اشتهر عند العوام قولهم : يا من أمره بين الكاف والنون ، وهذا غلط : لأن أمر الله ليس بين الكاف والنون، بل بعد الكاف والنون ، فلا يتم الأمر بين الكاف والنون، بل لا يتم الأمر إلا بالكاف والنون ، فهذه المقولة تخالف ما ورد في قوله تعالى : )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( (يس 82 ،83) فأمره بعد الكاف والنون ، وليس بين الكاف والنون .
وهذه المقولة اشتهرت بين الناس وترددت على ألسنة الكثير ، حتى وصل الحال إلى ترديد بعض الخطباء لها في دعاء الخطبة وغيره دون التفكر في معناها وموافقتها لما ورد في كتاب الله ، فكيف يكون الأمر بين الكاف والنون ، لاشك أن هذا خطأ عظيم ينبغي تلافيه . والله أعلم .
ولقد نبه على غلط هذه المقولة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين ـ في شرح الأربعين نووية ـ الحديث الثاني ، صفحة ( 63 ـ 64 ) فقال : ـ رحمه الله ـ : " وبهذه المناسبة أودّ أن أنبّه على كلمة دارجة عند العوام، حيث يقولون (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم، والصواب: (يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن ما بين الكاف والنون ليس أمراً، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك، لكن باجتماعهما تكون أمراً .
فالصواب أن تقول: (يا من أمره ـ أي مأموره ـ بعد الكاف والنون) كما قال تعالى: )إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ، فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ( (يس:82،83) " . انتهى .