بسم الله الرحمن الرحيم


تحت عنوان " إستنبات الإسلامية في الخطاب المعرفي " في جريدة الوطن السعودية يقول الدكتور الشتوي و هو ليبرالي سعودي بائس فقير , بتاريخ 18 – شوال – 1428 هـ : ( خطابنا المعرفي في الواقع العربي تشكل وفق مكونات العقل العربي إبان حركة التدوين في العصر الذهبي للدولة العباسية ) فهو هنا يؤكد على أن كل هذا التراث الفكري العربي الذي ورثته الأمة على مدى 1300 عام و هو ما تلا عهد التدوين المذكور , وهو يؤكد على عهد التدوين لأنه يريد أن يشكك في الدواوين ! , يقول بأن ذلك التراث كله برمته خرافة و أساطير بنيت على " مكونات العقل العربي البدائي ! " , و إليك بقية الكلام عن تشكل الخطاب المعرفي العربي الذي يقول عنه : ( تشكل وفق مكونات العقل العربي إبان حركة التدوين في العصر الذهبي للدولة العباسية حسب وجهة نظر محمد عابد الجابري، بعد ثقافة شفاهية تتداخل إلى جانبها النظرة الأسطورية والعجائبية في كافة جوانب الحياة، حتى العادية منها كالحكايات الميثيولوجية للصيد والكرم كأقل الأمثلة تأثيراً وسذاجة، وإلا فإن الخطاب المعرفي العربي كان خطابا أسطورياً في الكثير من جوانبه حتى العلمي منه آنذاك، بسبب أن العقل الذي تشكل كان بدائياً إلى درجة كبيرة وتم تدوين كل ذلك على أنه حقيقة معرفية لا تستطيع أن تتجاوزه العقول النقدية ) فكلامه واضح في أنه ينسب كل ما تم تدوينه في عهد التدوين الذي دونت فيه كتب السنة , إلى العقول البشرية المليئة بالخرافة و الحكايات الميثيولوجية و ضرب مثالا بالكرم ! و الصيد ! و خاف على نفسه من أن يرفسه المجتمع على قفاه العريض إن هو صرح برفضه لقصص كالإسراء و المعراج و قصة آدم و إبليس و وصف الجنة و النار و الجن و الحور العين لأنه يصرح بأن تلك الخرافات كانت موجودة في ذلك التراث الديني ( حتى العلمي منه ) , على حد قوله ، ثم يتحسر بسبب ظلم ذوي القربى الجهلة الذين لا يعلمون كل هذه الإستنارة الفكرية لديه التي لعله حصل عليها من تلك الأسطورة الأغريقية المسماة بـ "سارق النار " , وهي قصة رجل عندما ضاق ذرعاً بالظلام الذي في الأرض طار إلى الشمس فسرق منها جذوة نار فأدخل النار و لأول مرة عالم البشر , فصاحبنا لعله حصل على شيء من تلك الجذوة السحرية التي لا تمت للأرض و أهلها بصلة ! , فيقول متحسرا ً بسبب تلك القداسة الوهمية للنصوص الدينية : ( لا تستطيع أن تتجاوزها العقول النقدية أو حتى أن تشكك في مصداقيتها الروائية التراثية على طريقة أهل الحديث ووفق منطلقاتهم الفكرية ذاتها) , و قد كذب في هذه الجزئية الأخيرة لأن أهل السنة و من شدة تمسكهم بميثاق الشرف العلمي الذي أخذه عليهم ربهم بأن يبينونه للناس لا يكتمونه كتبوا المصنفات المستقلة في نقد أعلى كتبهم في درجة الصحة وهو صحيح البخاري و من ذلك ما صنفه الإمام الدارقطني تحت إسم " التتبع " لما في صحيح البخاري و هو مطبوع مع " الإلزامات " و رد عليه الحافظ في الفتح و نحو هذا التصرف ما ذكره ابن الجوزي من أحاديث المسند في " الموضوعات " و تعقبه الحافظ في " القول المسدد في الذب عن المسند " ثم تتبعهم السيوطي في " الذيل الممهد على القول المسدد " و كذلك ناقش بعض الأحاديث في الصحيح العلامة الألباني رحمه الله في " إرواء الغليل " و " السلسلة الصحيحة " و غيرهم , و لا تجد هذا عند غير أهل السنة , أهل الحديث , بيض الله وجوههم يوم تسود وجوه الظالمين !.
الشيء الذي ليس في راس هذا الليبرالي المسكين هو معرفة " أصل الميثيولوجيا " و صورها و دواعيها و كلمة ميثيولوجيا مأخوذة من myth وهي الأسطورة و يقصد بها الأفكار المتعلقة برموز جماعية يتم الاعتقاد بها على وجه التصديق و التعظيم و هي تختلف عن الخرافة في أن الخرافة عندما يتم تكوينها لا يفترض فيها التعظيم و لا التصديق على وجه جماعي ! . و الأساطيبر موجودة في كل زمان فلا تتعلق بالعصر الغابر فقط و لكن لأن هذا الرجل البائس الفقير قرأ كتابا في أساطير الآلهة كأسطورة خصاء الإله آنو على يد نادله الذي يسقيه الخمر موكاربي عندما طارده فأكل خصيتيه فسقط منها قطرات على الأرض فكان ذلك سبب نشوء نهري دجلة و الفرات !! , أو قرأ نقداً في كتاب معادٍ للاسلام يصفه بدين الخرافة و الأسطورة فهو يردد هنا ما سمع ليس إلا .فهذا العبط النقدي حال كل المستنيرين من أهل التقليد الغربي الذين يشبهون أفعى الكوبرا عندما يكشف عنها غطاء الزنبيل فتخرج ثم يبدأ الكاهن بالنفخ في مزماره و هي تتراقص فيظن الناس أنها تتناغم مع حركات ذلك الكاهن الطروب و لكن الحقيقة أن الأفعى تكون في تلك اللحظة عمياء لا ترى بعد خروجها إلى النور فتتمايل لتوهم أي عدو أمامها أنها تراه !! ,
كذلك الحال في فراريج التغريب الذين يفعلون كما تفعل أفعى الكوبرا و الصحيح أنهم مجرد " عميان يرقصون باتجاه الصوت الأعلى ! " .و لو نظرنا إلى تاريخ الأسطورة لوجدنا أن الأساطير القديمة و الحديثة كلها كانت تشترك في معانٍ عامة مثل " الحاجة إلى قوة خارقة لسد نقص روحي ضروري " و كذلك " وجود كائنات من الدرجة الأولى في كل المجالات يجنح الخيال الانساني إليها كلما فشل في مجال من تلك المجالات " و قديما كانوا يصنعون آلهة لكل مرفق من مرافق الحياة و لو كان في زمانهم شبكات للصرف الصحي لصنعوا إله و أسموه إله الصرف الصحي على غرار إله المطر و إله الشجر و إله الحب و الشمس !! .فقديماً كانت القوة العظمى في خيال الإنسان القديم هي قوة الإله فصاروا يصنعون أساطيرا من الآلهة ثم عندما كانت القوة في السحر و الشعوذة صنعوا اساطيرا من الكائنات مثل التنين و الأسد الطائر و النمر المتعدد الرؤوس و شخصية هبنقة العربية ذلك الرجل الذي تزوج من الجن و عاش معهم و غير ذلك , ثم عنما جاء الإسلام و قبله اليهودية و المسيحية كأديان متتابعة أعادت إلى عقول الناس قوة النبي و معجزاته و سطوته فصارت الأسطورة متعلقة بأولياء لهم كرامات تدير الأرض و تحرك الكون و صار الامام يدخل في جحر جرذ قديم كما فعل العسكري فيختفي ليخرج بعد آلآف السنين . و عندما تطور البشر و نفوا وجود الله و تورطوا بالإلحاد قال الفيلسوف نيتشه في منتصف القرن التاسع عشر بأن الله مات و نحن الذين قتلناه !! أي بالعلم و المعرفة اكتشفنا أن الله خرافة و في تعبير آخر له قال : إن الله خلق هذا العالم ثم مات و بات على الإنسان السوبرمان أن يحكم هذا العالم !! . و هذا الإنسان السوبرمان هو الإنسان الذي يعتمد على الوعي و العقل و نفي فكرة الله من العالم و الموافق لما في نظرية داروين المادية التي تجعل تمايز البشر و تفاضلهم متعلق فقط بقدراتهم المادية لأن المادة هي التي خلقت الإنسان و لهذا عندما جاء هتلر بفكرة تفوق العرق الآري فقد بناه على مبادئ نيتشه و أخذ يقتل المعاقين و المشوهين و المجانين و اليهود كل ذلك ليصل إلى " سلالة نقية " خالية من كل مقومات الضعف و النقص و العجز ثم بعد ذلك تتكون العرقية الآرية المتفوقة التي سيخرج من نسلها " الإنسان السوبرمان " عجل الله فرجه , كما يقولون !! ..
فما اشبه هتلر بمقتدى الصدر و غيره من عبيد الأساطير !!.ثم بعد أن تطور الإنسان أكثر صار يشعر بغربة و يحتاج إلى منقذ يصل إليه في أي لحظة لينقذه و بما أن الله مات !! صار لابد لنا من " نصف إله جديد " يحل محل الرب الذي مات فكان ذلك شخصية " سوبرمان " الكرتونية التي قرر العقل الغربي أن يجعلها واقعاً كرتونيا عندما لمس عجز هتلر عن جعلها واقعاً آرياً و التي نشأت في منتصف القرن العشرين عام 1938 م تقريبا على يد جيري سيغل و جو شاستر و السيرة الذاتية لسوبرمان كما وضعها مخترع الشخصية الكرتونية هي أنه كان يعيش في كوكب آخر و كان والده عالم نووي فعلم أن الكوكب سينفجر بعد ساعات فما كان منه إلا أن ربط ابنه " سوبرمان " على صاروخ ثم أطلقه باتجاه الأرض قبل انفجار الكوكب بلحظات و فعلا نجا سوبرمان و سكن الأرض و صار يساعد أهلها فكلما صرخ غربي مسكين أحمق و قال :
Help me superman
جاءه الرب الجديد سوبرمان طائرا ًو أنقذه !!..كما يصرخ الصوفيه يا بدوي و يا جيلاني !! حتى ثبت أن ابن تيمية قال أخبرني الثقات من إخواني الشيوخ في الشام أن بعض الصوفية استغاث بي فخرجت له الشياطين في صورتي كأني أطير في السماء و هذا هو شأن الشياطين معهم تريهم المستغاث به طائرا يستجيب لهم كلما دعوه تغريرا بهم و إيقاعا لهم في الشرك !!..و لو كانت هذه الشخصية السوبرمانية في عقلية مجتمع عربي لكال الشتوي السخيف و أضرابه لنا الشتم و السب و السخرية بسبب تعلقنا و تعليمنا أبناءنا هذه الأسطورة الساذجة " العجائبية " على حد تعبيره !! ..و لكن لأنها أسطورة ولدت في أوائل القرن العشرين على أياد غربية فهي إبداع و ثقافة و فن و سعة خيال و تقدم و حضارة !!.ما الفرق بين سوبرمان و بين هبنقة ؟ ..
أو بينه و بين " ابو رجل مسلوخة ؟؟"..
أو بينه و بين " السعلوة التي تأكل الرجال" ؟؟أو بينه و بين " الإمام العسكري ؟؟" ..
سيقولون بأن الكبار لا يؤمنون بسوبرمان ؟؟سنقول بل إن الكبار آمنوا به قبل الصغار و قامت لأجل فكرة الإنسان السوبرمان حرب عالمية راح ضحيتها الملايين !! .يقول آرنست كاسيرر في كتابه " الدولة و الأسطورة " ص 372-375: ( لقد بدأ العالم السياسي يشعر منذ عام 1933 م بالقلق من إعادة تسلح المانيا الذي بدأ بعد إعادة إحياء الأساطير ) مثل أسطورة "الفوهرر " و أسطورة العرق الآري المتفوق . و يقول هتلر في كتابه " كفاحي " و هو يشرح النظرية النازية : (الإنسانية تنقسم إلى ثلاثة أجناس 1- الجنس الذي صنع الحضارة و هو الجنس الآري الصانع الوحيد للحضارة !! 2- الجنس الذي حافظ على الحضارة و لم يصنعها مثل الآسيويين 3- الجنس المدمر للحضارة و هم اليهود !! ) . و لهذا كان يقول أحد مفكري النازية و اسمه ستابل : ( لم تكن النازية قائمة على الاقناع و لكن على أيديولوجية ذات افكار أولية بسيطة لا تحتاج إلى إقناع ) و هذا ما قاله هتلر في كتابه و أكد الدعوة إليه بأن يتم التركيز على العواطف و الانفعالات و لأجل هذه الآيديولوجيا الأسطورية الساذجة كان ملايين الألمان يمضون إلى الموت في ثلوج روسيا و صحارى شمال أفريقيا و هم يبتسمون !! .
و بعد أن مات هتلر و ماتت النازية و سقط الممثل كريستوفر ريف الذي يمثل شخصية سوبرمان عن ظهر حصانة فأصيب بالشلل الرباعي و خفت ضوء سوبرمان ثم مات في أكتوبر 2004 م لم تستطع أمريكا أن تحيا بلا إله جديد فصنع الخيال الغربي المتحضر المتقدم شخصية " الترمونيتور " و هو رجل نصفه بشري و نصفه الآخر آلي أيضا يمارس نفس المهام التي يمارسها سوبرمان المشلول الآن !! ..و يؤمن به الكبار و الصغار و يحصد فيلمه على الشبابيك ملايين الدولارات ! , ثم يأتي مخبول كالشتوي ليقول بأن الأسطورة كانت في العقل العربي أبان الدولة العباسية ؟!! .والدة المخرج سبيلبيرج اليهودي الشهير مخرج فيلم الهوليكوست تقول : إبني نبي من أنبياء بني إسرائيل بعث و بيده الكاميرا و اسمه موجود في كل كتب العهد القديم و كل شعب إسرائيل كان ينتظره !!.و مازال الشعراء يتغنون بحورية البحر ذات الشعر الطويل و الخصر النحيل و الساقين المغطاتين بزعنفة سمكة في كل الشرق و الغرب مع أنه ليس لها وجود !!.و مازال الناس يصنعون للحب عيدا و يجعلون له نبيا اسمه فالنتاين تحضر روحه الطاهرة أعياد العشاق كما تحضر روح محمد عليه السلام موالد الصوفية بزعمهم مع أنه لا يوجد شيء اسمه حب و إنما هي علاقات نفعية و شهوات لحظية و سبح بالبطون على البطون و لكن الناس صنعوا له عيدا و نبيا و جعلوا الحب " شيئا ماديا محسوسا له كيان مستقل !! " .. هو ذاته ( إله الحب ) الذي كان في عصور الآلهة القديمة !! ..
صنم لطفل بجناحين يحمل معه قيثارة ولكن بشكل عصري جديد !..
و مازالت جموع الشباب تغص بهم مدرجات و ساحات الملاعب العملاقة يتابعون حفلات الرقص الموتور لنجوم جعلوا منهم أنصاف آلهة يقدمون العزاءات الصغيرة في اشياء فقدوها في حياتهم العصرية المدوجنة حتى كأن المغني صار ولياً أو قديساً من الذين كانت تذبح الفتيات على أعتاب معابدهم عاريات و تركع أمامهم فرسان القبيلة في العصور المتحجرة طلبا لموال مقدس تنتشر أصداؤه في السماء ليجلب النصر و التأييد و الفال السعيد !! ..
و عندما ترى حفنة رجال يركضون في الملعب خلف كرة مطاطية يتم وصفهم بـ " الزعيم " و " العميد " و " فرقة الرعب " و " موج البحر " و غير ذلك من الصفات التي لا تختلف عن " إله الصواعق " و " إله الدمار " و " إله الأعاصير " تعلم بأن هناك إله أسطوري غائب اسمه " المجد و الكبرياء " يتجلى في كل يوم تحت فانلة القحطاني و سامي الجابر يهتف له الموحدون حتى تتمزق حناجرهم في طقوس لا تختلف كثيرا عن طقوس عاشوراء !! ..
غير أن هؤلاء ينتظرون " المجد و الكبرياء " الذي لم يدخل سرداب سامراء ...
و لكن سرداب المرمى في استاد الملك فهد !! ..في شوق همجي محموم !! ..
و مازال فرعون يخرج كل يوم من قبره و يردد كلمته المشئومة " أنا ربكم الأعلى " على لسان الشتوي نفسه الذي جاء ليشرع لنا و يصنع لنا دينا من بنيات أفكاره نؤمن به و نعتنقه و نتحاكم إليه و قد سرقه من هنا و هناك معلناً الربوبية بكل وقاحة تحت مسوح " الثقافة و الرأي " مع أنه في الحقيقة ليس إلا أسطورة جديدة تمارس خرافتها علينا بالوعود الطوال العراض بحياة مليئة بالسعادة و الرأي الرشيد تماما كما كان يزعم فرعون !!..
و مازالت شركة بيبسي تضع علبة منتجها على الشاشة و تكتب تحته " كل ما تتمناه !! " ...
و شركة شيفروليت تضع صورة الكابريس و تقول " أترك العالم وراءك " ..
و تخرج دعاية سفن أب رجل يشير باصبعه فتخرج الشمس ثم يشير فتمطر السماء ثم يشير فتنيت الأرض الورود ثم يعلق مرجوحته و ينام واضعا رجلا على رجل ..!!..
ثم بلغ الأمر أن تضع شركة كوكا كولا كلمة CocaCola على مجسم الكعبة و حوله الناس سجود في رسم دعائي !!.. لتتحول الكوكاكولا إلى " إله السعادة و النشوة الجديد !! " ..
مع أن كل هذه الأشياء يشتريها الكبار البالغون المميزون المعاصرون المتحضرون !!
و مع هذا مازال الشتوي و اضرابه يعلنون البراءة من الأساطير !!..
و يضحكون على عهد الدولة العباسية و يسمونه عهد الأساطير و الحكايات العجائبية ؟!!..
فعلى من تستهبل يا شتوي ؟؟
ايها الليبرالي المسكين البائس الفقير !! ..