الجزء الأولالحمد لله ، والصلاة والسـلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه ؛ وبعد :
بسم الله الرحمن الرحيم
فلقد ترددت كثيرا في كتابة هذا البحث ، ولكن مما دفعني إلى كتابة هذه المقالة المهمة ، ما أقرأه وأسمعه كثيرا في بعض فتاوى بعض المشايخ حفظهم الله ، ومن ذكرهم لهذا الحديث ويتداولونه دائما وتكرارا ، بل ويستدلون به على قولهم ، وهو عندما يسأل أحدهم أنه أدرك الإمام في حالة الركوع ، فهل أدرك الركعة أم لا ؟ ، فيأتي الجواب فورا بقولهم : نعم ، أدركت الركعة ، ومن ثمى يستدلون بحديث : (( من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة )) !.
ولكنهم لم يتنبهوا غفر الله لهم وسامحهم أن هذا الحديث الذي ينسبونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يقله البتة ، ويزداد الأمر قبحا وشناعتا عندما يزعمون ثبوته بل وصحته ! .
فأحببت أن انبه إخواني وأخواتي في المجلس العلمي وفقهم الله على هذا الخطأ الفاحش ، ويجب أن يعلم أن سبب هذا الخطأ المتكرر هو بسبب التقليد الأعمى ، وهو ما حصل في موضوعنا هذا ، وليس الأمر هنا بيان هل من أدرك الركوع أدرك الركعة أم لا ؟، فهذا ليس يهمنا الآن ، وإن كنت سوف أذكره لاحقا بإذن الله وتوفيقه وبشكل مختصر في الجزء الثاني إن شاء الله ، ولكن اهتممت كثيرا في بيان من أخطأ في ترويج هذا الحديث ، ومن أول من ذكره بصيغته هذه ، وغيره من الإشكلات الحديثية ، وبالله التوفيق .
فأول من سطر هذا الحديث الموهوم من العلماء السابقين هو الإمام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى في كتابه : (( المغني )) (2/379) مسألة رقم (700) ، وفي كتابه الآخر : (( الشرح الكبير )) (2/9) ، وكذلك ذكر هذا الحديث الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي في كتابه : (( شرح منتهى الإرادات )) (2/121) ، وفي كتابه الآخر : ((كشاف القناع عن متن الإقناع )) (3/376) ، ومن المعاصرين سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى كما في موقعه على الرابط التالي http://www.binbaz.org.sa/mat/4605 ، والمحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في كتابه القيم : (( إرواء الغليل )) (2/260) عند رقم الحديث (496) ، وأيضا ذكره رحمه الله تعالى في إجابته لأسئلة أحد الأشخاص في فتوى رقم (11) ، ورقم الشريط (174) ، وهذا هو رابط الشريط http://www.alalbany.net/fatawa_view.php?id=1334 ، وأيضا ذُكر هذا الحديث في كتاب : (( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء )) (9/347) رقم الفتوى (93) ، وأيضا في موقع فتاوى الأزهر (1/89) ، وذكره أيضا الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن البسام رحمه الله تعالى في كتابه الفذ : (( توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام )) (2/272) رقم (338) ، والشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله تعالى في دروسه (( عمدة الفقة )) رقم (35) وهذا هو الرابط http://www.shankeety.net/Alfajr01Bet...ic&topicId=450 ، ، وهذا هو الرابط http://www.islamqa.com/ar/ref/22155/...20الركعة ، فهذه مجموعة وطائفة من العلماء السابقين والمعاصرين ، غفر الله لهم ، قالوا بثوت هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم !، ولكن وبعد التتبع والاستقراء التام تبين أن هذا الحديث ليس موجودا في دواوين السنة المطهرة ! ، بل ولن نجده حتى في كتب الأحاديث الضعيفة أو حتى الموضوعة ، وهذا هو من شؤم التقليد ، والله المستعان .
فانظر رحمك الله ورعاك إلى هذا الوهم كيف سبَّب بهذا الخطأ الفاحش ، ومن ثمى نبني عليه أحكاما دون أن نتنبه إلى أنه حديث لا أصل له في السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن عجبك واستغرابك قد يزداد أكثر في فيمن ذهب إلى إدراك الركعة بإدراك الركوع ! ، وسوف أبين ضعف حجتهم بتوفيق من الله سبحانه وتعالى في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى .