بسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
هذا أحبتي الكرام ما توصلت له من الحكم على هذا الحديث بعد تمحيص عميق له، من غير محاباة أو ممالأة لأحد، فأقول وبالله التوفيق:
· الحديث أخرجه: ابن أبي شيبة في (المصنف رقم 37644) ومن طريقه كلٌ من: ابن ماجة في (السنن رقم 4085)، وأبو يعلى الموصلي في (المسند برقم 465)، وابن عدي في (الكامل ترجمة 2095).
· كما أخرجه الإمام أحمد في (المسند برقم 645)، ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل المتناهية برقم 1432).
· كما أخرجه أبو نعيم في (الحلية 3/177) و (تاريخ أصبهان ترجمة 308) ومن طريقه كلٌ من: البزار في (المسند برقم 644)، والداني في (السنن الواردة في الفتن برقم 579)، وابن عدي في (الكامل ترجمة 2095)، والعقيلي في (الضعفاء ترجمة 2100).
ومداره من هذه الطرق كلها أحبتي على (ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية).
أما (إبراهيم بن محمد بن الحنفية) فمعروف ثقة، قد روى عنه جماعة معروفين. ولا عبرة بمن جهله. فقد وثق من قبل الأئمة، وروايته ثابتة، إلا أنه مقل لها، ليس بالمكثر.
فلذلك قال عنه ابن حجر: صدوق. ولم يصفه بالجهالة أبدا.
وقد ذكره في (طبقات المحدثين بأصبهان ترجمة 46)، و (تاريخ أصبهان ترجمة 308) وبين طرفا من أحواله لا يستهان بها.
وأمه هي: بسرة بنت عباد بن شيبان بن جابر السلمي حليف بني هاشم.
أما (ياسين العجلي) فقال ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال ج7/ص185):
ياسين بن شيبان العجلي كوفي، سمعت بن حماد يقول: قال البخاري: ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية فيه نظر. ثنا بن أبى بكر، ثنا عباس: سمعت يحيى يقول: ياسين العجلي ليس به باس.
وقال في أثناء سياق السند عن أبي نعيم: ثنا عبد الله بن أبى سفيان، ثنا زكريا بن الحكم، ثنا أبو نعيم، ثنا ياسين وكان يجالسنا عند الثوري. قال ابن يمان: سمعت سفيان يسأل ياسين عن هذا الحديث. وياسين العجلي هذا يعرف بهذا الحديث المهدي. ورواه أبو داود الجفري وأبو نعيم والثوري على ما ذكرناه وهو يعرف به.
وقال المزي في (تهذيب الكمال ج31/ص181):
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: ليس به بأس. وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال البخاري: فيه نظر. ولا أعلم له حديثا غير هذا.
وقال ابن حبان في (المجروحين ج3/ص143):
ياسين العجلي؛ شيخ من أهل الكوفة يروي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، روى عنه أهل الكوفة. منكر الحديث على قلة روايته، يجب التنكب عما انفرد من الروايات، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من غير أن يحتج به لم أر بذلك بأسا.
وقال الحافظ ابن حجر: لا بأس به.
وبالنسبة لكلام الأئمة على الحديث:
· فقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإنما كتبناه مع لين ياسين؛ لأنا لم نعرفه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، فلذلك كتبناه وبينا العلة فيه.
· وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة ج4/ص204): هذا إسناد فيه مقال، إبراهيم بن محمد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال البخاري في (التاريخ): في إسناده نظر. وياسين العجلي قال البخاري: فيه نظر؛ قال: ولا أعلم له حديثا غير هذا. وقال ابن معين وأبو زرعة: لا بأس به. وأبو داود الحفري اسمه عمر بن سعد احتج به مسلم في (صحيحه) وباقي رجال الإسناد ثقات، رواه أبو يعلى الموصلي، وأبو بكر، ثنا أبو داود عم ابن سعد ثنا ياسين فذكره.
· وقال العقيلي في (الضعفاء ج4/ص465): لا يتابع ياسين على هذا اللفظ، وفي المهدي أحاديث صالحة الأسانيد من غير هذا الطريق.
قلت: بل توبع عليه، حيث وقفت عليه من رواية (سالم بن أبي حفصة عن إبراهيم بن محمد) أخرجها أبو نعيم في (تاريخ أصبهان ج1/ص209) وأشار إليها في (الحلية) قال:
حدثنا أبو بكر الطلحي، ثنا محمد بن علي العلوي، ثنا محمد بن علي بن خلف، ثنا حسن بن صالح بن أبي الأسود، عن محمد بن فضيل، حدثني سالم بن أبي حفصة، عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة".
وهي وإن كانت متابعة ضعيفة؛ إلا أنها تعضد حديثنا، ويستأنس بها له. فلذلك أعتقد أن من قبل الحديث من المتأخرين قد أنصف. والله أعلم
وعلى كلٍ فقد ثبتت أحاديث المهدي بما يغنينا عن هذا الحديث ومتابعته.
تنبيهان مهمان جدا:
التنبيه الأول: بعض الأئمة جعل (ياسين العجلي) هذا هو (ياسين الزيات)، وصنيع الإمام البخاري في تاريخه الكبير يبين تباينهما واختلافهما، فقد ترجم للاثنين، وبين أن المنتقد منهما (ياسين بن معاذ الزيات).فتأمل
والذي أراه أن مثل هذا الخلط قد أوقع بعض الأئمة في الخلط بين حالة الرجلين. فتنبه
قال الحافظ ابن حجر في (تهذيب التهذيب ج11/ص152): ووقع في سنن بن ماجة عن ياسين غير منسوب؛ فظنه بعض الحفاظ المتأخرين ياسين بن معاذ الزيات فضعف الحديث به، فلم يصنع شيئا. انتهى
قلت: وهذا إيحاء من الحافظ رحمه الله بقول رواية العجلي.
التنبيه الثاني: أتت بعض الروايات عن البخاري قوله: (فيه نظر) كما عند ابن عدي وغيره ممن نقل عنه، وأتت العبارة عند العقيلي: (في حديثه نظر) وهذا أولى، فإن المترجم معروف بحديث واحد هو هذا الحديث.
ويستأنس لأولوية لفظ العقيلي؛ أن البخاري نفسه قال في (تاريخه الكبير) في ترجمة إبراهيم بن محمد بن الحنفية بعد أن ساق الحديث: (في إسناده نظر). فتنبه
والحديث قد حسنه السيوطي رحمه الله.
وعلى كلٍ لا يرتقي للصحيح أبدا، ولا يوصف بالوضع أبدا.
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين