أودع اللّه في الإنسان قوتين تتجاذبانه :
1ـ قوة ملكية تتشعب من فيض الروح المخصوصة بالإنسان على الروح الطبيعية السارية في البدن وقبولها ذلك الفيض وانقهارها له.
2ـ وقوة بهيمية تتشعب من النفس الحيوانية المشترك فيها كل حيوان المتشبحة بالقوى القائمة بالروح الطبيعية واستقلالها بنفسها وإذعان الروح الإنسانية لها وقبولها الحكم منها .
ثم تعلم أن بين القوتين تزاحماً وتجاذباً ، فهذه تجذب إلى العلو دون تلك إلى السفل وإذا برزت البهيمية ، وغلبت آثارها كمنت الملكية ، وكذلك العكس ، وأن للباري جل شأنه عناية بكل نظام ، وجوداً بكل ما يسأله الاستعداد الأصلي والكسبي ، فإن كسب هيئات بهيمية أمد فيها ، ويسر له ما يناسبها ، وإن كسب هيئات ملكية أمد فيها ، ويسر لهما يناسبها كما قال اللّه عز وجل : { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى } . وقال : { كلا نمد لهؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً } .