تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: أين (إن شاء الله) ؟ عاجل للمناقشة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    المشاركات
    51

    Exclamation أين (إن شاء الله) ؟ عاجل للمناقشة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انتشرت علي ألسنة كثير من إخواننا مقولة ( سأفعل ذلك غدا إن قدر الله البقاء واللقاء) بدلا من ( إن شاء الله) ، حتي كادت تهجر ، محتجين بأمور :
    أولها :أن المشيئة من مراتب القدر.
    والثاني : أن كلمة (إن شاء الله) ليست من الأذكار التوقيفية.
    والثالث: أنه يجوز أن تقول " سأفعل ذلك غدا " بدون التعليق علي المشيئة ، واستدلوا لذلك بحديث النبي صلي الله عليه وسلم :" لئن عشت إلي قابل لأصومن التاسع" .

    وأنا أطرح هذا الموضوع للنقاش العلمي الذي تعودناه من إخواننا الأكارم في هذا الملتقي المبارك.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    للتذكير .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلق أمره بالمشيئة، ورد ذلك في عدة أحاديث منها: حديث عتبان بن مالك، قال: يا رسول الله، إني قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي وإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ولم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم وددت أنك يا رسول الله تأتي فتصلي في مصلي فأتخذه مصلي قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان فغدا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر الصديق حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم فأذنت له فلم يجلس حتى دخل البيت ثم قال أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ قال فأشرت إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر فقمنا وراءه فصلى ركعتين ثم سلم .. الحديث. متفق عليه.

    قال القاضي عياض في إكمال المعلم:
    فيه ما يستحب من قول الرجل: إن شاء الله فى يمينه وفيما يريد فعله، كما قال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا. إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّه}

    وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم:
    يستحب للإنسان إذا قال سأفعل كذا أن يقول: إن شاء الله تعالى على جهة التبرك والامتثال لقول الله تعالى: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله.

    وفي الصحيحين أيضًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه قل: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله؛ فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
    والأحاديث في ذلك كثيرة.

    وقال موسى عليه السلام: (ستجدني إن شاء الله صابرا).
    وقال إسماعيل عليه السلام: ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ).
    وعليه فلا إثم على من لم يقل: إن شاء الله، لكن الأولى أن يقول ذلك اقتداء بالنبي صى الله عليه وسلم، وإخوانه الأنبياء عليهم السلام.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    أما قول: ( سأفعل ذلك غدا إن قدر الله البقاء واللقاء) بدلا من ( إن شاء الله).
    فالأولى تركه، وعليه أن يلتزم بما جاءت به النصوص، وإن قالها، فلا أرى إثما على قائله، لأن قوله: إن قدر الله البقاء .. أي كل شأن إنما هو بمشيئة الله، فلو شاء وقدر لنا البقاء في الدنيا، لكان كذا وكذا.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    فوائد متعلقة بقول ان شاء الله -يقول الشيخ صالح ال الشيخ--المشيئة في استعمال المسلم لها على درجتين:
    الأولى: أنه يقصد بها حقيقة التعليق؛ يعني أن ما سيفعله معلق بمشيئة الله كما قال جل وعلا ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[التكوير:29]، ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[الإنسان:30]، وقال ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا(23)إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾[الكهف:23-24]، فإذا كان الأمر يُعلق على المستقبل فإنه يتأكد استعمال المشيئة، يعني أن يعلَّق الأمر على مشيئة الله؛ لأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. والدرجةالثانية: أن تقول إن شاء الله لتحبيب تحقق الأمر بمشيئة الله؛ لأن الأمر وقع ووقوعه ليس بمشيئتي ولكن بمشيئة الله، ولا بأس أن يؤكد أي أمر وقع بكلمة (إن شاء الله) ويقصد بها أنه تحقق ووقع بمشيئة الله جل وعلا، وعلى هذا جاء في القرآن قول الله جل وعلا ﴿وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾[يوسف:99]، بعد أن دخلوا، وكقوله جل وعلا ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ﴾[الفتح:27]. بالمناسبة بتعليق المشيئة: الكلمة المعروفة التي تروى عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لما حض الناس على جهاد التتر فقال: إنكم منصورون. فقال: له أحد القضاة قل إن شاء الله. قال: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا؛ يعني أنتم منصورون والنصر بمشيئة الله يتحقق، وهذا لأجل أن الله جل وعلا وعد عباده -ووعده حق- أن ينصرهم ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾[غافر:59]، وقال جل وعلا ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾[المجادلة:21]، وقال سبحانه ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(1 71)إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ(1 72)وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ﴾[شرح الطحاوية للشيخ صالح ال الشيخ]- وقال الشيخ صالح ال الشيخ ان بعض العلماء السابقين قالوا فى مصنفاتهم انهم سيكملوا الكلام وسيذكروا بعض المسائل فيما سيأتى ولم يقولوا ان شاء الله فحرموا ذكر هذه المسائل ونسوها وذكر بعض هؤلاء الائمة ومنهم على ما اتذكر البهوتى رحمه الله---------------ويقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى-- "هذا النهي كغيره، وإن كان لسبب خاص وموجها للرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الخطاب عام للمكلفين، فنهى الله أن يقول العبد في الأمور المستقبلة، (إني فاعل ذلك) من دون أن يقرنه بمشيئة الله، وذلك لما فيه من المحذور، وهو: الكلام على الغيب المستقبل، الذي لا يدري، هل يفعله أم لا؟ وهل تكون أم لا؟

    وفيه رد الفعل إلى مشيئة العبد استقلالا وذلك محذور محظور، لأن المشيئة كلها لله (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) ولما في ذكر مشيئة الله، من تيسير الأمر وتسهيله، وحصول البركة فيه، والاستعانة من العبد لربه .

    ولما كان العبد بشرا، لا بد أن يسهو فيترك ذكر المشيئة، أمره الله أن يستثني بعد ذلك، إذا ذكر، ليحصل المطلوب، ويندفِع المحذور .
    ويؤخذ من عموم قوله: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) الأمر بذكر الله عند النسيان، فإنه يزيله، ويذكر العبد ما سها عنه .
    وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله، أن يذكر ربه، ولا يكونن من الغافلين .
    ولما كان العبد مفتقرا إلى الله في توفيقه للإصابة، وعدم الخطأ في أقواله وأفعاله، أمره الله أن يقول: (عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا) فأمره أن يدعو الله ويرجوه، ويثق به أن يهديه لأقرب الطرق الموصلة إلى الرشد.
    وحري بعبد، تكون هذه حاله، ثم يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد، أن يوفق لذلك، وأن تأتيه المعونة من ربه، وأن يسدده في جميع أموره"، تيسير الكريم الرحمن: (474).--ويقول الشيخ بن باز رحمه الله-فلا مانع أن يقول: إن شاء الله صليت، إن شاء الله صمت؛ لأنه لا يدري هل كملها وقبلت منه أم لا. وكان المؤمنون يستثنون في إيمانهم وفي صومهم؛ لأنهم لا يدرون هل أكملوا أم لا، فيقول الواحد منهم: صمت إن شاء الله، ويقول: أنا مؤمن إن شاء الله.

    أما الشيء الذي لا يحتاج إلى ذكر المشيئة مثل أن يقول: بعت إن شاء الله- فهذا لا يحتاج إلى ذلك، أو يقول: تغديت أو تعشيت إن شاء الله، فهذا لا يحتاج أن يقول كلمة إن شاء الله؟ لأن هذه الأمور لا تحتاج إلى المشيئة في الخبر عنها؛ لأنها أمور عادية قد فعلها وانتهى منها، بخلاف أمور العبادات التي لا يدري هل وفاها أم بخسها حقها، فإذا قال: إن شاء الله فهو للتبرك باسمه سبحانه والحذر من دعوى شيء لم يكن قد أكمله ولا أداه حقه.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وقول البعض: سأفعل ذلك غدا إن قدر الله البقاء واللقاء.
    لعل هناك من الناس من يقولها تبعا وتقليدا لبعض الدعاة!
    كقولهم: سبحان الملك! بدلا من قول: سبحان الله.
    ما هو إلا تقليد في الغالب، والله المستعان.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي

    ومن الاخطاء الشائعة في اطلاق هذا اللفظ
    قول البعض في المعدوم او الامر الذي لم يرد الله حصوله و وقوعه
    شاء الله ان لا يكون كذا
    او اراد الله ان لا يقع كذا
    لان مشيئة الله عز وجل و ارادته الكونية تتعلق بالموجودات لا بالمعدومات
    فعدم الشيء و عدم حصوله هو لعدم المشيئة و الارادة
    فليس له ارادة و مشيئة تتعلق به
    ففي قول البعض ( شاء الله ان لا يكون كذا )
    اثبات لمشيئة تتعلق بالعدم
    و المشيئة لا تتعلق الا بالموجود حال وجوده
    و الله اعلم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    لان مشيئة الله عز وجل و ارادته الكونية تتعلق بالموجودات لا بالمعدومات

    و المشيئة لا تتعلق الا بالموجود حال وجوده
    و الله اعلم
    يقول بن القيم رحمه الله فى مدارج السالكين -فإن قيل متعلق المشيئة لا بد أن يكون أمرا وجوديا فكيف يكون العدم متعلق المشيئة
    قيل متعلق المشيئة أمران إيجاد وإعدام وكلاهما ممكن فقول القائل لا بد أن يكون متعلق المشيئة أمرا وجوديا دعوى باطلة نعم العدم المحض لا تتعلق به المشيئة وأما الإعدام فهو أخص من العدم [مدارج السالكين]----
    ---------فائده متعلقه بمعنى العدم
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: الصواب المتفق عليه بين أهل السنة وعقلاء الخلق أن العدم ليس بشيء في الخارج، وإنما كان له وجود في العلم. اهـ.
    وقال ابن القيم في مفتاح دار السعادة: الشيء إنما يكون شيئا في الخارج، أو في الذهن والعلم، وما ليس له حقيقة خارجية ولا ذهنية فليس بشيء، بل هو عدم صرف، ولا ريب أن العدم ليس بفعل فاعل ولا جعل جاعل .
    وقال في طريق الهجرتين: العدم المحض لا يكون له فاعل، لأن تأثير الفاعل إنما هو في أمر وجودي، فإن العدم ليس بشيء أصلاً، وما ليس بشيء لا يقال إنه مفعول لفاعل، فلا يقال إنه من الله، إنما يحتاج إلى الفاعل الأمور الوجودية.



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    بارك الله في الجميع.
    بقي أن ينظر إلى الفرق بين الجملتين من الناحية الشرعية، أعني النظر إلى الحكم الشرعي اللازم بالتلفظ بهما.
    فلو قال رجل لشخص جاء يستردّ حقّه : والله سأعطيك حقّك غدا إن شاء الله، ثم جاء الغد ولم يعطه حقّه، فإنه لايحنث بلا خلاف.
    ولو قال : والله سأعطيكه إن أحياني الله، أو إن أبقاني الله، إن عشت غدا، فعاش فلم يعطه كان حانثا كاذبا.
    قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله : " حكمُ الشرع بسقوط الحرج والحنث عنه إذا قال إن شاء الله، وبقائه عليه إذا قال: إن أبقاني الله دليل على أنّ الفرق بينهما بيّن معنى كما هو بيّن لفظا، إذ لو كان معنى واحدا لما اختلف الحكم." ينظر أحكام القرآن عند تفسير قوله تعالى " ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله" المسألة السابعة
    والله تعالى أعلم.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    ففي قول البعض ( شاء الله ان لا يكون كذا )
    الصحيح ان يقال لم يشأ الله ان يكون كذا-يقول الشيخ صالح ال الشيخ على شرح الطحاوية-القدير متعلق بكل شيء، وقدرة الله - عز وجل - غير محصورة، بل هو سبحانه قادر على ما شاء وعلى ما لم يشأ - عز وجل ----وهذا بحث مهم فى قدرة الله على ماشاء ومالم يشأ أذكره هنا للفائدة--------------------حكم قول والله على ما يشاء قادر---يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله -السؤال: ما حكم قول الإنسان: "إن الله على ما يشاء قدير" عند ختم الدعاء ونحوه؟ الإجابة: هذا لا ينبغي لوجوه: الأول: أن الله تعالى إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير}، وقوله: {ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير}، وقوله: {ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض}، فعمم في القدرة كما عمم في الملك، وقوله: {ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير}، فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة لأن الخلق فعل، والفعل لا يكون إلا بالمشيئة. أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في ذلك كثيرة. الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، فقد قال الله عنهم: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير}، ولم يقولوا: "إنك على ما تشاء قدير"، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً. الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله تعالى فقط، لاسيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقاً حيث يقال: "على ما يشاء قدير" وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يُعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله تعالى بما يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها، فتكون قدرة الله تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدرة الله تعالى عامة فيما يشاؤه وما لم يشأه، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه. فإذا تبين أن وصف الله تعالى بالقدرة لا يُقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله تعالى لنفسه فإن ذلك لا يعارضه قول الله تعالى: {وهو على جمعهم إذا يشاء قدير}، فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره، ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين * قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله تعالى أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله تعالى: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير * فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير * يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}. والحاصل أن قوله تعالى: {وهو على جمعهم إذا يشاء قدير} لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع. وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب "الإيمان" في "باب آخر أهل النار خروجاً" من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آخر من يدخل الجنة رجل" فذكر الحديث وفيه أن الله تعالى قال للرجل: "إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر" وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع، والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالى أزلاً وأبداً، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل: "قادر" دون الصفة المشبهة: "قدير" وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده فقيل له في تقريره: "إن الله على ما يشاء قادر" فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا: "قادر على ما يشاء"، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، ---------- يقول الشيخ صالح ال الشيخ على قول الطحاوى-(ذلك بأنَّهُ على كلِّ شَيْءٍ قديرٌ، وكلُّ شَيْءٍ إليهِ فَقِيرٌ، وكلُّ أمْرٍ عَلَيْهِ يَسيرٌ. لا يحتاجُ إلى شَيْءٍ، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:11] (وقوله (ذلك بأنَّهُ على كلِّ شَيْءٍ قديرٌ) تتعلق به المسألة الخامسة هذه.
    وهي أنّ أهل السنة يجعلون قدرة الرب - عز وجل - متعلقة بكل شيء، واسم الله القدير متعلق بكل شيء، وقدرة الله - عز وجل - غير محصورة، بل هو سبحانه قادر على ما شاء وعلى ما لم يشأ - عز وجل -.
    وهذا هو مذهب أهل الحديث والسنة، وبه جاء القرآن العظيم، فكلّ ما في القرآن تعليق القدرة بكل شيء {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}[الكهف:45]، {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا}[النساء:133]، {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ونحو ذلك من الآيات التي فيها تعليق القدرة بكل شيء.
    أهل البدع وأهل الكلام يُعلِّقون القدرة بما يشاؤه الرب - عز وجل -.
    فيقولون تَعَلُّقْ قدرة الرب - عز وجل - بما يشاؤه.
    ولذلك ترى أنه يعدلون عما جاء في القرآن، بقول {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} إلى قولهم والله على ما يشاء قدير؛ لأن القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله وليست متعلقة بما لم يشأه.
    فعندهم قدرة الله تتعلق بما شاء أن يحصل أما ما لم يشأ أن يحصل فإنه لا تتعلق به القدرة.
    فإذا قيل هل الله قادر على أن لا يُوجَدْ إبليس؟ فيقولون: لا غير قادر.
    هل الله قادر على أن لا توجد السموات؟ يقولون: لا، غير قادر. لأنّ القدرة عندهم متعلقة بما شاءه - عز وجل -، وما لم يشأه في كونه وفي ملكوته مما لم يحصل بعد أو مما حصل خلافه فإنّ القدرة غير متعلقة به.
    ولذلك فيقول قائلهم: ليس في الإمكان أبدع مما كان --لأنَّ القدرة عندهم متعلقة بما شاءه الله - عز وجل -.
    وهذا القول باطل بوضوح وذلك لدليلين:
    1 - الدليل الأول: فإن الذي جاء في القرآن كما ذكرنا لك، تعليق القدرة بكل شيء في الآيات التي ذكرت لكم طرفا منها.
    2 - الدليل الثاني: أنَّ الله - عز وجل - قال في سورة الأنعام {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}[الأنعام:65]، ولما نَزَلَتْ هذه الآية تلاها ? فقال {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال ? (أعوذ بوجهك) ثم تلا {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فقال ? (أعوذ بوجهك) ثم تلا {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قال ? (هذه أهون) البخاري (4628)/ الترمذي (3065).
    والله - عز وجل - لم يشأ أن يبعث على هذه الأمة عذابا من فوقها أو من تحت أرجلها، فيُهْلِكَكُم بسَنَةٍ بعامّة، بل جعل بينهم بأسهم شديد، لحكمته سبحانه وتعالى العظيمة العلية.
    فدلت الآية على أنّ قدرة الله - عز وجل - تتعلق بما لم يشاء أن يحصل {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، وهذا لم يشأه الله - عز وجل - ومع ذلك تعلقت به القدرة.
    * وهذه من الكلمات التي يكثر عند أهل العصر استعمالُها فليتنبه أنها من آثار قول أهل الاعتزال.
    في بعض الأحاديث جاء (والله على ما يشاء قادر) و(إني على ما أشاء قادر)(2)وهذا الجواب عنه معروف بأنه متعلق بأشياء مخصوصة، وليست تعليقا للقدرة بالمشيئة، أو أن يقال قدرته على ما يشاء لا تنفي قدرته على ما لم يشأ - عز وجل ----
    يقول الشيخ بن جبرين رحمه الله
    السؤال: ما حكم قول: إنه على ما يشاء قدير، لله عز وجل؟
    الجواب: هذه عبارة موهمة، ويستعملها بعض العلماء كابن كثير في تفسيره، لكن ذلك عن حسن ظن. والأولى عدم استعمالها؛ فإنها تقيد قدرة الله على ما يشاؤه فقط، مع أن الله تعالى قادر على كل شيء مما يشاؤه كونا وقدرا ومما لم يقدره. ويدخل في ذلك جميع الحركات والسكنات، وأفعال المخلوقين. وهناك طائفة من المعتزلة القدرية يقال لهم: المرشدة- يستعملون التعبير بقولهم: إنه على ما يشاء قدير؛ فيخرجون ما لا يشاء عن قدرته، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. وقد رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى برسالة مستقلة سرد فيها النصوص التي فيها عموم قدرته على كل شيء، وهي في القرآن تزيد على أربعين موضعا، وكذا في الأحاديث النبوية كثير. ثم لو وجد نص فيه أنه قادر على ما يشاء فليس فيه دليل على نفي قدرته على ما لا يشاء، بل هو من جملتها؛ فعبارة "على ما يشاء قدير" لا تجوز، وفيها محذور؛ فهم يتوصلون بها إلى نفي قدرته على أفعال العباد، ونحو ذلك.------------- ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن فى الدرر السنية- على قول القائل--إنه على ما يشاء قدير.
    قال الشيخ عبدالرحمن: هذه كلمة اشتهرت على الألسن من غير قصد، وهو قول الكثير، إذا سأل الله شيئاً، قال: وهو القادر على ما يشاء، وهذه الكلمة يقصد بها أهل البدع شراً، وكل ما في القرآن [وهو على كل شيئ قدير]، وليس في القرآن والسنة ما يخالف ذلك أصلاً،
    لأن القدرة شاملة كاملة، وهي، والعلم: صفتان شاملتان يتعلقان بالموجودات والمعدومات،وإنما قصد أهل البدع، بقولهم: وهو القادر على ما يشاء، أي:القدرة لا تتعلق إلا بما تعلقت المشيئة به".[الدرر السنية] -----نعم قدرة الله متعلقه بكل شَيْء -وتعريف الشَيْء قال الشيخ صالح آل الشيخ في "شرح الطحاوية" :
    ((تعريف (شَيْء) عندنا: أنّه ما يصح أن يُعلم أو يؤول إلى العلم، سواء كان من الأعيان والذّوات، أو كان من الصفات والأحوال.
    فكلمة (شيء) في النصوص تُفَسَّر عند المحققين من أهل السنة بأنها: ما يصح أن يُعلم أو يؤول إلى العلم. قولنا "يصح أن يعلم" مما هو موجود أمامك أو ما يؤول إلى العلم لعدم وجوده ذاتا ولكنه موجود في القدر، كقول الله جل وعلا { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } [الإنسان:1]، وقد كان شيئا لكن لا يذكره الناس؛ لأنه لم يروه، ولكنه شيء يُعلم في حق الله جل وعلا، وسيؤول إلى العلم في حق المخلوق والذِّكر))اهـ. -----فقدرة الله متعلقه بكل شَيْء-------------- اما المشيئة فكما قال بن القيم رحمه الله العدم المحض لا تتعلق به المشيئة وأما الإعدام فهو أخص من العدم [مدارج السالكين]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •