تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 35

الموضوع: كلمات سلفية في أركان الإيمان...

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي كلمات سلفية في أركان الإيمان...

    إنَّ الْحمْد لِلهِ نحمده، ونسْتَعينُه، وَنستغفِره، ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفسنا ومنْ سيّئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يهْده الله فلا مُضلَّ له، ومنْ يُضْللْ فَلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا الله، وحْدَه لا شَريكَ لهُ، وأشْهدُ أَنَّ مُحمدًا عبدهُ ورسُولُه.
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون (آل عمران:102).
    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (النساء:1).
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيما (الأحزاب:70 -71).
    أما بعد؛ فإنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكُلَّ ضلالةٍ في النَّار.
    إنَّ المتصفح للتاريخ الإسلامي يجد أن هذه الأمة الإسلامية الخاتمة كانت في سالف دهرها أمة موفورة الكرامة، عزيزة الجانب، مرهوبة القوة، قوية الشوكة، لكنها لما أضاعت أمر ربها ، وبدلت سنة نبيها ، وراجت أسواق الشرك والبدع والتبعية؛ صار أمرها إلى إدبار، وعزها إلى إذلال، ومجدها إلى زوال، فهذا حالها لا يخفي على أحد:
    من ضياع للهوية، ومن تمييع للقضية، ومن إهدار للأهمية، ومن تجريد من الأفضلية، حتى صارت أمة ذليلة بين الأمم؛ يتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب، ولولا أنها الأمة الخاتمة التي تعهد الرب بحفظها؛ لأصبحت تاريخاً دابراً تتحاكاه الأجيال تلو الأجيال؛ ولكنها سنن الله الربانية في الكون التي لا تحابي ولا تجامل أحداً.
    قال تعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11). (ا)
    أقول: في خضم هذه الفتن والابتلاءات، وتلك الشبهات والشهوات، ما لمثلي أن تَـخُطَ يداه، ثم هو يَزْعُمُ أنه من الناصحين لله، ومن الذابين المدافعين عن سنة رسول الله ، ولكن لِـمَا سبق من نية أرجو من الله عليها الإثابة، ومن رغبةٍ أرجو من الله لها استجابة؛ كيما يفيق من هذه الأمة شباب، يعظمون مقام ربهم، ويتمسكون بغرس نبيهم، ويرفعون شأن دينهم، بعقيدة سلفية أثرية، من البدع والأهواء والشبهات نقية، تقودهم في متاهات السبل، وغيابات الطرق، في عصر صار الإعراض عن دين محمد عنوان، وصار لكل شاردة لسان، ولكل شاذة بنان، ولا حول ولا قوة إلا بالله المستعان.
    فجمعت - بحول الملك الوهاب - كلمات من وحى الجنان، وخط البنان، من أقوال من سبق ولحق من العلماء الربانيين المحققين، ممن أفنوا في تقرير عقيدة السلف الصالح الأعمار، وسُفِكَتْ من أجل ذلك دماؤهم أنهار؛ فصاروا ممن تُسْتَـنْزل بذكرهم الرحمات، وتعلوا بحبهم الدرجات، فجعلت:
    أختصر اختصارًا كلام هذا، وأزيد تفصيلاً كلام هذا، وأبين مراد هذا، وخلاصة قصد هذا، وأضم شارد ذاك إلى هذا، ثم آثرت أن لا تخلوا هذه الكلماتب من فرائد الفوائد، ونكت اللطائف، لتكون هاديًا للشريد، ومعينًا للمريد، وزادًا للمستزيد.
    وقد رتبتها على سبيل انتهجته، وطريق سلكته، أحسبه قريب من المبتدئين المقتصدين، غير بعيد من المتمرسين الدارسين، فبدأته ببيان لأهمية المعتقد الصحيح، ثم أتبعتها بمباحث رشيدة في كيفية تناول العقيدة، ثم تناولت صلب الكتاب وهو ( أركان الإيمان )، بشيء من التفصيل، وذكر وعرض للدليل، وكيف لا أفعل؟! ونحن مع الدليل ندور؛ فنسير معه حيث سار، ونقف أينما حط الرحال.(ب)
    هذا؛ وأني - في ذلك كله - على عقيدة السلف الصالح أسير؛ لا أبدل فيها ولا أزيد، ولا أزيغ عنها ولا أحيد، وهذا جهد المقل، وعلى الله ربنا التكلان.
    قال الإمام المزني: لو عورض كتاب سبعين مرة لوجد فيه خطأً، أبى الله أن يكون كتابًا صحيحًا غير كتابه.(ج)
    فإن تجد عيبًا فسد الخللا *** فجل من لا عيب فيه وعلا
    وختاما؛ إني لأرجو أن تكون هذه الكلمات زادًا لي إلى إلهي ومولاي، وهادياً لي في ديني ودنياي، وأنيسًا لي في قبري ومثواي، وسببًا في شفاعة الشافعين لي في معادي وأخراي... (د)
    وهذا ما أردت تسطيره، ورمت تقريره، ( واستمدادي المعونة والهداية والتوفيق والصيانة - في هذا وجميع أموري - من رب الأرضين والسماوات، واسأله التوفيق لحسن النيات، والإعانة على جميع أنواع الطاعات، وتيسيرها والهداية لها دائمـًا في ازدياد حتى الممات، وأن يفعل ذلك بوالدي، ومشايخي، وأقربائي، وإخواني، وسائر من أحبه، أو يحبني فيه، وجميع المسلمين والمسلمات، وأن يجود علينا برضاه، ومحبته، ودوام طاعته، وغير ذلك من وجوه المسرات، وأن يطّهر قلوبنا وجوارحنا من جميع المخالفات، وأن يرزقنا التفويض إليه، والاعتماد عليه في جميع الحالات.
    اعتصمت بالله، وتوكلت علي الله. ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم، حسبي الله ونعم الوكيل ).(هـ)
    وعنك إشارتي، وإليك قصدي *** ومنك مسرتي، ولك انقيادي
    وأنت ذخيرتي، وبك اعتمادي *** وفيك تألهي، وبك انتـصاري
    ......................
    (ا) قال الإمام محمد بن جرير الطبري - عليه رحمة الله - في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) : ( إن الله لا يغير ما بقوم ، من عافية ونعمة ، فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم ، حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضًا ، واعتداء بعضهم على بعض ، فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره ) ا.هـ تفسير الطبري .
    (ب) قال الحافظ ابن رجب الحنبلي - عليه رحمة الله -: ( ولا نعلم أن الله أعطى أحدًا من البشر موثقًا من الغلط، وأمانًا من الخطأ، فيستنكف له منها، بل وصل عباده بالعجز، وقرنهم بالحاجة، ووصفهم بالضعف والعجلة، فقال: خلق الإنسان من عجل، وخلق الإنسان ضعيفا، وفوق كل ذي علم عليم.
    ولا نعلمه خص بالعلم قومًا دون قوم، ولا وقفه على زمن دون زمن، بل جعله مشتركًا مقسومًا بين عباده، يفتح للآخر ما أغلقه عن الأول، وينبه المقل فيه على ما أغفل عنه المكثر، ويحييه بمتأخر يتعقب قول متقدم، وتال يعتبر على ماض، وأوجب على كل من علم شيئًا من الحق أن يظهره وينشره، وجعل ذلك زكاة العلم، كما جعل الصدقة زكاة المال.
    وقد قيل لنا: (اتقوا زلة العالم)، وزلة العالم لا تعرف حتى تكشف، وإن لم تعرف هلك بها المقلدون، لأنهم يتلقونها من العالم بالقبول، ولا يرجعون إلا بالإظهار لها، وإقامة الدلائل عليها، وإحضار البراهين، وقد يظن أن هذا اغتياب للعلماء، وطعن على السلف، وذكر للموتى، وكان يقال: (اعف عن ذي قبر)، وليس كما ظنوا، لأن الغيبة سب الناس بلئيم الأخلاق، وذكرهم بالفواحش والشائنات، وهذا هو الأمر العظيم المشبه بأكل لحوم الميتة. فأما هفوة في حرف، أو زلة في معنى، أو إغفال أو وهم أو نسيان، فمعاذ الله أن يكون هذا من ذلك الباب، أو أن يكون له مشاكلا أو مقاربا، أو يكون المنبه عليه آثما، بل يكون مأجورا عند الله، مشكورا عند عباده الصالحين، الذين لا يميل بهم الهوى، ولا تدخلهم عصبية، ولا يجمعهم على الباطل تحزب، ولا يلفتهم عن استبانة الحق حسد.
    وقد كنا زمانا نعتذر من الجهل، فقد صرنا الآن نحتاج إلى الاعتذار من العلم، وكنا نؤمل شكر الناس بالتنبيه والدلالة، فصرنا نرضى بالسلامة، وليس هذا بعجيب مع انقلاب الأحوال، ولا ينكر مع تغير الزمان، وفي الله خلف وهو المستعان) ا.هـ "الفرق بين النصيحة والتعيير" نقلا عن "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس" للشريف حاتم (صـ 6،7).
    (ج) "موضح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (1/6).
    (د) هذا: وإني والله الذي في السماء لفي غاية الشوق لتصحيح أخ شفيق ، وناصح رفيق ، لما نبا عنه البال، وشط به الحال، من خطأ أو عزو أو زلل أو نسيان ، فلا تحرمني أخي - مشرفا كنت أو عضوا - أي نصح مما خطر على بالك - أراح الله بالك من الهم والحزن - ولو كان قليلا يسيرا، أو حتى احتمالا ، فالمرء بأخوانه ، وإنما هي مذاكرة ... أدام الله علينا ستره الجميل في الدنيا والآخرة...
    (هـ) "مقدمة التنقيح في شرح الوسيط" للنووي (1/81).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,469

    افتراضي رد: كلمات سلفية في أركان الإيمان...

    بارك الله فيكم
    قال العلامة الأمين : العقيدة كالأساس والعمل كالسقف فالسقف اذا وجد أساسا ثبت عليه وإن لم يجد أساسا انهار

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (1) ...

    الشيخ الفاضل آل عامر جزاك الله خيرا علي مرورك ، وبارك في علمك وسعيك...
    (المبحث الأول)
    أهمية العقيدة الإسلامية
    اتفق علماء الإسلام قديماً وحديثاً على أهمية تناول العقيدة الصحيحة - عقيدة السلف - :
    روايةً ودرايةً، علمًا وعملاً، تعلماً وتعليماً، وهذا لما للعقيدة من أهمية عظيمة في الإسلام تتمثل في أنَّ:
    1 - العقيدة هي أول الواجبات على المكلفين.
    قال - جل وعلا - : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ (محمد:19).
    وقال النبي لمعاذ بن جبل ررر لما بعثه إلى اليمن:
    إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ [مِنْ] أَهْلِ [الـ]كِتَابٍ؛ [فَإِذَا جِئْتَهُمْ؛] فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إليه عِبَادَةُ الله،
    [- وفي رواية - يُوَحِّدُوا الله
    [- وفي رواية - شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّي رَسُولُ الله،]
    فَإِذَا عَرَفُوا الله، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله فَرَضَ عليهِمْ خَـمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا (ا) ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عليهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِـيَائِهِم ْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ، وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، [ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْـمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَـهُ وَبَيْنَ الله حِجَابٌ ].
    (ب)

    ......................
    (ا) تدبر - أراك الله الحق - قوله فَإِذَا فَعَلُوا ، بعد قوله فَإِذَا عَرَفُوا الأمر الذي ينبيك على أن المكلف بالشرع لن يؤديه على الوجه المرضي عنه إلا إذا كان صاحبه حسن الاعتقاد، فكأن العمل التكليفي المأتي به على الوجه الصحيح دليل وقرينه على ما يستكن في باطن المكلف من معاني الاعتقاد الشريفة.
    (ب) متفق عليه: رواه البخاري (1395)، ومسلم (19) من حديث ابن عباس...
    ويبين هذا الحديث الجليل الخطوات التي يجب أن يسلكها الداعي إلى الله ، فأول شيء من ذلك هو الدعوة إلى التوحيد، وإفراد الله وحده بالعبادة، والابتعاد عن الشرك صغيره وكبيره، وذلك يكون بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (2) ...

    2 - العقيدة الصحيحة هي الأساس الذي يقوم عليه الدين، وتصح معه الأعمال، وتقبل به الأقوال؛ فمن صحت عقيدته؛ صح عمله، ومن فسدت عقيدته؛ فسد عمله.
    قال تعالى : قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف:110). (ا)
    وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِين (الزمر:65) .
    وقال رسول الله : أَلَا وَإِنَّ فِي الـْجـَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الـْجـَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْـجـَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ.(ب)

    ...................
    (ا) (فائدة): اعلم - علمك الله العلم النافع - أن الله لا يقبل من العبد عملا حتى يتوفر فيه شرطان:
    أحدهما: الإخلاص وهو شرط الباطن:
    قال تعالى : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور (الملك:2).
    وقال تعالى: فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (الكهف:110)؛ فالعمل الصالح هو الموافق للسنة، والشرك نقيضه الإخلاص.
    وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا (النساء:125). فإسلام الوجه هو الإخلاص، والإحسان هو متابعة سنة النبي .
    وكان عمر بن الخطاب ررر يقول: اللهم اجعل عملي كله صالـحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحدٍ فيه شيئا.
    الثاني: متابعة سنة الرسول وهو شرط الظاهر.
    قال : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عليهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ. (متفق عليه: رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة، وله ألفاظ.)
    فهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، فكل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله، فقوله : (لَيْسَ عليهِ أَمْرُنَا) إشارة إلى أن أعمال العاملين كلها ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة؛ فتكون أحكام الشريعة حاكمة علىها بأمرها ونهيها، فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشريعة، موافقاً لها، فهو مقبول. ومن كان خارجاً عن ذلك، فهو مردود، وقد أوجب الله علينا طاعة رسوله ؛ فقال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (الحشر:7).
    قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي: قلت للشافعي: إن صاحبنا الليث بن سعد كان يقول: إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء؛ فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة.
    فقال الشافعي: قصر الليث - رحمه الله -، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء، ويطير في الهواء؛ فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب. (شرح العقيدة الطحاوية (1/502).)
    وقال الإمام العلم الفضيل بن عياض - نور الله ضريحه - في قوله تعالى : لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عملا (هود: 7، الملك:2) قال: أخلصه وأصوبه. قيل: يا أبا علي، وما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة. (حلية الأولياء (8/95).)
    (ب) متفق عليه: رواه البخاري (52)،ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير.
    قال الإمام مسلم - رحمه الله -: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ . حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ. قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ - وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ-:
    إِنَّ الْحـَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحـَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحـَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْـحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ. أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ. أَلَا وَإِنَّ فِي الْـجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْـجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْـجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ.
    وقد أجمع أهل العلم على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وسبب عظم موقعه أنه نبه فيه على إصلاح المطعم والمشرب والملبس وغيرها، وأنه ينبغي أن يكون حلالا، وأرشد إلى معرفة الحلال، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإن ذلك سبب لحماية دينه وعرضه، وحذر من مواقعة الشبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى، ثم بين أهم الأمور وهو مراعاة القلب.
    (أهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه) أي: مدهما إليهما ليأخذهما إشارة إلى استيقانه بالسمع. (الحلال بين، والحرام بين) معناه أن الأشياء ثلاثة أقسام: حلال بين واضح لا يخفى حله، وحرام بين واضح لا يخفى حرمته، ومشتبهات موجودة بين الحل والحرمة، ولم يظهر أمرها على التعيين، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس، ولا يدركون حكمها، وأما العلماء فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك، فإذا تردد الشيء بين الحل والحرمة ولم يكن فيه نص ولا إجماع؛ اجتهد فيه المجتهد، فألحقه بأحدهما بالدليل الشرعي، فإذا الحقه به صار حلالا أو حراما، وقد يكون دليله غير خال من الإحتمال، فيكون الورع تركه، ويكون داخلا في قوله : (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) أي: حصل له البراءة لدينه من النقص والذم الشرعي، وصان عرضه عن كلام الناس فيه، و(العرض) هو موضع الذم والمدح من الإنسان. (ألا وإن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه) معناه: أن ملوك العرب وغيرهم يكون لكل مَلِك منهم حمى يحميه عن الناس، ويمنعهم دخوله، فمن دخله أوقع به العقوبة، ولله أيضا حمى وهي محارمه، أي: المعاصي التي حرمها الله فمن دخل محارم الله بارتكابه شيئا من المعاصي استحق العقوبة، ومن قاربه يوشك أن يقع فيه، فمن احتاط لنفسه لم يقاربه، ولم يتعلق بشيء يقربه من المعصية فلا يدخل في شيء من الشبهات. (مضغة) المضغة: القطعة من اللحم، سميت بذلك لأنها تمضغ في الفم لصغرها.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (3)...


    3- التزام المنهج الإسلامي (ا) الصحيح هو طريق النجاة للفرد المسلم، وصلاح الأمة، وتوحيد كلمتها وصفوفها، ومن ثَمَّ التمكين لها في الأرض، والنصر على أعدائها. (ب)
    قال - عز وجل -: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون (النور:55). (ج)
    ..............................
    (ا) (فصل): (الإسلام) لغة: الانقياد والاستسلام والخضوع.
    وشرعا: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك ومعاداة أهله.
    فالإسلام - بمعناه العام -: هو التعبد لله بما شرع، منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، كما ذكر - جل وعلا - ذلك في آيات كثيرة؛ تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله . قال - جل وعلا - عن إبراهيم - عليه السلام - : رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم (البقرة:128).
    وقال - جل وعلا -: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ (البقرة: 213).
    والإسلام بمعناه الخاص- أي: بعد بعثة النبي -: يختص بما بُعث به نبينا محمد ، لأن ما بعث به النبي نسخ جميع الشرائع السابقة، فصار من اتبعه مسلماً، ومن خالفه ليس بمسلم، فأَتْباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم؛ فاليّهُود مسلمون في زمن موسى ، والنصارى مسلمون في زمن عيسى ، وأما حينما بعث النبي ، وكفروا به فليسوا بمسلمين. وهذا الدين الإسلامي هو الدين المقبول عند الله، النافع لصاحبه.
    قال - جل وعلا -: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين (آل عمران:85).
    (ب) اعلم - علمك الله - أن هذا الالتزام بالمنهج الرباني القويم هو السبيل لوحدة الدعاة إلى الله - جل وعلا -، ومن ثم وحدة المسلمين؛ تلك الوحدة التي ينشدها كل مؤمن مخلص. وكما قيل: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة.
    وروي الحافظ ابن عبد البر بسنده إلى إمام دار الهجرة مالك بن أنس قال: كان وهب بن كيسان يقعد إلينا، ولا يقوم أبدا حتى يقول لنا: اعلموا أنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله. التمهيد (10/23).
    وصاحب الاعتقاد لا يُغْلب على الإطلاق، فقد يكون أصحاب المعتقد قلة ضعيفة إلا أن العاقبة لهم ولا بد، وهذا في الحقيقة هو سر قوة المسلمين.
    (ج) قال الإمام المفسر محمد بن جرير الطبري - طيب الله ثراه - : ( يقول تعالى ذكره : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ (مِنكُمْ) أيها الناس ، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يقول: وأطاعوا الله ورسوله فيما أمراه ونهياه ؛ ( لَيَسْتَخْلِفَن َّهُم فِي الأَرْض وَلَيُبَدِّلَنّ َهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون) يقول: ليورثنهم الله أرض المشركين من العرب والعجم ، فيجعلهم ملوكها وساستها (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) يقول: كما فعل منْ قبلهم ذلك ببني إسرائيل ، إذ أهلك الجبابرة بالشأم ، وجعلهم ملوكها وسكانها ، (وَلَيُمَكِّنَنّ َ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ) يقول: وليوطئنّ لهم دينهم ، يعني: ملتهم التي ارتضاها لهم ، فأمرهم بها .
    وقيل : وعد الله الذين آمنوا، ثم تلقى ذلك بجواب اليمين بقوله : (لَيَسْتَخْلِفَ َّهُم) لأن الوعد قول يصلح فيه (أن)، وجواب اليمين كقوله: وعدتك أن أكرمك، ووعدتك لأكرمنك ...
    وقوله : (يَعْبُدُونَنِي) يقول : يخضعون لي بالطاعة ، ويتذللون لأمري ونهيي ، (لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) يقول : لا يشركون في عبادتهم إياي الأوثان والأصنام ولا شيئا غيرها ، بل يخلصون لي العبادة فيفردونها إلـيَّ دون كل ما عبد من شيء غيري ... ) ا.هـ تفسير الطبري باختصار .
    (توضيح) : تدبر- أخي الكريم - قوله - جل وعلا -: (يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)؛ فجملة (يَعْبُدُونَنِي) في محل نصب الحال؛ أي: أن الأمة لابد أن تكون في كل أحوالها عابدة لله - جل وعلا -، ثم الجملة الثانية (لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) جملة أخري تصف حال الأمة في عبادتها لله - جل وعلا - يجب أن تكون عبودية خالصة خالية من كل شوائب الشرك والبدع والهوى.
    (نقل): يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر - حفظه الله -: (العقيدة الإسلامية وحدها هي التي تجيب عن التساؤلات التى شغلت، ولا تزال تشغل الفكر الإنساني، بل وتحيره:
    من أين جئت؟ ومن أين جاء هذا الكون؟ وما الموجد؟ وما صفاته؟ وما أسماؤه؟ ولماذا أوجدنا، وأوجد الكون؟ وما دورنا في هذا الكون؟ وما علاقتنا بالخالق الذي خلقنا؟ وهل هناك عوالم غير منظورة وراء هذا العالم المشهود؟ وهل هناك مخلوقات عاقلة مفكرة غير هذا الإنسان؟ وهل بعد هذه الحياة من حياة أخرى نصير إليها؟ وكيف تكون تلك الحياة إن كان الجواب بالإيجاب؟
    لا توجد عقيدة سوى العقيدة الإسلامية اليوم تجيب على هذه الأسئلة إجابة صادقة مقنعة، وكل من لم يعرف هذه العقيدة، أو لم يعتنقها، فإن حاله لن يختلف عن حال ذلك الشاعر البائس (أ) الذي لا يدري شيئًا:
    جئت لا أعلم من أين، ولكني أتيت،
    ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت،
    وسأبقى سائرا إن شئت هذا أم أبيت،
    كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ ... لست أدري
    أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود؟
    هل أنا حر طليق، أم أسير في قيود؟
    هل أنا قائد نفسي في حياتي، أم مقود؟
    أتمنى أنني أدري ولكني. ... لست أدري
    وطريقي ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
    هل أنا أصعد، أم أهبط فيه وأغور؟
    أأنا السائر في الدرب، أم الدرب تسير؟
    أم كلانا واقف، والدهر يجري؟! ... لست أدري
    ليت شعري, أنا في عالم الغيب الأمين،
    أتراني كنت أدري أنني فيه دفين،
    وبأني سوف أبدو، وبأني سأكون،
    أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟! ... لست أدري
    أتراني قبلما أصبحت إنسانًا سويًا،
    كنت محوًا أو محالًا أم تراني كنت شيئًا؟
    ألهذا اللغز حل؟ أم سيبقى أبديا؟
    لست أدري، ولماذا لست أدري؟ ... لست أدري
    أي حيرة هذه؟! وأي قلق تجلبه هذه المجاهيل للنفس الإنسانية؟! ألا يستحق أبناء هذا القرن الذين فقدوا المعرفة بالحقائق الكبرى التي لا تستقيم حياتهم إلا بها هذه الهموم التي تملأ النفس وتسبب الأوجاع والعقد النفسية؟!
    وأين هؤلاء من المسلم الذي يدري، ويعرف معرفة مستيقنة كل هذه الحقائق؟! فإذا به يجد برد اليقين، وهدوء البال، وإذا به يسير في طريق مستقيم إلى غاية مرسومة يعرف معالمها، يدري غايته...
    (لست أدري) تلك هي الإجابة عن التساؤلات الخالدة، ليست قولة شاعر فحسب، (فسقراط) الفيلسوف الذي يعد من عمالقة الفلاسفة، يقول بصريح العبارة: (الشيء الذي لا أزال أجهلة جيدًا أنني لست أدري) (ب)، بل إن (اللاأدرية) مذهب فلسفي قديم.
    بالإسلام وحده يصبح الإنسان يدري من أين جاء؟ وإلى أين المصير؟ ويدري لماذا هو موجود؟ وما دوره في هذا الوجود؟ يدري ذلك حقًا وصدقًا، وفرق بين من يدري ومن لا يدري أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم (الملك: 22).)
    ا.هـ "العقيدة في الله" (صـ:15، 16، 17).
    ...........................
    (أ) هو إيليا أبو ماضي من قصيدة له طويلة بعنوان (الطلاسم) من ديوانه (الجداول) صـ: 106.
    (ب) الدين: لداراز: 69.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (4)...

    4- الانحراف عن العقيدة الإسلامية الصحيحة بأصولها الثابتة، وأسسها السليمة، وقواعدها المتينة = مهلكة وضياع؛ حيث أنَّ العقيدة الصحيحة هي الدافع إلى العمل الصالح النافع.
    فالفرد المسلم بغير عقيدة صحيحة يكون إنسانًا ضائعًا تائهًا، تتخطفه الفتن والأوهام والشكوك والشبهات (ا).

    .................
    (ا) ذلك لأن العقيدة هي الضابط الأمين الذي يحكم التصرفات، ويوجه السلوك، ويتوقف على مدى انضباطها وإحكامها كل ما يصدر عن النفس من كلمات أو حركات، بل حتى الخلجات التى تساور القلب والمشاعر التي تعمل في جنبات النفس، والهواجس التي تمر في الخيال، هذه كلها تتوقف على هذا الجهاز الحساس، فهي دماغ التصرفات، فإذا تعطل جزء منها أحدث فسادًا كبيرًا في التصرفات، وانفراجًا هائلاً عن سواء الصراط.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (5)...

    5- المنهج العقدي السلفي (ا) ليس منهجًا فكريًا أو ثقافيًا، بل هو منهج متكامل الجوانب، واضح المعالم، صحيح الدليل، قوي الحجة، موافق للفطر السليمة، والعقول الصحيحة، والقلوب السويَّة.
    منهج يتحرك به المسلم في العقيدة، والعمل، والعبادة، والدعوة، والسلوك، والأخلاق، والمعاملات؛ ويلتزم به في كل نواحي الحياة.
    وإلا فما الفائدة من أن يـُحْسِنَ المسلم المسائل العلمية (ب)، وهو لا يـُحْسِنُ أن يتق الله.
    ...............
    (ا) (فصل): السلفية:
    لغة: نسبة لمن (سلف) أي: مضى؛ فيقال للماضي: السالف، وقال : (أسلمتَ على ما أسلفتَ من خير) (ا)، فالسلف لغة: هم من تقدمك من آبائك، وذوى قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل.
    واصطلاحاً: هي ما كان عليه النبي والصحابة الكرام ، والتابعين لهم، وأئمة الإسلام العدول التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، خلفًا عن سلف، مروراً بالأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، والشافعي محمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل، والسفيانين: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والحمادين: حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، وتلميذه محمد بن أبى بكر ابن القيم، والحافظ إسماعيل ابن كثير... إلى عصرنا اليَوْم... التزاماً بعقيدة أهل السنة والجماعة اعتقادًا وقصدًا وقولاً وعملاً؛ خلافاً للفرق الضالة والمبتدعة، ( والتحديد الزمني ليس شرطًا في ذلك؛ بل الشرط هو موافقة الكتاب والسنَّة في العقيدة والأَحكام والسلوك بفهم السَّلف، فكل من وافق الكتاب والسُّنَة فهو من أتباع السَّلف، وإن باعد بينه وبينهم المكان والزمان، ومن خالفهم فليس منهم، وإن عاش بين ظهرانيهم). (ب)
    وعليه: فالسلفية تربط المسلم بالسَّلف الصالح من الصحابة الكرام، وبمَن تبعهم على منهجهم القويم، الراسخين في العلم، المهتدين بهدي النبي ، الحافظين لسنته، القائمين بأمره، والمدافعين عن دينه؛ فتزيده عزَّةً وإيمانًا وافتخارًا، فهم سادةُ الأولياء بحق، وأئمَّة الأتقياء بصدق؛ أفرغوا فى نصح الأمة نفعهم، وبذلوا فى مرضاة الله أنفسهم.
    قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم (التوبة:100).
    وقد اشترط الله على جميع المسلمين أن تكون عقيدتهم مطابقة لعقيدة الصحابة فقال تعالى: فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُ مُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (البقرة:137).
    والأمر كما قال ابن مسعود : (إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه؛ يقاتلون على دينه. فما رأى المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيء) (ج) .
    وكما ورد عن ابن عمر أنه قال: (مَن كان مستنًّا؛ فليستنَّ بمَن قد مات. أولئك أصحاب محمّد كانوا خيرَ هذه الأمة؛ أبرَّها قلوبًا، وأعمقَها علمًا، وأقلَّها تكلُّفًا، قومٌ اختارهم الله لصحبة نبيِّه ، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فهم كانوا على الهدى المستقيم، والله ربِّ الكعبة)(د).
    (فائدة): أما عن الانتساب إلى مذهب السلف: فقد قال : فعليكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْـخُلَفَاءِ الـْمَهْدِيِّين َ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عليهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ. (هـ)
    فـ( لا عيب على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه، واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه باتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا). (و)
    هذا ( ولفظ (السَّلفيَّة) أَصبح علـمًا على طريقة السلف الصَّالح في تلقي الإِسلام وفهمه وتطبيقه، وبهذا فإنَّ مفهوم السَّلفيَة يطلق على المتمسكين بكتاب الله، وما ثبت من سُنَّة رسول الله - صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم - تمسكًا كاملاً بفهم السَّلف) (ز)
    (وإذا كان ذلك بعضاً من مزايا المنهج السلفي ، فحق لنا أن نقول: نحن أهل سنة بلا فخر ، وسلفيون بلا خجل ، ونحن نعتقد أن السنة والسلفية ليستا حكرا علينا ، بل كل من سلك السبيل ، وأعتقد المعتقد الذي عليه سلف الأمة - رسول الله صلى الله عليه، وعلى آله وسلم وصحابته - ، ومن تبع سبيلهم من العلماء ؛ فهو سني سلفي ، لكن ليتفقد كل امرئ نفسه ، فإن الأمر دين ، والسفر طويل ، والعقبة شديدة ، والحساب عند الذي يعلم السر وأخفى ). (ح)
    (فائدة): (السلفية) لم يؤسسها أحدٌ من البشر في أيِّ زمانٍ أو مكان؛ فلم يكن الأئمة الأربعة، ومَن سمَّيْنا من الأئمة، ولا التابعون، ولا أصحاب محمد ، ولا محمدا ، ولا مَن مضى مِن قبله من النبيين والمرسلين مؤسسين للسلفية، بل هي من عند الله جاءت؛ فالنبيون والمرسلون بلغوا عن الله ما أراده من الشرْع، ومَن بعدهم دعاة إلى الله وِفْق هذه الشَّرْعِية؛ ولهذا فإنه ليس لها مستند سوى (النص والإجماع)، فجميع أقوال الناس وأعمالهم ميزانها عندنا شيئان: (النص والإجماع)؛ فمن وافق نصـًّا أو إجماعا قُبل منه، ومن خالف نصًا أو إجماعا؛ رُدَّ عليه ما جاء به من قول أو فعل كائنا مَن كان.
    ثم إن كان هذا المخالف أصوله سنية، ودعوته شرعية، فإنَّ خطأَه يرد، ولا يُتابع على زلته، وتُحفظ كرامته، وإن كان ضالاًّ مبتدعا لم يعرف للسنة وزنًا، ولم تَقم لها عنده قائمة، مؤسسـًا أصوله على الضلال، فإنه يُرد عليه كما يُرد على المبتدعة الضُلاَّل، ويقابل بالزَّجر والإغلاظ والتحذير منه، إلا إذا ترتبت مفسدة أكبر من التحذير منه.
    .....
    (ا) متفق عليه.
    (ب) الوجيز في عقيدة السلف الصالح (أهل السنة والجماعة) للشيخ عبد الله بن عبد الحميد الأثري، مراجعة وتقديم الشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ.
    (ج) رواه أحمد (1/359)، والطبراني في "الكبير"(9/112)، وفي "الأوسط" (4/58)، والطيالسي (246)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/375).
    (د) رواه أبو نعيم في "الحلية" (1/305).
    (هـ) حديث صحيح، ويأتي تخريجه.
    (و) مجموع الفتاوي.
    (ز) "الوجيز في عقيدة السلف الصالح".
    (ح) "أتحاف النبيل بأجوبة أسئلة علوم الحديث والعلل والجرح والتعديل" للشيخ أبي الحسن المأربي السليماني.(1/17).
    (ب)
    (فائدة): اتفق العلماء على أن العلم الشرعي من حيث وجوبه قسمان: فرض العين، وفرض الكفاية:
    فرض العين: وهو ما يجب على كل مكلَّف (مسلم بالغ عاقل) أن يتعلمه - على حسب ما يقدر عليه من الاجتهاد لنفسه - ، ولا يصح أن ينوب فيه بعض المسلمين عن بعض، وهو العلم الذي لا يتمكن المكلَّف من أداء الواجب الشرعي الذي تعين علىه فعله إلا بتعلمه. وهو نوعان:
    1- ما يجب أن يتعلمه المسلم ابتداءً، وذلك لتكرار وقوعه، وهذا أيضا قسمان:
    (أ) - قسم عام (العلم الواجب العيني العام): وهو ما يشترك فيه جميع المكلفين، ويلزمهم معرفته بلا استثناء، كالإيمان المجمل (أصل التوحيد) من معرفة الله، وتوحيده وأسماءه وصفاته، وصدق رسله، وإفراده بالعبادة ، وأحكام الطهارة والنجاسة، والصلاة وأركانها، وشروطها، والصيام، ومعرفة الحلال والحرام من المأكل والمشرب والملبس والأموال والدماء والفروج... إلخ تلك الضروريات.
    (ب) - قسم خاص (العلم الواجب العيني الخاص): وهو ما يجب على بعض المكلفين دون بعض:
    إما لقدرتهم على أدائه كالزكاة والحج، وإما لشروعهم في عمل من الأعمال اختياراً كالنكاح والتجارة، وإما لتعيّن واجب علىهم كالقضاة وأمراء الجهاد؛ فمن تعيّن عليه واجب أو اشتغل بمباح كالنكاح والتجارة؛ وجب علىه تعلم أحكامه دون غيره.
    2 – ما لا يجب أن يتعلمه المسلم ابتداء (النوازل): وهى الأشياء نادرة الحدوث، فإذا ألمت به لامة، ونزلت به نازلة؛ فلابد أن يعلم وجه الحق فيها وذلك: إما بتعلمها - بحثًا واستفراغًا للجهد في إصابة وجه الحق فيها حسب طاقته واستطاعته -، وإما بالسؤال عنها عند وقوعها أو عند توقع وقوعها.
    وفرض الكفاية: وهو ما يجب على الأمة الإسلامية ككل تعلمه وحفظه، فإن قام بهذا البعض بما يكفي، كان لهم الفضل والثواب، وسقط الإثم عن الكل، وإن لم يقم به هذا البعض بما يكفي؛ أثم الكل.
    ويشتمل هذا العلم تحصيل: ما لا بد للمسلمين منه في إقامة دينهم من العلوم الشرعية (علوم الألات)؛ كحفظ القرآن كله، والأحاديث وعلومها، والفقه، والأصول، واللغة، والسيرة، والنحو، والصرف، والمعاني والبيان ، واجتماع العلماء وافتراقهم.
    وما لا بد لهم منه في إقامة دنياهم (علوم الصناعات): كالفلاحة، والطب، والتجارة، والهندسة... إلخ.
    انظر "إحياء علوم الدين" للغزالي،
    و"الجامع في طلب العلم" للشيخ عبد القادر عبد العزيز.
    و"تحصيل المأمول" د. أحمد النقيب.
    (تنبيه): واعلم - رحمك الله - أن: (على كل مسلم أن يجتهد ويبذل وسعه في معرفة أحكام الدين التي تتمثل في:
    • معرفة الله .
    • معرفة النبي .
    • معرفة ما شرع الله، وما شرع نبيه .
    • معرفة الصحابة الكرام، والترضي عليهم، ونصرتهم...
    • التمييز بين الحق و الباطل، والسنة والبدعة، ومواضع الافتراق والاتفاق...
    والمسلمون في كل هذا على درجات متفاوتة: فمنهم المقلد، ومنهم طالب العلم، ومنهم المتبع، ومنهم العالم، ومنهم المجتهد، وكلهم يجتمعون في أصل الاجتهاد على القدر الذي يوفقه الله فيه؛ كل حسب جهده واستطاعته...) من كلمات فضيلة الدكتور أحمد النقيب - حفظه الله.
    (تفصيل): تنقسم الديانة (الإسلام) إلى قسمين:
    أولاً: إعتقاديات (عقيدة): وهى التي تتعلق بالقلب؛ مثل اعتقاد ربوبية الله، وألوهيته، وبقية أركان الإيمان من الغيبيات والسمعيات.
    ثانياً: عمليات (شريعة): وهى الأحكام العملية التي يُخَاطب بها المكلف؛ فهي تتعلق بكيفية العمل مثل: الصلاة و الزكاة والصيام والجهاد وبر الوالدين وسائر الأحكام العملية...

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقلة (7)...

    7 - العقيدة هي المعيار الواضح الثابت الذي يوزن عليه كل شيء في هذه الحياة ،
    فعليها - وحدها - يوالي المسلم ويعادي ،
    وعليها - وحدها - يزن المسلم: الأحداث ، والتصورات ، والمناهج ، والأفكار ، والشعائر ، والتقاليد ، والأوضاع ، والأحوال...
    لا على المعايير الفاسدة من معايير الهوى ، والمصالح الدنيوية ، مما ليس لها في دين الله حظ ولا نصيب.
    فعلى كل مسلم أن يزن نفسه على هذا المعيار - معيار العقيدة - ، سائلاً نفسه: هل أنا مسلم عقائدي ، أم أنا مسلم هوائي دنيوي ؟! (ا)

    ..............
    (ا) من كلمات فضيلة الشيخ الدكتور أحمد النقيب -حفظه الله ورعاه -. محاضرة "نبذة عن عقيدة الشيعة".

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (8)...

    8 - علم العقيدة هو أشرف العلوم كلها:
    حيث أنَّ شرف كل علم يرجع إلى شرف معلومه، وقدره يعظم بعظم محصوله.
    ولذا كان العلم الدال على الله - عز وجل - ، والمقرب منه - جل علا -، والمُسَيّر إليه - وفق المنهج الذي شرعه وارتضاه - بين زخارف الحياة الدنيا = هو أشرف العلوم بحق؛
    فكان النفع به أعم، والفائدة منه أتم، والسعادة باقتنائه أدوم. (ا)

    .........
    (ا)
    انظر هذه الفائدة في "جامع الأصول" (1/36)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (1/3). و"هداية القاصد لنيل المقاصد" د. أحمد النقيب.
    (نقل): قال العلامة بدر الدين بن جماعة - رحمه الله -: (شرف العلم يتبع شرف المعلوم، لكن بشرط أن لا يخرج عن مدلول الكتاب، والسنة الصحيحة، وإجماع العدول، وفهم العقول السليمة، في حدود القواعد الشرعية، وقواعد اللغة العربية الأصيلة) ا. هـ (ا)
    (نقل): قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: (... فأصل العلم باللَه الذي يوجب خشيته، ومحبته، والقرب منه، والأنس به، والشوق إليه. ثم يتلوه العلم بأحكام اللَه، وما يحبه ويرضاه من العبد، من قول أو عمل أو حال أو اعتقاد؛ فمن تحقق بهذين العلمين، كان علمه علماً نافعًا، وحصل له العلم النافع، والقلب الخاشع، والنفس القانعة، والدعاء المسموع.
    ومن فاته هذا العلم النافع، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي ، وصار علمه وبالا، وحجة عليه، فلم ينتفع به، لأنه لم يخشع قلبه لربه، ولم تشبع نفسه من الدنيا، بل ازداد علىها حرصاً، ولها طلباً، ولم يسمع دعاؤه لعدم امتثاله لأوامر ربه، وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه... (ب)
    هذا إن كان علمه علماً يمكن الانتفاع به، وهو المتلقى من الكتاب والسنة، فإن كان متلقى من غير ذلك، فهو غير نافع في نفسه، ولا يمكن الانتفاع به، بل ضره أكثر من نفعه) ا. هـ (ج)
    ونظم هذا المعنى صاحب العقيدة السفارينية فقال:
    وبعد: فاعلم أن كل العلم * كالفرع للتوحيـد فاسمع نظمي
    لأنه الـعلم الـذي لا ينبغي * لـعـاقل لفهمه لـم يـبتغ
    ويعـلم الواجــب والمحـالا * كـجائز في حقه تـعالـى
    ........................
    (ا) "إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل".
    (ب)يشير رحمه الله إلى ما رواه مسلم (2722) من حديث زيد بن أرقم أن النبي كَانَ يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا.
    (ج) "فضل علم السلف على الخلف".

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (9) ...

    9 - التعبد لله - جل وعلا - بمعرفته، وتوحيده، ومحبته، ومراقبته، والتقرب إليه، هي جنة الدنيا وصفو نعيمها. (ا)
    ...........
    (ا)(فائدة ): اعلم - علمك الله العلم النافع - أن حاجة العباد للتوحيد فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، لأنه لا بد للعبد من معرفة ربه ومعبوده وفاطره بأسمائه وصفاته وأفعاله ، ولا بد من حُبِهِ سبحانه ؛ وهذا هو علم التوحيد .
    فهذه العقيدة السلفية النقية تَكْفُل لمعتنقيها الحياة الكريمة؛ ففي ظلها يتحقق الأمن والحياة الكريمة؛ ذلك أنها تقوم على الإيمان بالله، ووجوب إفراده بالعبادة دون من سواه، وهذا هو سبب الأمن والخير والسعادة في الدارين؛ فالأمن قرين الإيمان، وإذا فقد الإيمان فقد الأمن.
    قال - عز وجل -: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون (الأنعام: 82).
    فأهل التقوى والإيمان لهم الأمن التام، والاهتداء التام في الأولى والآخرة، وأهل الشرك والمعصية هم أهل الخوف وأولى الناس به، فهم مهددون بالعقوبات والنقمات في سائر الأوقات.
    (نقل): قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من أجمل ما خط بنانه - قدس الله روحه- : (... فَإِنِّي - وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ - فِي نِعَمٍ مِنْ اللَّهِ مَا رَأَيْت مِثْلَهَا فِي عُمْرِي كُلِّهِ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ أَبْوَابِ فَضْلِهِ وَنِعْمَتِهِ وَخَزَائِنِ جُودِهِ وَرَحْمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ بِالْبَالِ ؛ وَلَا يَدُورُ فِي الْخَيَالِ مَا يَصِلُ الطَّرْفُ إلَيْهَا يَسَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى صَارَتْ مَقَاعِدَ وَهَذَا يَعْرِفُ بَعْضَهَا بِالذَّوْقِ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَحَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَمَا هُوَ مَطْلُوبُ الْأَوَّلِينَ والآخرين مِنْ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ . فَإِنَّ اللَّذَّةَ وَالْفَرْحَةَ وَالسُّرُورَ وَطِيبَ الْوَقْتِ وَالنَّعِيمَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ : وَانْفِتَاحِ الْحَقَائِقِ الْإِيمَانِيَّة ِ وَالْمَعَارِفِ الْقُرْآنِيَّةِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ : لَقَدْ كُنْت فِي حَالٍ أَقُولُ فِيهَا : إنْ كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إنَّهُمْ لَفِي عَيْشٍ طَيِّبٍ . وَقَالَ آخَرُ : لَتَمُرُّ عَلَى الْقَلْبِ أَوْقَاتٌ يَرْقُصُ فِيهَا طَرَبًا وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا نَعِيمٌ يُشْبِهُ نَعِيمَ الْآخِرَةِ إلَّا نَعِيمَ الْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ .
    ا.هـ "مجموع الفتاوى" (28/30، 31).

    http://www.ahlelathar.com/vb/showthread.php?t=4189

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (10) ...

    10- الاعتقاد الصحيح أهم من العمل . (ا)
    ....................
    (أ)
    ومثال ذلك أن رجلاً ظل يعبد الله - جل وعلا - طول عمره، وهو يعتقد أن الله فقير، أو ظالم، أو مغلول اليد، فهذا لا تنفعه عبادته ولو شهد الأشهاد من الأنس والجن والملائكة بفضله وعلمه وعبادته - وما كانوا ليشهدوا - !
    فنحمده - جل جلاله - على نعمة الإسلام والإيمان والسنة، ونسأله - تعالى - أن يتم علينا ستره الجميل في الدنيا والآخرة.
    (فوائد): تعريف الإيمان ( أي : من حيث الماهية ) عند أهل السنة والجماعة - كما أجمع عليه أئمتهم وعلماؤهم سلفاً وخلفاً - :
    (قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ويتفاضل أهله فيه)
    فهو (قول القلب، وقول اللسان، وعمل اللسان، وعمل القلب، وعمل الجوارح).
    وبعبارة أخرى عندهم: (اعتقاد القلب، إقرار اللسان، عمل الجوارح).
    وعليه: فمسمى الإيمان عند أهل السنة والجماعة يطلق على ثلاث خصال مجتمعة: لا يجزيء أحدها عن الآخرى، وهذه الأمور الثلاثة جامعة لدين الإسلام.
    وقد حكى الإجماع على ذلك جمع من أهل العلم؛ حتى أصبح هذا القول من مميزات أهل السنة والجماعة، والفارقة بينهم وبين أهل البدع والأهواء.
    قال شيخ الإسلام: ( ومن أصول أهل السنة والجماعة: أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ).(ا)
    وقال: ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح وكل هذا صحيح ). (ب)
    (فقول القلب): هو معرفته للحق، واعتقاده، وتصديقه، وإقراره، وإيقانه به؛ وهو ما عقد عليه القلب، وتمسك به، ولم يتردد فيه، فإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء.
    قال - عز وجل -: وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون (الزُّمَر:33).
    وقال - عز وجل -: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون (الحُجُرات:15)، وقوله - جل جلاله -: (لَمْ يَرْتَابُوا) أي: لم يشُكُّوا.
    و(قول اللسان): هو النطق بالشهادتين، والإقرار بلوازمهما، أي: بما جاء من عند الله - عز وجل -، والشهادة له بالتوحيد، ولرسوله بالرسالة، ولجميع الأنبياء والرسل.
    قال - عز وجل -: قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون (البقرة:136).
    وأصل الإيمان هو شهادة أن (لا إله إلا الله)، ومن بلغه أن (محمداً رسول الله)، لزمه ذلك، وإلا لم تقبل منه شهادة (لا إله إلا الله)، لكن يتصور وجود شيء من الإيمان بوجود شهادة (لا إله إلا الله)، وهو لا يعلم أن محمداً ؛ لعدم بلوغه خبره، أو لأنه كان قبل بعثته، فهو يكون مؤمنًا عند الله، بخلاف من بلغته الدعوة وهو يشرك بالله - عز وجل - فهو كافر.
    قال النبي : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا [ذَلِكَ]؛ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ، إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله) (ج).
    فقول اللسان أمر لابد منه، فهو الأصل في ثبوت وصف الإيمان - في الظاهر -.
    والمراد بقول اللسان - الذي يكون إيمانًا في الباطن والحقيقة - هو الملازم لاعتقاد القلب، وتصديقه، وإلا فالقول المجرد عن اعتقاد الإيمان ليس إيماناً باتفاق المسلمين، بل هو عين النفاق، والعياذ بالله.
    و(عمل القلب): وهو نيته، وإخلاصه، وإذعانه، وخضوعه، وإنقياده، وتوكله، ورجاؤه، وخشيته، وتعظيمه، وحبه، وغيرها من أعمال القلب.
    فهو شيء زائد عن مجرد التصديق والعلم واليقين، الذي هو قول القلب.
    ومثال ذلك: فرعون وهامان وقارون.
    فنحن نعلم ونقر بوجودهم، ولكننا نكرههم ونبغضهم، فالإقرار بوجودهم شيء، ومحبتهم وتوليهم شيء آخر.
    فالفرق بين قول القلب وعمل القلب يتمثل في أن قول القلب من التصديق والعلم واليقين شيء، وعمل القلب من محبة وإخلاص وانقياد وغيرها شيء آخر.
    قال - عز وجل -: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (النساء:65).
    وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان، وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب.
    و(عمل اللسان): هو ما لا يؤدى إلا به: كتلاوة القرآن، والدعاء، والدعوة إلى الله، وسائر الأذكار؛ وغير ذلك من الأعمال التي تؤدى باللسان.
    قال - عز وجل -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (الأحزاب: 41).
    و(عمل الجوارح): هو أفعال سائر الجوارح من فعل للمأمورات والواجبات، مثل ( الصلاة، والصيام، والقيام، والركوع، والسجود، والصدقات، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شعب الإيمان...)،
    ومن ترك واجتناب للمنهيات والمحرمات، مثل (القتل، والسرقة، والزنا، والربا، والغلول، والكذب، والغش، والغيبة، والنميمة، والرياء، والحقد، والغل، والحسد...).
    قال - عز وجل -: وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (البقرة:143) أي:صلاتكم.
    وقال : الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَة، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ. (د).
    قال الإمام الحافظ البغوي: (واتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان لقوله - تعالى -: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون ، فجعل الأعمال كلها إيمانا، وكما نطق به حديث أبي هريرة - يعني حديث الشعب - ) ا.هـ.
    وأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب، ولازمة لها؛ فعدم الأعمال الظاهرة ينفي الإيمان الباطن، ولهذا ينفي الله الإيمان عمن انتفت عنه لوازمه، فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، كقوله - عز وجل - : وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَـكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُون (المائدة:81).
    فالظاهر والباطن متلازمان، ولا يكون الظاهر مستقيماً إلا مع استقامة الباطن، وإذا استقام الباطن، فلابد أن يستقيم الظاهر.
    ومن ثم؛ فإنه يمتنع أن يكون الشخص مؤمناً بالله، مقراً بالفرائض، ومع ذلك فهو تارك لتلك الطاعات، ممتنع عن فعلها.
    قال الإمام الأوزاعي: (لا يستقيم الإيمان إلا بالقول، ولا يستقيم الإيمان والقول إلا بالعمل، ولا يستقيم الإيمان والقول والعمل إلا بنية موافقة للسنة، فكان من مضى ممن سلف لا يفرقون بين الإيمان والعمل، العمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم جامع كما جمع هذه الأديان اسمها، وتصديقه العمل، فمن آمن بلسانه وعرف بقلبه وصدق ذلك بعمله، فذلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ولم يصدق بعمله لم يقبل منه، وكان في الآخرة من الخاسرين). (هـ)
    قال الإمام الحافظ أبو بكر الآجري: (اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم -: أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح. ثم اعلموا: أنه لا تجزىء المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقًا، ولا تجزىء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث: كان مؤمنا. دل على ذلك الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين ). (و)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - طيب الله ثراه -: (وكان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان والعمل. العمل من الإيمان، والإيمان من العمل، وإنما الإيمان اسم يجمع كما يجمع هذه الأديان اسمها ويصدقه العمل. فمن آمن بلسانه، وعرف بقلبه، وصدق بعمله، فتلك العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن قال بلسانه، ولم يعرف بقلبه، ولم يصدق بعمله كان في الآخرة من الخاسرين. وهذا معروف عن غير واحد من السلف والخلف أنهم يجعلون العمل مصدقا للقول). (ز)
    وقال الإمام ابن القيم: (حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل. والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام. والعمل قسمان: عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح؛ فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله) ا.هـ (ح)
    * فليس الإيمان كما تقوله الجهمية: هو المعرفة بالقلب فقط.
    * وليس كما تقوله الكرامية: قول باللسان فقط.
    * وليس كما تقوله الأشاعرة: اعتقاد القلب فقط.
    * وليس كما تقوله مرجئة الفقهاء : تصديق بالقلب، والإقرار باللسان، وجعلوا أعمال الجوارح ثمرة الإيمان، وليست من حقيقته، وإنما تسمي إيمانا مجازا..
    وقولهم محجوج بالكتاب والسنة، وقد أنكر السلف - رضى الله عنهم - على من أخرج الأعمال من الإيمان، وجعلوه قولا محدثا.
    ولذلك اهتم أئمة الإسلام قديماً وحديثاً ببيان بطلان هذا المذهب والرد على أصحابه، وجعلوا لهذه المسألة باباً خاصاً في كتاب العقائد، بل ألفوا فيها مؤلفات مستقلة كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره.
    وقال رحمه الله: ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ).
    .............................. ........
    (ا) العقيدة الواسطية (صـ :14).
    (ب) مجموع الفتاوى (7/170) .
    (ج) متفق عليه: رواه البخاري (25)، ومسلم (22) من حديث ابن عمر.
    (د) متفق عليه: رواه البخاري (9)، ومسلم (35) واللفظ له من حديث أبي هريرة.
    (هـ) "شرح أصول الاعتقاد" اللالكائي.
    (و) "الشريعة" (1/ 125)
    (ز) "مجموع الفتاوى" (7/296).
    (ح) "حكم تارك الصلاة" (صـ70، 71).

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (11)...

    ( المبحث الثاني )
    خصائص العقيدة الأسلامية


    للعقيدة الإسلامية - عقيدة السلف - خصائص عديدة، لا توجد في أي عقيدة أخرى، ولا غرو في ذلك؛ إذ أن تلك العقيدة تُستَمد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
    ومنها:
    1- سلامة مصدر التلقي: وذلك باعتمادها على الكتاب والسنة، وإجماع السلف الصالح.


    ..........................
    (ا)
    (فائدة): مناهج الاستدلال:
    القرآن الكريم: ويشمل جميع الأحرف السبعة والموجود منها الآن القراءات العشر.
    السنة: يستدل أهل السنة والجماعة بما ثبت عن النبي ، ولهذا يعني أهل السنة والجماعة بما صح من السنة النبوية، وبما لم يصح، فلا يستدل في مسائل الاعتقاد، والمسائل العظيمة بما لم يثبت عنه ، لأن السنة الصحيحة حجة، فإذا ثبت الحديث بأنْ كان حديثا صحيحًا أو حسنًا؛ فإنه يحتج به، فهذا من التلقي عن رسول الله ...
    فهم إذا سمعوا حديثًا من أحاديث رسول الله الصحيحة فكأنهم سمعوه من فِي الرسول ؛ فيصدقون به، ويعملون به، ولا يقدمون عليه قولاً، ولا رأيًا، ولا ذوقًا، ولا قياسًا، ولا عقلاً.
    الإجماع: يستدل أهل السنة والجماعة بما ثبت من إجماع الصحابة أو من بعدهم، فإذا قال أحد العلماء: أجمع العلماء على كذا. فإنه قد يكون له اصطلاح في الإجماع كما كان لابن المنذر اصطلاح في الإجماع، وكما كان لغيره إصلاح لكلمة (أجمعوا) كذلك (اتفقوا على كذا)، فإذا نقل أكثر من عالم هذا الإجماع، ولم يتعقب فإن هذا يدل على صحة هذا الإجماع، وكذلك ما اشتهر من الإجماعات؛ حتى غدا معروفا عند أهل السنة والجماعة بحيث لا يُحتاج فيه إلى إثبات نقل عليه؛ مثل تقديم أبي بكر للخلافة، لتقدمه في الفضل، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم على ، فإننا نعلم أن الصحابة على هؤلاء الأربعة أجمعوا إجماعًا مستفيضًا لا يحتاج إلى النقول.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    افتراضي الحلقة (13) ...

    3 - موافقة الفطرة القويمة، والعقل السليم.
    4 - اتصال سندها بالنبي والصحابة والتابعين وأئمة الدين قولاً، وعملاً، وقصدًا، واعتقاداً. (ا)
    5 - الوضوح والسهولة والسلامة من الاضطراب والتناقض.

    .............................
    (ا) (توضيح): هذه الخصيصة من أعظم خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة، وذلك لأنه لا يوجد أصل من أصول أهل السنة والجماعة ليس له مستند من الكتاب والسنة، أو عن السلف الصالح، بخلاف العقائد الأخرى المبتدعة.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (14) ...

    6 - قد تأتي العقيدة الإسلامية بالمحار، ولكن لا تأتي بالمحال:
    ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول، وما قد تحار فيه الأفهام، كأمور الغيب (أ) : من عذاب القبر ونعيمه، والصراط، والحوض، وكيفية صفات الله ، وغيرها .
    فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور، وكيفياتها، ولكنها لا تحيلها بل تُسَّلِّمُ لذلك وتنقاد؛ لأن ذلك صادر عن الوحي المنزل، الذي لا ينطق عن الهوى.
    ..........
    (ا) الغيب : ماغاب عن الحس ، فلا يدرك بشيء من الحواس الخمس : السمع والبصر واللمس والشم والذوق .
    وعليه فإن جميع أمور ومسائل العقيدة الإسلامية التي يجب على العبد أن يؤمن بها ، ويعتقدها غيبي ، كالإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر ، وعذاب القبر ونعيمه ، وغير ذلك من أمور الغيب التي يعتمد في الإيمان بها على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله .
    وقد أثنى الله تعالى على الذين يؤمنون بالغيب ، فقال - سبحانه وتعالى - في صدر سورة البقرة : ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ . ( البقرة : 2-3 ) .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (15) ...

    7- العموم والشمول والصلاح لكل حال وزمان ومكان. (ا)
    ..........
    (ا) ( يتضح شمول العقيدة في الأمور الثلاثة الآتية :
    الأول : شمول [العبادة] ، فالعبادة : اسم جامع لكل مايحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فالعبادة تشمل العبادات القلبية ، كالمحبة ، والخوف ، والرجاء ، والتوكل ، وتشمل العبادات القولية كالذكر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقراءة القرآن ، وتشمل العبادات الفعلية كالصلاة ، والصوم ، والحج ، وتشمل العبادات المالية ، كالزكاة ، وصدقة التطوع .
    وتشمل كذلك الشريعة كلها ، فإن العبد إذا اجتنب المحرمات ، وفعل الواجبات والمباحات مبتغياً بذلك وجه الله تعالى كان فعله ذلك عبادة يثاب عليها . وسيأتي الكلام على هذه المسألة بشيء من التفصيل عند الكلام على توحيد الألوهية .
    الثاني : أنها تشمل [علاقة العبد بربه ، وعلاقة الإنسان بغيره من البشر] ، وذلك في مباحث التوحيد بأنواعه الثلاثة ، وفي مبحث الولاء والبراء ، وغيرها .
    الثالث : أنها تشمل [حال الإنسان في الحياة الدنيا ، وفي الحياة البرزخية (القبر) ، وفي الحياة الأخروية] . )
    (خصائص العقيدة الإسلامية أ . د / عبد الله بن عبد العزيز الجبرين )

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (16) ...

    8- الثبات والاستقرار والخلود: فلقد ثبتت أمام الضربات المتوالية التي يقوم بها أعداء الإسلام؛ من اليهود، والنصارى، والمجوس، وغيرهم. (ا)
    9- أنها ترفع قدر أهلها: فمن اعتقدها، وزاد علماً بها، وعملاً بمقتضاها، ودعى الناس إليها أعلا الله قدره، ورفع له ذكره، ونشر بين العالمين فضله.
    10- الألفة والاجتماع:
    فما اتحد المسلمون، وما اجتمعت كلمتهم في مختلف الأعصار والأمصار إلا بتمسكهم بعقيدتهم، وما تفرقوا واختلفوا إلا لبعدهم عنها.
    ............
    (ا) فما إن يعتقد هؤلاء أن عظمها قد وهن، ونارها قد انطفأت، حتى تعود جذعة ناصعة نقية؛
    فهي ثابتة إلى قيام الساعة، محفوظة بحفظ الله  تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل، لا يتطرق إليها التحريف، أو الزيادة، أو النقصان، أو التبديل.كيف لا والله عز وجل هو الذي تكفل بحفظها، وبقائها ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه ؟
    قال عز وجل : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون (الحجر: 9).
    ولذلك تجد أن أهل السنة والجماعة أَعظمُ النَّاس صبرا على أَقوالهم، ومعتقداتهم، ودعوتهم.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (17) ...

    11- التميز والوسطية:
    فهي عقيدة متميزة، وأهلها متميزون، فطريقتهم مستقيمة، وأهدافهم محددة. (ا)

    .............
    (ا) (فائدة) الوسطية هي أخص خصائص أهل السنة والجماعة، فهم أَهل الوسط والاعتدال بين الإفراط والتفريط ، وبين الغلو والجفاء ، سواء أكان في أبواب العقيدة أَم الأَحكام والسلوك، فكما أَنَّ الأُمة وسطٌ بين الملل، فأهل السنة وسطٌ بين فرق الأمَّة ، وعقيدة أهل السنة والجماعة والتي هي عقيدة الإسلام الصحيحة وسط بين عقائد الفرق الضالة المنتسبة إلى دين الإسلام ، فهي في كل باب من أبواب العقيدة وسط بين فريقين آراؤهما متضادة ، أحدهما غلا في هذا الباب والآخر قصر فيه ، أحدهما أفرط والثاني فرّط ، فهي حق بين باطلين ،
    وأمثلة ذلك أنهم:
    * وسط في صفات الله - عز وجل - بين أهل التعطيل وأهل التمثيل :
    فأهل التعطيل ينفون صفات الله - عز وجل - ، وأهل التمثيل يثبتونها مماثلة لصفات المخلوقين...
    وأهل السنة أثبتوا صفات الله - عز وجل - إثباتًا بلا تمثيل ، وينزهون الله تنزيهًا بلا تعطيل.
    * وسط في باب أفعال العباد بين الجبرية والقدرية :
    فالجبرية يقولون أن العبد مجبور على فعله ، والقدرية يقولون أن العبد هو الخالق لأفعاله دون مشيئة الله ،
    وأهلَ السنة والجماعة وسط بين هاتين الفرقتين فقالوا : إن الله هو الخالق للعباد وأفعالِهِم ، والعبادُ فاعلون حقيقة ، ولهم قدرة على أعمالهم ، والله خالقهم ، وخالق أعمالهم وقدراتهم ، وأثبتوا للعبد مشيئة واختيارًا تابعين لمشيئة الله .
    * وسط في باب وعيد الله بين الوعيدية والمرجئة :

    فالمرجئة غلبوا نصوص الرجاء على نصوص الوعيد فقالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. فعندهم أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان ، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان.
    والوعيدية غلبوا نصوص الوعيد على نصوص الوعد فقالوا : إن الله يجب عليه عقلاً أن يعذب العاصي ، كما يجب عليه أن يُثيب الطائع ، فمن مات على كبيرة ، ولم يتب منها ، فهو مخلد في النار ، وهذا أصل من أصول المعتزلة ، وبه تقول الخوارج .
    أما أهل السنة والجماعة فقالوا : مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها ، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، أو مؤمن ناقص الإيمان ، وإن ماتَ ، ولم يتب فهو تحت مشيئة الله ، إن شاء عفا عنه برحمته ، وإن شاء عذبه بعدله بقدر ذنوبه ، ثم يخرجه من النار.
    * وسط في باب أسماء الدين والإيمان والأحكام بين الخوارج والمعتزلة ، وبين المرجئة والجهمية :
    (أ) الخوارج عندهم أنه لا يسمى مؤمنًا إلا من أدى جميع الواجبات ، واجتنب الكبائر ، ويقولون أن الدين والإيمان قول وعمل واعتقاد ، ولكنه لا يزيد ولا ينقص ؛ فمن أتى كبيرة كفر في الدنيا ، وهو في الآخرة خالد مخلد في النار ، إن لم يتب قبل الموت .
    (ب) المعتزلة قالوا بقول الخوارج إلا أنه وقع الاتفاق بينهم في موضعين : نفي الإيمان عن مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار مع الكافرين.
    ووقع الخلاف بينهم في موضعين: الخوارج سموه في الدنيا كافرًا، والمعتزلة قالوا في منزلة بين المنزلتين: فهو خرج من الإيمان، ولم يدخل في الكفر.
    والخوارج استحلوا دمه وماله ، والمعتزلة لم يستحلوا ذلك .
    (ج) المرجئة قالوا : لا يضر مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، فهم يقولون أن الإيمان مجرد التصديق بالقلب ، فمرتكب الكبيرة عندهم كامل الإيمان ، ولا يستحق دخول النار ، وهذا يبين أن إيمان أفسق الناس عندهم كإيمان أكمل الناس.
    (د) الجهمية وافقوا المرجئة في ذلك تمامًا ، فالجهم قد ابتدع التعطيل ، والجبر ، والإرجاء.
    ( هـ) أما أهل السنة والجماعة فوفقهم الله للوسطية بين هذين المذهبي الباطلين فقالوا : الإيمان قول وعمل ( قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) ، فمرتكب الكبيرة عند أهل السنة مؤمن ناقص الإيمان ، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، فلا ينفون عنه الإيمان أصلاً ، ولا يقولون بأنه كامل الإيمان ، أما حكمه في الآخرة فهو تحت مشيئة الله : إن شاء أدخله الجنة من أول وهلةٍ رحمةً منه وفضلا ، وإن شاء عذبه بقدر معصيته عدلاً، ثم يخرجه بعد التطهير ويدخله الجنة ، هذا إن لم يأتِ بناقض من نواقض الإسلام.
    * وسط في أصحاب رسول الله بين الروافض والخوارج :
    فالرافضة غلوا في علي ررر وأهل البيت، ونصبوا العداوة لجمهور الصحابة كالخلفاء الثلاثة ، وكفروهم ومن والاهم ، وكفَّروا من قاتل عليًّا.
    والخوارج قابلوا هؤلاء فكفرا عليًّا ومعاوية ومن معهما من الصحابة.
    والنواصب نصبوا العداوة لأهل البيت ، وطعنوا فيهم.
    أما أهل السنة والجماعة: فلم يغلوا في عليٍّ وأهل البيت، ولم ينصبوا العداوة للصحابة ، ولم يكفروهم ، ولم يفعلوا كما فعل النواصب ، بل يعترفون بحق الجميع وفضلهم ويدعون لهم ، ويوالونهم ، ويكفون عن الخوض فيما جرى بينهم ، ويترحمون على جميع الصحابة.
    قال الإمام أبو زرعة: إذا رأيت الرجل يتنقص أَحداً من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق ، وذلك أَن الرسول عندنا حق ، والقرآن حق ، وإِنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ، وإِنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ، ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة) .
    * وسط في التعامل مع العلماء :
    فأهل السنة يحبون علماءَهم، ويتأدبون معهم، ويذبون عن أعراضهم، وينشرون محامدَهم، ويأخذون عنهم العلمَ بالأدلة، ويرون أن العلماء من البشر غير معصومين، إلا أنه إذا حصل شيء من الخطأ والنسيان والهوى لا ينقص ذلك من قدرهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء، فلا يجوز سبهم ولا التشهير بهم، ولا تَتَبُّع عَثَراتِهم، ونشرها بين الناس، فلحومَ العلماءِ مسمومة، وعادةُ الله في هتكِ أستار منتقصيهم معلومة.
    * وسط في التعامُلِ مع ولاة الأمور :
    فهم وسط بين المُفْرِطِين والمفرِّطين، فأهل السنة والجماعة يحرمون الخروج على أئمة المسلمين، ويوجبون طاعتهم والسمع لهم في غير معصية الله، ويدعون لِوِلاتهم بالتوفيق والسداد.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (18) ...

    12- أنها تمنح معتنقيها الراحة النفسية والفكرية (ا) : لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه - عز وجل - ؛ فيرضى به رباً مدبراً ، وحاكماً مشرعاً ؛ فيطمئن قلبه بقدره ، ويستنير فكره بمعرفته . (ب)

    ..............
    (ا) فهذه العقيدة الإسلامية كفيلة بحل جميع المشكلات، سواء مشكلات الفرقة والشتات، أو مشكلات السياسة والاقتصاد، أو مشكلات الجهل والمرض والفقر، أو غير ذلك...
    فلقد جمع الله بها القلوب المشتتة، والأهواء المتفرقة، وأغنى بها المسلمين بعد العَيْلَة، وعلّمهم بها بعد الجهل، وبصّرهم بعد العمى، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف.
    (ب) ولذلك تجد أَن أهل السنة والجماعة هم القدوة الصالحة؛ الذين يهدون إِلى الحقِ، ويرشدون إِلى الصراط المستقيم؛ بـــ:
    • ثباتهم على الحقِّ، وعدم تَقَلُبِهِمْ.
    • واتِّفاقهم على أُمور العقيدة.
    • وجمعهم بين العلم والعبادة.
    • وبين التوكل على الله، والأَخذ بالأَسباب.
    • وبين التوسع في الدُّنيا والورع فيها.
    • وبين الخوف والرجاء.
    • وبين الحب في الله والبغض في الله.
    • وبين الرحمة واللين للمؤمنين، والشدةِ والغلظة على الكافرين.
    • وعدم اختلافهم مع اختلاف الزمان والمكان.
    (نقل) قال شيخ الإسلام في وصف أهل السنة والجماعة : ( يأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضا بمر القضاء ، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، ويعتقدون معنى قوله : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) ، ويندبون أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل والرفق بالمملوك ، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق ، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفا سفها).

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (19) ...

    13- تعترف بالعقل والعاطفة. (ا)

    ............
    (ا) (توضيح): العقيدة الإسلامية تحترم العقل السوي، وترفع من شأنه، ولا تحجر عليه، بل تجمع بين مطالب الروح، والجسد فهي تعترف بالعواطف الإنسانية، وتوجهها الوجهة الصحيحة.
    فالعواطف أمر غريزي، ولا يتجرد منه أي إنسان سوي، والعقيدة الإسلامية عقيدة حيَّة، تعترف بالعواطف الإنسانية، وتقدرها حق قدرها، وفي الوقت نفسه لا تطلق العنان لها، بل تُقوِّمها، وتسمو بها، وتوجهها الوجهة الصحيحة، التي تجعل منها أداة خير وتعمير، بدلاً من أن تكون معولَ هدمٍ وتدمير.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    69

    Post الحلقة (20) ...

    المبحث الثالث
    (مفهوم العقيدة)


    لغةً: مأخوذة من مادة ( عَقَـدَ ) يَعْقِدُ ، عَقْداً .
    ومنه: ( عقدَ العسلُ ) أي: غَلُظَ. قال الفارسي: هو من الشدّ والربط (ا).
    و(اعْتَقَدْتُ كذا) أي: عَقَدْتُ عليه القلب والضمير .
    و(العَقِيدَةُ) هي: ما يدين الإنسان به ، ولا يشك فيه .
    وله ( عَقِيدَةٌ حسنة ) أي : سالمة من الشكّ . (ب)

    ............
    (ا)"لسان العرب" (3/296) (مادة: عقد). وانظر أيضا " القاموس" (1/384).
    (ب)"المصباح المنير" (2/421).

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •