه وأناته
    ورفقه, فيدل على تعقله وعلى بصره.

    مما سبق نستنتج ان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام رضي الله عنهم هم السلف الصالح, والسائرون على منهجهم وسنتهم الى يوم الدين هم التابعون, كما في قوله تعالى في سورة التوبة 100: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان, رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا , ذلك الفوز العظيم

    وهذه الطائفة التي تسلك هذا المنهج وان كانت قليلة الا أنها موجودة في الدنيا كلها وستبقى عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: الخير فيَّ وبأمتي الى يوم القيامة...
    نعم , جماعة لا يحدها زمان ولا مكان, ولا يحصرها بلد دون آخر, وهم جماعة المسلمين السائرون على الحق والهدى, وقد يكون لهم امام يقودهم بكتاب الله وسنة رسوله, وقد لايكون لهم امام, وهم يخطئون ويستغفرون اذ ليس هناك معصوم الا من عصمه الله عزوجل, والمعاصي والاخطاء طبيعة البشر جميعا.
    ففي عهد النبوة والخلفاء الراشدون كان الناس يرتكبون الأخطاء والمعاصي الى يومنا هذا والى أن يرث الله عزوجل الأرض ومن عليها, وليس العيب في الخطأ أو وجود المعاصي وانما العيب في عدم اقامة الحدود الرادعة على من ارتكب تلك المعاصي , وهذه الفرقة ان شاء الله هي بلا شك موجودة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري ومسلم رحمهما الله: انّ الايمان ليأزر الى المدينة كما تأرز الحية الى جحرها.. وفي رواية: وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية الى جحرها

    اللهم اجعل خاتمتنا على الهدى والايمان ا في مدينة رسولك صلى الله عليه وسلم.
    ان نصح الأمة وولاة الأمر واجب على جميع علماء الأمة كما في صحيح مسلم رحمه الله: الدين النصيحة, الدين النصيحة, الدين النصيحة, قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه وولأئمة المسلمين وعامتهم

    أما كيفية تقديم النصيحة لهم فهنا مربط الفرس , وكما قال العلامة عبد الرحمن بن السعدي وهو من العلماء المعاصرين في كتابه الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة في وجوب النصيحة وفوائدها في شرح الحديث: وجوب طاعتهم بالمعروف, وعدم الخروج عليهم , وحث الرعية على طاعتهم, ولزوم أمرهم الذي لا يخالف أمر الله ورسوله, وبذل ما يستطيع الانسان من نصحتهم, وتوضيح ما خفي عليهم مما يحتاجون اليه في رعايتهم, كلُّ أحد بحسب حاله, والدعاء لهم بالصلاح والتوفيق, فانّ صلاحهم صرح لرعيتهم.
    واجتناب سبهم والقدح فيهم واشاعة مثالبهم, فانّ في ذلك شراً وضراراً وفساداً كبيراً , فمن نصيحتهم الحذر والتحذير من ذلك.
    وعلى من رأى فيهم مالا يحلذث أن ينبههم سراً لا علناً بلطفِ وعبارةٍ تليقُ بالمقام ويحصل بها المطلوب.
    واحذر ايها الناصح لهم أن تفسد نصيحتك بالقول امام الناس: اني نصحتهم وقلت وقلت, فهذا عنوان الرياء وعلامة ضعف الاخلاص, لأنّ الهدف هو الاصلاح, وبهذا الاسلوب يتحقق الاصلاح ان شاء الله

    وأختم حديثي بمسك الختام قوله تعالى

    سبحان ربك ربّ العزّةِ عما يصفون * وسلامٌ على المرسلين * والحمد لله رب العالمين

  2. #2

    افتراضي رد: هل نحن الفرقة الناجية؟

    وما انتهيت اليه؟
    اننا الفرقة الناجية ؟ ام ماذا؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    امريكا
    المشاركات
    168

    افتراضي رد: هل نحن الفرقة الناجية؟

    أشكر لك مرورك الطيب أخي في الله خالد المرسي, واعذرني أخي الكريم في التأخير بالرد لظروف خارجة عن ارادتي غبت فيها عن المنتدى ما يزيد عن شهور أربعة, واقول لك عزيزي ان شاء الله نحن أمة الاسلام المهتدين بهديه صلى الله عليه وسلم من الفرقة الناجية, عملا بقوله تعالى : قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله , وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم بما معناه: ما أنا عليه وأصحابي
    نسأله تعالى أن يجعلنا من متبعي هديه صلى الله عليه وسلم , وممن كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه... فان نحن اقتفينا أثرهم كما يريد الله لنا ويرضى , كنا من الفرقة الناجية باذن الله.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •