قال الشيخ أبو مية بن محمد السعيد الشّنقيطيّ يرثي شيخه العلامة محمد سالم بن عبد الودود؛ شيخ موريتانيا؛ رحمه الله برحمته الواسعة:



(( تضعضع ركن الدين ))





تَضَعْضَعْ رُكْنُ الدّينِ وَانْهَدّ قَائِمُهْ ** فَقَدْ مَاتَ رَاعِيهِ الْأَمِينُ وَعالِمُهْ
فَعَاشَ بَنُوهُ فِي حِدَادٍ وَمَأْتَمٍ ** فَقَدْ طُمِسَتْ أَعْلامُهُ وَمَعالِمُهْ
تَوَلَّى عَنِ الدُّنْيَا مُحَمَّدُ سَالِمٌ ** إِلَى جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ فَاللهُ رَاحِمُهْ
فَهَا كُلُّ عَيْنٍ تَسْكُبُ الدَّمْعَ عندَمَا ** وَكُلُّ فُؤَادٍ دَائِبُ الْحُزْنِ دَائِمُهْ
بِهِ الْحَقُّ يَسْمُو فِي عُلُوٍّ وَرِفْعَةٍ ** وَمَا بَاطِلٌ إِلا وَتَتْرَى هَزَائِمُهْ
فَمُشْرَعَةٌ لِلذَّبِّ عَنْهُ رِمَاحُهُ ** وَمَسْلُولَةً لِلذَّبِّ عَنْهُ صَوَارِمُهْ
أَحَقَّ لَنَا حَقًّا وَأَبْطََلَ بَاطِلا ** وَأَنْصَفَ مَظْلُومًا يَجُورُ مُخَاصِمُهْ
وَإِنْ نَدَّ وَاسْتَعْصَى مِنَ الْعِلْمِ شَارِدٌ ** فَمَا فِي الْبَرَايَا مِنْ نَظِيرٍ يُزَاحِمُهْ
وَإِنْ بَحَثُوا فِقْهَ الْهُدَى فَهْوَ مَالِكٌ ** أَزِمَّةَ الاِسْتِنْبَاطِ فِيهِ وَخاتِمُهْ
وَإِنْ خَاضَ فِي يَوْمٍ مِنَ الْعِلْمِ لُجَّةً ** فَمُسْتَخْرِجٌ دُرَّ الْعُلُومِ وَنَاظِمُهْ
فَفِي كُلِّ عِلْمٍ كَانَ صَدْرًا مُبَرِّزًا ** عَلى رَأْسِهِ تِيجَانُهُ وَعَمَائِمُهْ
فَكَانَ لَنَا الطِّرْفَ الْمُضَمَّرَ عِنْدَمَا ** تَنُوبُ مِنَ الْهَوْلِ الْكَبِيرِ عَظَائِمُهْ
فَكَمْ قَامَ فِي جَوفِ الدُّجَا مُتَهَجِّدًا ** شَكُورًا إِذَا ما نَامَ بِاللَّيْلِ نَائِمُهْ
فَيُدْهِشُنَا مِنْ ذَاكَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ ** وَلَمْ يَدْرِ إِلا اللهُ مَا هُوَ كَاتِمُهْ
وَكَمْ حَمِدَ الْجِيرَانُ طُولَ جِوَارِهِ ** وَكَمْ ثَمَّ حِيْزَتْ لِلْفَقِيرِ غَنَائِمُهْ
وَكَمْ فَازَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ بِنَيْلِهِ ** وَإِنْ أَقْبَلَ الْمُعْتَرُّ يَلْقَاهُ حَاتِمُهْ
فَلَوْ كَانَ يُفْدَى فَالنُّفُوسُ فِدَاؤُهُ ** وَمَبْذُولَةٌ مِنْ كُلِّ مَالٍ كَرَائِمُهْ
وَلَكِنَّهَا الأقْدَارُ تَجْرِي بِسُنَّةٍ ** وَمَا أَحَدٌ رَيْبُ الْمَنُونِ يُسَالِمُهْ
فَيَا رِبَّ فَاجْعَلْ جَنَّةَ الْخُلْدِ نُزْلَهُ ** يَفُوزُ بِرُحْمَى لا تَزَالُ تُلازِمُهْ
وَمَا مَاتَ مَنْ أَبْقَى كِرَامًا وَسَادَةً ** تَجَمَّعَ فِيْهِمْ عِلْمُهُ وَمَكَارِمُهْ
فَوَفِّقْهُمُ يَا رَبِّ وَاحْبُ جَمِيعَهُمْ ** مِنَ العِزِّ وَالتَّمْكِينِ مَا هُوَ رَائِمُهْ
وَصَلَّى عَلَى الْمُخْتَارِ أَفْضَلِ مُرْسَلٍ ** صَلاةً مَعَ التَّسْلِيمِ مَنْ هُوَ عَاصِمُهْ