
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو الحارث السلفي
أخي ابو نذر الرحمان هداني الله وإياك للحق والصواب
اخي كلامك من باب الالزام فكلام الائمة عن الذين يقولون الايمان قول باللسان أو قول واعتقاد فلا اشك انا وانت ان هذا القول قول المرجئة. لكن لمذا تلزم الذي يقول ان الايمان قول وعمل واعتقاد ويزيد وينقص لكنه لم يكفر تارك أعمال الجوارح أنه قال بقول المرجئة؟! هذا الذي أخالفك فيه لان قول السلف الايمان قول وعمل واعتقاد ، العمل هنا يشمل
عمل القلب وعمل الجوارح وهم تكلموا على تارك أعمال الجوارح ولهم في ذلك ادلة من السنة مثل حديث " لم يعملوا خيرا قط" .
يعني النقول التي نقلتها عن الائمة هذه في الرد على المرجئة الذين قالوا ان الايمان قول والعمل ليس من الايمان. اما الذي يقول ان الايمان قول وعمل ولكنه لا يكفر تارك أعمال الجوارج فلا علاقة له في الارجاء اما ترك عمل القلب واعمال الجوارح فنعم الذي يقول هذا لا يكفر فهو مرجئ واخرج العمل عن مسمى الايمان.
مثلا الامام الآجري في كتابه الشريعة الذي نقلت منه يتكلم هذا الكلام في الرد على المرجئة الذين يقولون الايمان قول ولا عمل لذلك قال في موضع آخر من نفس الكتاب وهو يتكلَّم عن الاستثناء في الإيمان فيقول: ((من صفة أهل الحق ممن ذكرنا من أهل العلم: الاستثناء في الإيمان لا على جهة الشك - نعوذ بالله من الشك في الإيمان - ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال بالإيمان؛ لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟ وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سألوا: أمؤمن أنت؟ قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار وأشباه هذا.
والناطق بهذا والمصدِّق به بقلبه: مؤمن.وإنما الاستثناء بالإيمان لا يدري أهو ممن يستوجب ما نعت الله به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟.
هذا طريق الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان؛ عندهم أنَّ الاستثناء في
الأعمال لا يكون في القول والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان، والناس عندهم على الظاهر مؤمنون، به يتوارثون، وبه يتناكحون، وبه تجري أحكام ملة الإسلام، ولكن الاستثناء منهم على حسب ما بيناه له، وبينه العلماء من قبلنا)) [الشريعة 2/656].
وفي كلامه أمور:
- أنَّ الاستثناء محلَّه كمال الإيمان لا أصله.
- أنَّ الناطق بأصول الإيمان والمصدِّق بها – قولاً وعملاً – بقلبه: مؤمِن؛ أي: حصل له أصل الإيمان؛ فأين يا تُرى العمل بالجوارح؟!
- أنَّ الاستثناء يكون في الأعمال لا في القول ولا في التصديق بالقلب.
فأهل العلم يذكرون هذه المسألة رداً على المرجئة من باب إثبات قوة التلازم بين الظاهر والباطن؛ فالمرجئة أقسام منهم مَنْ يقول: الإيمان هو قول القلب وهم جمهورهم، ومنهم مَنْ يقول: قول اللسان وهم الكرامية، ومنهم مَنْ يقول: قول القلب واللسان وهم مرجئة الفقهاء؛ فكلُّهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل، وأهل السُّـنَّة يردُّون على الطائفة الأولى بأنَّ الإيمان الذي في القلب يوجب التكلّم بالشهادتين، وعلى الثانية بأنَّ هذا هو إيمان المنافقين، وعلى الثالثة بأنَّ الإيمان يُوجب عمل القلب ولا يُمكن أن يكون الإيمان تاماً كاملاً من غير عمل ظاهر، وهذا ظاهر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "الإيمان".
فأصل المعركة بين أهل السنة والمرجئة من حيث العموم هو العمل (
عمل القلب والجوارح)
وليس مجرد عمل الجوارح حتى يُقال أنَّ أهل العلم يذكرون مسألة تارك جنس عمل الجوارح رداً على المرجئة.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه [الصلاة وحكم تاركها ص71]: ((
وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق: فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة)).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: ((وهذا أيضاً مما ينبغي الاعتناء به؛ فإنَّ كثيراً ممن تكلَّم في مسألة الإيمان، هل تدخل فيه الأعمال؟ وهل هو قول وعمل؟
يظنُّ أنَّ النزاع إنما هو في أعمال الجوارح!!، وأنَّ المراد بالقول قول اللسان!! وهذا غلط)) [المجموع 7/550].
أخي انا لا أريد الاطالة ولكن كتبت هذا الكلام لتعرف موضع النزاع بين أهل السنة والمرجئة ثم للحديث بقية. أرجو أن تتدبر كلامي هذا بروية وبقلب صاف قبل الرد. وفقني الله واياك الى كل خير.