السلام عليكم
أرجو أن ينال هذا الموضوع بعض الاهتمام من الإخوة للوصول فيه إلى نتائج هامة ومفيدة
معلوم لدى الجميع الخلاف الكبير بين جمهور أهل العلم من جانب والحنابلة وأهل الظاهر من جانب في صحة الصلاة في الأرض المغصوبة فجمهور أهل العم على صحة الصلاة في الأرض المغصوبة مع الإثم بينما الحنابلة وأهل الظاهر على بطلان هذه الصلاة
وأنا لا أريد أن أحرر الراجح من هذه المسئلة لكن لي بعض التساؤلات أرجو من الإخوة المشاركة للحصول على ثمرة مرجوة من هذا الموضوع
بداية احتج الحنابلة وأهل الظاهر بقوله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " والصلاة في الأرض المغصوبة ليس من عملنا فهي مردودة فاحتج الجمهور عليهم بأن الصلاة عملنا من جهة كونها صلاة وليست من عملنا من جهة كونها في الأرض المغصوبة كما أن الجمهور قالوا : لا يوجد نهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة بل هو نهي عن الغصب وأمر بالصلاة فلا تلازم بينهما إلا من فعل العبد فاحتج الحنابلة وأهل الظاهر بل منهي عن الغصب ومنهي عن الإقامة في الغصب والمكث في الغصب والتحرك والقيام في الغصب وأحد هذه الحركات والجلسات هي الصلاة فكانت هذه الصلاة منهي عنها باعتبار أعم وهو النهي عن استعمال هذه الأرض بأي وجه كان ومن هذه الاستعمالات الصلاة فكانت منهي عنها فكانت باطلة
هذا هو تقرير مذهب القائلين بالبطلان
فألزمهم الجمهور ببعض الإلزامات :
1- وهو أن من طلق أو باع أو نكح في الأرض المغصوبة صح بيعه ونكاحه وطلاقه فقالوا نعم يصح بيعه وطلاقه ونكاحه لأن البيع والنكاح والطلاق لا يحتاج إلى مكان بل لو طلق أو باع أو نكح وهو يطير في الهواء أو يسبح في الماء لصح طلاقه وبيعه ونكاحه بينما الصلاة تحتاج إلى مكان فتبطل الصلاة في الدار المغصوبة بخلاف البيع والنكاح والطلاق , فهل هذا الجواب صحيح يا إخواني أم يقال ببطلان البيع والنكاح والطلاق في الدار المغصوبة أيضا ؟؟ وهل لو توضأ أو اغتسل بماء حلال غير مغصوب لكن في أرض مغصوبة أو زكى أو صام أو كفر عن يمينه بمال حلال في هذه الأرض يقال كذلك بصحة الوضوء والغسل والزكاة والصيام وكفارة اليمين لأن الوضوء والغسل والزكاة والصيام عبادات لا تحتاج إلى مكان أم يقال هي عبادات باطلة كالصلاة في الدار المغصوبة وما الفرق إذن بين من باع في أرض مغصوبة ويصح بيعه ومن توضأ بماء حلال في أرض مغصوبة فكلاهما عبادتان لا تحتاجان إلى مكان ؟؟ هذا هو أول سؤال ما الراجح في حكم البيع والنكاح والطلاق والوضوء والغسل والزكاة في الأرض المغصوبة هل الصحة مع الإثم فيهما أم البطلان فيهما أم هناك تفرقة بينهما ولماذا ؟؟ بارك الله فيكم
2- ابن قدامة في المغني لما تكلم عن التوضؤ من آنية الذهب والفضة حكي الروايتين بناء على حرمة استعمال آنية الذهب ووالفضة في كل شيء قال : " فإن توضأ منها أو اغتسل فعلى وجهين أحدهما تصح طهارته وهو قول الشافعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي لأن فعل الطهارة وماءها لا يتعلق بشيء من ذلك أشبه الطهارة في الدار المغصوبة والثاني لا يصح اختاره أبو بكر لأنه استعمل المحرم في العبادة فلم يصح كالصلاة في الدار المغصوبة , والأول أصح ويفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود في الدار المغصوبة محرم لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه وشغلا له وأفعال الوضوء من الغسل والمسح ليس بمحرم إذ ليس هو استعمالا للإناء ولا تصرفا فيه وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء وفصله عنه فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره ثم توضأ به ولأن المكان شرط للصلاة إذ لا يمكن وجودها مكان والإناء ليس بشرط فأشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب " أ.هـ
واضح تقرير ابن قدامة في بيان ترجيحه لصحة الطهارة من آنية الذهب والفضة فهل من سرق أو غصب حنفية ماء أو خلاط ماء أو سخانا للمياه فتوضأ أو اغتسل بالماء النازل من هذه الحنفية المسروقة أو المغصوبة أو من الماء المسخن من هذا السخان المسروق أو المغصوب أن يقال طهارته صحيحة لأن طهارته تمت بماء بعد انفصاله من الحنفية أو من السخان كما فعل ابن قدامة في تقريره لبيان صحة الوضوء من إناء الذهب أنه توضأ بماء بعد انفصاله من الإناء أم يقال بل طهارته باطة لأن الطهارة جاءت نتيجة شيء مسروق أو مغصوب أينعم هو لم يباشر ذلك المسروق أو المغصوب حال طهارته لكن الطهارة جاءت نتيجة هذا المسروق أو المغصوب ؟؟ هذا هو السؤال الثاني بارك الله فيكم
على أنه يمكن إضافة عنصر ما في هذا السؤال مرتبط بالسؤال الأول وهو أن الطهارة لا يشترط لها إناء ولا حنفية ولا سخان أشبه البيع والطلاق لا يحتاجان إلى مكان فهل لهذا الوجه أيضا تصح الطهارة من الإناء المسروق أو الحنفية المسروقة أو السخان المغصوب إضافة للوجه الأول وهو أن الطهارة حدثت بعد انفصال الماء من الشيء المسروق أو المغصوب أم يقال لا تصح الطهارة لأن الطهارة جاءت نتيجة أشياء مسروقة أو مغصوبة وهذا هو تكملة السؤال الثاني بارك الله فيكم
3- ابن قدامة في المغني لما أراد تقرير بطلان الصلاة في الأرض المغصوبة قال : " فصل وفي الصلاة في الموضع المغصوب روايتان إحداهما لا تصح وهو أحد قولي الشافعي والثانية تصح وهو قول أبي حنيفة ومالك والقول الثاني للشافعي لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها على إطفائه فلم يطفئه أو مطل غريمه الذي يمكن إيفاؤه وصلى ولنا إن الصلاة عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض وصومها وذلك لأن النهي يقتضي تحريم الفعل واجتنابه والتأثيم بفعله فكيف يكون مطيعا بما هو عاص به ممتثلا بما هو محرم عليه متقربا بما يبعد به فإن حركاته وسكناته من القيام والركوع والسجود أفعال اختيارية هو عاص بها منهي عنها فأما من رأى الحريق فليس بمنهي عن الصلاة إنما هو مأمور بإطفاء الحريق وإنقاذ الغريق وبالصلاة إلا أن أحدهما آكد من الآخر أما في مسألتنا فإن أفعال الصلاة في نفسها منهي عنها " أ.هـ
فابن قدامة ذهب إلى أن من رأى حريقا أو غريقا فصلى صلاته صحيحة لأنه مأمور بالصلاة ومأمور بإنقاذ الحريق والغريق لكن أحدهما آكد من الآخر أي الصلاة آكد , أقول في أبسط الأحوال لو كان الوقت موسعا في أول الوقت ورأى حريقا أو غريقا أليس الواجب والآكد إنقاذ الغريق والحريق أولا بل لو قيل أنه لو كان في آخر الوقت لتعينت عليه الصلاة راكبا أو ماشيا مع تعين سيره لإنقاذ الغريق أو الحريق لكان وجيها فإنقاذ الحريق واجب وكذلك الغريق فلم يقال صلاته هذه معصية لأنه بسببها ترك الواجب إذ إنقاذ الغريق واجب مضيق بينما الصلاة واجب موسع ؟؟ وهل من تعين عليه إخراج الزكاة الآن أو أداء دين ما لشخص حان أجله فتشاغل بالصلاة الموسع وقتها عن إخراج الزكاة أو عن أداء الدين هل تصح صلاته بناء على كلام ابن قدامة أم يقال صلاته باطلة لأن صلاته سبب في المعصية ألا وهي تعمد تأخير الزكاة وتعمد تأخير قضاء الدين ؟؟؟ ومثله لو عقد نكاحا أو باع في وقت يلزمه فيه إخراج الزكاة أو أداء الدين هل يصح عقد البيع والنكاح أم لا ؟؟ هذا هو السؤال الثالث بارك الله فيكم ؟؟؟ وهذا المثال ذكره الغزالي في المستصفى لتأييد قول الجمهور وإلزام من يقول ببطلان الصلاة في الأرض المغصوبة هو أنه يلزم من كان عليه دين أو زكاة لبطل عقد نكاحه لأنه تشاغل بذلك العقد عن إخراج الزكاة وأداء الدين فكان ذلك العقد سببا للمعصية فكان ينبغي أن يكون باطلا وهذا هو إلزام الغزالي من يقول ببطلان الصلاة في الأرض المغصوبة
4- السؤال الرابع والأخير من غصب مكانا ليصلي فيه مثل حجز البقعة في المساجد هل حكمه حكم الصلاة في الدار المغصوبة والفرق أن الأرض المغصوبة ليست مغصوبة من أجل الصلاة بل للسكنى والمعيشة ثم هو يصلي فيها أم من حجزبقعة في مسجد أو غصب مكانا للصلاة فيه فهو غصبه لأجل الصلاة فقط ثم بعد الصلاة يتركه ؟؟؟
أرجو رجاء هام أن كل من عنده بيان ومزيد علم على هذه التساؤلات ومعذرة لطولها أن يشاركنا في هذا الموضوع الذي تشعبت ذيوله
أرجو المشاركة للوصول إلى الحق
وجزاكم الله خيرا