تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيّ بعده، وآله وصحبه ومَن اتبع هديَه
    ... وبعد ،،

    ((قال سليمان بن داود: "لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارساً يجاهد في سبيل الله". فقال له صاحبه: "إن شاء الله". فلم يقل، ولم تحمل شيئاً إلا واحداً، ساقطاً أحد شقيه! فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: لو قالها، لجاهدوا في سبيل الله)).

    هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ورد في الصحيح مرفوعاً وموقوفاً:

    فأخرجه مرفوعاً:
    - البخاري (6263) والنسائي (الكبرى 4772) وأبو عوانة (4857) واللالكائي (1419) من طريق شعيب بن أبي حمزة. وأخرجه البخاري (3242) من طريق مغيرة بن عبد الرحمن. وأخرجه الحميدي
    (1174) ومن طريقه أبو عوانة (4856)، ومسلم (1654) وأبو يعلى 6347) من طريق سفيان بن عيينة. وأخرجه مسلم (1654) والبيهقي (الكبرى 19694؛ الأسماء والصفات 353) من طريق موسى بن عقبة. وأخرجه مسلم (1654) من طريق ورقاء. وأخرجه النسائي (الكبرى 11302) وأبو عوانة
    (4850) والبزار (8873) من طريق هشام بن عروة.
    ستتهم (شعيب، ومغيرة، وسفيان، وموسى، وورقاء، وهشام): عن أبي الزناد.

    وأخرجه البخاري معلقاً (2664) من طريق جعفر بن ربيعة.
    كلاهما (أبو الزناد، وجعفر): عن الأعرج.

    - وأخرجه ابن أبي شيبة (1563) من طريق يزيد بن هارون، وأبو عوانة (4851) من طريق ابن بكر السهمي. كلاهما (يزيد، والسهمي): عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين.

    - وأخرجه أحمد (7701)، وأخرجه النسائي (الكبرى 3856) عن العباس بن عبد العظيم. كلاهما (أحمد، والعباس): عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس.
    وأخرجه الحميدي (1175) ومن طريقه أبو عوانة (4856)، ومسلم (1654) والبيهقي (الأسماء والصفات 354) من طريق: سفيان، عن هشام بن حجير.
    كلاهما (ابن طاوس، وابن حجير): عن طاوس بن كيسان.
    وثلاثتهم (الأعرج، وابن سيرين، وطاوس): عن أبي هريرة مرفوعاً.

    وأخرجه موقوفاً:
    - البخاري (4944) عن محمود بن غيلان، ومسلم (1654) عن عبد بن حميد، وأبو عوانة (4855) عن محمد بن يحيى. ثلاثتهم (محمود، وعبد، وابن يحيى): عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس.
    وأخرجه البخاري (6341) والبيهقي (الأسماء والصفات 354) من طريق علي بن المديني، وأخرجه أبو يعلى (6244) عن الحارث بن سريج. كلاهما (ابن المديني، وابن سريج): عن سفيان، عن هشام بن حجير.
    وكلاهما (ابن طاوس، وابن حجير): عن طاوس.

    - وأخرجه البخاري (7031) وأبو عوانة (4853) واللالكائي (1418) من طريق وهيب. وأخرجه مسلم (1654) وأبو عوانة (4852) والطحاوي (مشكل الآثار 184) من طريق حماد بن زيد. كلاهما (وهيب، وحماد): عن أيوب السختياني.
    وأخرجه أحمد (10588) عن يزيد بن هارون، و (7137) عن هشيم. كلاهما (يزيد، وهشيم): عن هشام بن حسان.
    وكلاهما (أيوب، وهشام): عن ابن سيرين.

    - وأخرجه ابن الأعرابي (المعجم 1828) من طريق نصر بن علي، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج.
    ثلاثتهم (طاوس، وابن سيرين، والأعرج): عن أبي هريرة موقوفاً.

    والسؤال إلى الأساتذة والإخوة الفضلاء بارك الله فيهم:
    كيف يُحكم برفع هذا الحديث بالرغم من اعتلاله بالوقف، لا سيما مع انضمام اختلاف الرواة في ضبط عدد النساء في متن القصة؟


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    كثيرا ما يرد مثل هذا أخي الكريم في نصوص كثيرة، ولا إشكال في ذلك، أعني: في اتصال إسناد حديث ما ورفعه إلى رسول الله مباشرة ممن سمعه منه، أو وقفه على من سمعه ممن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغالبا ما يكون له حكم الرفع، إذا كان مثله لا يقال من قبيل العادة بين الناس.

    فحاصله: قد يأتي الحديث من طريقين: إحداهما: مرفوعة متصلة، والثانية: موقوفه منقطعة. وغالبا ما يكون الواقف ممن سمع من الراوي الأصل هذا الحديث، لكنه في هذه المرة رواه مباشرة دون الإحالة على الراوي الأصل لسبب من الأسباب، لكن مع ذلك فطريق الأصل معروف مشتهر واضح لا يخفى، فلا مجال للتعمية هنا.

    فمتى ما وجدت الطريق الأصل مروية بإسناد صحيح ثابت، فلا عبرة بالموقوفة في هذه الحالة إلا في بيان بعض الألفاظ فقط.
    وأما تعدد ضبط النساء في هذه القصة، فلا ضير فيه أخي؛ لأنه قد يكون راوٍ أضبط من آخر وأحفظ وأثبت.

    هذا ما عندي هنا، فإن أصبت فقد وفقني الله، وإن أخطأت فقويموني رحمكم الله.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    أخي المفضال السكران التميمي ..

    جزاك الله خيراً على سرعة الرد وهذا التبيان الكريم ..

    وأنا الآن قد اجتمع لديّ من القرائن التي تحفّ هذا الحديث ما يرجّح أنه من كلام أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً عليه، سأقوم بضبطها وترتيبها وأسوقها للنقاش، فإنما نتعلم من المدارسة ومن سؤال أهل العلم أحسن الله إليهم ونفعنا بهم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    لعلي أسبقك قليلا أخي (أحمد) وأضع بين يديك ما قد وقفت عليه من طرق لهذا الحديث، علّها تبين ولو قليلا من الإشكال.

    (1) طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج
    وهو يروى عنه من طريقين: موصولة، وموقوفة:
    أولا: الطريق الموصول:
    وهي تروى عنه من طريقين أيضا:
    (1) الطريق المشهور المعروف: من طريق أبي الزناد عنه؛ رواها كلٌ من:
    البخاري في (الصحيح ج3/ص1260) قال:
    حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو قالها لجاهدوا في سبيل الله". قال شعيب وابن أبي الزناد: تسعين؛ وهو أصح.

    البخاري في (الصحيح ج6/ص2447) قال:
    حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

    مسلم في (الصحيح ج3/ص1275) قال:
    وحدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثله أو نحوه (أي نحو حديث طاووس قبله في نفس الصحيح).
    مسلم في (الصحيح ج3/ص1276) قال:
    وحدثني زهير بن حرب، حدثنا شبابة، حدثني ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة فجاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".
    وحدثنيه سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، بهذا الإسناد مثله، غير أنه قال: "كلها تحمل غلاما يجاهد في سبيل الله".

    النسائي في (السنن الكبرى ج3/ص141) قال:
    أنبأ عمران بن بكار قال: حدثنا علي بن عياش قال: حدثنا شعيب قال: حدثني أبو الزناد؛ مما حدثه عبد الرحمن الأعرج؛ ما ذكر أنه سمع أبا هريرة يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وقال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

    النسائي في (السنن الكبرى ج6/ص385) قال:
    أنا إبراهيم بن محمد، نا بن داود، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة فتأتي كل امرأة برجل يضرب بالسيف؛ ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فجاءت واحدة بنصف ولد، ولو قال سليمان إن شاء الله لكان ما قال".

    البيهقي في (السنن الكبرى ج10/ص44) قال:
    حدثنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله إملاء، أنبأ أبو حامد بن الشرقي، ثنا محمد بن عقيل، ثنا حفص بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة قال: أخبرني أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كل واحدة تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يفعل ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله أجمعون".

    أبو عوانة في (المسند ج4/ص52) قال:
    حدثنا زياد بن الخليل، قثنا مسدد (ح) وحدثنا يوسف القاضي، قثنا مسدد ونصر بن علي قالا: ثنا عبد الله ابن داود، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة فتأتي كل امرأة بغلام يجاهد في سبيل الله فلم تحمل منهن إلا امرأة نصف غلام" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان قال إن شاء الله كان كما قال".
    حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، قثنا الحميدي، قثنا سفيان، قثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حلف سليمان بن داود فقال: لأطيفن الليلة بسبعين امرأة كلهن تجيء بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه؛ أو قال الملك: قل إن شاء الله. فنسي فأطاف بهن فلم تجيء واحدة منهن بشيء إلا واحدة جاءت بشق غلام" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لما حنث ولكان دركا له في حاجته".
    حدثنا عمران بن بكار، قثنا علي بن عياش، قثنا شعيب، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون". رواه ورقاء عن أبي الزناد بنحوه: تسعين امرأة.

    الطبراني في (مسند الشاميين ج4/ص266) قال:
    أخبرني أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، ثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، ثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود عليه السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تحمل فارسا يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فلم تحمل منهن إلا واحدة جاءت بشق إنسان" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاءت كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله".

    اللالكائي في (اعتقاد أهل السنة ج5/ص971) قال:
    أنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: أنا إسماعيل بن محمد قال: نا عبد الكريم بن الهيثم قال: نا أبو اليمان قال: أنا شعيب قال: نا أبو الزناد؛ أن عبد الرحمن الأعرج حدثه؛ أنه سمع أبا هريرة يحدث؛ أنه سمع النبي قال: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهم جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

    ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج22/ص259) قال:
    أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم، أنا أبي أبو القاسم القشيري، أنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد، أنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ، نا عمران بن بكار، نا علي بن عياش، أنا شعيب عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الله الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

    ابن سعد في (الطبقات الكبرى ج8/ص202) قال:
    وحدثني ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن على سبعين امرأة يعني في ليلة كل واحدة تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي فلم تأت واحدة منهن بشيء إلا واحدة جاءت بشق غلام ولو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته ولجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعين".

    (2) من طريق جعفر بن ربيعة عنه؛ وهي رواية واحدة رواها:
    البخاري في (الصحيح ج3/ص1038) قال:
    وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".
    وقد أسنده أبو نعيم في المستخرج على صحيح البخاري كما في (تغليق التعليق ج3/ص433) قال ابن حجر:
    قال أبو نعيم في المستخرج على صحيح البخاري: حدثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة به سواء.

    ثانيا: الطريق الموقوف:
    وهي تروى عنه من طريق أبي الزناد أيضا، رواها:
    ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج22/ص257) قال:
    أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة وأبو الحسن بركات بن عبد العزيز قالا: أنا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن بن رزقويه، أنا أحمد بن السندي، نا الحسن بن علي، نا إسماعيل بن عيسى، أنا إسحاق بن بشر، أنا مقاتل، عن أبي الزناد (ح) وابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن سليمان بن داود كان له أربعمائة امرأة وستمائة سرية فقال يوما: لأطوفن الليلة على ألف امرأة فتحمل كل واحد منهن بفارس يجاهد في سبيل الله عز وجل ولم يستثن فطاف عليهن فلم تحمل واحدة منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق إنسان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو استثنى فقال إن شاء الله لولد له ما قال فرسان ولجاهدوا في سبيل الله".
    فقد رفعه في آخره إلى رسول الله.

    (2) طريق محمد بن سيرين
    وهو يروى عنه من طريقين: موصولة، وموقوفة:
    أولا: الطريق الموصول:
    وهي تروى عنه من طريق هشام بن حسان؛ رواها كلٌ من:
    أبو عوانة في (المسند ج4/ص51) قال:
    حدثنا الصغاني، قثنا عبد الله بن بكر السهمي، قثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان ابن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة وتلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يستثن فطاف على مائة امرأة فلم تلد إلا امرأة ولدت نصف إنسان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لو استثنى لولدت كل امرأة غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله".

    ابن أبي شيبة في (المصنف ج1/ص136) قال:
    حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة فتلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله".

    ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج22/ص257) قال:
    أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم، نا عبد العزيز بن أحمد، أنا أبو محمد بن أبي نصر وأبو القاسم البجلي وعقيل بن عبيد الله (ح) وأخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم أيضا، أنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء، أنا أبو محمد بن أبي نصر قالوا: أنا أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم، نا بكار بن قتيبة، نا وهب بن جرير بن حازم، نا هشام بن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رفعه قال: "قال سليمان بن داود: أطوف الليلة على مائة امرأة فتلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فارسا في سبيل الله ولم يستثن بشيء فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة ولدت نصف إنسان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو استثنى لو قال إن شاء الله لولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فارسا في سبيل الله".
    أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، أنا أبو يعلى، نا زهير، أنا هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على مائة امرأة كل امرأة منهن تلد غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف تلك الليلة على مائة امرأة فلم تلد منهن امرأة إلا امرأة ولدت نصف إنسان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان قال إن شاء الله لولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله عز وجل".

    ثانيا: الطريق الموقوف:
    وهي تروى عنه من طريق أيوب السختياني، رواها كلٌ من:
    البخاري في (الصحيح ج6/ص2717) قال:
    حدثنا معلى بن أسد، حدثنا وهيب، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة: أن نبي الله سليمان عليه السلام كان له ستون امرأة فقال: لأطوفن الليلة على نسائي فلتحملن كل امرأة ولتلدن فارسا يقاتل في سبيل الله، فطاف على نسائه فما ولدت منهن إلا امرأة ولدت شق غلام. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله".
    فرفعه في آخره إلى رسول الله.

    مسلم في (الصحيح ج3/ص1275) قال:
    حدثني أبو الربيع العتكي وأبو كامل الجحدري فضيل بن حسين؛ واللفظ لأبي الربيع قالا: حدثنا حماد وهو ابن زيد، حدثنا أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: كان لسليمان ستون امرأة فقال: لأطوفن عليهن الليلة فتحمل كل واحدة منهن فتلد كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله، فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله".
    فرفعه في أخره إلى رسول الله.

    أبو عوانة في (المسند ج4/ص51) قال:
    حثنا أبو أمية، قثنا سليمان بن حرب، قثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: كان لسليمان بن داود عليهما السلام ستون امرأة فقال: أطوف عليهن الليلة فتحمل كل امرأة غلام فارس يقاتل في سبيل الله، فطاف عليهن فلم تحمل منهن إلا واحدة فولدت نصف إنسان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما لو كان استثنى لحملت كل امرأة منهن غلاما فارسا يقاتل في سبيل الله".
    فرفعه في آخره إلى رسول الله.
    حدثنا حمدان بن علي، قثنا المعلى بن أسد، قثنا وهيب، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم سليمان كانت له ستون امرأة فقال: لأطوفن الليلة عليهن فتحمل كل امرأة منهن ولتلدن فارسا يقاتل في سبيل الله فطاف عليهن فما ولدت منهن إلا امرأة ولدت شق غلام، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان استثنى لحملت كل امرأة منهن غلام فارس يقاتل في سبيل الله".
    فرفعه في آخره إلى رسول الله.

    اللالكائي في (اعتقاد أهل السنة ج5/ص970) قال:
    أنا محمد بن عبد الله الجعفي قال: أنا عبد الله بن علي القطعي قال: نا محمد بن الحسن الحنيني قال: نا معلى بن راشد قال: نا وهيب، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة: أن نبي الله سليمان كان له ستون امرأة فقال: لأطوفن الليلة على نسائي فتحمل كل امرأة ولتلدن فارسا يقاتل في سبيل الله. قال: فطاف على نسائه فما ولدت منهم إلا امرأة ولدت شق إنسان، فقال نبي الله: "لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله".
    فرفعه في آخره إلى رسول الله.

    (3) طريق طاووس
    وهو يورى عنه من طريقين: موصولة، وموقوفة:
    أولا: الطريق الموصول:
    وهي تروى عنه من ثلاثة طرق:
    (1) طريق هشام بن حجير، ورواها كلٌ من:
    مسلم في (الصحيح ج3/ص1275) قال:
    حدثنا محمد بن عباد وبن أبي عمر واللفظ لابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاووس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه أو الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي فلم تأت واحدة من نسائه إلا واحدة جاءت بشق غلام" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته".

    أبو عوانة في (المسند ج4/ص52) قال:
    حدثنا أبو إسماعيل، قثنا الحميدي، قثنا سفيان، قثنا هشام بن حجير، عن طاووس، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (أي مثل حديث الأعرج قبله في المسند).

    ابن سعد في (الطبقات الكبرى ج8/ص202) قال:
    أخبرنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن يزيد المكي، عن سليمان الأحول وهشام بن حجير، عن طاووس، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن على سبعين امرأة؛ يعني في ليلة؛ كل واحدة تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي فلم تأت واحدة منهن بشيء إلا واحدة جاءت بشق غلام ولو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته ولجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعين".

    (2) طريق ابن طاووس، رواها:
    الإمام أحمد بن حنبل في (المسند ج2/ص275) قال:
    ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله". قال: "ونسي أن يقول إن شاء الله، فأطاف بهن" قال: "فلم تلد منهن إلا واحدة نصف إنسان" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته".

    (3) طريق سليمان الأحول، رواه:
    ابن سعد في (الطبقات الكبرى ج8/ص202) قال:
    أخبرنا محمد بن عمر، حدثني إبراهيم بن يزيد المكي، عن سليمان الأحول وهشام بن حجير، عن طاووس، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان بن داود: لأطوفن على سبعين امرأة؛ يعني في ليلة؛ كل واحدة تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي فلم تأت واحدة منهن بشيء إلا واحدة جاءت بشق غلام ولو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له في حاجته ولجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعين".

    ثانيا: الطريق الموقوف:
    وهو يروى عنه من طريقين:
    (1) طريق ابن طاووس أيضا، رواه كلٌ من:
    الصنعاني في (التفسير ج2/ص401) قال:
    أنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود: لأطيفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل إن شاء الله. فلم يقل فأطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته".
    ورفعه في آخره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    البخاري في (الصحيح ج5/ص2007) قال:
    حدثني محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي فأطاف بهن ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان أرجى لحاجته".
    ورفعه في آخره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    مسلم في (الصحيح ج3/ص1275) قال:
    حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق بن همام، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود: لأطيفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله. فقيل له: قل إن شاء الله. فلم يقل فأطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته".
    ورفعه في آخره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أبو عوانة في (المسند ج4/ص52) قال:
    حدثنا محمد بن يحيى، قثنا عبد الرزاق، قال: أنبا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة بسبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله. فقال له صاحبه أو الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل أو فنسي قال فلم تجيء امرأة منهن إلا واحدة بنصف إنسان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته".
    ورفعه في آخره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    (2) طريق هشام بن حجير، رواها:
    البخاري في (الصحيح ج6/ص2470) قال:
    حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاووس سمع أبا هريرة قال: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: _ قال سفيان: يعني الملك _ قل: إن شاء الله. فنسي فطاف بهن فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام. فقال أبو هريرة يرويه قال: "لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا في حاجته". وقال مرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو استثنى".
    ورفعه في آخره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وحدثنا أبو الزناد عن الأعرج مثل حديث أبي هريرة.

    (4) طريق أبي حازم
    ابن عساكر في (تاريخ مدينة دمشق ج22/ص257) قال:
    أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد، أنا أبو محمد الجوهري، أنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ، أنا أبو بكر محمد بن إسماعيل البندار البصلاني، نا خالد بن يوسف السمتي، حدثني أبي، عن موسى بن عقبة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله. فلم يقل فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفسي بيده إنه لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون".

    (5) طريق المقبري
    ابن سعد في (الطبقات الكبرى ج8/ص203) قال:
    أخبرنا محمد بن عمر، حدثني أبو معشر، عن المقبري: أن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي فتأتي كل امرأة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يستثن ولو استثنى لكان فطاف على مائة امرأة فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة حملت شق إنسان.

    هذا ما وجدته من طرق الحديث، والذي أراه بينا _ ولم أر بعد ما جمعته أنت حفظك الله _ أنه ثابت موصلا أيضا لا شك فيه.

    والله تعالى أعلى وأعلم
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    بارك الله فيك أستاذنا التميمي على ما تفضلتَ به، وسأقوم بطرح نقاط هذا الموضوع طلباً للتدقيق أو التصويب أو التعضيد. فأقول وبالله التوفيق:
    أولاً: إرسال أبي هريرة
    من المعلوم أن مراسيل الصحابة مُحتَجٌّ بها لأنها محمولة على الاتصال، ولكن ذلك قاعدة عامة لا على كل حديث حديث. وإلاّ فقد فرّق ابن حجر بين مرسل الصحابي في الأحكام وفي غيرها. يقول في صحة الاحتجاج بمراسيل الصحابة (فتح الباري 1/ 174): ((وهذا في أحاديث الأحكام دون غيرها، فإن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين مثل كعب الأحبار)). اهـ
    والسبيل إلى معرفة ذلك أن يكون متن الحديث عبارة عن حكاية أو قصة من قصص بني إسرائيل، كما قال الحافظ العراقي (التقييد والإيضاح ص59): ((إن رواية الصحابة عن التابعين غالبها ليست أحاديث مرفوعة، وإنما هي من: الإسرائيليات، أو حكايات، أو موقوفات)). اهـ وبه قال السيوطي (تدريب الراوي 1/109): ((بل أكثر ما رواه الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة، بل: إسرائيليات، أو حكايات، أو موقوفات)). اهـ
    ثانياً: تعارض الرفع والوقف
    قال الخطيب البغدادي (الكفاية 2/562) في الترجيح بين الأخبار: ((ويرجح أيضاً بأن يكون متفق على أنه مرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومرفوعاً إليه، والآخر مختلف فيه: فـُيروى تارة مرفوعاً، وأخرى موقوفاً، ولا يمكن مثل ذلك فيما أجمع أنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم)). اهـ
    والنووي يرى تبعاً لابن الصلاح بأنه إذا تعارض الرفع والوقف، حُكِم لمن رفعه لأنها زيادة ثقة. وتعقـّبه السيوطي (التدريب 1/117) بأنه لا يُحكم ((بذلك لمجرّد الزيادة، بل لأن لحذاق المحدّثين نظراً آخر، وهو الرجوع في ذلك إلى القرائن، دون الحُكم بحُكم مُطَّرد)). اهـ
    وهذا هو الجنس العاشر من أجناس العلل عند الحاكم (معرفة علوم الحديث ص118): أن يُروى الحديث مرفوعاً من وجه، وموقوفاً من وجه، نبّه عليه السيوطي في تدريبه (1/139).
    والسؤال هنا: إن ترجَّح كون هذا الحديث موقوفاً على أبي هريرة، فهل له حُكم المرفوع؟
    والجواب: اجتمع في هذا المتن عدم كونه من أحاديث الأحكام، ثم كونه قصة من الإسرائيليات، ثم في المتن اضطراب ونكارة. فكيف يكون له حُكم المرفوع؟
    ثالثاً: الاضطراب في عدد النساء

    قال ابن الجوزي (كشف المشكل 1/958): ((في عدد النساء أربعة أقوال:
    أحدها: مائة. والثاني: تسعون. والثالث: سبعون. والرابع: ستون. وكلها في الصحيح)). اهـ
    قلتُ: والخامس: تسع وتسعون وهو عند البخاري تعليقاً من حديث جعفر بن ربيعة عن الأعرج، وصله الإسماعيلي والطحاوي. وفي هذا المقام أشير إلى وهم البخاري في قوله: ((قال شعيب وابن أبي الزناد: "تسعينوهو الأصح)). اهـ فرواية ابن أبي الزناد "سبعين" وليست "تسعين"، أخرجها عنه ابن سعد، وابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عنه.
    قال ابن حجر (الفتح 6/531): ((فمحصَّل الروايات: ستون، وسبعون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة. والجمعُ بينها: أن الستين كُنّ حرائر وما زاد عليهنّ كُنّ سراري، أو بالعكس. وأما السبعون، فللمبالغة. وأما التسعون والمائة، فكُنّ دون المائة وفوق التسعين: فمن قال "تسعون" ألغى الكسر، ومن قال "مائة" جبره. ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر. وأما قول بعض الشراح: "ليس في ذكر القليل نفي الكثير، وهو من مفهوم العدد، وليس بحجة عند الجمهورفليس بكافٍ في هذا المقام. وذلك أن مفهوم العدد معتبر عند كثيرين، والله أعلم)). اهـ
    قلتُ: لا وجه للجمع بين الأقوال بتقسيم النساء إلى حرائر وسراري، فهذا تكلُّف ظاهر وليس له دليل صحيح، وإن كان ورد تفصيل ذلك في الإسرائيليات كما سنذكر. بل الصحيح أنه اختلاف من الرواة أنفسهم، لأنه لا يُعقل أن يقول أبو هريرة رضي الله عنه كل هذه الأعداد تارة بعد أخرى! ولذلك قال ابن حجر نفسه في موضع آخر (الفتح 11/614): ((وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الناقلين. ونقل الكرماني: أنه ليس في الصحيح أكثر اختلافاً في العدد من هذه القصة)). اهـ
    فعدم ضبط الرواة للعدد المذكور ينضمّ إلى عدم ضبطهم وقف الحديث مِن رفعه.
    رابعاً: فقال النبي .. أم فقال أبو هريرة؟

    مما يلفت الانتباه - كما أشار الأخ المفضال السكران التميمي حفظه الله - أن الروايات الموقوفة نفسَها رَفَعَت آخر الحديث وهو قوله: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً في حاجته)). ولكن هذا الرفع أيضاً اشتبه على بعض الرواة، فجاء من طريق علي بن المديني موقوفاً على أبي هريرة. قال البخاري (6341): حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس: سمع أبا هريرة قال: ((قال سليمان: "لأطوفنَّ الليلة على تسعين امرأة، كلٌّ تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله". فقال له صاحبه – قال سفيان: يعني الملك – قل: "إن شاء الله"، فنسي. فطاف بهنَّ، فلم تأت امرأة تلد منهنَّ بولد، إلا واحدة بشق غلام)). فقال أبو هريرة يرويه، قال: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً في حاجته)). وقال مَرَّة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو استثنى)).
    وقال البيهقي (الأسماء والصفات 354): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي: ثنا علي بن المديني: ثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ((قال سليمان عليه السلام: "لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كلهن تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله عز وجل". فقال له صاحبه – يعني الملك –: "قل: إن شاء الله"، فنسي. فأطاف بهن، فلم تأت امرأة بولد إلا واحدة، بشق غلام!)) قال أبو هريرة رضي الله عنه، يرويه: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً له في حاجته)).
    وإنما استشهد أبو هريرة في آخر القصة بالحديث الذي رواه بنفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن حلف فقال "إن شاء الله"، لم يحنث)). أخرجه عبد الرزاق (16118) ومن طريقه الترمذي (1571) وابن ماجه (2104) والنسائي (3855)، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً.
    قال الترمذي: ((سألتُ مُحَمَّدَ بنِ إسماعيلَ عن هذا الحديثِ، فقال: هذا حديثٌ خطأٌ، أخطأَ فيهِ عبدُ الرزَّاقِ. اختصرهُ من حديثِ معمرٍ عن ابنِ طاوسٍ عن أبيهِ عن أبي هُرَيرَةَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم قال: "إنَّ سليمانَ بنِ داودَ عليهِ السَّلامُ قال: لأطُوفنَّ اللَّيلةَ على سبعينَ امرأةً تلدُ كلُّ امرأةٍ غُلاماً. فطافَ عليهنَّ فلم تلدْ امرأةٌ منهنَّ إلاَّ امرأةً نصفَ غلامٍ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: لو قالَ إنْ شاءَ اللهُ لكانَ كما قال". هكذا روى عبدُ الرزَّاقِ عن معمرٍ عن ابنِ طاوسٍ عن أبيهِ هذا الحديثَ بطولهِ، وقال: "سبعينَ امرأةً")). اهـ
    قلتُ: حديث طواف سليمان ساقه البخاري بالمعنى فتصرّف في ألفاظه، فقد رواه في صحيحه عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بلفظ ((مائة)) لا ((سبعين))، وبلفظ ((لم يحنث وكان أرجى لحاجته)) وليس ((لكان كما قال)). وحديث الاستثناء ليس خطأ، فقد رُوي عن غير أبي هريرة أيضاً، وهو مرفوع حُكماً. وقد استند أبو هريرة رضي الله عنه إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الاستثناء من اليمين وطبّقه على قصة سليمان. فاشتبه على الرواة، فرفع بعضهم القصة نفسها وجعلها من كلامه صلى الله عليه وسلّم. ثم تصرّفوا في آخر المتن:
    فقال الأعرج: ((لو قال: "إن شاء الله"، لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون)).
    وفي رواية هشام بن عروة من طريقه: ((لو قال: "إن شاء الله"، كان كما قال)).
    وقال ابن سيرين: ((لو كان سليمان استثنى، لحملت كل امرأة منهنَّ، فولدت فارساً يقاتل في سبيل الله)).
    وقال طاوس: ((لو قال: "إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركاً لحاجته)).
    فرواه جميعهم بالمعنى.
    خامساً: منافاة القصة للمعقول

    وهذا جليٌّ في أن إتيان الرجل لهذا العدد الهائل من النساء في ليلة واحدة يتنافى مع طبيعة الأشياء:
    (1) فليلة واحدة فقط غير كفيلة بوطء تسعين بل سبعين بل ستين امرأة، مهما طالت المدة من المغرب إلى الفجر!
    (2) أن فطرة الله التي فطر الناس عليها تتعارض مع ما تنسبه هذه القصة لسليمان عليه السلام من فحولية غير معقولة!
    سادساً: عقاب سليمان على عدم استثنائه

    تشير القصة إلى أن سليمان أعرض عن قول: "إن شاء الله". وليس هو من قبيل قوله تعالى (ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله)، فالنص يقول إن الملـَك حثّ سليمان في حينها على الاستثناء فلم يفعل: ((فقال له صاحبه: "قل: إن شاء الله"، فلم يقل: "إن شاء الله")). فكان عقابه من الله أن أعطاه نصف غلام! ثم إنه أقسم على الطواف بنية الإنجاب، وقد فعل ما أقسم عليه، ففيم الحنث؟ لا يقال إن القسم منصرف إلى الولادة، لأن سليمان عليه السلام لا يقسم على ما لا يملك. ولو كان كذلك، فقسَمُ النبي مبرور لا سيما وأنه وهب ما يلده لله عز وجلّ! ثم هل يكون عقاب الله لسليمان بأن يحرمه الذرية الصالحة لأنه غفل عن الاستثناء في أمر لا مدخل للحنث فيه؟
    سابعاً: أجمعون .. أم أجمعين؟

    وقعت في جميع طرق الأعرج بالرفع، وهو خطأ فهو لحن وليس من كلام النبوّة، وصوابها بالنصب "أجمعين". وهذه اللفظة تفرّد بها الأعرج دون غيره.
    ثامناً: فحولية سليمان من الإسرائيليات

    أخرج ابن عساكر في تاريخه (22/257) من طريق مقاتل عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: ((أن سليمان بن داود كان له أربعمائة امرأة، وستمائة سرية. فقال يوماً: لأطوفن الليلة على ألف امرأة فتحمل كل واحد منهن بفارس يجاهد في سبيل الله عز وجل ..)) الحديث. فوقع فيه أن لسليمان ألف امرأة، ما بين حرة وسرية.
    وقال ابن حجر (الفتح 6/531): ((وقد حكى وهب بن منبه في المبتدأ: أنه كان لسليمان ألف امرأة، ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سرية. ونحوه مما أخرج الحاكم في المستدرك، من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب قال: بلغنا أنه كان لسليمان ألف بيت من قوارير على الخشب، فيما ثلاثمائة صريحة وسبعمائة سرية)). اهـ
    وأصل ذلك في العهد القديم اليهودي، في سفر الملوك الأول (11: 3-4): ((وكانت له سبعمائة من النساء السيدات، وثلاثمائة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه، كقلب داود أبيه)).
    .. مِن هذه الإشكالات

    يصبح التعويل على رفع الحديث أو وقفه رهن القرائن التي تحفّ الحديث، سواء في إسناده كإرسال أبي هريرة عن النبي في غير أحاديث الأحكام، ثم مجيء القصة مرفوعة من وجه وموقوفة من وجه آخر، ثم اضطراب الرواة في ضبط عدد النساء، ثم اشتمال المتن على أمر غير معقول، ثم قدحه في أحد الأنبياء فيما لا قادح فيه، ثم تلاقيه مع الإسرائيليات في أمر فحولية سليمان. من هنا أذهب إلى أن القصة موقوفة على أبي هريرة وليست من كلام النبوّة.
    والله هو الهادي إلى سواء السبيل

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    حقيقة أيها العزيز الغالي (أحمد) بغض النظر من موافقتي لك أو مخالفتي؛ لكن يعلم الله أني أحب الشخص الذي متى ما وجد إشكالية في أمر ما لم يقف مكتوف الأيدي يستغرب ويتشكك فقط، فجزاك الله خيرا أخي على حرصك واهتمامك.

    ما سأطرحه الآن من مناقشة لست ملزما بها أخي الفاضل، إنما هو ما بدا لي في الأمر المناقش وبينته فيه. فأقول:
    أولاً: إرسال أبي هريرة
    من المعلوم أن مراسيل الصحابة مُحتَجٌّ بها لأنها محمولة على الاتصال، ولكن ذلك قاعدة عامة لا على كل حديث حديث. وإلاّ فقد فرّق ابن حجر بين مرسل الصحابي في الأحكام وفي غيرها. يقول في صحة الاحتجاج بمراسيل الصحابة (فتح الباري 1/ 174): ((وهذا في أحاديث الأحكام دون غيرها، فإن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين مثل كعب الأحبار)). اهـ
    والسبيل إلى معرفة ذلك أن يكون متن الحديث عبارة عن حكاية أو قصة من قصص بني إسرائيل، كما قال الحافظ العراقي (التقييد والإيضاح ص59): ((إن رواية الصحابة عن التابعين غالبها ليست أحاديث مرفوعة، وإنما هي من: الإسرائيليات، أو حكايات، أو موقوفات)). اهـ وبه قال السيوطي (تدريب الراوي 1/109): ((بل أكثر ما رواه الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة، بل: إسرائيليات، أو حكايات، أو موقوفات)). اهـ
    قد تتبعت طرق الحديث ما أمكنني الاطلاع عليه، ويعلم الله لم أجد أن أباهريرة رضي الله عنه ولا في طريق واحد منها قد روى الحديث عن أحد من التابعين.
    وعليه فهذا الأمر سقط من المناقشة على الأقل برأيي. (ومن أنا) الله المستعان

    ثانياً: تعارض الرفع والوقف
    قال الخطيب البغدادي (الكفاية 2/562) في الترجيح بين الأخبار: ((ويرجح أيضاً بأن يكون متفق على أنه مرويّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ومرفوعاً إليه، والآخر مختلف فيه: فـُيروى تارة مرفوعاً، وأخرى موقوفاً، ولا يمكن مثل ذلك فيما أجمع أنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم)). اهـ
    والنووي يرى تبعاً لابن الصلاح بأنه إذا تعارض الرفع والوقف، حُكِم لمن رفعه لأنها زيادة ثقة. وتعقـّبه السيوطي (التدريب 1/117) بأنه لا يُحكم ((بذلك لمجرّد الزيادة، بل لأن لحذاق المحدّثين نظراً آخر، وهو الرجوع في ذلك إلى القرائن، دون الحُكم بحُكم مُطَّرد)). اهـ
    وهذا هو الجنس العاشر من أجناس العلل عند الحاكم (معرفة علوم الحديث ص118): أن يُروى الحديث مرفوعاً من وجه، وموقوفاً من وجه، نبّه عليه السيوطي في تدريبه (1/139).
    والسؤال هنا: إن ترجَّح كون هذا الحديث موقوفاً على أبي هريرة، فهل له حُكم المرفوع؟
    والجواب: اجتمع في هذا المتن عدم كونه من أحاديث الأحكام، ثم كونه قصة من الإسرائيليات، ثم في المتن اضطراب ونكارة. فكيف يكون له حُكم المرفوع؟
    هنا أمور أخي:
    أولها: ليس كلام الخطيب رحمه الله على إطلاقه أخي العزيز، بل مراده هنا بالحديث المجمع عليه الثابت نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح توفرت شروط صحته، وليس الحديث الضعيف بأنواعه، وإلا أخي الفاضل قد رويت أحاديث لا تحصى كثرة من طريق موقوف وهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، كما رويت موصولة أيضا.

    ثانيها: أن قرائن هذا الحديث بحسب الطرق التي رأيتها له كلها شاهدة أنه لم يقله أبو هريرة رضي الله عنه من نفسه، دليل ذلك: أنه لم أكثر الطرق الموقوفة إن لم يكن كلها قد صرح في آخرها بأن القائل للحديث بالجملة ابتداء هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن رواه من التابعين عن أبي هريرة لم يروه كاملا عنه لجميع أحداث القصة، بل رواه عنه بأوله ثم نسبت القصة إلى راويها الأصلي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الرواية.

    ثالثها: لم أر من رجح الوقف في هذا الحديث سواك حفظك الله (وكلك خير وبركة) فلا نطيعك في هذا.

    رابعها: تقسيم الأحاديث إلى ما ذكرت من أحاديث أحكام وغيرها، ليس محل اتفاق بين العلماء، فلم يرتضه بعضهم، فمتى ما ثبت الحديث متصلا مسندا تمت شروطه فلا فرق بين أنواعه وأجناسه في كونه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله.

    خامسها: لا يمنع أن يكون الحديث من قصص الأمم السابقة أن يكون صحيحا ثابتا متصلا؛ وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، ولو أطعناك في هذا لتركنا أحاديث كثيرة هي عبارة عن قصص للأمم السابقة. فلا نطيعك أيضا.
    ثم أنه ليس هناك اضطراب أو نكارة بالمعنى الشديد الكبير الذي تظنه أخي الفاضل، فقط هي عدد النساء، وقوة نبي الله سليمان، وسيأتي فيما يلي بيان ذلك.

    ثالثاً: الاضطراب في عدد النساء

    قال ابن الجوزي (كشف المشكل 1/958): ((في عدد النساء أربعة أقوال:
    أحدها: مائة. والثاني: تسعون. والثالث: سبعون. والرابع: ستون. وكلها في الصحيح)). اهـ
    قلتُ: والخامس: تسع وتسعون وهو عند البخاري تعليقاً من حديث جعفر بن ربيعة عن الأعرج، وصله الإسماعيلي والطحاوي. وفي هذا المقام أشير إلى وهم البخاري في قوله: ((قال شعيب وابن أبي الزناد: "تسعين"، وهو الأصح)). اهـ فرواية ابن أبي الزناد "سبعين" وليست "تسعين"، أخرجها عنه ابن سعد، وابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عنه.
    قال ابن حجر (الفتح 6/531): ((فمحصَّل الروايات: ستون، وسبعون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة. والجمعُ بينها: أن الستين كُنّ حرائر وما زاد عليهنّ كُنّ سراري، أو بالعكس. وأما السبعون، فللمبالغة. وأما التسعون والمائة، فكُنّ دون المائة وفوق التسعين: فمن قال "تسعون" ألغى الكسر، ومن قال "مائة" جبره. ومن ثم وقع التردد في رواية جعفر. وأما قول بعض الشراح: "ليس في ذكر القليل نفي الكثير، وهو من مفهوم العدد، وليس بحجة عند الجمهور"، فليس بكافٍ في هذا المقام. وذلك أن مفهوم العدد معتبر عند كثيرين، والله أعلم)). اهـ
    قلتُ: لا وجه للجمع بين الأقوال بتقسيم النساء إلى حرائر وسراري، فهذا تكلُّف ظاهر وليس له دليل صحيح، وإن كان ورد تفصيل ذلك في الإسرائيليات كما سنذكر. بل الصحيح أنه اختلاف من الرواة أنفسهم، لأنه لا يُعقل أن يقول أبو هريرة رضي الله عنه كل هذه الأعداد تارة بعد أخرى! ولذلك قال ابن حجر نفسه في موضع آخر (الفتح 11/614): ((وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الناقلين. ونقل الكرماني: أنه ليس في الصحيح أكثر اختلافاً في العدد من هذه القصة)). اهـ
    فعدم ضبط الرواة للعدد المذكور ينضمّ إلى عدم ضبطهم وقف الحديث مِن رفعه.
    يعلم الله لم أر من جعل هذا القيد للحكم على الحديث بالوقف سواك (ويعلم الله أني أجلك وأحترمك) فلم يقله أحد. ولا نطيعك عليه أيضا.
    على أن العلماء قد التمسوا لهذا التردد في العدد كلاما، لكنك لم ترتضه، وضعفته، ولا يهم الآن قوة تعليلهم أو ضعفه، إنما المهم هو بيان الكثرة هنا ولو لم تأتي مجمعا عليها.
    وكلام ابن حجر رحمه الله ليس فيه دليلا لك أخي فمراده رحمه الله بيان تقرير القاعدة في مسألة نفي الكثير بذكر القليل، والشيخ رحمه الله إختار أنه لا تأثير بل مفهوم العدد معتبر عند الجمهور.
    وأنا معك بالنسبة أن إختلاف العدد أتى عن طريق إختلاف الرواة وعدم تيقنهم بالصحيح، ولكن هذا لا يجعلني أصرف رواية صحيحة ثابتة من أجل أنه لم يضبط عدد معين فيها من الرفع إلى الوقف. فهذا غير مسلم وغير منضبط فتنبه.
    على أنه قد يكون الحديث قد أخذ عن أبي هريرة رضي الله عنه على فترات، وقد تكون متباعدة فيذكر مرة وينسى مرة ويشك مرة ويجزم مرة ويهم مرة وهكذا. فالأمر يعلم الله أبسط مما ذكرت.

    رابعاً: فقال النبي .. أم فقال أبو هريرة؟

    مما يلفت الانتباه - كما أشار الأخ المفضال السكران التميمي حفظه الله - أن الروايات الموقوفة نفسَها رَفَعَت آخر الحديث وهو قوله: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً في حاجته)). ولكن هذا الرفع أيضاً اشتبه على بعض الرواة، فجاء من طريق علي بن المديني موقوفاً على أبي هريرة. قال البخاري (6341): حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس: سمع أبا هريرة قال: ((قال سليمان: "لأطوفنَّ الليلة على تسعين امرأة، كلٌّ تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله". فقال له صاحبه – قال سفيان: يعني الملك – قل: "إن شاء الله"، فنسي. فطاف بهنَّ، فلم تأت امرأة تلد منهنَّ بولد، إلا واحدة بشق غلام)). فقال أبو هريرة يرويه، قال: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً في حاجته)). وقال مَرَّة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو استثنى)).
    وقال البيهقي (الأسماء والصفات 354): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي: ثنا علي بن المديني: ثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ((قال سليمان عليه السلام: "لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كلهن تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله عز وجل". فقال له صاحبه – يعني الملك –: "قل: إن شاء الله"، فنسي. فأطاف بهن، فلم تأت امرأة بولد إلا واحدة، بشق غلام!)) قال أبو هريرة رضي الله عنه، يرويه: ((لو قال: "إن شاء الله"، لم يحنث، وكان دركاً له في حاجته)).
    وإنما استشهد أبو هريرة في آخر القصة بالحديث الذي رواه بنفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن حلف فقال "إن شاء الله"، لم يحنث)). أخرجه عبد الرزاق (16118) ومن طريقه الترمذي (1571) وابن ماجه (2104) والنسائي (3855)، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعاً.
    قال الترمذي: ((سألتُ مُحَمَّدَ بنِ إسماعيلَ عن هذا الحديثِ، فقال: هذا حديثٌ خطأٌ، أخطأَ فيهِ عبدُ الرزَّاقِ. اختصرهُ من حديثِ معمرٍ عن ابنِ طاوسٍ عن أبيهِ عن أبي هُرَيرَةَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم قال: "إنَّ سليمانَ بنِ داودَ عليهِ السَّلامُ قال: لأطُوفنَّ اللَّيلةَ على سبعينَ امرأةً تلدُ كلُّ امرأةٍ غُلاماً. فطافَ عليهنَّ فلم تلدْ امرأةٌ منهنَّ إلاَّ امرأةً نصفَ غلامٍ. فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: لو قالَ إنْ شاءَ اللهُ لكانَ كما قال". هكذا روى عبدُ الرزَّاقِ عن معمرٍ عن ابنِ طاوسٍ عن أبيهِ هذا الحديثَ بطولهِ، وقال: "سبعينَ امرأةً")). اهـ
    قلتُ: حديث طواف سليمان ساقه البخاري بالمعنى فتصرّف في ألفاظه، فقد رواه في صحيحه عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق بلفظ ((مائة)) لا ((سبعين))، وبلفظ ((لم يحنث وكان أرجى لحاجته)) وليس ((لكان كما قال)). وحديث الاستثناء ليس خطأ، فقد رُوي عن غير أبي هريرة أيضاً، وهو مرفوع حُكماً. وقد استند أبو هريرة رضي الله عنه إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الاستثناء من اليمين وطبّقه على قصة سليمان. فاشتبه على الرواة، فرفع بعضهم القصة نفسها وجعلها من كلامه صلى الله عليه وسلّم. ثم تصرّفوا في آخر المتن:
    فقال الأعرج: ((لو قال: "إن شاء الله"، لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون)).
    وفي رواية هشام بن عروة من طريقه: ((لو قال: "إن شاء الله"، كان كما قال)).
    وقال ابن سيرين: ((لو كان سليمان استثنى، لحملت كل امرأة منهنَّ، فولدت فارساً يقاتل في سبيل الله)).
    وقال طاوس: ((لو قال: "إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركاً لحاجته)).
    فرواه جميعهم بالمعنى.
    هنا أمور:
    أولها: المصطلح عند بعض العلماء إن لم يكن أكثرهم أن قولهم: (يرويه) المراد بها: (يرفعه) إلى من رواه أولا؛ طبعا هو هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تنافي ولا تعارض.
    فلذلك أتت على التصريح في بعض الطرق مما يدل على أن المراد بها الرفع والرواية المباشرة. فتنبه.

    ثانيها: قول البخاري صحيح لا غبار فيه، وهو ما قال هذا الكلام إلا لما أنه وجد من الرواة من أدخل الحديثين مع بعضهما البعض فاختلطا،ولا يحضرني الآن حقيقة من رواه بالاختلاط. فليس في نقلك لكلامه دليل لك. بل هو يؤيد ما قلناه، لأنه ينافح عن الحديث معنا في أنه ثابت معروف.

    ثالثها: قولك: (أن أبا هريرة استند إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الاستثناء من اليمين وطبّقه على قصة سليمان. فاشتبه على الرواة، فرفع بعضهم القصة نفسها وجعلها من كلامه صلى الله عليه وسلّم. ثم تصرّفوا في آخر المتن). أقول:
    يعلم الله أخي الذي وجدته من رواية الحديثين أنهما مستقلان متباينان في سبب الورود، وما قال هذا البيان سواك حفظك الله، بل أن الخطأ أصلا والذي من أجله بين العلماء ذلك هو خلط الحديثين لنشابه الاسنادين لا أكثر ولا أقل، أم أن أبا هريرة رضي الله عنه استند به وجعله تطبيقا على قصة سليمان فغير صحيح ولا هو مسلم، فلم يوجد الحديثين مجتمعين أبدا إلا في رواية من وهم فيهما وخلط. فتنبه.
    ثم تحديدك بأن الرواة استنادا على ما قلت أنت قد تصرفوا في آخر القصة، فهذا لا يجوز على جبال شمخ مثل هؤلاء. فهم ما نقلوا إلا ما سمعوه من شيخهم رضي الله عنه وقصدي أبو هريرة.

    خامساً: منافاة القصة للمعقول

    وهذا جليٌّ في أن إتيان الرجل لهذا العدد الهائل من النساء في ليلة واحدة يتنافى مع طبيعة الأشياء:
    (1) فليلة واحدة فقط غير كفيلة بوطء تسعين بل سبعين بل ستين امرأة، مهما طالت المدة من المغرب إلى الفجر!
    (2) أن فطرة الله التي فطر الناس عليها تتعارض مع ما تنسبه هذه القصة لسليمان عليه السلام من فحولية غير معقولة!
    نحن هنا أخي العزيز لا نتكلم عني أو عنك أو عن آخر من الناس، بل نتكلم عن نبي من الأنبياء الذين أختصهم الله سبحانه بخصائص ليست لغيرهم، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه سلم قد اوتي قوة أربعة عشر رجل كما ورد، فكيف بمن كان قبله وهم يختلفون عنه في التركيبة البدنية من حيث القوة والضخامة.
    فأعتقد أن هذا الأمر غير مستغرب. نهايك عن أن طرف القصة قد ورد في القرآن كما قال تعالى: {وألقينا على كرسيه جسدا}.

    سادساً: عقاب سليمان على عدم استثنائه

    تشير القصة إلى أن سليمان أعرض عن قول: "إن شاء الله". وليس هو من قبيل قوله تعالى (ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله)، فالنص يقول إن الملـَك حثّ سليمان في حينها على الاستثناء فلم يفعل: ((فقال له صاحبه: "قل: إن شاء الله"، فلم يقل: "إن شاء الله")). فكان عقابه من الله أن أعطاه نصف غلام! ثم إنه أقسم على الطواف بنية الإنجاب، وقد فعل ما أقسم عليه، ففيم الحنث؟ لا يقال إن القسم منصرف إلى الولادة، لأن سليمان عليه السلام لا يقسم على ما لا يملك. ولو كان كذلك، فقسَمُ النبي مبرور لا سيما وأنه وهب ما يلده لله عز وجلّ! ثم هل يكون عقاب الله لسليمان بأن يحرمه الذرية الصالحة لأنه غفل عن الاستثناء في أمر لا مدخل للحنث فيه؟
    أخي رعاك الله هنا لبس، فالمراد بالقسم حفظك الله هو القسم على أنهم كلهم يجاهدون في سبيل الله ليس غير ذلك، فلما لم يستثني حصل ما حصل، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: "لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون". قتنبه

    سابعاً: أجمعون .. أم أجمعين؟

    وقعت في جميع طرق الأعرج بالرفع، وهو خطأ فهو لحن وليس من كلام النبوّة، وصوابها بالنصب "أجمعين". وهذه اللفظة تفرّد بها الأعرج دون غيره.
    صدقني أخي الكريم حصل كثير من هذا القبيل في كثير من ألفاظ الأحاديث، وهي أحاديث صحيحة أيضا، ولكن ثق أن لها تأويلا في العربية مقبولا، فهل لأنها وردت من هذا الوجه نقول أن الحديث باطل وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم؟
    أعتقد أن المسألة لا تؤخذ هكذا هنا، فإن في العربية مجالات ووجوه وأساليب لا يعرفها إلا من لديه الملكة.

    ثامناً: فحولية سليمان من الإسرائيليات

    أخرج ابن عساكر في تاريخه (22/257) من طريق مقاتل عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: ((أن سليمان بن داود كان له أربعمائة امرأة، وستمائة سرية. فقال يوماً: لأطوفن الليلة على ألف امرأة فتحمل كل واحد منهن بفارس يجاهد في سبيل الله عز وجل ..)) الحديث. فوقع فيه أن لسليمان ألف امرأة، ما بين حرة وسرية.
    وقال ابن حجر (الفتح 6/531): ((وقد حكى وهب بن منبه في المبتدأ: أنه كان لسليمان ألف امرأة، ثلاثمائة مهيرة وسبعمائة سرية. ونحوه مما أخرج الحاكم في المستدرك، من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب قال: بلغنا أنه كان لسليمان ألف بيت من قوارير على الخشب، فيما ثلاثمائة صريحة وسبعمائة سرية)). اهـ
    وأصل ذلك في العهد القديم اليهودي، في سفر الملوك الأول (11: 3-4): ((وكانت له سبعمائة من النساء السيدات، وثلاثمائة من السراري، فأمالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى، ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه، كقلب داود أبيه)).
    .. مِن هذه الإشكالات
    لا تعليق، حتى يتبين لي صحتها.

    يصبح التعويل على رفع الحديث أو وقفه رهن القرائن التي تحفّ الحديث، سواء في إسناده كإرسال أبي هريرة عن النبي في غير أحاديث الأحكام، ثم مجيء القصة مرفوعة من وجه وموقوفة من وجه آخر، ثم اضطراب الرواة في ضبط عدد النساء، ثم اشتمال المتن على أمر غير معقول، ثم قدحه في أحد الأنبياء فيما لا قادح فيه، ثم تلاقيه مع الإسرائيليات في أمر فحولية سليمان. من هنا أذهب إلى أن القصة موقوفة على أبي هريرة وليست من كلام النبوّة.
    أحسنت أنت بهذا قد سردت الأمور التي جعلتك تختار الوقف، وجزاك الله خير فقد قلت لك ما أجمل البحث والتنقيب، ولكني يعلم الله أرى ان الحديث صحيح ثابت موصول مرفوع قاله النبي صلى الله عليه وسلم.

    أخي الفاضل هذه مناقشتي، ولا تغضب مني فالقلوب يعلم الله صافية مليئة بالود والمحبة لكم جميعا، ولسن ألزم أحدا بأي كلمة مما قلت فقط سبر الموضوع يحدد الأمر.
    وجزاك الله عني خير الجزاء وأكرمك آمين.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    حقيقة أيها العزيز الغالي (أحمد) بغض النظر من موافقتي لك أو مخالفتي؛ لكن يعلم الله أني أحب الشخص الذي متى ما وجد إشكالية في أمر ما لم يقف مكتوف الأيدي يستغرب ويتشكك فقط، فجزاك الله خيرا أخي على حرصك واهتمامك.
    الأخ الكريم والأستاذ الفاضل السكران التميمي
    رفع الله قدرك وأفاض عليك من بركاته .. والعبد الفقير إلى مولاه ليس أهلاً لأن يحمل نعال العلماء، وإنما هو يسعى للتفتيش والتدقيق والتمحيص في ضوء ما قعَّده أئمة العلل، تثبتاً في نسبة الأخبار إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم. وليس ذلك بدعاً من السعي، فإنما نتعلّم من سؤالاتنا كما كان الأئمة رحمهم الله يسألون أساتذتهم، فيعلّون ما صحّحوه، أو يصحّحون ما أعلّوه، وعلى الله قصد السبيل.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    قد تتبعت طرق الحديث ما أمكنني الاطلاع عليه، ويعلم الله لم أجد أن أباهريرة رضي الله عنه ولا في طريق واحد منها قد روى الحديث عن أحد من التابعين.
    وعليه فهذا الأمر سقط من المناقشة على الأقل برأيي. (ومن أنا) الله المست
    عان
    هنا أمور:
    (1) مُرسَل الصحابيّ محكوم له بالاتصال جوازاً لا أصلاً، إذ هو مقيَّد بكونه مأخوذ عن صحابيّ مثله، والصحابة كلهم عدول رضوان الله عليهم أجمعين. وإنما وقع الاستثناء في هذا الحُكم فيما تدخله العلّة مِن كَون الصحابي الذي يروي الحديث معروفٌ عنه أخذه عن أهل الكتاب، سواء كانوا من الصحابة الذين أسلموا على عهده صلى الله عليه وسلّم من أمثال عبد الله بن سلام، أو من التابعين ككعب الأحبار ووهب بن منبه ومَن على شاكلتهما.
    وهنا يُحكَم على الحديث لا بقاعدة مطّردة بقبول مراسيل الصحابة مطلقاً، وإنما يدخل الاحتمال في الواسطة بين الصحابي والرسول صلى الله عليه وسلّم: فقد يكون سمعه هذا الصحابي من صحابي مثله، أو يكون سمعه من تابعي. فإنه متى كان هذا الصحابي مِن الآخذين عن أهل الكتاب، توُقِّف في رفع الحديث وجُمعت طرقه، فإن تبيّن وقف الحديث من وجوه أخرى، قَوِي الترجيح واعتلّ المتن.
    وقد ذهبت جماعة إلى ردّ مراسيل الصحابة مطلقاً. قال ابن حجر (النكت ص546): ((وحُكي ذلك عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني. وظنّ قوم أنه تفرّد بذلك فاحتجّوا عليه بالإجماع، وليس بجيد لأن القاضي أبا بكر الباقلاني قد صرّح في التقريب بأن المرسَل لا يُقبَل مطلقاً حتى مراسيل الصحابة رضي الله عنهم. لا لأجل الشك في عدالتهم، بل لأجل أنهم قد يروون عن التابعين. قال: إلا أن يخبر عن نفسه بأنه لا يروي إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي، فحينئذ يجب العمل بمرسله)). اهـ
    قلتُ: ينضمّ إليه ما أوردتُه آنفاً من قول ابن حجر في فتح الباري (1/ 174) عن الاحتجاج بمراسيل الصحابة: ((وهذا في أحاديث الأحكام دون غيرها، فإن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين مثل كعب الأحبار)). اهـ فهذا تقييد بعد إطلاق وتخصيص بعد تعميم، وهو متوجَّه للصحابة المشهورين بالنقل عن أهل الكتاب، لا لكافة الصحابة، فتأمّل.
    (2) وهنا سؤال: كيف يُحكَم بأن هذا الصحابي نقل عن هذا التابعي وليس في طرق هذا الحديث ذكر للتابعي؟ وجوابه أنه يُستعان على ذلك بأمور، منها استشكال المتن بأن يتعارض مع القرآن أو مع صحيح السنة أو مع صريح العقل، ومشابهته للإسرائيليات، مع قرائن تنضمّ إليه. وبمثل هذا صنع البخاري مع حديث خلق التربة الذي أخرجه مسلم، فقد أعلّه في تاريخه الكبير بأن جعله عن كعب لا عن النبي صلى الله عليه وسلّم، مع أنه لم يرد ذِكر كعب في أيّ طريق من طرق هذا الحديث!
    يقول ابن كثير (البداية والنهاية 1/18): ((قال البخاري في التاريخ: "وقال بعضهم (عن كعب) وهو أصح". يعني أن هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه من كعب الاحبار، فإنهما كانا يصطحبان ويتجالسان للحديث. فهذا يحدثه عن صحفه، وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبي صلى الله عليه وسلم. فكان هذا الحديث مما تلقاه أبو هريرة عن كعب عن صحفه، فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأكد رفعه بقوله "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي" ثم في متنه غرابة شديدة)). اهـ
    وقال أيضاً (البداية والنهاية 8/117): ((وقال يزيد بن هارون‏:‏ سمعت شعبة يقول‏:‏ "أبو هريرة كان يدلس". أي‏:‏ يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يميز هذا من هذا، ذكره ابن عساكر‏)). اهـ قلتُ: وفيه أنه رضي الله عنه قد يُحدّث بالحديث لا يُسنده، فيُسنده مَن يرويه عنه، فيختلف الرواة في رفعه ووقفه، كما وقع أيضاً في حديث كذب إبراهيم عليه السلام.
    (3) موقوفات الصحابي التي لا تقال من قبيل الرأي لها حُكم الرفع، ولكن هذا أيضاً ليس على إطلاقه. يقول الشيخ مصطفى بن إسماعيل السليماني (إتحاف النبيل 1/144): ((واشترطوا مع هذا الأمر: ألاّ يكون هذا الصحابي من المعروفين برواية الإسرائيليات، مثل: عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب الزاملتين، ومثل أبي هريرة الذي كان يأخذ عن كعب الأحبار، ومثل ابن عباس على بحثٍ في ذلك، وعبد الله بن سلام رضي الله عنهم. فلا يُقبَل منهم الكلام في الأمور الغيبية، لأنهم ربما أخذوه عن بني إسرائيل)). اهـ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    ليس كلام الخطيب رحمه الله على إطلاقه أخي العزيز، بل مراده هنا بالحديث المجمع عليه الثابت نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسند صحيح توفرت شروط صحته، وليس الحديث الضعيف بأنواعه، وإلا أخي الفاضل قد رويت أحاديث لا تحصى كثرة من طريق موقوف وهي ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، كما رويت موصولة أيضا.
    بارك الله فيك لم يأتِ ذِكرٌ للحديث الضعيف لا في كلامي ولا في كلام الخطيب البغدادي. وإنما مقصده أن الحديث إذا أطبقت جميع طرقه على رفعه، فهو متفق على إسناده للرسول صلى الله عليه وسلَّم. وأما الحديث المختلف فيه: فـُيروى تارة مرفوعاً، وأخرى موقوفاً، فليس من المتفق على إسناده للرسول صلى الله عليه وسلّم. وهذا هو الشاهد لسياق كلامي، أنّ حديث طواف سليمان على نسائه ليس من الصنف المتفق عليه، وإنما من الصنف الذي تعارض فيه الرفع والوقف.
    يتبع إن شاء الله

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    أن قرائن هذا الحديث بحسب الطرق التي رأيتها له كلها شاهدة أنه لم يقله أبو هريرة رضي الله عنه من نفسه، دليل ذلك: أنه لم أكثر الطرق الموقوفة إن لم يكن كلها قد صرح في آخرها بأن القائل للحديث بالجملة ابتداء هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن رواه من التابعين عن أبي هريرة لم يروه كاملا عنه لجميع أحداث القصة، بل رواه عنه بأوله ثم نسبت القصة إلى راويها الأصلي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الرواية.
    أما رفعُ الحديث في آخره، فتصرَّف فيه الرواة لأنهم رووه بالمعنى فاختلّ الضبط:
    - سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس: ((فقال أبو هريرة يرويه قال: لو قال: "إن شاء الله" لم يحنث، وكان دركاً في حاجته)).

    - عبد الرزاق عن ابن طاوس عن أبيه: ((فقال رسول الله : لو قال "إن شاء الله" لم يحنث، وكان دركاً لحاجته)).
    - المغيرة عن أبي الزناد عن الأعرج: ((فقال النبي : "لو قالها، لجاهدوا في سبيل الله")).
    - شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج: ((وايم الذي نفس محمدٍ بيده، لو قال: "إن شاء الله"، لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون)).
    - هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج: ((ولو قال سليمان: "إن شاء الله"، لكان ما قال)).
    - الروايات عن ابن سيرين: ((فقال رسول الله : "لو استثنى، لولدت كل واحدة منهن غلاماً فارساً يقاتل في سبيل الله")).
    فهذا مِن تصرُّف الرواة، لأن قوله ((يرويه)) هو مِن كلام الراوي عن أبي هريرة، فرفعه الرواة وقالوا: ((فقال رسول الله)). ثم تصرَّف فيه آخرون فقالوا: ((والذي نفس محمد بيده))، ثم تصرّف فيه هشام بن عروة فأدرج قوله ولم يفصله!
    فهذا مِن أغمض ما يكون، ومثاله ما أخرجه البخاري (2410) من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((للعبد المملوك الصالح أجران. والذي نفسي بيده، لولا الجهاد في سبيل الله، والحج وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك)). وفي المتن إدراج، إذ فهم الراوي أن قوله (والذي نفسي بيده)) هو من كلامه صلى الله عليه وسلّم، فرفعه. والصحيح أنه من كلام أبي هريرة كما عند مسلم (1665): ((والذي نفس أبي هريرة بيده)).
    وعلى نفس المنوال جاء حديث اغتسال موسى وضربه للحجر، فقد أدرج بعض الرواة كلام أبي هريرة في آخر الحديث كما عند البخاري والترمذي وغيرهما. على أن هذا الحديث أيضاً اضطرب الرواة في رفعه ووقفه!
    وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه في بعض حديثه يقول بما فهمه من حديث النبي صلى الله عليه وسلَّم في المسألة. كما في الحديث الذي أخرجه مسلم (195): ((والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون خريفاً)). فهمه من الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم (مسلم 2844): ((هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً. فهو يهوي في النار الآن، حتى انتهى إلى قعرها)).
    فهنا في قصة سليمان، استند إلى الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلّم: ((مَن حلَف فقال: "إن شاء الله"، لم يحنث)). فالمرفوع هو حُكم الاستثناء في اليمين، وأما سياقة القصة فموقوفة على أبي هريرة. وجاء على نفس المنوال حديث موسى ومَلـَك الموت، فقد أسند أبو هريرة في آخر القصة قول النبي صلى الله عليه وسلّم: ((لو كنتُ ثَمَّ لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر)). فالمرفوع مِن الحديث هو موضع قبر موسى، فوهم بعض الرواة ورفعوا القصة نفسها!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    لم أر من رجح الوقف في هذا الحديث سواك حفظك الله (وكلك خير وبركة) فلا نطيعك في هذا.
    أعزَّك الله .. مَن أنا حتى أطاع .. أستغفر ربي وأتوب إليه! إنما الترجيح مداره غلبة الظن لا أنه مقطوع به. وإنّما نحن مُتَّبِعون لا مقلِّدون. فمَن بانت له عِلّة حديث، نبّه إليها وفسَّرها. ثم تركها مَن تركها، وأخذ بها مَن أخذ بها. وهذا وأضرابه مبثوث في بطون كتب العلل، ولم يُسبَق عدد من العلماء إلى بعض ما ذهبوا إليه.
    يتبع إن شاء الله

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    تقسيم الأحاديث إلى ما ذكرت من أحاديث أحكام وغيرها، ليس محل اتفاق بين العلماء، فلم يرتضه بعضهم، فمتى ما ثبت الحديث متصلا مسندا تمت شروطه فلا فرق بين أنواعه وأجناسه في كونه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله.
    هذا سياق كلام ابن حجر في الفتح (1/174) بعد أحاديث معلّقة ساقها البخاري في باب: قول المحدث حدثنا أو أخبرنا أو أنبأنا: ((ومراده من هذه التعاليق: أن الصحابي قال تارة "حدثنا" وتارة "سمعتفدلّ على أنهم لم يفرقوا بين الصيغ. وأما أحاديث ابن عباس وأنس وأبي هريرة في رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه، فقد وصلها في كتاب التوحيد. وأراد بذكرها هنا التنبيه على العنعنة، وأن حُكمها الوصل عند ثبوت اللقيّ. وأشار على ما ذكره ابن رشيد إلى أن رواية النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي عن ربه، سواء صرّح الصحابيّ بذلك أم لا. ويدلّ له حديث ابن عباس المذكور، فإنه لم يقل فيه في بعض المواضع "عن ربه"، ولكنه اختصار فيُحتاج إلى تقدير.

    قلتُ: ويُستفاد مِن الحُكم بصحّة ما كان ذلك سبيله صحّة الاحتجاج بمراسيل الصحابة، لأن الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ربه - فيما لم يكلمه به ليلة الإسراء - جبريلُ وهو مقبول قطعاً، والواسطة بين الصحابي وبين النبي صلى الله عليه وسلّم مقبول اتفاقاً وهو صحابي آخر. وهذا في
    أحاديث الأحكام دون غيرها، فإن بعض الصحابة ربما حملها عن بعض التابعين، مثل كعب الأحبار)). اهـ

    ومقصد ابن حجر أن الصحابي إذا أرسل في أحاديث الأحكام، احتُجَّ بمرسله لأن الواسطة معلوم وهو صحابي مثله. أما في ما دون ذلك، فاحتمال كون الواسطة من التابعين قائم، لا سيما إذا كان الحديث من قصص بني إسرائيل لأن هذا هو الغالب على رواية الصحابة عن التابعين.


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    لا يمنع أن يكون الحديث من قصص الأمم السابقة أن يكون صحيحا ثابتا متصلا؛ وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله، ولو أطعناك في هذا لتركنا أحاديث كثيرة هي عبارة عن قصص للأمم السابقة. فلا نطيعك أيضا.
    ليس الأمر على إطلاقه، إذ لا يُحكم في هذا بحُكم مطّرد أنّ كل ما رواه الصحابي من قصص تكون مأخوذة عن التابعين، وكذلك لا يُحكم بأن كل حكاية أرسلها الصحابي بسند مرفوع تكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم. بل كما قال ابن حجر (النكت ص778): ((كل حديث يقوم به ترجيح خاص)). اهـ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    ثم أنه ليس هناك اضطراب أو نكارة بالمعنى الشديد الكبير الذي تظنه أخي الفاضل، فقط هي عدد النساء، وقوة نبي الله سليمان
    لو كان الاضطراب في الحديث قاصراً على عدد النساء، لما كان ذلك في حد ذاته قادحاً، ومثاله حديث جابر المخرّج في الصحيحين إذ اختلافات رواياته في العدد لا تقدح في المتن. لكن إذا انضمّ إلى هذا الاضطرابِ اضطرابٌ آخر في رفع الحديث ووقفه مِن وجوهٍ رجالُها ثقات، هنا صار الاختلاف قادحاً، لا سيما مع قرائن تنضمّ إليه كمنافاة المعقول ومشابهة الإسرائيليات وغيرها. فإذا اجتمعت كل هذه الإشكالات في حديث، فأنَّى يُقطع برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم والاحتجاج به؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    على أن العلماء قد التمسوا لهذا التردد في العدد كلاما، لكنك لم ترتضه، وضعفته، ولا يهم الآن قوة تعليلهم أو ضعفه، إنما المهم هو بيان الكثرة هنا ولو لم تأتي مجمعا عليها.
    وكلام ابن حجر رحمه الله ليس فيه دليلا لك أخي فمراده رحمه الله بيان تقرير القاعدة في مسألة نفي الكثير بذكر القليل، والشيخ رحمه الله إختار أنه لا تأثير بل مفهوم العدد معتبر عند الجمهور
    .
    هناك مَن ذهب إلى أن العدد غير مقصود لذاته، فلا فرق بين كثير وقليل. وقد ردّ ابن حجر على هذا القول ومال للرأي الثاني، وهو أن العدد معتبر ومقصود لذاته. ثم حاول التوفيق بين اختلافات الرواة فيما لا طائل مِن ورائه، ولذلك رجع عن هذا في موضع آخر من الفتح بقوله (11/614): ((وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الناقلين)). اهـ فمتى عُلم ذلك، صار الجمعُ بين الأعداد ركيكاً متكلَّفاً.

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السكران التميمي مشاهدة المشاركة
    على أنه قد يكون الحديث قد أخذ عن أبي هريرة رضي الله عنه على فترات، وقد تكون متباعدة فيذكر مرة وينسى مرة ويشك مرة ويجزم مرة ويهم مرة وهكذا. فالأمر يعلم الله أبسط مما ذكرت.
    إذا اتحد المخرج، صار الحملُ على التعدد غير ممكن. كما قال ابن حجر (النكت ص804): ((وكذا حديث جابر رضي الله عنه في قصة الجمل، فإن الروايات اختلفت في قدر الثمن وفي الاشتراط وعدمه. وقد ذكر البخاري ذلك مبيناً في موضعين من صحيحه، وقال: "إن قول الشعبي بوقية أرجح، وأن الاشتراط أصحّ". وهو ذهاب منه إلى ترجيح بعض الروايات على بعض. أما دعوى التعدد فيها، فغير ممكن)). اهـ

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    3,043

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    زادك الله حرصا وعلما، ونفع بك آمين، وأقر عين أهلك بك بجاهه وجلاله سبحانه

    ولكني مع ذلك أقول: الحديث فيما تتبعته وسبرته فيه؛ (صحيحٌ رفعه، ثابت وصله) ولا ألزم بحكمي أحد.

    أختم بقولي: لا مجال للإفتراضات في الأمور الثابتات المقررات، فلم أجد يعلم الله على ما عشته مع هذا الحديث من أهل العلم لا سلفا ولا خلفا من أشار إلى علة أو خلل قد يقدح بهذا الحديث ويزيل رفعه ووصله يمكن الإعتماد والاطمئنان إليها.
    ويعلم الله لو شك الشيخين ولو لوهلة واحدة في تردد الحديث وقفا أو رفعا، أو أن طريق الرفع في مقال، والله لما ترددا في إخرجه من صحيحيهما ولما أدخلوه فيهما.

    ليسهل الله أمرك أيها الشهم العزيز، فلقد أحببت إصرارك ومثابرتك، لأنها قليلة هذه الأيام، زادك الله من فضله آمين.

    هذا ما لدي هنا. وسلام الله عليك ورحمته وبركاته.
    حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم
    كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغضاً إنه لذميم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    122

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    أستاذنا السكران التميمي

    جزاك الله كل خير وبارك فيك على هذه المباحثة الطيبة، وأشكر لك ردّك على العبد الفقير وأسألك الدعاء الخالص بظهر الغيب. أعزك الله وأكرمنا وإياك وجعلنا من أهل طاعته.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2012
    المشاركات
    555

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    أخرج الشيخين الروايتين المرفوعة والموقوفة..والرو ايتين ثابتتين صحيحتين لإبو هريرة رضي الله عنه..فإحتمال أنه كان يحدث به مرفوعا وأحيانا من غير أن يرفعه وإلا لا يحق لنا ترجيح روايه الوقف على الرفع لإن الرفع مروي من طرق لا مطعن فيها تماما..وإخراج الشيخين للروايتين يعرف منه أنهما يقولان ما قلته..

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    غزة - صانها الله -
    المشاركات
    1,629

    افتراضي رد: مرفوع أم موقوف: طواف سليمان على نسائه؟

    ما المشكل في كونهما أخرجاها مرفوعة مرة ، وموقوفة مرة .. ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •