تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هل توجد أدلة على أن من رأى النبي مؤمنا به كان صحابيا؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    214

    افتراضي هل توجد أدلة على أن من رأى النبي مؤمنا به كان صحابيا؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    "الصّحبة في اللّغة : الملازمة والمرافقة ، والمعاشرة . يقال : صحبه يصحبه صحبةً وصحابةً بالفتح وبالكسر : عاشره ورافقه ، ولازمه ".[الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 27 / ص 316)].
    والصحابي ، لغة من صحب غيره بما ينطلق عليه اسم الصحبة [فيض القدير - (ج 1 / ص 24)]
    ومن المشهور عند أهل السنة أن الصحابي هو "كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولو لحظة" [شرح مسلم للنووي] .
    قال ابن حجر العسقلاني معرفا الصحابي :
    "من لقي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام : ولو تخللت ردة في الأصح".[ نخبة الفكر].
    ولك الحق أخي القارئ الكريم أن تسأل عن دليل هذا التعريف للصحابي.
    لقد أوضح شيخ الإسلام بعض أدلته في قوله في كتابه "منهاج السنة النبوية" - (ج 8 / ص 382-389):
    "ومما يبين هذا أن الصحبة فيها عموم وخصوص فيقال صحبة ساعة ويوما وجمعة وشهرا وسنة وصحبة عمره كله
    وقد قال تعالى {والصاحب بالجنب} [سورة النساء 36] قيل هو الرفيق في السفر وقيل الزوجة وكلاهما تقل صحبته وتكثر وقد سمى الله الزوجة صاحبة في قوله {أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} [سورة الأنعام 101 ] ولهذا قال أحمد بن حنبل في الرسالة التي رواها عبدوس بن مالك عنه :"من صحب النبي صلى الله عليه و سلم سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه مؤمنا به فهو من أصحابه له من الصحبة على قدر ما صحبه".
    وهذا قول جماهير العلماء من الفقهاء وأهل الكلام وغيرهم يعدون في أصحابه من قلت صحبته ومن كثرت وفي ذلك خلاف ضعيف
    والدليل على قول الجمهور ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
    "يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم" وهذا لفظ مسلم وله في رواية أخرى:
    " يأتي على الناس زمان يبعث منهم البعث فيقولون انظروا هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيوجد الرجل فيفتح لهم به،ثم يبعث البعث الثاني فيقولون هل فيكم من رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقولون نعم فيفتح لهم به ثم يبعث البعث الثالث فيقال انظروا هل ترون فيكم من رأى من رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقولون نعم ثم يكون البعث الرابع فيقال هل ترون فيكم أحدا رأى من رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيوجد الرجل فيفتح لهم به" ........ ففي الحديث الأول هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم فدل على أن الرائي هو الصاحب وهكذا يقول في سائر الطبقات في السؤال هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله ثم يكون المراد بالصاحب الرائي وفي الرواية الثانية هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يقال في الثالثة هل فيكم من رأى من رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعلوم إن كان الحكم لصاحب الصاحب معلقا بالرؤية ففي الذي صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم بطريق الأولى والأحرى ولفظ البخاري قال فيها كلها صحب وهذه الألفاظ إن كانت كلها من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه و سلم فهي نص في المسألة وإن كان قد قال بعضها والراوي مثل أبي سعيد يروي اللفظ بالمعنى فقد دل على أن معنى أحد اللفظين عندهم هو معنى الآخر وهم أعلم بمعاني ما سمعوه من كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم وأيضا فإن كان لفظ النبي صلى الله عليه و سلم رأى فقد حصل المقصود وإن كان لفظه صحب في طبقة أو طبقات فإن لم يرد به الرؤية لم يكن قد بين مراده فإن الصحبة اسم جنس ليس لها حد في الشرع ولا في اللغة والعرف فيها مختلف
    والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد الصحبة بقيد ولا قدرها بقدر بل علق الحكم بمطلقها ولا مطلق لها إلا الرؤية
    وأيضا فإنه يقال صحبه ساعة وصحبه سنة وشهرا فتقع على القليل والكثير فإذا أطلقت من غير قيد لم يجز تقييدها بغير دليل بل تحمل على المعنى المشترك بين سائر موارد الاستعمال
    ولا ريب أن مجرد رؤية الإنسان لغيره لا توجب أن يقال قد صحبه ولكن إذا رآه على وجه الاتباع له والاقتداء به دون غيره والاختصاص به ........ ودليل ثان ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:" وددت أني رأيت إخواني قالوا يا رسول الله أولسنا إخوانك قال بل أنتم أصحابي وإخواني الذين يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني ومعلوم أن قوله إخواني أراد به إخواني الذين ليسوا بأصحابي وأما أنتم فلكم مزية الصحبة ثم قال قوم يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني فجعل هذا حدا فاصلا بين إخوانه الذين ود أن يراهم وبين أصحابه فدل على أن من آمن به ورآه فهو من أصحابه لا من هؤلاء الإخوان الذين لم يرهم ولم يروه فإذا عرف أن الصحبة اسم جنس تعم قليل الصحبة وكثيرها وأدناها أن يصحبه زمنا قليلا فمعلوم أن الصديق في ذروة سنام الصحبة وأعلى مراتبها"انتهى كلام شيخ الإسلام .

    ومن الأدلة التي استدل بها الشيخ العلامة عبد المحسن العباد في كتابه "الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي - (ج 1 / ص 21)" لصحة هذا التعريف ما رواه "البخاري في الأدب المفرد (87) قال: حدَّثنا بِشر ابن محمد، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا صفوان بن عمرو قال: حدَّثني عبد الرحمن بن جبير بن نُفير، عن أبيه قال: (( جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوماً، فمرَّ به رجلٌ، فقال: طوبَى لِهاتَين العينين اللَّتين رأَتا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، والله! لوَدِدنا أنَّا رأينا ما رأيتَ، وشهدنا ما شهدتَ، فاستُغضِب، فجعلت أَعْجَب: ما قال إلاَّ خيراً! ثمَّ أقْبَلَ عليه فقال: ما يَحمل الرَّجلَ على أن يتمنَّى مَحضراً غيَّبه الله عنه؟ لا يدري لو شَهدَه كيف يكون فيه؟ والله! لقد حضر رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أقوامٌ كبَّهم الله على مناخرِهم في جهنَّم؛ لَم يُجيبوه ولَم يُصدِّقوه، أوَ لا تَحمدون الله عزَّ وجلَّ إذ أخرجكم لا تعرفون إلاَّ ربَّكم فتُصدِّقون بِما جاء به نبيُّكم - صلى الله عليه وسلم -، قد كُفيتُم البلاء بغيركم ... )) الحديث..... وقد أورد الحديثَ ابنُ كثير في تفسيره في آخر سورة الفرقان من مسند الإمام أحمد، وقال: (هذا إسنادٌ صحيح ولَم يخرجوه).
    وهو يدلُّ على أنَّ التابعين يَرون أنَّ شَرَفَ الصُّحبةِ يَحصُل برؤيتِه - صلى الله عليه وسلم - مع الإيمان به؛ ولَم يُنكر ذلك المقداد رضي الله عنه، وإنَّما غضب لِتمنِّي أمرٍ لا يدري المُتمنِّي ماذا يكون حالُه عند حصولِه، "انتهى كلام العباد حفظه الله .
    وقد صحح الحديث الذي احتج به أيضا شيخنا الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة .
    وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم - (ج 1 / ص 35)
    "فأما الصحابى فكل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ولو لحظة هذا هو الصحيح فى حده وهو مذهب أحمد بن حنبل وأبى عبد الله البخارى فى صحيحه والمحدثين كافة وذهب أكثر أصحاب الفقه والأصول إلى أنه من طالت صحبته له صلى الله عليه و سلم قال الإمام القاضي أبو الطيب الباقلانى لاخلاف بين أهل اللغة أن الصحابى مشتق من الصحبة جار على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا يقال صحبه شهرا ويوما وساعة قال وهذا يوجب في حكم اللغة إجراء هذا على من صحب النبي صلى الله عليه و سلم ولو ساعة هذا هو الأصل قال ومع هذا فقد تقرر للأمة عرف في أنهم لايستعملونه الا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجرى ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطوات وسمع منه حديثا فوجب أن لا يجرى في الاستعمال إلا على من هذا حاله هذا كلام القاضي المجمع على أمانته وجلالته وفيه تقرير للمذهبين ويستدل به على ترجيح مذهب المحدثين فإن هذا الإمام قد نقل عن أهل اللغة أن الاسم يتناول صحبة ساعة وأكثر أهل الحديث قد نقلوا الاستعمال فى الشرع والعرف على وفق اللغة فوجب المصير إليه والله أعلم" انتهى كلام النووي .
    وقد رد ابن حزم رحمه الله على من يشترط في الصحابي تكرر رؤيته رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله في كتابه " الإحكام " - (ج 5 / ص 665):
    "وقد قال قوم: إنه لا يكون صاحبا من رأى النبي مرة واحدة لكن من تكررت صحبه.
    قال أبو محمد: وهذا خطأ بيقين لأنه قول بلا برهان، ثم نسأل قائله عن حد التكرار الذي ذكر، وعن مدة الزمان الذي اشترط، فإن حد في ذلك حدا كان زائدا في التحكم بالباطل، وإن لم يجد في ذلك حدا كان قائلا بما لا علم له به، وكفى بهذا ضلالا، وبرهان بطلان قوله أيضا، إن اسم الصحبة في اللغة إنما هو لمن ضمته مع آخر حالة ما، فإنه قد صحبه فيها، فلما كان من رأى النبي وهو غير منابذ له ولا جاحد لنبوته قد صحبه في ذلك الوقت، وجب أن يسمى صاحبا "انتهى كلام ابن حزم
    فكل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم بأن رآه ولو مرة واحدة مؤمنا به يتناوله قوله تعالى في سورة التحريم :
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِ مْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
    يقول ابن عاشور في "التحرير والتنوير - (ج 15 / ص 189)":
    "ومعية المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم صحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم.......وفي هذه الآية دليل على المغفرة لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم".
    فتبين من خلال ما سبق صحة تعريف الصحابي الذي ذهب إليه جماهير أهل السنة وأن كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام يدخل في الأحاديث التي تذكر فضل الصحابة كقوله صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " . رواه مسلم.
    وقوله - فداه أبي وأمي- :
    " من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " رواه الطبراني وصححه الألباني.
    نسأل الله أن يجعلنا ممن يحب جميع أصحاب نبيه وأن يحشرنا معهم بمنه وكرمه !
    كتبه غالب الساقي

  2. #2

    افتراضي

    للفائدة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •