تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 60

الموضوع: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وصف الدرس
    الكتاب ( نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني )

    قراءة ( الشيخ فهد الصقعبي )

    تعليق ( الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى )

    المكان ( الجامع الكبير بالرياض )

    الوقت ( فجر كل يوم أحد )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    (( وبه ثقتي ))
    (( وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ))
    (( وبه ثقتي وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً ))
    (( رب يسر وتمم بالخير ))
    (( الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً )) ([1])
    (( وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ))
    (( وما توفيقي إلا بالله ))
    الحمدُ للهِ الذي لَمْ يَزَلْ عَليماً قديراً حيّاً قيُّوماً (( مريداً )) سَميعاً بَصيراً ، وأَشهدُ أَنْ لا إِله إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأُكبِّرُه تَكبيراً .
    وصلّى اللهُ عَلى سَيدِنا مُحَمَّدٍ الذي أَرْسَلَهُ إِلى النَّاسِ كافةً بَشيراً ونَذيراً ، وعلى آلِ محمدٍ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْليماً كثيراً .
    أَمَّا بَعْدُ : فإِنَّ التَّصانيفَ في اصْطِلاحِ (( أَهلِ الحَديثِ )) قَدْ كَثُرَتْ للأئمةِ في القديمِ (( والحَديثِ )) :
    فَمِن أَوَّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك القاضي أبو محمَّدٍ الرَّامَهُرْمُز ِيّ في كتابه (( المحدِّث الفاصل )) ، لكنَّه لم يَسْتَوْعِبْ .
    والحاكِمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسَابوريّ ُ ، لكنَّه لم يُهَذِّبْ ولم يُرَتِّبْ .
    وتلاه أَبو نُعَيْم الأصبهانِيُّ ، فعَمِل على كتابهِ (( مُسْتَخْرَجاً )) ، وأَبقى أَشياءَ للمُتَعَقِّبِ .
    ثمَّ جاءَ بعدَهم الخطيبُ أبو بكرٍ البَغْدَاديُّ ، فصنَّفَ في قوانينِ الروايةِ كتاباً سمَّاه (( الكفايةَ )) ، وفي آدابِها كتاباً سمَّاه (( الجامعَ لآدابِ الشَّيْخِ والسَّامِع )) .
    وقلَّ فنٌّ مِن فُنونِ الحَديثِ إِلاَّ وقد صَنَّفَ فيهِ كتاباً مُفْرَداً ([2])، فكانَ كما قال الحَافظُ أبو بكرِ بنُ نُقْطَةَ : كلُّ مَن أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ المحَدِّثينَ بعدَ الخَطيبِ عِيالٌ على كُتُبِهِ .([3])
    ثمَّ جاءَ [ بعدَهُم ] [ بعضُ ] مَن تَأَخَّرَ عنِ الخطيبِ فأَخَذَ مِن هذا العلمِ بنَصيبٍ :
    فجمَع القاضي عِياضٌ كتاباً لطيفاً سمَّاهُ الإِلْماع (( في كتاب الإسماع )) .
    وأبو حفْصٍ المَيَّانِجيُّ جُزءاً سمَّاه (( ما لا يَسَعُ المُحَدِّثَ جَهْلُه )) .
    وأَمثالُ ذَلك مِنَ التَّصانيفِ الَّتي اشتُهِرَتْ وبُسِطَتْ ليتوفَّرَ عِلْمُها ، واخْتُصِرَتْ ليتيسَّرَ فهْمُها .
    إِلى أَنْ جاءَ الحافِظُ الفقيهُ تقيُّ الدِّينِ أَبو عَمْرٍو عُثْمانُ بنُ الصَّلاحِ عبدِ الرحمنِ الشَّهْرَزُوريّ ُ – نزيلُ دمشقَ – ، [ فجَمَعَ ] - لما وَلِيَ تدريسَ الحديثِ بالمدرَسَةِ الأشرفيَّةِ – كتابَه المَشهورَ ، فهَذَّبَ فنونَهُ ، وأَملاهُ شيئاً بعدَ شيءٍ ، فلهذا لمْ يَحْصُلْ ترتيبُهُ على الوضعِ المُناسِبِ ، واعتنى بتصانيفِ الخَطيبِ المُتفرِّقةِ ، ( فجمَعَ شَتاتَ ) مقاصِدِها ، وضمَّ إِليها مِن غَيْرِها نُخَبَ فوائِدِها ، فاجتَمَعَ في كتابِه ما تفرَّقَ في غيرهِ ، فلهذا عَكَفَ النَّاسُ عليهِ وساروا بسَيْرِهِ ، فلا يُحْصى كم ناظِمٍ [ له ] ومُختَصِر ، ومستَدْرِكٍ [ عليهِ ] ومُقْتَصِر ، ومُعارِضٍ لهُ ومُنْتَصِر !
    فسأَلَني بَعْضُ الإِخوانِ أَنْ أُلَخِصَ لهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلكَ فلخَّصْتُهُ في أوراقٍ لطيفةٍ سمَّيْتُها (( نُخْبَةَ الفِكَر في مُصْطَلحِ [ أَهلِ ] الأثَر )) على ترتيبٍ ابْتَكَرْتُهُ ، وسبيلٍ انْتَهَجْتُهُ ، مع ما ضمَمْتُه إِليهِ مِن شوارِدِ الفرائِدِ وزَوائدِ الفوائدِ .
    فرَغِبَ إِليَّ [ جماعةٌ ] ثانياً أَنْ أَضعَ عَليها شرحاً يحُلُّ رموزَها ، ويفتحُ كنوزَها ، ويوضِحُ ما خَفِيَ على المُبْتَدئ من ذلك ، فأَجَبْتُه إِلى سُؤالِهِ ؛ رجاءَ الاندِراجِ في تلكَ المسالِكِ .
    فبالغتُ في شَرْحِها في الإِيضاحِ والتَّوجيهِ ، ونبَّهْتُ عَلى خَبايا زواياها ؛ لأنَّ صاحِبَ البَيْتِ أَدْرَى بِما فيهِ ، وظَهَرَ لي أَنَّ إِيرادَهُ على صُورةِ البَسْطِ أليقُ ، ودَمْجَها ضِمْنَ تَوضيحِها أَوْفَقُ ، فسلكْتُ هذهِ الطَّريقَةَ القَليلةَ المسالِكِ.

    ([1]) فجر الأحد 17 / 6 / 1427 هــ

    ([2]) المقصود أن التصانيف في هذا الباب كثيرة ولكن متن النخبة وشرحها كتاب جيد جمع المهمات في هذا الباب ولهذا رأينا أن تكون القراءة فيه أنسب وأخصر .

    ([3]) وذلك لأنه اهتم بهذا المقام رحمه الله واجتهد في التأليف في مصطلح الحديث فقل فن إلا وألف فيه رحمه الله تعالى ولهذا صار من بعده كالعيال عليه ينتفعون بكتبه ويستفيدون منها .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    بارك الله فيكم يا شيخ علي .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ([1])[ فأقولُ ] طالِِباً مِن [ اللهِ ] التَّوفيقَ فيما هُنالِك :
    الخَبَرُ (( قسم من أقسام الكلام يأتي في تعريفه ما يعرف به الكلام (( ثم يخرج من أقسام الكلام لأنه محتمل للصدق والكذب )) و [ هو ] عندَ عُلَماءِ [ هذا ] الفنِّ مرادفٌ للحَديثِ .
    وقيلَ : الحَديثُ : ما جاءَ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وعلى آلهِ ] وسلَّمَ ، والخَبَرُ ما جاءَ عن غيِره ، ومِنْ ثَمَّ قيلَ لمَن يشتغلُ بالتَّواريخِ وما شاكَلَها : الإخبارِيُّ ، ولمن يشتغلُ بالسُّنَّةِ النبويَّةِ : المُحَدِّثَ .([2])
    وقيل : بيْنهما عُمومٌ وخُصوصٌ مُطْلقٌ ، فكلُّ حَديثٍ خبرٌ من غيرِ عَكْسٍ .
    وعبَّرْتُ هنا بالخبَرِ ليكونَ أشملَ ، فهو باعتبارِ وصولِهِ إِلينا إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ ؛ أي : [ أسانيدُ ] كثيرةٌ ؛ لأنَّ طُرُقاً جمعُ طريقٍ ، وفعيلٌ في الكثرةِ يُجْمَعُ على فُعُلٍ – بضمَّتينِ – ، وفي القلَّةِ على أَفْعِلَةٍ .
    والمرادُ بالطُّرُقِ الأسانيدُ ، والإِسنادُ حكايةُ (( عن )) طريقِ المَتْنِ .([3])
    (( والمتن هو غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام )) .
    وتلكَ الكثرَةُ أَحدُ شُروطِ التَّواتُرِ إِذا وَرَدَتْ بِلاَ حَصْرِ عَددٍ مُعَيَّنٍ ، [ بل ] [ تكونُ] العادةُ قد أحالتْ تواطؤهُم (( أو توافقهم )) على الكذِبِ ، وكذاوقوعُه منهُم اتِّفاقاً مِنغيرِ قصدٍ .
    فلا مَعْنى لِتعْيينِ العَدَدِ على الصَّحيحِ ، ومِنْهُم مَنْ عيَّنَهُ في الأربعةِ ، وقيلَ : في الخمْسةِ ، وقيل : في السَّبعةِ ، وقيل : في العشرةِ ، وقيلَ : في الاثنَيْ عَشَر ، وقيل : في الأربعينَ ، وقيلَ : في السَّبعينَ ، وقيلَ غيرُ ذلك .([4])
    وتَمَسَّكَ كُلُّ قائل بدليل جاءَ فيه ذِكرُ [ ذلكَ ] العَدَدِ ، فأفادَ العِلْمَ (( للحال )) ، وليسَ بلازِمٍ أَنْ يَطَّرِدَ في غَيْرِهِ لاحتمالِ الاخْتِصاصِ .
    فإذا وَرَدَ الخَبَرُ كذلك وانْضافَ إليهِ أَنْ يستويَ الأمْرُ فيهِ في الكثرةِ المذكورةِ من ابتدائِهِ إلى انتهائهِ – والمرادُ بالاستواءِ أَنْ لا تَنْقُصَ الكَثْرَةُ المَذكورةُ في بعضِ المَواضِعِ لا أَنْ لا تَزيدَ ، إذ الزِّيادَةُ [ هُنا ] مطلوبةٌ مِن بابِ أَوْلى– ، وأَنْ يكونَ مُسْتَنَدُ انتهائِهِ الأمرَ المُشاهَدَ أو المَسموعَ ، لا مَا ثَبَتَ بِقَضِيَّةِ العَقْلِ الصِّرْفِ .
    فإِذا جَمَعَ هذهِ الشُّروطَ الأربعةَ ، وهي :
    عَدَدٌ كثيرٌ أَحَالَتِ العادةُ تواطُؤهُمْ [ و توافُقَهُم ] على الكَذِبِ .
    (( و )) رَوَوْا ذلك عن مِثْلِهِم من الابتداء إلى الانتهاءِ .
    وكان مُسْتَنَدُ انْتِهائِهِمُ الحِسَّ .
    وانْضافَ إلى ذلك أَنْ يَصْحَبَ خَبَرَهُمْ إِفَادَةُ العِلْمِ لِسامِعِهِ .
    فهذا هو المتواتِرُ . وما تَخَلَّفَتْ إِفَادَةُ العِلْمِ عنهُ ( كانَ مَشْهوراً فقَط . فكلُّ متواتِرٍ مشهورٌ ، من غيرِ عَكْسٍ .([5])
    وقد يُقالُ ): إِنَّ الشُّروطَ الأربعةَ إِذا حَصَلَتْ اسْتَلْزَمَتْ حُصولَ العِلْمِ ، وهُو كذلك في الغالِبِ ، (( و )) لكنْ قد تَتَخَلَّفُ عنِ البَعْضِ لمانعٍ .
    (( كأن تحصل الإفادة ولم يحصل العلم كما إذا أخبر من لم يعتقد ذلك الخبر حصلت الإفادة ولم يحصل العلم )).
    وقد وَضَحَ بهذا (( التقرير )) تَعْريفُ المُتواتِرِ .
    وخِلافُهُ قدْ يَرِدُ بلا حَصْرٍ [ أَيضاً ، لكنْ مع فَقْدِ بعضِ الشُّروطِ ، أَو مَعَ حَصْرٍ بِما فَوْقَ الاثنيْنِ ؛ أي : بثلاثةٍ فصاعِداً ما لمْ يَجْمَعْ شُروطَ المُتواتِرِ ، أو بِهما ؛ أي : باثْنَيْنِ فقطْ ، أو بواحِدٍ [ فقَطْ ].
    والمرادُ بقولِنا : (( أَنْ يَردَ باثْنَيْنِ )) : أنْ لا يَرِدَ بأَقلَّ مِنْهُما ، فإِنْ وَرَدَ بأَكْثَرَ في بعضِ المَواضِعِ مِن السَّنَدِ الواحِدِ لا يَضُرُّ ، إذ الأقلُّ في هذا [ العِلْمِ ] يَقْضي على الأكْثَرِ.
    فالأوَّلُ: (( و )) (( هو )) المُتواتِرُ ، وهو المُفيدُ للعِلْمِ اليَقينِيِّ ، فأخرَجَ النَّظريَّ على ما يأْتي تقريرُه ، بِشروطِهِ [ (( أي )) التي تَقَدَّمَتْ .
    واليَقينُ : هو الاعتقادُ الجازِمُ المُطابِقُ ، وهذا هو المُعْتَمَدُ : أَنْ ] الخَبَرَ (( الواحد )) المُتواتِرَ يُفيدُ العِلْمَ الضَّروريَّ ، وهو الذي (( لا )) يَضْطُّر الإِنْسانُ إليهِ بحيثُ لا يُمْكِنُهُ دفْعُهُ .
    وقيلَ : لا يُفيدُ العلمَ إِلاَّ نَظَرِيّاً !
    وليس بشيءٍ ؛ لأنَّ العِلْم بالتَّواتُرِ حاصِلٌ لمن ليس لهُ أهليَّةُ النَّظرِ كالعامِّيِّ ، إذ النَّظرُ : ترتيبُ [ أُمورٍ معلومةٍ ] أَو مَظْنونةٍ يُتَوَصَّلُ بها إلى عُلومٍ أَو ظُنونٍ ، وليس في العامِّيِّ أهلِيَّةُ ذلك ، فلو كان نَظَرِيّاً ؛ لما حَصَل لهُم .
    ولاحَ بهذا التَّقريرِالفرْ قُ بين العِلْمِ الضَّرورِيِّ والعِلْمِ النَّظَرِيِّ ، [ إِذ ] الضَّرورِيُّ يُفيدُ العِلْمَ بلا اسْتِدلالٍ ، والنَّظريُّ يُفيدُهُ لكنْ مع الاستِدْلالِ على الإِفادةِ، وأنَّ الضَّروريَّ يحْصُلُ لكُلِّ سامعٍ ، والنَّظَرِيَّ لا يَحْصُلُ إِلاَّ لِمَنْ فيهِ أهليَّةُ النَّظَرِ .
    وإِنَّما أََبْهَمْتُ شُروطَ التواترِفي الأَصْلِ ؛ لأنَّهُ على هذهِ الكيفيَّةِ ليسَ مِن مباحِثِ عِلْمِ الإِسْنَادِ ، (( وإنما هو من مباحث أصول الفقه )) إِذ عِلمُ الإِسْناِد يُبْحَثُ فيهِ عن صِحَّةِ الحديثِ أَوْ ضَعْفِهِ ؛ لِيُعْمَلَ بِهِ أَو يُتْرَكَ مِن حيثُ صفاتُ الرِّجالِ ، وصِيَغُ الأداءِ ، والمُتواتِرُ لا يُبْحَثُ عَنْ رجالِهِ ، بل يجبُ العملُ بهِ مِن غيرِ بَحْثٍ .

    ([1]) فجر الأحد 24 / 6 / 1415هــ

    ([2])الأقرب أن الحديث مختص بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والخبر أعم من ذلك وأوسع .

    ([3])السند للرجال والإسناد حكاية طريق المتن مثل ( حدثنا ، أخبرنا ) وقد يطلق الإسناد على السند فيقال سنده جيد أو إسناد جيد .

    ([4]) الصواب عدم التقييد لأن العدد قد يختلف قد يكون أربعة من الثقات العدول المبرزين يقوم مقام أربعين أو خمسين من غيرهم فالحاصل أنه إذا جاء بطرق جيدة يحيل وقوع الكذب من هؤلاء تواطؤ أو صدفة فهو المتواتر فقد يكون أربعة أو خمسة أو أقل أو أكثر فكلما كانت الصفات أجود وأكمل كالحفظ والصدق والتقوى قل وكفى العدد القليل أربعة أو أكثر .
    - سئل الشيخ عن اصطلاح التواتر والآحاد هل هو محدث ؟ فقال الشيخ : هو اصطلاح لأهل الحديث ولا مشاحة في الاصطلاح فلا بأس .

    ([5]) المتواتر قد بينه المؤلف وهوما رواه عدد كثير من أول الحديث إلى آخره من المحدث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إو إلى غيره من الناس تحيل العادة تواطؤهم على الكذب او وقوعه منهم اتفاقاً وأن يكون المستند الحس والمشاهدة أو السماع ( رأيت كذا أو سمعت كذا ) فإنه بهذا يفيد العلم فيضطر السامع لهذه الطرق من سمعها وأحصاها واعتنى بها يضطر تأمله لها واعتقاده لهذه المعاني أن يستفيد العلم ويجزم بأن هذا صدر ممن تواتر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره فإذا اختل شيء من الشروط صار من باب المشهور لا من باب المتواتر .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    فائدةٌ : ([1])ذَكَرَ ابنُ الصَّلاحِ أَنَّ مِثالَ المُتواتِرِ عَلى التَّفسيرِ المُتَقَدِّمِ يَعِزُّ وُجودُهُ ؛ إِلاَّ أَنْ يُدَّعَى ذلك في حَديثِ : (( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ [ مُتَعَمِّداً ؛ فلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ] )) .
    وما ادَّعَاهُ مِن العِزَّةِ مَمْنوعٌ ، وكذا مَا ادَّعاهُ غيرُهُ مِن العَدَمِ ؛ لأنَّ ذلك نَشَأَ عَنْ قِلَّةِ الاطِّلاعِ على كَثْرَةِ الطُّرُقِ ، وأَحْوالِ الرِّجالِ ، وصفاتِهِمُ المُقتَضِيَةِ لإِبعادِ العادَةِ أَنْ يَتَواطَؤوا عَلى كَذِبٍ ، أو يَحْصُلَ منهُمُ اتِّفاقاً.
    ومِن أَحْسَنَ مَا يُقَرَّرُ [ بِهِ ] كونُ المُتواتِرِ مَوجوداً وُجودَ كَثْرةٍ في الأَحاديثِ أَنَّ الكُتُبَ المشهورةَ المُتَداوَلَةَ بأَيدي أَهْلِ العِلْمِ شَرْقاً وغَرْباً المَقْطوعَ عِنْدَهُم بِصِحَّةِ نِسْبَتِها إلى مُصَنِّفيها، إذا اجْتَمَعَتْ على إِخراجِ حَديثٍ ، وتعدَّدَتْ طُرُقُه تعدُّداً تُحيلُ العادةُ تواطُؤهُمْ على الكَذِبِ إِلى آخِرِ الشُّروطِ ؛ أَفادَ العِلْمَ اليَقينيَّ بصحَّتِهِ إِلى قائِلِهِ .
    ومِثْلُ [ ذلكَ ] في الكُتُبِ المَشْهُورَةِ [ كَثيرٌ ] ([2])
    والثَّاني –وهُو أَوَّلُ أقسام الآحادِ – : ما لَهُ طُرُقٌ مَحْصورةٌ بأَكثرَ مِن اثْنَيْنِ وهُو المَشْهورُ([3]) عندَ المُحَدِّثينَ : سُمِّيَ بذلك لوُضوحِهِ ،وهُوَ المُستفيضُ ؛ عَلى رأْيِ جماعةٍ مِن أَئمَّةِ الفُقهاءِ ([4])، [ سُمِّيَ بذلك لانْتشارِهِ ، [ و ] مِنْ فاضَ الماءُ يَفيضُ فيضاً .
    ومِنْهُم مَن غَايَرَ بينَ المُسْتَفيضِ والمَشْهورِ ؛ بأَنَّ المُسْتَفيضَ يكونُ في ابْتِدائِهِ وانْتِهائِهِ سَواءً ] ، والمَشْهورَ أَعَمُّ مِنْ ذلكَ .ومنهُمْ مَن غايَرَ على كيفيَّةٍ أُخْرى ، وليسَ مِن مَباحِثِ هذا الفَنِّ .([5])
    ثمَّ المَشْهورُ يُطْلَقُ على مَا حُرِّرَ هُنا وعلى ما اشْتُهِرَ على الألْسِنةِ ، فيشْمَلُ ما لَهُ إِسنادٌ واحِدٌ فصاعِداً ، بل [ ما ] لا يوجَدُ لهُ إِسنادٌ أَصْلاً .([6])

    ([1])فجر الأحد 16 / 7 / 1415 هــ

    ([2]) ما قال المصنف صحيح لأن في الصحيحين والسنن الأربع ومسند أحمد وغيرها إذا اجتمعت على احاديث أو تكرر اسناده بطرق كثيرة وتعددت المشايخ يستحيل العادة تواطؤهم على الكذب فالحاصل أن هذا يختلف بحسب صفات الرجال فإذا جاء الحديث مسنداً من أربعة أو خمسة طرق مختلفة كلهم ثقات يقطع من علم أحوالهم بأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه متواتر وهكذا إذا جاء عن ثمانية أو عشرة وصنف السيوطي في هذا ( الدرر المتناثرة في الأحاديث المتواترة ) ذكر فيها ما تعددت طرقه إلى عشرة فالمقصود كما قال المصنف أن هذا موجود في الصحيحين وغيرهما ولكن يفهم هذا من عرف أحوال الرجال وصفاتهم فقد يكون متواتراً من أربعة أو ستة أو عشرة كل هذا بحسب أحوالهم في الثقة والعدالة والأمانة والضبط .

    ([3]) المشهور ما تعددت طرقه ولم يصل إلى حد المتواتر إما لنقص في العدالة أو الضبط وما أشبه ذلك فيكون من طرق ثلاثة فأكثر فإذا أفاد اليقين صار متواتراً .

    ([4])الصواب أن المستفيض هو المشهور والمشهور هوالمستفيض يعنى استفاض عند العلماء وعرفوه واشتهر بينهم .

    ([5]) يعني الاسماء لا تهم فالمهم كونه يقبل أو لا يقبل فإذا استقام رجاله قبل وإلا لا .
    - سئل الشيخ عن الضعف الشديد إذا تعددت طرقه هل يحسن الحديث ؟ الضعف الشديد لا يحسن به الحديث معه .

    ([6]) قد يطلق المشهور على حديث لا أصل له بل هو مشهور على الألسنة ولكن لا أصل له في الرواية .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    والثَّالِثُ : ([1])العَزيزُ وهُو : أَنْ لا يَرْويَهُ أَقَلُّ مِن اثْنَيْنِ عنِ اثْنَيْنِ ، وسُمِّيَ بذلك إِمَّا لِقِلَّةِ وُجودِهِ ، [ وإِمَّا] لكونِهِ عَزَّ – أَي : قَوِيَ – بمَجيئِهِ مِن طَريقٍ أُخْرى .([2])
    ولَيْسَ شَرْطاً للصَّحيحِ ؛ خِلافاً لمَنْ زعَمَهُ ([3])، وهو أَبو عَليٍّ الجُبَّائيُّ مِن المُعْتزلةِ ، وإِليهِ يُومِئُ كلامُ الحاكِمِ أَبي عبد اللهِ في (( علومِ الحديثِ )) [ حيثُ ] قال : الصَّحيحُ أَنْ يَرْوِيَهُ الصَّحابِيُّ الزَّائِلُ عنهُ اسمُ الجَهالةِ ؛ بأَنْ يكونَ لهُ راوِيانِ ، ثمَّ يتداوَلَهُ أَهلُ الحَديثِ إِلى وَقْتِنِا كالشَّهادَةِ [ عَلى الشَّهادَةِ ].
    وصَرَّحَ القاضي أَبو بَكْرٍ بنُ العربيِّ في (( شَرْحِ البُخاريّ )) بأَنَّ ذلك شَرْطُ البُخاريِّ ، وأَجاب عمَّا أُورِدَ عليهِ مِنْ ذلك بِجوابٍ فيهِ نَظرٌ ؛ لأَنَّهُ قال : فإِنْ قيلَ : حديثُ (( (( إنما )) الأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ )) فَرْدٌ ؛لم يَرْوِهِ عَنْ عُمرَ إِلاَّ عَلْقَمَةُ
    قالَ قُلْنا : [ قَدْ ] خَطَبَ بِهِ عُمَرُ [ رضيَ اللهُ عنهُ ] عَلى المِنْبَرِ بحَضْرةِ الصَّحابَةِ ، فلولا أَنَّهُمْ يَعْرِفونَهُ لأنْكروهُ !
    كذا قالَ !
    وتُعُقِّبَ (( عليه )) بأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِم سَكَتُوا عنهُ أَنْ يَكُونوا سَمِعوهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وبأَنَّ هذا لو سُلِّمَ في عُمَرَ مُنِعَ في تَفَرُّدِ عَلْقَمَةَ [ عنهُ ] ، ثمَّ تَفَرُّدِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْراهيمَ بِه عَنْ عَلْقَمَةَ ، ثُمَّ تَفَرُّدِ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ بهِ عَنْ مُحَمَّدٍ ؛ عَلى ما هُو الصَّحيحُ المُعْروفُ عِنْدَ المُحَدِّثينَ .
    وقَدْ وَرَدَتْ لُهْم مُتابعاتٌ لا يُعْتَبَرُ بِها [ لِضَعْفِها ]
    وكَذا لا نُسَلِّمُ جَوابَهُ في غَيْرِ حَديثِ عُمَرَ [ رضيَ اللهُ عنهُ ]
    قالَ ابنُ رُشَيْدٍ : ولَقَدْ كانَ يَكْفي القاضيَ في بُطْلانِ ما ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ البُخاريِّ أَوَّلُ حَديثٍ مَذكورٍ فيهِ .([4])
    وادَّعَى ابنُ حِبَّانَ نقيضَ دَعْواهُ ، فقالَ : إِنَّ رِوايَةَ اثنَيْنِ عَنِ اثنَيْنِ إِلى أَنْ يَنْتَهِيَ لا تُوجَدُ أَصْلاً .
    قُلْتُ : إِنْ أرادَ [ [ بهِ ] أَنَّ ] رِوايَةَ اثْنَيْنِ فَقَطْ عَنِ اثْنَيْنِ فَقَطْ لا تُوجَدُ [ أَصْلاً ] ؛ فيُمْكِنُ أَنْ يُسَلَّمَ([5]) ، وأَمَّا صُورَةُ العَزيزِ الَّتي حَرَّرْناها فمَوْجودَةٌ بأَنْ لا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِن اثْنَيْنِ عَنْ أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ .
    مثالُهُ : ما رَواهُ الشَّيْخانِ مِن حَديثِ أَنَسٍ ، والبُخاريُّ مِن حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ (( رضيَ اللهُ عنهُ )) : أَنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : (( لا يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِليهِ مِنْ والدِهِ وولَدِهِ ... )) الحديث .
    [ و ] رواهُ عَنْ أَنَسٍ : قَتادَةُ وعبدُ العزيزِ بنُ صُهَيْبٍ ، ورواهُ عَنْ قتادَةَ : شُعْبَةُ وسعيدٌ ، ورواهُ [ عَنْ ] عبدِ العزيزِ : إِسماعيلُ بنُ عُلَيَّةَ وعبدُ الوارِثِ ، ورواهُ عن كُلٍّ جَماعةٌ .
    والرَّابِعُ : الغَريبُ وهُو : ما يَتَفَرَّدُ بِروايَتِهِ شَخْصٌ واحِدٌ في أَيِّ مَوْضِعٍ وَقَعَ التَّفَرُّدُ بِهِ مِنَ السَّنَدِ عَلى مَا سَيُقْسَمُ إِليهِ الغَريبُ المُطْلَقُ والغَريبُ النِّسبيُّ .([6])

    ([1])فجر الأحد 23 / 7 / 1415 هـ

    ([2]) وهو ما كان مداره على اثنين وقد يزيد على الاثنين في بعض طبقات السند وسمي بهذا لقلته يقال هذا شيء عزيز أي قليل ،أو سمي بهذا لأن كل سند اعتز بالآخر عزاه الآخر أي قواه .

    ([3]) الصحيح يثبت ولو كان بالواحد إذا كان السند جيداً ورجاله ثقات ومتصل ليس فيه تدليس ولا انقطاع يسمى صحيحاً مثل حديث عمر بن الخطاب ( إنما الأعمال بالنيات )

    ([4]) قول ابن رشيد هو الصواب وقول أبي بكر بن العربي في شرح البخاري ذهول وغلط فيكفيه أول حديث عند البخاري وهو حديث عمر .

    ([5])يعني في أثناء السند ليس بشرط أن تستمر اثنين اثنين بل قد يزيد ولكن المدار أن يكون على اثنين .

    ([6]) وهو ما يكون مداره على واحد سواءكان الصحابي أو التابعي أو من بعدهم يسمى غريب كحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات) ولا يلزم كل غريب ضعيف .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ( تواصل )

    الأخ العزيز سلمان أبو زيد : جزاك الله خيراً على مرورك وجعلنا وإياك مفاتيح للخير مغاليق للشر .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وكُلُّها أي([1]) : الأقسامُ الأرْبَعَةُ [ المَذْكورةُ ] سوى الأوَّلِ ، وهو المُتواتِرُ آحادٌ ، ويُقالُ لكُلٍّ منها : خَبَرُ واحِدٍ .
    وخَبَرُ الواحِدِ في اللُّغَةِ : ما يَرويهِ شَخْصٌ واحِدٌ ، وفي الاصطِلاحِ : ما لَمْ يَجْمَعْ شُروط المُتواتِرِ ([2])
    وفيها ؛ أي : [ في ] الآحَادِ: المَقْبولُ وهو : ما يَجِبُ العَمَلُ بِهِ عِنْدَ الجُمْهورِ .
    وَفيها المَرْدُودُ ، وهُو [ الَّذي ] لَمْ يَتَرَجَّحْ صِدْقُ المُخْبِرُ بِهِ ؛ لتوقُّفِ الاستدلالِ بها عَلى البَحْثِ عَنْ أحوالِ رواتِها ، دُونَ الأوَّلِ ، وهو المُتواتِرُ .
    فكُلُّهُ مَقْبولٌ لإِفادَتِهِ القَطْعَ بِصِدْقِ مُخْبِرِهِ بِخلافِ غَيْرِهِ مِنْ أَخبارِ الآحادِ .
    لكنْ ؛ إِنَّما وَجَبَ العَمَلُ بالمَقْبولِ مِنها ، لأَنَّها إِمَّا أَنْ يُوْجَدَ فيها أَصلُ صِفَةِ القَبولِ – وهُو ثُبوتُ صِدْقِ النَّاقِلِ – ، أَوْ أَصلُ صِفَةِ الرَّدِّ – وهُو ثُبوتُ كَذِبِ النَّاقِلِ – أَوْ لاَ :
    فالأوَّلُ : يَغْلِبُ على الظَّنِّ [ ثُبوتُ ] (( به )) صِدْقِ الخَبَرِ لِثُبوتِ صِدْقِ ناقِلِهِ فيُؤخَذُ بِهِ .
    والثَّانِي : يَغْلِبُ على الظَّنِّ (( به )) كَذِبُ الخَبَرِ لِثُبوتِ كَذِبِ ناقِلِهِ فيُطْرَحُ .
    والثَّالِثُ : إِنْ وُجِدَتْ قرينَةٌ تُلْحِقُهُ بأَحَدِ القِسْمَيْنِ الْتَحَقَ ، وإِلاَّ فَيُتَوَقَّفُ فيهِ ، وإِذا تُوُقِّفَ عَنِ العَمَلِ بهِ صارَ كالمَرْدودِ ، لا لِثُبوتِ [ صِفَةِ ] الرَّدِّ ، بل لكَوْنِه لمْ تُوجَدْ (( به )) فيهِ صفةٌ توجِبُ القَبولَ ، واللهُ أعلمُ .([3])
    وقد يَقعُ [ فيها ] ؛ أي : في أَخْبارِ الآحادِ المُنْقَسِمَة إِلى مَشْهورٍ وعَزيزٍ وغَريبٍ ؛ مَا يُفيدُ العِلْمَ النَّظريَّ بالقَرائِنِ ؛ عَلى المُختارِ ؛ خِلافاً لِمَنْ أَبى ذلك .
    والخِلافُ في التَّحْقيقِ لَفْظيٌّ ؛ لأنَّ مَنْ جَوَّزَ إِطلاقَ العِلْمِ قَيَّدَهُ بِكونِهِ نَظَريّاً ، وهُو الحاصِلُ عنالاسْتِدلالِ ، ومَنْ أَبى الإِطلاقَ ؛ خَصَّ لَفْظ العِلْمِ بالمُتواتِرِ ، وما عَداهُ عِنْدَهُ [ كُلُّهُ ] ظَنِّيٌّ ، لكنَّهُ لا يَنْفِي أَنَّ ما احْتفَّ (( منه )) بالقرائِنِ أَرْجَحُ ممَّا خَلا عَنها .([4])

    ([1]) فجر الأحد 30 / 7 / 1415 هـ

    ([2]) خبر الأحاد ما لم يستجمع شروط المتواتر وقد يكون رواه واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة ولكنه لم يستوف شروط المتواتر .

    ([3]) وهذا شامل لجميع أخبار الآحاد فيها المقبول والمردود إذا توافرت شروط الصحة قبل من صدق الراوي واتصال السند وعدم الشذوذ والعلة قبل سواء كان صحيحاً أو حسناً لذاته أو لغيره وإذا لم تتوافر صفات القبول رد وأصل صفات القبول الصدق وأصل صفات الرد الكذب والصفات الأخرى توابع لهذا الأمر فقد يكون السند واحداً لكنه مسلسل بالثقات والاتصال فيقبل ومحتجاً به كحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث ابن عمر ( نهى عن بيع الولاء وهبته ) وأحاديث أخرى لأنها جاءت من طرق ثابتة فحكم بصحتها ولوكان الطريق واحداً أو طريقين أو ثلاثة ، أما إذا كان الطريق فيه مستور أو انقطاع أو فيه ما يوجب الحكم بضعفه حكم برده لأن صفات المقبول لم تتوفر فيه . والثالث : المتوقف فيه لم تتوافر فيه صفات القبول أو الرد فهذا يتوقف فيه وهذا بالنسبة للناظر والمحدث فيحتاج لتأمل ونظر فيتوقف فيه وهذا التوقف حكمه حكم المردود لا يجوز العمل به حتى يتضح له إلحاقه بالقبول .

    ([4]) والصواب أن فيها ما يفيد العلم كما قال المؤلف ( وقد يقع فيها ما يفيد العلم النظري بالقرائن ) وهذا بالنسبة للمحدث فإن أخبار الأحاد إذا اتصل سنده وتسلسل بالثقات أفاد العلم وأطمان له المحدث وجزم أنه لا شك فيه ولا ريب وأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس ظنياً فقط وإن كانت الحجة قائمة بالظني لكن إذا احتفت به الصفات العظيمة كالصدق والعدالة واتصال السند فإن المحدث الذي يعرف هذه الأمور يجزم ويتيقن أنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) أفاد العلم وإن كان من طريق واحد ، وبعض أهل العلم يطلق على أخبار الآحاد أنها ظنية ولكنها ظنية يجب العمل بها والصواب أن فيها ما يفيد العلم تارة بالشواهد وتعدد الأسانيد وتارة بصفات الرواة وثقتهم وعدالتهم .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    الشيخ الحبيب / علي بن حسين فقيهي :

    أحسن اللّه إليكم وجزاكم خيرًا .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    والخَبَرُ المُحْتَفُّ بالقَرائِن أنواعٌ :([1])
    مِنْها مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخانِ في صَحيحَيْهِما ممَّا لَمْ يَبْلُغْ [ حَدَّ ] المتواتِرِ فإِنَّهُ احْتُفَّتْ بِهِ قرائِنُ ([2])؛ منها :
    جَلالتُهُما في هذا الشَّأْنِ .
    وتَقَدُّمُهُما في تَمْييزِ الصَّحيحِ على غيرِهما .
    وتَلَقِّي العُلماءِ كِتابَيْهِما بالقَبُولِ ، وهذا التَّلقِّي وحدَهُ أَقوى في إِفادةِ العلمِ مِن مُجَرَّدِ كَثْرَةِ الطُّرُقِ القاصرةِ عَنِ التَّواتُرِ .
    إِلاَّ أَنَّ هذا مُخْتَصٌّ بِمَا لَمْ يَنْقُدْهُ أَحدٌ مِنَ الحُفَّاظِ [ مِمَّا ] في الكِتابينِ ، وبِما لَمْ يَقَعِ التَّجاذُبُ بينَ مَدْلولَيْهِ مِمَّا [ وَقَعَ ] في الكِتابينِ ، حيثُ لا تَرْجيحَ لاستِحالَةِ أَنْ يُفيدَ المُتناقِضانِ العِلْمَ بصِدْقِهِما من [ غيرِ ] ترجيحٍ لأحدِهِما على الآخرِ .
    وما عَدا ذلك ؛ فالإِجماعُ حاصِلٌ على تَسْليمِ صِحَّتِهِ .
    فإِنْ قِيلَ : إِنَّما اتَّفَقوا على وُجوبِ العَمَلِ بِهِ لا عَلى صِحَّتِهِ ؛ مَنَعْنَاهُ .
    وسَنَدُ المَنْعِ أَنَّهُمْ مُتَّفِقونَ عَلى وُجوبِ العَمَلِ بِكُلِّ مَا صَحَّ ولوْ لَمْ يُخْرِجْهُ الشَّيْخانِ ، فلمْ يَبْقَ للصَّحيحينِ في هذا مَزيَّةٌ ، والإِجماعُ حاصِلٌ على أَنَّ لهُما مَزِيَّةً فيما يَرْجِعُ إِلى نَفْسِ الصِّحَّةِ .
    ومِمَّن صَرَّحَ بإِفادَةِ مَا خَرَّجَهُ الشَّيْخانِ العِلْمَ النَّظَرِيَّ : الأسْتاذُ أَبو إِسْحاقَ الإِسْفَرايِينِ يُّ ، ومِن أَئِمَّةِ الحَديثِ أَبو عبدِ اللهِ الحُمَيْدِيُّ ، وأَبو الفَضْلِ بنُ طاهِرٍ وغيرُهُما .
    ويُحْتَمَلُ أَنْ يُقالَ : المَزِيَّةُ المَذْكُورَةُ كَوْنُ أَحادِيثِهِما أَصَحَّ الصَّحيحِ .
    ومِنها : (( المَشْهورُ )) إِذا كانَتْ لهُ طُرُقٌ مُتبايِنَةٌ سالِمَةٌ مِنْ ضَعْفِ الرُّواةِ ، والعِلَلِ .
    وممَّن صَرَّحَ بإِفادَتِهِ العِلْمَ النَّظَرِيَّ الأسْتاذُ أَبو مَنْصورٍ البَغْدادِيُّ ، والأسْتاذُ أَبو بَكْرِ بنُ فُورَكٍ (( – بضم الفاء - )) وغيرُهُما .
    ومِنها : (( المُسَلْسَلُ )) بالأئمَّةِ الحُفَّاظِ المُتْقِنينَ ، حيثُ لا يكونُ غَريباً ؛ كالحَديثِ [ الَّذي ] يَرْويهِ أَحمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَثلاً ويُشارِكُهُ فيهِ غَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ ، ويُشارِكُهُ [ فيهِ ] غيرُهُ عنْ مالِكِ بنِ أَنسٍ ؛ فإِنَّهُ يُفيدُ العِلْمَ عندَ سَامِعِهِ بالاستِدْلالِ مِن [ جِهَةِ ] جَلالَةِ رُواتِهِ ، وأَنَّ فيهِمْ مِنَ الصِّفاتِ اللاَّئِقَةِ المُوجِبَةِ للقَبولِ مَا يقومُ مَقامَ العَدَدِ الكَثيرِ مِنْ غَيْرِهِم .([3])
    ولا يَتَشَكَّكُ مَنْ لَهُ [ أَدْنَى ] مُمارَسَةٍ بالعِلْمِ وأَخْبارِ النَّاسِ أَنَّ مالِكاً مَثلاً لو شافَهَهُ بخَبَرٍ أَنَّهُ صادِقٌ فيهِ ، فإِذا انْضافَ إِليهِ (( أيضاً )) مَنْ هُو في تِلْكَ الدَّرَجَةِ ؛ ازْدَادَ قُوَّةً ، وبَعُدَ عَمَّا يُخْشَى عليهِ مِنَ السَّهْوِ .
    وهذهِ الأنْواعُ الَّتي ذكَرْناها لا يَحْصُلُ العلمُ بصِدْقِ الخَبرِ منها إِلاَّ للعالِمِ بالحَديثِ ، المُتَبَحِّرِ فيهِ ، العارِفِ بأَحوالِ الرُّواةِ ، المُطَّلِعِ عَلى العِلَلِ .
    وكَوْنُ غيرِهِ لا يَحْصُلُ لهُ [ العِلْمُ ] بصِدْقِ ذلك لِقُصورِهِ عن الأوْصافِ المَذكورَةِ لا يَنْفي حُصولَ العِلْمِ للمُتَبَحِّرِ المَذْكورِ ، [ واللهُ أَعلمُ ].([4])
    ومُحَصّلُ الأنْواعِ الثَّلاَثَةِ الَّتي ذَكَرْناها :
    أنَّ الأوَّلَ : يَخْتَصُّ بالصَّحيحينِ .
    والثاني : بِما لَهُ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ .
    والثَّالِثُ : بِما رواهُ الأئمَّةُ .
    ويمكِنُ اجْتماعُ الثَّلاثةِ في حَديثٍ واحِدٍ ، فلا يَبْعُدُ حينئذٍ القَطْعُ بصِدْقِهِ ، [ واللهُ أَعْلمُ ].

    ([1]) فجر الأحد 7 / 8 / 1415 هـ

    ([2]) مما يفيد العلم ما اتفق عليه الشيخان لما ذكره المؤلف رحمه الله فأحاديث الصحيحين تفيد العلم عند من تأمل ونظر إلا ما حصل فيه اشتباه واختلاف كالأشياء التي حصل فيها تعارض تحتاج إلى تأمل حتى يتبين وجه الجمع فيها أو وجه الاختلاف أو كالأشياء التي انتقدها الدارقطني وغيره فالمقصود أن هذا الأشياء التي هي محل نظر موقوفة حتى يتضح فيها الجواب . فالمقصود أن ما رواه الشيخان من الاشياء التي احتفت بها القرائن فأفادت العلم .
    @ الاسئلة : الرجل الذي لم يخرج له الشيخان هل تضعف روايته ؟
    إذا كان ثقة لا يضره .
    ب - أحد العلماء الكبار في الجرح والتعديل وعلم الرجال في العصر الحديث يقول إن في البخاري ومسلم أو في أحدهما بعض الأحاديث الضعيفة ؟
    هذا قد قاله بعض أهل العلم وليس مسلم والصواب قبول ما فيها .
    ج - هل فيهما شيء ولو حديث واحد فيه كلام لأهل العلم ؟
    فيه حديث في مسلم ( إن الله خلق التربة يوم السبت ... ) فجعل المخلوقات في سبعة أيام من السبت إلى الجمعة وهذا مخالف لنص القرآن أن خلق الخلق في ستة أيام فهذا وهم من بعض الرواة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو عن كعب الأحبار فقد غلط فيه بعض الرواة في رفعه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أبي هريرة فهذا لا شك أنه وهم كما قال البخاري وغيره رواه مسلم ولكنه وهم والصواب أن أبا هريرة وراه عن كعب وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم فوهم فيه بعض الرواة ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو عن كعب الأحبار . وفيه رواية لمسلم تكلم بعضهم فيها أنه سبحانه ( يأخذ السموات بيمينه والأرضين بشماله ) فوصف اليد بالشمال والصواب أنه لا بأس به لأن الأدلة الدالة على اليمين تدل على الشمال ولكن كلتا يدي ربي يمين مباركة وإن سميت شمال فهي في الفضل يمين .
    د - حديث الجساسة أحسن الله إليك ؟
    أخرجه مسلم ولا بأس به .

    ([3]) وهذا صحيح فالحديث المسلسل بالأئمة يفيد العلم ولا سيما إذا كان من طريقين أو أكثر وقد يفيد العلم ولو من طريق واحدة .

    ([4]) وهذا كما قال المؤلف يحصل بحسب علم الإمام والناظر في الأمر والمحدث وعلى حسب معرفته بالرجال وخبرته فيتفاوت الناس بهذا فليس من عرف أحوالهم وصفاتهم الجليلة كمن جهل ذلك .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    [ ثمَّ الغَرابَةُ إِمَّا أَنْ تَكونَ في أَصلِ السَّنَدِ([1]) ؛ أي : [ في ] الموضعِ الَّذي يَدورُ الإِسنادُ عليهِ ويَرْجِعُ ، ولو تَعَدَّدَتِ الطُّرقُ إِليهِ ، وهو طرَفُهُ الَّذي فيهِ الصحابيُّ أَوْ لاَ ] يَكونُ كَذلكَ ؛ بأَنْ يَكونَ التَّفَرُّدُ في أَثنائِهِ ، كأَنْ يَرْوِيَه عَنِ الصَّحابيِّ أَكثَرُ مِنْ واحِدٍ ، ثمَّ يتفرَّدُ بروايَتِه عنْ واحِدٍ منهُم شَخْصٌ واحِدٌ .
    فالأوَّلُ : الفَرْدُ المُطْلَقُ ؛ كَحديثِ النَّهْيِ عَنْ بيعِ الوَلاءِ وعَنْ هِبَتِهِ ؛ تفرَّدَ بهِ عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ عنِ ابنِ عُمرَ .
    وقد يَتَفَرَّدُ بهِ رَاوٍ عَنْ ذلك المُتفرِّدِ ؛ كحديثِ شُعَبِ الإِيمانِ ؛ وقد تفرَّدَ بهِ أَبو صالحٍ عَنْ أَبي هُريرةَ ، وتفرَّدَ بهِ عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ عَنْ أَبي صالحٍ .
    وقدْ يَسْتَمِرُّ التفرُّدُ في جميعِ رواتِهِ أَوْ أَكْثَرِهمْ ، وفي (( مُسْنَدِ البَزَّارِ)) و (( المُعْجَم الأوسط )) للطَّبرانيِّ أَمثلةٌ كثيرةٌ لذلك .
    والثَّانِي : الفَرْدُ النِّسْبِيُّ سُمِّيَ نسبيّاً لكونِ التفرُّدِ فيهِ حصلَ بالنسبةِ إِلى شخصٍ معيَّنٍ ، وإِنْ كانَ الحَديثُ في نفسِه مشهوراً .([2])
    ويقلُّ إِطلاقُ الفَرْدِيَّةِ عليهِ ؛ لأنَّ الغَريبَ والفَرْدَ مُترادِفانِ لغةً واصْطِلاحاً ؛ إِلاَّ أَنَّ أَهْلَ (( هذا )) الاصطِلاحِ غايَروا بينَهُما من حيثُ كَثْرَةُ الاستِعمالِ وقِلَّتُهُ .([3])
    فالفرْدُ أَكْثَرُ ما يُطْلِقونَهُ على الفَرْدِ المُطْلَقِ .([4])
    والغَريبُ أَكثرُ ما يُطْلِقونَهُ عَلى الفَرْدِ النِّسْبيِّ .
    وهذا مِن حيثُ إِطلاقُ الاسمِ عليهِما .
    وأَمَّا مِنْ حيثُ استِعْمالُهم الفِعْلَ المُشْتَقَّ ؛ فلا يُفَرِّقونَ ، فَيقولونَ في المُطْلَقِ والنِّسْبيِّ : تَفَرَّدَ بِهِ فُلانٌ ، أَوْ : أَغْرَبَ بِهِ فُلانٌ .
    وقَريبٌ مِن هذا اختِلافُهُم في المُنْقَطِعِ والمُرْسَلِ ؛ (( و )) هلْ هُما مُتغايِرانِ أَوْ لاَ ؟
    فأَكْثَرُ المُحَدِّثين على التَّغايُرِ ، لكنَّهُ عندَ إطلاقِ الاسمِ ، وأمَّا عندَ اسْتِعمَالِ الفِعْل المُشْتَقِّ فيستَعْمِلونَ الإِرسالَ فقَطْ فيَقولونَ : أَرْسَلَهُ فلانٌ ، سواءٌ كانَ [ ذلكَ ] مُرْسَلاً أَوْ مُنْقَطِعاً .([5])
    ومِن ثَمَّ أَطْلَقَ غيرُ واحِدٍ – مِمَّن لم يلاحِظْ مواضِعَ اسْتِعمالِهِ على كثيرٍ مِن المُحدِّثينَ أَنَّهُم لا يُغايِرونَ بينَ المُرْسَلِ والمُنْقَطِعِ !
    وليسَ كذلك ؛ لما حَرَّرناهُ ، وقلَّ مَن نبَّهَ على النُّكْتَةِ في ذلك ، [ واللهُ أعلمُ ] .
    وخبرُ الآحادِ ([6])؛بنقلِ عَدْلٍ تامِّ الضَّبْطِ ، مُتَّصِلَ السَّنَدِ ، غيرَ مُعَلَّلٍ ولا شاذٍّ : هو الصَّحيحُ لذاتِهِ ، وهذا أَوَّلُ تقسيمٍ مقبولٍ إِلى أربعةِ أَنواعٍ ؛ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يشتَمِلَ مِن صفاتِ القَبولِ على أَعْلاها أَوْ لاَ :
    الأوَّلُ: الصَّحيحُ لذاتِهِ .
    والثَّاني : إِنْ وُجِدَ ما يَجْبُرُ ذلكَ القُصورَ ؛ ككثْرَةِ الطُّرُق ؛ فهُو الصَّحيحُ (( لذاته )) أَيضاً ، لكنْ لا لذاتِهِ .
    وحيثُ لا جُبْرانَ ؛ فهُو الحسنُ لذاتِهِ .
    وإِنْ قامَتْ قرينةٌ تُرَجِّحُ جانِبَ قَبولِ مَا يُتَوَقَّفُ فيهِ ؛ فهُو الحسنُ أيضاً ، [ لكنْ ] لا لذاتِهِ .
    وقُدِّمَ الكَلامُ على الصَّحيحِ لذاتِهِ لعُلُوِّ رُتْبَتِهِ.
    والمُرادُ بالعَدْلِ : مَنْ (( ما )) لهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ على مُلازمةِ التَّقوى والمُروءةِ .
    والمُرادُ بالتَّقوى : اجْتِنابُ الأعمالِ السَّيِّئةِ مِن شِرْكٍ أَو فِسقٍ أَو بِدعةٍ .
    والضَّبْطُ (( ضبطان )) :
    ضَبْطُ صَدْرٍ : وهُو [ أَنْ ] يُثْبِتَ ما سَمِعَهُ بحيثُ يتمكَّنُ مِن استحضارِهِ مَتى شاء .
    وضَبْطُ كِتابٍ : وهُو صيانَتُهُ لديهِ مُنذُ سمِعَ فيهِ وصحَّحَهُ إِلى أَنْ يُؤدِّيَ منهُ .
    وقُيِّدَ بـ (( التَّامِّ )) إِشارةً إِلى الرُّتبةِ العُليا في ذلكَ .
    والمُتَّصِلُ : ما سَلِمَ إِسنادُه مِن سُقوطٍ فيهِ ، بحيثُ يكونُ كُلٌّ مِن رجالِه سَمِعَ ذلكَ المَرْوِيَّ مِنْ شيخِهِ .
    والسَّنَدُ : تقدَّمَ تعريفُهُ .
    والمُعَلَّلُ لُغةً : ما فِيهِ عِلَّةٌ ، واصطِلاحاً : ما فيهِ عِلَّةٌ خَفِيَّةٌ قادِحةٌ .
    والشَّاذُّ لُغةً : المُنفَرِدُ ، واصطِلاحًا : ما يُخالِفُ فيهِ الرَّاوي مَنْ هُو أَرْجَحُ منهُ . ولهُ تفسيرٌ آخرُ سيأْتي .
    تنبيهٌ : قولُهُ : (( [ و ] خبرُ الآحادِ )) ؛ كالجِنْسِ ، وباقي قُيودِهِ كالفَصْلِ .
    وقولُهُ : (( بِنَقْلِ عَدْلٍ )) ؛ احْتِرازٌعَمَّا يَنْقُلُهُ غيرُ العَدْلِ .
    وقوله : (( هُو )) يسمَّى فَصْلاً يتَوَسَّطُ بينَ المُبتَدَإِ والخَبَرِ ، يُؤذِنُ بأَنَّ ما بَعْدَهُ خَبرٌ عَمَّا قَبْلَهُ ، وليسَ بِنَعْتٍ لهُ .
    وقولُهُ : (( لذاته )) ؛ يُخْرِجُ ما يسمَّى صحيحاً بأَمرٍ خارِجٍ عنهُ ؛ كما تقدَّمَ

    ([1]) فجر الأحد 11 / 10 / 1415 هـ

    ([2]) هذا بحث الغرابة وقد بين المؤلف رحمه الله تفاصيل ذلك بعبارة موجزة واضحة فالغرابة لها حالان أ - حالة في أصل السند ب - وغرابة في أثناء السند ، فما كان في أصل السند فهو الفرد المطلق ويقال له غريب أيضاً ، والفرد النسبي فهو بالنسبة إلى أحد رواة السند فقد يكون مشهوراً أو عزيزاً أو متواتراً ولكن يدور على واحد فهو الفرد النسبي فيكون بعض طرقه على واحد ، فالأول مثل حديث ( نهى عن بيع الولاء وهبته ) تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر فصار فرداً مطلقاً ومثل حديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ) انفرد به علقمة بن وقاص عن عمر فهو فرد مطلق بالنسبة إلى عمر وعلقمة ومحمد بن ابراهيم ثم تواتر عن يحيى بن سعيد ، وقد يكون نسبياً بأن يكون الحديث رواه جماعة عن التابعي أو الصحابي ثم انفرد به واحد من العلماء المشهورين فلم يرو عنه إلا من طريق واحدة كأن ينفرد به مالك أو الأوزاعي أو الثوري من طريق واحدة فيرويه عنه واحد فيقال هو غريب بالنسبة إلى مالك لأنه ما رواه عنه إلا واحد وهو في نفسه ليس غريباً قد يكون روي من طرق لكنه لم يروه عن مالك إلا واحد أو غريب إلى الأوزاعي أو الثوري .

    ([3]) يعني قليل إطلاق الفردية على النسبي وإنما يقال له غريب فكلاهما يقال له فرد ولكن الغالب أن الفرد يطلق على الفرد المطلق بخلاف النسبي فالغالب أنه يسمى غريب مثل ما يقع للترمذي كثيراً .

    ([4]) لكن قد يقال للفرد المطلق غريب كحديث عمر ( إنما الأعمال بالنيات ) فهو فرد مطلق ويقال له غريب .

    ([5]) يبين رحمه الله أنهم في الفعل لا يغايرون يقال تفرد به فلان وأغرب به فلان وإنما التفريق في الغالب في الاسم فيقال غريب وفرد وهكذا ما يقع من الانقطاع والإرسال فإذ سقط منه واحد سواء في أوله أو في آخره يسمى منقطعاً ويسمى مرسلاً ويطلق على المرسل منقطع لأنه لم يتصل بالرسول صلى الله عليه وسلم وهكذا إذا سقط رواته واحد يسمى منقطع مثل سعيد بن المسيب أو مجاهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى منقعطاً والمشهور أنه مرسل ،

    ([6]) وهذا واضح فيه بيان تفصيل خبر الآحاد وإنه أقسام اربعة الصحيح لذاته والصحيح لغيره والحسن لذاته والحسن لغيره فإذا توافرت الشروط بأن كان من رواية العدل التام الضبط غير المعلل ولا الشاذ فهذا يقال له الصحيح لذاته وهذا هو أعلى مراتب الآحاد فإذا كان الضبط غير تام فيقال له الحسن لذاته كما سيأتي فإن كثرت الطرق لهذا الذي فيه نقص الضبط صار صحيحاً لغيره فإن كان بعض الضعف في بعض الرواة لكثرة الوهم انجبر بوجود طريق آخر فصار حسناً لغيره فإن كان معللاً بانقطاع أو شذوذ لم يكن صحيحاً ولا حسناً ولهذا قال المؤلف ( غير معلل ولا شاذ ) ، والشاذ هو ما خالف الثقة فيه من هو أوثق منه .
    @ الاسئلة : زيادة الثقة الذي لم يخالف ممن هو أوثق منه هل تتعتبر من الشذوذ ؟
    ليس شذوذاً فزيادة الثقة مقبولة ما لم يخالف من هو أوثق منه .
    ب - حديث من جلس بعد الفجر ثم صلى ركعتين .... هل لا ينجبر ؟
    هو من باب الحسن لغيره .
    ج - أحاديث الصحيحين هل هي من أحاديث الصحيح لذاته أو لغيره ؟
    فيها الصحيح لذاته والصحيح لغيره .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وتتفاوَتُ ([1])رُتَبُهُ ؛ أي : الصَّحيحُ ، بـِ [سببِ ] تفاوُتِ هذهِ الأوْصافِ المُقْتَضِيَةِ للتَّصحيحِ في القُوَّةِ ([2]) ؛ فإِنَّها لمَّا كانَتْ مُفيدةً لغَلَبَةِ الظَّنِّ الَّذي عليهِ مَدارُ الصِّحَّةِ ؛ اقْتَضَتْ أَنْ يكونَ [ لها ] دَرجاتٌ بعضُها فَوْقَ بعضٍ بحَسَبِ الأمورِ المُقَوِّيةِ .
    وإِذا كانَ كذلك فما يَكونُ رُواتُهُ في الدَّرجةِ العُليا مِن العدالَةِ والضَّبْطِ وسائِرِ الصِّفاتِ التي تُوجِبُ التَّرجيحَ (( له )) ؛ كانَ أَصحَّ ممَّا دونَهُ .
    فَمِنَ المَرْتَبَةِ العُلْيا في ذلك ما أَطْلَقَ [ عليهِ ] بعضُ الأئمَّةِ أَنَّهُ أَصحُّ الأسانيدِ :
    كالزُّهْريِّ عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أَبيهِ .
    وكمحمَّدٍ بنِ سيرينَ عن عَبيدةَ بنِ عَمْروٍ [ السَّلْمانِيِّ ] عَن عَليٍّ (( بن أبي طالب )) .
    وكَإِبراهيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عن ابنِ مَسعودٍ .([3])
    ودونَها في الرُّتبةِ : كرِوايةِ بُرَيْدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أَبي بُرْدَةَ عن جَدِّهِ عن أَبيهِ أَبي مُوسى (( الأشعري )) .
    وكَحمَّادِ بنِ سَلَمَةَ عن ثابِتٍ (( البناني )) عَنْ أَنسٍ .
    ودُونَها في الرُّتْبَةِ :
    [ كسُهَيْلِ ] بنِ أَبي صالحٍ عَنْ أَبيهِ عن أَبي هُريرةَ .
    وكالعَلاءِ بنِ عبدِ الرحمن عن أَبيهِ عن أَبي هُريرةَ .
    فإِنَّ الجَميعَ يشمَلُهُم [ اسمُ ] العَدالَةِ والضَّبْطِ ؛ إِلاَّ أَنَّ (( في )) للمَرْتَبَةِ الأولى (( فيهم )) مِن الصِّفاتِ المُرَجِّحَةِ ما يقتَضي تقديمَ روايتِهِم على الَّتي تَليها ، وفي الَّتي تليها مِنْ قوَّةِ الضَّبْطِ ما يقتَضي تقديمَها على الثَّالِثَةِ ، وهِي مُقدَّمةٌ على رِوايةِ مَن يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ حَسناً ([4]) ؛ كمحمَّد بنِ إِسحاقَ ([5])عن عاصمِ بنِ عُمرَ (( بن قتادة )) عن جابرٍ ، و (( عن )) عمروِ بنِ شُعَيْبٍ عنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ .
    وقِسْ على هذهِ المراتِبِ ما يُشبِهُها .
    (( و )) المرتَبَةُ الأولي هِيَ الَّتي أَطلَقَ عليها بعضُ الأئمَّةِ أَنَّها أَصحُّ الأسانيدِ ، والمُعْتَمَدُ عدمُ الإِطلاقِ لترجَمةٍ معيَّنةٍ منها .
    نعم ؛ يُستَفَادُ مِن مجموعِ ما أَطلقَ الأئمَّةُ عليهِ ذلك أَرجَحِيَّتُهُ على ما لَمْ يُطْلِقوهُ .
    ويلْتَحِقُ بهذا التَّفاضُلِ ما اتَّفَقَ الشَّيخانِ على تَخريجِه بالنِّسبةِ إِلى ما انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُما ، وما انْفَرَدَ بهِ البُخاريُّ بالنِّسبةِ إلى ما انْفَرَدَ بهِ مُسلمٌ ؛ لاتِّفاقِ العُلماءِ بعدِهِما على تلقِّي كِتابَيْهِما بالقَبولِ ، واختِلافِ بعضِهِم على أَيِّهِما أَرْجَحُ ، فما اتَّفقا عليهِ أَرجَحُ مِن هذهِ الحيثيَّةِ ممَّا لم يتَّفقا عليهِ .
    وقد صرَّحَ الجمهورُ بتقديمِ (( صحيحِ البُخاريِّ )) في الصِّحَّةِ ، ولم يوجَدْ عنْ أحدٍ التَّصريحُ بنقيضِهِ .
    وأَمّا ما نُقِلَ عَن أبي عليٍّ النَّيْسابوريِّ أَنَّهُ قالَ : ما تحتَ أَديمِ السَّماءِ أَصحُّ مِن كتابِ مُسلمٍ ([6])؛ فلمْ يُصرِّحْ بكونِه أَصحَّ مِن صحيحِ البُخاريِّ ؛ لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى وُجودَ كتابٍ أَصحَّ مِن كتابِ مسلم ؛ إِذ المَنْفِيُّ إِنَّما هُو ما تَقْتَضيهِ صيغَةُ أَفْعَلَ من زيادَةِ صحَّةٍ في كتابٍ شارَكَ كتابَ مُسلمٍ في الصِّحَّةِ ، يمتازُ بتلكَ الزِّيادَةِ عليه ، ولم يَنْفِ المُساواةَ .
    وكذلكَ ما نُقِلَ عنْ بعضِ المَغارِبَةِ أَنَّهُ فَضَّلَ صحيحَ مُسلمٍ على صحيحِ البُخاريِّ ؛ فذلكَ فيما يرجِعُ إِلى حُسْنِ السِّياقِ وجَوْدَةِ الوَضْعِ والتَّرتِيبِ .
    ولم يُفْصِحْ أَحدٌ منهُم بأَنَّ ذلكَ راجِعٌ إِلى الأصحِّيَّةِ ، ولو أَفْصَحوا به لردَّهُ عليهِمْ شاهِدُ الوُجودِ ، فالصِّفاتُ الَّتي تدورُ عليها الصِّحَّةُ في كتابِ البُخاريِّ أَتمُّ منها في كتابِ مسلمٍ وأَشَدُّ ، وشرطُهُ فيها أَقوى وأَسَدُّ.
    أَمَّا رُجْحانُهُ مِن حيثُ الاتصالُ ؛ فلاشْتِراطِهِ أَنْ يكونَ الرَّاوِي قَدْ ثَبَتَ لهُ لِقاءُ مَنْ روى عنهُ ولو مَرَّةً ، واكْتَفى مُسْلِمٌ بمُطْلَقِ المُعاصَرَةِ ، وأَلْزَمَ البُخاريَّ بأَنَّهُ يحتاجُ [ إِلى ] أَنْ لا يقْبَلَ العَنْعَنَةَ أَصلاً !
    وما أَلْزَمَهُ بهِ ليسَ بلازِمٍ ؛ لأنَّ الرَّاويَ إِذا ثبتَ [ لهُ ] اللِّقاءُ مرَّةً ؛ لا يجْري في رواياتِهِ احْتِمالُ أَنْ لا يكونَ (( قد )) سمِعَ [ منهُ ] ؛ لأنَّهُ يلزمُ مِن جَريانِهِ أَنْ يكونَ مُدَلِّساً ، والمسأَلةُ مَفروضَةٌ في غير المُدَلِّسِ .
    وأَمَّا رُجْحَانُهُ مِنْ حيثُ العَدالَةُ والضَّبْطُ ؛ فلأنَّ الرِّجالَ الَّذينَ تُكُلَِّمَ فيهِم مِن رجالِ مُسلِمٍ أَكثرُ عَدداً مِن الرِّجالِ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِن رجالِ البُخاريِّ ، معَ أَنَّ البُخارِيَّ لم يُكْثِرْ مِن إِخراجِ حَديثِهِمْ ، بل غالِبُهُمْ مِن شيوخِهِ الذينَ أَخَذَ عنهُم ومَارَسَ حَديثَهُم ، بخِلافِ مُسلمٍ في الأمْرَينِ .
    وأَمَّا رُجْحانُهُ مِن حيثُ عدمُ الشُّذوذِ والإِعلالِ ؛ فلأنَّ ما انْتُقِدَ [ على البُخاريِّ مِن الأحاديثِ أَقلُّ عدداً مِمَّا انْتُقِدَ ] على مُسْلِمٍ ، هذا مع اتِّفاقِ العُلماءِ على أنَّ البُخاريَّ كانَ أَجلَّ مِن مُسْلِمٍ في العُلومِ وأَعْرَفَ بصِناعةِ الحَديثِ مِنهُ ، وأَنَّ مُسلماً تِلْميذهُ وخِرِّيجُهُ ، ولم يزَلْ يَسْتَفيدُ منهُ ويتَتَبَّعُ آثارَهُ حتَّى (( لقد )) قالَ الدَّارَقُطنِيّ ُ : لولا البُخاريُّ لَما راحَ مُسْلِمٌ ولا جَاءَ .([7])
    ومن ثَمَّ ؛ أي : (( و )) من هذه الحيثيَّةِ – وهي أَرجحيَّةُ شَرْطِ البُخاريِّ على غيرِه – قُدِّمَ (( صحيحُ البُخاريِّ )) على غيرِه من الكُتُبِ المُصَنَّفةِ في الحديثِ .
    ثمَّ صحيحُ مُسْلِمٍ ؛ لمُشارَكَتِه للبُخاريِّ في اتِّفاقِ العُلماءِ على تَلَقِّي كِتابِهِ بالقَبولِ أَيضاً ، سوى ما عُلِّلَ .
    ثمَّ يُقَدَّمُ في الأرجحيَّةِ من حيثُ الأصحِّيَّةُ ما وافَقَهُ شَرْطُهُما ؛ لأنَّ المُرادَ به رواتُهُما معَ باقي شُروطِ الصَّحيحِ ، ورواتُهما قد حَصَلَ الاتِّفاقُ على القَوْلِ بتَعديلِهِمْ بطريقِ اللُّزومِ ، فهم مُقَدَّمونَ على غيرِهم في رِواياتِهم ، وهذا أَصلٌ لا يُخْرَجُ عنهُ إِلاَّ بدليلٍ .
    فإِنْ كانَ الخَبَرُ على شَرْطِهما معاً ؛ كانَ دونَ ما أَخرَجَهُ مسلمٌ أَو مثله .
    وإِنْ كانَ على شَرْطِ أَحَدِهما ؛ فيُقَدَّمُ شَرْطُ البُخاريِّ وحْدَه على شرطِ مُسلمٍ وحدَه تَبَعاً لأصلِ كُلٍّ منهُما .
    فخَرَجَ لنا مِن هذا سِتَّةُ أَقسامٍ تتفاوتُ دَرَجاتُها في الصِّحَّةِ .
    وثَمَّةَ قسمٌ سابعٌ ، وهو ما ليسَ على شرطِهما اجتِماعاً وانْفراداً .([8])
    وهذا التَّفاوتُ إِنَّما هو بالنَّظرِ إِلى الحيثيَّةِ المذكورةِ .
    أَمَّا لو [ رُجِّحَ ] قِسْمٌ على ما (( هو )) فَوْقَهُ بأُمورٍ أُخرى تقتَضي التَّرْجيحَ ؛ فإِنَّهُ يُقَدَّمُ على ما فَوْقَهُ – إذ قَدْ يَعْرِضُ للمَفوقِ مَا يجعَلُهُ فائقاً – .
    كما لو كان الحديثُ عندَ مُسلم [ مثلاً ] ، وهُو مشهورٌ قاصِرٌ عن دَرَجَةِ التَّواتُرِ ، لكنْ حَفَّتْهُ قرينةٌ صارَ بها يُفيدُ العِلْمَ ؛ فإِنَّه يُقَدَّمُ (( بها )) على الحديثِ الذي يُخْرِجُهُ البُخاريُّ إِذا كانَ فَرْداً مُطْلقاً .
    وكما لو كانَ الحَديثُ الَّذي لم يُخْرِجَاهُ مِن ترجمةٍ وُصِفَتْ بكونِها أَصَحَّ الأسانيدِ كمالِكٍ عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ ؛ فإِنه يُقَدَّمُ على ما انفرَدَ بهِ أَحدُهُما مثلاً ، لا سيَّما إِذا كانَ في إِسنادِهِ مَن فيهِ مَقالٌ .

    ([1]) فجر الأحد 18 / 10 / 1415 هـ )

    ([2]) وهذا لا شك فيه أن الصحيح تتفاوت رتبه لتفاوت صفات الرواة فتارة تكون درجتهم في أعلى الدرجات لثقة الرواة وكمال ضبطهم ، وتارة تكون وسط وتارة تكون دون ذلك فهي متفاوتة على حسب حال الرواة مالك عن نافع عن ابن عمر ، مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة فالمقصود أن الأسانيد الصحيحة متفاوتة على حسب تفاوت الرجال في الضبط والإتقان .

    ([3]) وكمالك عن نافع عن ابن عمر ونحوها .

    ([4]) وهذا واضح لأنه إذا خف الضبط انتقل من درجة الصحيح إلا درجة الحسن .

    ([5]) فات المؤلف أن يقول محمد بن اسحاق عن عاصم إذا صرح ابن اسحاق بالسماع .

    ([6]) كلام أبي علي غير مسلم والصواب ما تحت أديم السماء أصح من صحيح البخاري ثم مسلم هذا الذي عليه جمهور أهل العلم لكن مسلم امتاز بحسن السياق وجمع الأحاديث وضبط طرقها والبخاري تساهل في هذا يقطع الأحاديث ويفرقها على حسب الحاجة إليها ومسلم كانت له عناية بحسن السياق وجمع الأسانيد حتى يتضح للقاريء الحديث بطرقه كلها في موضع واحد .

    ([7]) هذا من باب المبالغة وإلا فكلاهما إمام .

    ([8]) وبهذا تكون إقسام الصحيح من هذه الحيثية سبعة ، الأول ما اتفق عليه الشيخان ، والثاني ما رواه البخاري والثالث ما رواه مسلم والرابع ما كان على شرطهما والخامس ما كان على شرط البخاري ثم السادس ما كان على شرط مسلم ثم السابع ما صححه أحد الإئمة وهو ليس على شرط واحد منهما كالذي يصححه الدارقطني وابن حزيمة وابن حبان وغيرهم ولا يكون فيه قادح .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    فإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ ([1])؛ أي: قلَّ – يُقالُ : خَفَّ القومُ خُفوفاً : قَلُّوا – والمُرادُ معَ بقيَّةِ الشُّروطِ [ المُتقدِّمَةِ ] في حَدِّ الصَّحيحِ ؛ فـهُو الحَسَنُ لذاتِهِ ([2]) (( لاشتهاره )) [ لا لِشيءٍ خارِجٍ ] ، وهُو الَّذي (( قد )) يكونُ حُسْنُهُ بسببِ الاعْتِضادِ ، نحوُ حديثِ المَسْتُورِ إِذا تعَدَّدَتْ طُرُقُه .([3])
    وخَرَجَ باشْتِراطِ باقي الأوْصافِ الضَّعيفُ .
    وهذا القِسْمُ مِنَ الحَسَنِ مُشارِكٌ للصَّحيحِ في الاحتِجاجِ بهِ ، وإِنْ كانَ دُونَه ، ومشابِهٌ لهُ في انْقِسامِه إِلى مراتِبَ بعضُها فوقَ بعضٍ .([4])
    وبِكثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ([5]) ؛ وإِنَّما يُحْكَمُ لهُ بالصِّحَّةِ عندَ تعدُّدِ الطُّرُقِ ؛ لأنَّ للصُّورةِ المجموعةِ قُوَّةً تَجْبُرُ القَدْرَ الَّذي قَصَّرَ (( الوصفين )) بهِ [ ضَبْطُ ] راوِي الحَسَنِ عن راوي الصَّحيحِ ، ومِن ثَمَّ تُطلَقُ [ الصِّحَّةُ ] على الإِسنادِ الَّذي يكونُ حسناً لذاتِه لو تفرَّدَ إِذا تَعَدَّدَ .
    وهذا حيثُ ينفردُ الوصفُ .
    فإِنْ جُمِعا ؛ أي : الصَّحيحُ والحسنُ في وصفِ [ حديثٍ ] واحدٍ ؛ كقولِ التِّرمذيِّ وغيرِه : [ حديثٌ ] حَسَنٌ صحيحٌ ؛ فللتَّرَدُّدِ الحاصلِ مِن المُجتهدِ في النَّاقِلِ ؛ هل اجتَمَعَتْ فيهِ شُروطُ الصِّحَّةِ أَو قَصَّرَ عَنْها ؟!
    وهذا حَيْثُ يَحْصُلُ منهُ التَّفرُّدُ بتلكَ الرِّوايةِ .
    وعُرِف بهذا جوابُ مَن اسْتَشْكَلَ الجَمْعَ بينَ الوصفينِ ، فقالَ : الحسنُ قاصرٌ عنِ الصَّحيحِ ، ففي الجمعِ بينَ الوَصفَيْنِ إِثباتٌ لذلك القُصورِ ونَفْيُه !
    ومُحَصّلُ الجوابِ أَنَّ تردُّدَ أَئمَّةِ الحديثِ في حالِ ناقلِه اقْتَضى للمُجتهدِ أَنْ لا يصِفَهُ بأَحدِ الوَصفَينِ ، (( معيناً )) فيُقالُ فيهِ : حسنٌ ؛ باعتبارِ وَصْفِه عندَ [ قومٍ ] ، صحيحٌ باعتبارِ وصفِهِ عندَ قومٍ (( آخرين )).
    وغايةُ ما فيهِ أَنَّه حَذَفَ [ منهُ ] حرفَ التردُّدِ ؛ لأنَّ حقَّهُ أَنْ يقولَ : حَسَنٌ أَو صحيحُ .([6])
    وهذا كما حَذَفَ حَرْفَ العَطفِ مِن الَّذي (( يقول )) بَعْدَهُ .
    وعلى هذا ؛ فما قيلَ فيهِ حَسَنٌ صحيحٌ ؛ دونَ ما قيلَ فيهِ : صَحيحٌ ؛ لأنَّ الجزمَ أَقوى مِن التَّردُّدِ ، [ وهذا حيثُ التفرُّدُ ] .
    وإِلاَّ ؛ [ أَي ]: إِذا لم يَحْصُلِ التَّفرُّدُ ؛ فـإِطلاقُ الوَصفَيْنِ معاً على الحديثِ يكونُ باعْتِبارِ إِسنَادَيْنِ ، أحدُهُما صحيحٌ ، والآخرُ حسنٌ .
    وعلى هذا ؛ فما قيلَ فيهِ : حسنٌ صحيحٌ ؛ فوقَ ما قيلَ فيهِ : صحيحٌ ؛ [ فقطْ ] إذا كانَ فَرْداً ؛ لأنَّ كثرةَ الطُّرقِ تُقَوِّي .([7])
    فإِنْ قيلَ : قدْ صَرَّحَ التِّرمِذيُّ بأَنَّ شَرْطَ الحَسَنِ أَنْ يُرْوى مِن غيرِ وجْهٍ ، فكيفَ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ : حسنٌ غَريبٌ لا نعرِفُه إِلاَّ مِن هذا الوجهِ ؟!
    فالجوابُ : أَنَّ التِّرمذيَّ لم يُعَرِّفِ الحَسَنَ المُطْلَقَ ، وإِنَّما عَرَّفَ بنوع خاصٍّ منهُ وقعَ في كتابِه ، وهُو ما يقولُ فيهِ : (( حسن )) ؛ من غيرِ صفةٍ أُخرى ، وذلك أَنَّهُ يقولُ في بعضِ الأحاديثِ : (( حسنٌ )) ، وفي بعضِها : (( صحيحٌ )) ، وفي بعضِها : (( غريبٌ )) ، وفي بعضِها : (( حسنٌ صحيحٌ )) ، وفي بعضِها : (( حسنٌ غَريبٌ )) ، وفي بعضِها : (( صحيحٌ غريبٌ )) ، [ وفي بعضِها : [ (( حسنٌ صحيحٌ غريبٌ )) ].
    وتعريفُه إِنَّما (( هو )) [ وقعَ ] على الأوَّلِ فقطْ ، وعبارتُه تُرشِدُ إِلى ذلك ، حيثُ قال في آخِرِ كتابِه : وما قُلْنا في كتابِنا : (( حديثٌ [ حسنٌ ] )) ؛ فإِنَّما أَرَدْنا بهِ حَسَنٌ إِسنادِهِ عندَنا ، [ إِذْ ] كُلُّ حديثٍ يُرْوي (( و )) لا يكونُ راويهِ مُتَّهَماً بكَذِبٍ ، ويُروي مِن غيرِ وجْهٍ نحو ذلك ، ولا يكونُ شاذّاً ؛ فهو عندَنا حديثٌ حسنٌ .([8])
    فعُرِف بهذا أَنَّهُ إِنَّما عَرَّفَ الَّذي يقولُ فيه : (( حَسنٌ )) فقطْ ، أَمَّا ما يقولُ فيهِ : (( حسنٌ صحيحٌ )) ، أو : (( حسنٌ غريبٌ )) ، أو : (( حسنٌ صحيحٌ غريبٌ )) ؛ فلم يُعَرِّجْ على تعريفِه ؛كما لم يُعَرِّجْ على تعريفِ ما يقولُ فيهِ : (( صحيحٌ )) فقط ، أو : (( غريبٌ )) فقط .
    وكأنَّهُ تَرَكَ ذلك اسْتِغناءً بشُهرَتِه عندَ أَهلِ الفنِّ ، واقْتصرَ على تعريفِ ما يقولُ فيهِ في كتابهِ : (( حسنٌ )) فقط ؛ إِمَّا لغُموضِهِ ، وإِمَّا لأنَّهُ اصطِلاحٌ جديدٌ ، ولذلك قيَّدَهُ بقولِه : (( عندنا )) ، ولم ينْسِبْهُ إِلى أَهلِ الحديثِ كما فعل الخَطَّابيُّ .
    وبهذا التَّقريرِ يندفعُ كثيرٌ مِن الإِيراداتِ التي طالَ البحثُ فيها ولمْ يُسْفِرْ وجْهُ توجيهِها ، فللهِ الحمدُ على ما أَلهَم وعَلَّمَ .

    ([1]) فجر الأحد 25 / 10 / 1415هـ

    ([2]) يعني الشروط موجودة متصل السند غير معلل ولا شاذ والرواة عدول لكن ضبطهم دون الرواة في الحالة الأولى - الصحيح لذاته - فيسمى الحسن لذاته مثلوا لهذا مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ومحمد بن اسحاق إذا صرح بالسماع فضبط هؤلاء دون ضبط الأعمش وسفيان ونافع فيكون هؤلاء حديثهم من الحسن لذاته ومثل حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وأشباههم

    ([3]) هذا هو الحسن لغيره فالرواة فيهم مستور وهو مجهول الحال لكن تعددت طرقه يقال له الحسن لغيره وإذا تعدد الحسن لذاته صار صحيحاً لغيره فالأقسام أربعة : صحيح لذاته وصحيح لغيره وحسن لذاته وحسن لغيره فالصحيح لذاته ما تمت فيه الشروط المتقدمة رواية العدل عن العدل مع تمام الضبط مع اتصال السند غير معلل ولا شاذ ، فإن خف الضبط صار حسناً لذاته فإن تعددت طرق الحسن لذاته صار صحيحاً لغيره فإن كان ليس بضابط بل مستور ليس معروفاً بالعدالة والضبط ولكن تعددت الطرق فهذا يقال له الحسن لغيره رواه مستورون لكن مع الاتصال وعدم العلة فإذا كان طريقين فأكثر فهذا يقال الحسن لغيره مثل ابن حجر لذلك بأحاديث مد اليدين ورفعهما في الدعاء فقال إنه من باب الحسن لغيره ، ومثل له ابن كثير بحديث ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله ) فقال إن له طرقاً فيكون من باب الحسن لغيره .

    ([4]) فهو مشارك للصحيح بالاحتجاج به وأنه درجات حسب قوة الضبط .

    ([5]) فهذا الصحيح لغيره إذا كان من طريقين في رواته من هو موصوف من رواة الحسن لذاته

    ([6]) وهذا يقوله الترمذي كثيراً ( حسن صحيح ) فيحمل على أنه حسن من طريق وصحيح من طريق آخر أو على الشك فيقول ( حسن أو صحيح ) فأو على الشك هل تم الضبط أو خف الضبط لأنه يقوله في بعض الأحاديث وليس لها إلا طريق واحد فيحمل على معنى الشك هل هو حسن أو صحيح ، وأما إذا كان له طرق فالمعنى أنه حسن لتعدد طرقه صحيح لاشتماله على الشروط . ( تراجع لعله للعكس )

    ([7]) وهذا واضح لأن ما جاء من طريقين أحدهما حسن والآخر صحيح أقوى مما يقال فيه صحيح فقط لأن الصحيح فقط ما جاء باسناد واحد وما جاء باسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن يكون أقوى لكثرة الطرق .

    ([8]) يعني بهذه الشروط الثلاثة : من غير وجه ، ولا يكون روايه متهم بالكذب ولا شاذ فهذا يسميه حسناً ومعناه الحسن لغيره أي القسم الرابع فهذا هو الذي عرفه أما ما يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أوصحيح غريب فهذا لم يعرفه فيعرف من أدلة أخرى

  14. #14

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    وفقكم الله لطاعته

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    تواصل
    الأخ الكريم أبو الحارث الحسيني : وفقنا الله وإياكم لفعل الخيرات وترك المنكرات

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ( وزِيادةُ راويهِما ؛ أي: الصَّحيحِ والحَسنِ ؛ مقبولةٌ ؛ مَا لمْ تَقَعْ مُنافِيَةً لِـروايةِ مَنْ هُو أَوْثَقُ ) ([1])
    ممَّن لم يَذْكُرْ تلك الزِّيادةِ :
    [ لأنَّ الزِّيادةَ ]: إِمَّا [ أَنْ ] تكونَ لا تَنافِيَ بينَها وبينَ روايةِ مَن لم يَذْكُرْها ؛ فهذه تُقْبَلُ مُطْلقاً ؛ لأنَّها في حُكْمِ الحديثِ المُستقلِّ الذي ينفرِدُ بهِ الثِّقةُ ولا يَرويه عن شيخِهِ غيرُه.
    وإِمَّا أَنْ تكونَ مُنافِيةً بحيثُ يلزمُ مِن قبولِها رَدُّ الرِّوايةِ الأخرى ، فهذه (( هي )) التي يَقَعُ التَّرجيحُ بينها وبينَ معارِضِها ، [ فيُقْبَلُ الرَّاجحُ ] ويُرَدُّ المرجوحُ.([2])
    واشْتُهِرَ عَنْ جَمْعٍ مِن العُلماءِ القَوْلُ بقَبولِ الزِّيادةِ مُطْلقاً مِن غيرِ تفصيلٍ ([3])، ولا يَتَأَتَّى ذلك على طريقِ المُحَدِّثينَ الَّذينَ يشتَرِطونَ في الصَّحيحِ أَنْ لا يكونَ شاذّاً ، ثمَّ يفسِّرونَ الشُّذوذَ بمُخالَفةِ الثِّقةِ مَن هو أَوثقُ منهُ .
    والعَجَبُ مِمَّنْ أَغفلَ ذلك منهُم معَ اعْتِرافِه باشْتِراطِ انْتفاءِ الشُّذوذِ في [ حدِّ ] [ الحديثِ ] الصَّحيحِ ، وكذا الحَسنِ ([4])
    والمَنقولُ عن أَئمَّةِ الحَديثِ المُتَقَدِّمينَ كعبدِ الرحمنِ [ بنِ ] مَهْدي ، ويحيى القَطَّانِ ، وأَحمدَ بنِ حنبلٍ ، ويحيى بنِ مَعينٍ ، وعليِّ بنِ المَدينيِّ ، والبُخاريِّ ، وأَبي زُرْعةَ (( الرازي )) ، وأَبي حاتمٍ ، والنَّسائيِّ ، والدَّارقطنيِّ وغيرِهم – اعتبارُ التَّرجيحِ فيما يتعلَّقُ بالزِّيادةِ وغيرها ، ولا يُعْرَفُ عن أَحدٍ منهُم إِطلاقُ قَبولِ الزِّيادةِ .
    وأَعْجَبُ مِن ذلك إِطلاقُ كثيرٍ مِن الشَّافعيَّةِ القَوْلَ بقَبولِ زِيادةِ الثِّقةِ ، معَ أَنَّ نصَّ الشافعيِّ يدلُّ على غيرِ ذلك ؛ فإِنَّهُ قالَ في أَثناءِ كلامِه على ما يُعْتَبَرُ [ بهِ ] حالُ الرَّاوي في الضَّبْطِ ما نَصُّهُ : (( ويكونُ إِذا أشْرَك أَحداً مِن الحُفَّاظِ لم يُخالِفْهُ ، فإِنْ خالَفَهُ فوُجِدَ حديثُهُ أَنْقَصَ كانَ في ذلك دليلٌ [ على ] صحَّةِ مَخْرَجِ حديثِهِ ، ومتى خالَفَ ما وَصَفْتُ أَضرَّ ذلك بحديثِهِ )) [ انتهى كلامه ] .
    ومُقتَضاهُ أَنَّهُ إِذا خَالَفَ فوُجِدَ حديثُهُ [ أَزْيَدَ] (( من )) أَضرَّ ذلك بحديثِه ، فدلَّ على أَنَّ زيادةَ العَدْلِ عندَه لا يلزَمُ قَبولُها مُطْلقاً ، وإِنَّما تُقْبَلُ مِن الحافِظِ ؛ فإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ يكونَ حديثُ هذا المُخالِفِ أَنْقَصَ مِن حديثِ مَن خالَفَهُ مِن الحُفَّاظِ ، وجَعَلَ نُقصانَ هذا الرَّاوي مِن الحديثِ دليلاً على صحَّتِه ؛ لأنَّه لا يَدُلُّ على تَحَرِّيهِ ، وجَعَلَ ما عَدا ذلك مُضِرّاً بحديثِه ، فدَخَلَتْ فيهِ الزِّيادةُ ، فلو كانتْ [ عندَه ] مقبولةً مُطْلقاً ؛ لم تكنْ مُضِرَّةً [ بحديثِ] صاحِبِها ، [ واللهُ أَعلمُ ].
    فإِنْ خُولِفَ – [ [ أي ] الراوي ]– بأرْجَحَ منهُ ؛ لمزيدِ ضَبْطٍ [ أَوْ كثرةِ ] عدَدٍ أَو غيرِ ذلك مِن وُجوهِ التَّرجيحاتِ ؛ فالرَّاجِحُ يقالُ لهُ : المَحْفوظُ . ومُقابِلُهُ – وهو المرجوحُ – يُقالُ لهُ : الشَّاذُّ .
    مثالُ ذلك : ما رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجَة مِن طريقِ [ ابنِ ] عُيَيْنَةَ عن عَمْرو [ بنِ ] دينارٍ عن عَوْسَجة ، عن ابنِ عباسٍ [ – رضي الله عنهما: أَنَّ رجُلاً تُوُفِّي في عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ، ولم يَدَعْ وارِثاً إِلاَّ مولىً هو أَعتقَهُ .... الحديثَ .
    وتابَعَ ابنَ عُيَيْنَةَ على وَصْلِهِ ابنُ جُريجٍ وغيرُه .
    وخالفَهُم حمَّادُ بنُ زَيْدٍ ، فرواهُ عَنْ عَمْرو بنِ دينارٍ عَن عَوْسَجَةَ ولم يَذْكُرِ (( حديث )) ابنَ عباسٍ .
    قال أبو حاتمٍ : المَحفوظُ حديثُ ابنِ عُيَيْنَةَ . أهـ كلامُه.
    فحمَّادُ بنُ زيدٍ مِن أَهلِ العدالةِ والضَّبطِ ، ومعَ ذلك رجَّحَ أبو حاتمٍ روايةَ مَن هُم أَكثرُ عدداً منهُ .([5])
    وعُرِفَ مِن هذا التَّقريرِ أَنَّ : الشَّاذَّ : ما رواهُ المقْبولُ مُخالِفاً لِمَنْ هُو أَوْلَى مِنهُ .
    وهذا هُو المُعْتَمَدُ في تعريفِ الشاذِّ بحَسَبِ الاصْطِلاحِ .
    وَإِنْ وَقَعَتِ المُخالفةُ [ لهُ ] معَ الضَّعْفِ ؛ فالرَّاجِحُ يُقالُ لهُ : [ المَعْروفُ ] ، ومُقابِلُهُ يُقالُ [ لهُ ]: المُنْكَرُ .
    مثالُه : ما رواهُ ابنُ أَبي حاتمٍ مِن [ طريقِ ] حُبَيِّبِ بنِ حَبيبٍ – وهو أَخو حَمزَةَ بنِ [ حَبيبٍ ] الزَّيَّاتِ المُقرئِ– عن أَبي إِسحاقَ عن العَيْزارِ بنِ حُريثٍ عن ابنِ عبَّاسٍ (( رضي الله عنهما )) عن النبي صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ قالَ : (( مَن أَقامَ الصَّلاةَ وآتى الزَّكاةَ وحَجَّ [ البيتَ ] وصامَ وقَرَى الضَّيْفَ ؛ دَخَلَ الجنَّةَ )) .
    قالَ أَبو حاتمٍ : (( و )) هُو مُنْكَرٌ ؛ لأَنَّ غيرَه مِن الثِّقاتِ رواهُ عن أَبي إِسحاقَ مَوقوفاً ، وهُو المَعروفُ .
    وعُرِفَ بهذا أَنَّ بينَ الشَّاذِّ والمُنْكَرِ [ عُموماً وخُصوصاً مِن وَجْهٍ ؛ لأنَّ بينَهُما ] اجْتِماعاً في اشْتِراطِ المُخالفَةِ ، وافْتراقاً في أَنَّ الشَّاذَّ راويهِ ثقةٌ أو صدوقٌ ، والمُنْكَرَ رَاويهِ ضعيفٌ .
    وقد غَفَلَ مَن سَوَّى بينَهُما ، واللهُ أَعلمُ .([6])

    ([1]) فجر الأحد 2 / 11 / 1415 هــ

    ([2]) زيادة رواي الصحيح والحسن مقبولة ما لم تقع منافية لمن أوثق ، منافية يعني لا تجتمع معها ، أما إذا كانت لا تنافي فهي مقبولة فإذا روى الثقة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم رواه آخر وزاد عليه جملة أمر الله بها أو نهى عنها فلا بأس لا تكون منافية ، كما روى راوي النهي عن صيام يومي العيدين وزاد آخر فيه النهي عن لبستين أو بيعتين فلا ينافي هذا هذا فهذا شيء وهذا شيء فالزيادة التي لا تنافي تقبل أما إذا كانت تنافيها لا تجتمع مع ما رواه الأوثق فإنها تكون شاذة لا تقبل كأن الثقة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكذا أو فعل ، فيأتي آخر أضعف من نافع فيروي عن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رواه نافع عن ابن عمر أنه أمر به فهذه لا تقبل لأنها مخالفة للأوثق فلا يجتمعان هذا يقول أمر وهذا يقول نهى .
    @ الاسئلة : أ - إذا خالف الثقة الثقات وليس من هو أوثق منه ؟
    يطلب الترجيح من طرق أخرى، أما هذا صرح بالسماع أو لم يصرح بالسماع أو هذا له شواهد وهذا ليس له شواهد فيرجح من طرق أخرى .
    ب - رواية الزبير في حديث وضع الرجل بين الفخذ والساق أثناء التورك ذكرت أنها شاذة ؟
    نعم هذه الرواية شاذة لأنها مخالفة للأحاديث الصحيحة من حديث عائشة وأبي حميد كلهم ذكروا أنه يتورك في الأخيرة ويفترش في الوسطى ولا يجعل رجله بينهما ، والظاهر أنه غلط من بعض الرواة .
    ج - من قال أنها صفة جديدة للتورك ؟
    لا صفة مؤذية غير مستقيمة تؤذي الجالس .

    ([3]) وهذا تساهل إطلاق قبول الزيادة فلا بد من التقييد زيادة مقبولة ما لم تكن منافية لمن هو أوثق وما لم تكن أيضاً مخالفة لمن هو أوثق فإن كانت منافية ردت وإن مخالفة شاذة ردت .

    ([4]) بعض الناس قد يتكلم ويجعل بعض الشروط وقد تقدم أن من شرط الصحيح أن لا يكون شاذاً ولا يكون معلولاً فإذا شذ خرج عن مرتبة الصحيح .

    ([5]) لأن العدد إذا كانوا ثقات أوثق من الواحد وعندهم زيادة فتقبل .

    ([6]) يعني إذا كان المخالف ضعيفاً تسمى روايته منكرة وإذا كان المخالف ثقة وخالف من هو أوثق تسمى شاذاً فاجتمعا في المخالفة وافترقا في التسمية .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ([1]) والمُتابَعَةُ على مراتِبَ :([2])
    [ لأنَّها ] إِنْ حَصَلَتْ للرَّاوي نفسِهِ ؛ فهِي التَّامَّةُ.
    وإِنْ حَصَلَتْ لشيخِهِ فمَنْ فوقَهُ ؛ فهِيَ القاصِرةُ .
    ويُستفادُ منها التَّقويةُ .
    مِثالُ المُتابعةِ (( التامة )): ما رواهُ الشَّافعيُّ في (( الأمِّ )) عن مالِكٍ عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ عن ابنِ عُمرَ أَنَّ رسولَ الله صلى الله [ تعالى ] عليه [ وآله ] وسلم قالَ : (( الشَّهْرُ تِسْعٌ وعِشرون ، فلا تَصوموا حتَّى تَروُا الهِلالَ ، ولا تُفْطِروا حتَّى تَرَوْهُ ، فإِنْ غُمَّ عليكم ؛ فأَكْمِلوا العِدَّةَ ثلاثينَ )) .
    فهذا الحديثُ بهذا اللَّفظِ ظَنَّ قومٌ أَنَّ الشافعيَّ (( رحمه الله تعالى )) تفرَّدَ بهِ عن مالِكٍ ، فعَدُّوهُ في غرائِبِه ؛ لأنَّ أَصحابَ مالِكٍ روَوْهُ عنهُ بهذا الإِسنادِ ، [ و ] بلفظِ : (( فإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمُ فاقْدُروا لهُ )) !
    لكِنْ وجَدْنا للشَّافعيَّ مُتابِعاً ، وهو عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ ، كذلك أَخرجَهُ البُخاريُّ عنهُ عن مالكٍ .
    فهَذهِ متابَعةٌ تامَّةٌ .([3])
    ووَجَدْنا لهُ أَيضاً مُتابَعَةٌ قاصرةً في (( صحيحِ ابنِ خُزَيْمةَ )) مِن روايةِ عاصمِ بنِ محمَّدٍ عن أبيهِ [ محمَّدِ ] بنِ زيدٍ عن جدِّهِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بلفظِ : (( فكَمِّلوا ثلاثينَ )) .([4])
    وفي (( صحيحِ مسلمٍ )) من روايةِ عُبيدِ اللهِ بنِ عُمرَ عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ بلفظ : (( فاقْدُروا ثلاثينَ )) .
    ولا اقْتِصارَ في هذه المُتابعةِ – سواءٌ كانتْ تامَّةً أَم قاصرةً – على اللَّفْظِ ، [ بل ] لو جاءَتْ بالمعنى ؛ لكَفَتْ ، لكنَّها مختَصَّةٌ بكونِها مِن روايةِ ذلك الصَّحابيِّ .([5])
    وإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُروى مِن حديثِ صحابيٍّ آخَرَ يُشْبِهُهُ في اللَّفظِ والمعنى ، أَو في المعنى فقطْ ؛ فهُو الشَّاهِدُ .
    ومثالُه في الحديثِ الَّذي قدَّمناهُ ما رواهُ النَّسائيُّ مِن روايةِ محمَّدِ بنِ حُنَينٍ عن ابن عبَّاسِ (( رضي الله عنهما )) عن النبي صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ، فذَكَرَ مثلَ حديثِ عبد اللهِ بنِ دينارٍ عنِ ابنِ عُمرَ سواءً .
    فهذا باللَّفظِ .([6])
    وأَمَّا بالمَعْنى ؛ فهو ما رواهُ البُخاريُّ مِن روايةِ محمَّدِ بنِ زيادٍ عن أَبي هُريرةَ بلفظ : (( فإِنْ غُمَّ عليكُمْ فأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبانَ ثلاثينَ ))
    وخَصَّ قومٌ المُتابعةَ بما حَصَلَ [ باللَّفظِ ، سواءٌ كانَ مِن روايةِ ذلك الصَّحابيِّ أَم لا ، والشاهدَ بما حصلَ ] بالمَعنى كذلك .([7])
    وقد تُطْلَقُ المُتابعةُ على الشَّاهدِ وبالعكسِ ، والأمرُ [ فيهِ ] سَهْلٌ .([8])
    وَاعْلمْ أَنَّ تَتَبُّعَ الطُّرُقِ مِن الجوامعِ والمسانيدِ والأجزاءِ لذلك الحديثِ الذي يُظنُّ أَنَّه فردٌ لِيُعْلَمَ هلْ لهُ متابِعٌ أَم لا هُو : الاعتبارُ .
    وقولُ ابنِ الصَّلاحِ : (( معرفةُ الاعتبارِ والمتابعاتِ والشَّواهِدِ )) قد يوهِمُ أَنَّ الاعتبارَ قَسيمٌ لهُما ، وليسَ كذلك ، بل هُو هيئةُ التوصُّلِ إِليهِما .([9])
    وجَميعُ ما تقدَّمَ مِن أَقسامِ المَقبولِ تَحْصُلُ فائدةُ تقسيمِهِ باعتبارِ مَراتِبِهِ عندَ المُعارضةِ، واللهُ أَعلمُ.([10])
    ثمَّ المَقبولُ([11]) ينقسِمُ [ أَيضاً ] إلى مَعمولٍ بهِ وغيرِ مَعْمولٍ بهِ ؛ لأنَّهُ إِنْ سَلِمَ مِنَ المُعارَضَةِ ؛ أَي :لم يَأْتِ خبرٌ يُضادُّهُ ، فهُوَ المُحْكَمُ ، وأَمثلتُه كثيرةٌ .
    وإِنْ عُورِضَ ؛ فلا يَخْلو إِمَّا أَنْ يكونَ مُعارِضُةُ مقبولاً مثلَه ، أَو يكونَ مَردوداً ، فالثَّاني لا أَثرَ [ لهُ ] ؛ لأنَّ القويَّ لا تُؤثِّرُ فيهِ مُخالفةُ الضَّعيفِ .
    وإِنْ كانتِ المُعارضةُ بِمِثْلِهِ فلا يخلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ الجَمْعُ [ بين ] مدلولَيْهِما بغيرِ تَعَسُّفٍ أَوْ لاَ:
    فإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ ؛ فـهو النَّوعُ المُسمَّى مُخْتَلِفَ الحَديثِ ، [ و ] مثَّلَ لهُ ابنُ الصَّلاحِ بحديثِ : (( لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ ، [ ولا هامَّةَ ، ولا صَفَر ، ولا غُول ])) مع حديث : (( فِرَّ مِنَ المَجذومِ فِرارَكَ مِن الأسَدِ )) .
    وكلاهُما في الصَّحيحِ ، وظاهِرُهما التَّعارُضُ *!
    ووجْهُ الجمعِ بينَهُما أَنَّ هذهِ الأمراضَ لا تُعْدي بطبْعِها ، لكنَّ الله [ سبحانَه و ] تعالى جَعَلَ مُخالطةَ المريضِ بها للصَّحيحِ سبباً لإعدائِهِ مَرَضَه .
    ثمَّ قد يتخلَّفُ ذلك عن سبَبِه كما في غيرِهِ من الأسبابِ ، كذا جَمَعَ بينَهما ابنُ الصَّلاحِ تَبعاً لغيرِه !
    والأَوْلى في الجَمْعِ بينَهُما أَنْ يُقالَ : إِنَّ نَفْيَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للعَْدوى باقٍ على عُمومِهِ ، وقد صحَّ قوله صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ : (( لا يُعْدِى شيءٌ شيئاً )) ، وقولُه صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ لِمَن عارَضَهُ : بأَنَّ البَعيرَ الأجْرَبَ يكونُ في الإِبلِ الصَّحيحةِ ، فيُخالِطُها ، فتَجْرَبُ ، حيثُ ردَّ عليهِ بقولِه : (( فمَنْ أَعْدى الأوَّلَ ؟ )) ؛ يعني : أَنَّ الله [ سبحانَه و ] تعالى ابتَدَأَ ذلك في الثَّاني كما (( في )) ابْتَدَأَفي الأوَّلِ .
    وأَمَّا الأمرُ بالفِرارِ مِن المَجْذومِ فمِن بابِ سدِّ الذَّرائعِ ؛ لئلاَّ يَتَّفِقَ للشَّخْصِ الذي يخُالِطُه شيءٌ مِن ذلك بتقديرِ اللهِ (( سبحانه و )) تعالى ابتداءً لا بالعَدْوى المَنْفِيَّة ، فيَظُنَّأَنَّ ذلك بسببِ مُخالطتِه فيعتقدَ صِحَّةَ العَدْوى ، فيقعَ في الحَرَجِ ، فأَمَرَ بتجنُّبِه حسْماً للمادَّةِ ، [ والله أعلم ]
    وقد صنَّفَ في هذا النَّوعِ [ الإِمامُ ] الشافعيُّ كتابَ (( اختِلافِ الحديثِ )) ، لكنَّهُ لم يَقْصِدِ استيعابَه .
    و [ قد ] صنَّفَ فيهِ بعدَهُ ابنُ قُتيبةَ والطَّحاويُّ وغيرُهما .
    وإِنْ لم يُمْكِنِ الجمعُ ؛ فلا يخْلو إِمَّا أَنْ يُعْرَفَ التَّاريخُ أوْ لاَ :
    فإِنْ عُرِفَ وَثَبَتَ المُتَأَخِّرُ [ بهِ ] ، أَو بأَصرحَ منهُ ؛ فهو النَّاسِخُ ، والآخَرُ المَنْسُوخُ .
    والنَّسْخُ : رفْعُ تعلُّقِ حُكمٍ شرعيٍّ بدليلٍ شرعيٍّ متأَخِّرٍ عنهُ .
    والنَّاسخُ : ما يدلُّ [ على ] الرَّفعِ المذكورِ .
    وتسميتُهُ ناسِخاً مجازٌ ؛ لأنَّ النَّاسخَ في الحقيقةِ هو اللهُ تعالى .
    ويُعْرَفُ النَّسخُ بأُمورٍ :
    أَصرحُها : ما ورَدَ في النَّصِّ كحديثِ بُريدَةَ في (( صحيحِ مسلمٍ )) : (( كُنْتُ نَهَيْتُكُم عن زِيارةِ القُبورِ (( ألا )) فزُوروها ؛ فإِنَّها تُذَكِّرُ الآخِرَةَ ))
    ومِنها ما يجزِمُ الصَّحابيّ ُبأَنَّه متأَخِّرٌ كقولِ جابرٍ : (( كانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ تَرْكُ الوُضوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ )) أَخرَجَهُ أَصحابُ السُّننِ .([12])
    ومِنْها ما يُعْرَفُ بالتَّاريخِ ، [ وهُو كَثيرٌ ]
    وليسَ مِنْها مَا يَرويهِ الصَّحابيُّ المُتأَخِّرُ الإِسلامِ مُعارِضاً للمُتَقَدِّمِ عليهِ ؛ لاحْتمالِ أَنْ يكونَ سَمِعَهُ مِن صَحابيٍّ آخَرَ أَقدمَ مِنَ المُتَقَدِّمِ [ المذكورِ ] أو مثلِهِ فأَرْسَلَهُ .
    لكنْ؛ إِنْ وَقَعَ التَّصريحُ بسماعِه [ لهُ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ فيَتَّجِهُ أَنْ يكونَ ناسِخاً ؛ بشَرْطِ أَنْ يكونَ [ المُتَأَخِّرُ ] لمْ يَتحمَّلْ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ ] شَيْئاً قبلَ إِسلامِهِ .
    وأَمَّا الإِجماعُ ؛ فليسَ بناسِخٍ ، بل يدُلُّ على ذلكَ .
    وإِنْ لمْ يُعْرَفِ التَّاريخُ ؛ فلا يخلو إِمَّا أَنْ يُمْكِنَ ترجيحُ أَحدِهِما على الآخَرِ بوجْهٍ مِن وجوهِ التَّرجيحِ المُتعلِّقَةِ بالمتْنِ أَو بالإِسنادِ أَوْ لاَ :
    فإِنْ أَمْكَنَ التَّرجيحُ ؛ تعيَّنَ المصيرُ إِليهِ ، وإِلاَّ ؛ فلا .
    فصارَ ما ظاهِرُهُ التَّعارُضُ واقِعاً على [ هذا ] التَّرتيبِ :
    § الجمعُ إِنْ أَمكَنَ .
    § فاعْتبارُ النَّاسِخِ والمَنْسوخِ .
    § فالتَّرْجيحُ إِنْ تَعيَّنَ .
    § ثمَّ التوقُّفُ عنِ العَمَلِ بأَحدِ الحَديثينِ ([13]).
    والتَّعبيرُ بالتوقُّفِ أَولى مِن التَّعبيرِ بالتَّساقُطِ ؛ لأَنَّ خفاءَ ترجيحِ أَحدِهِما على الآخَرِ إِنَّما هُو بالنِّسبةِ للمُعْتَبِرِ في الحالةِ الرَّاهنةِ ، معَ [ احتِمالِ ] أَنْ يظهَرَ لغيرِهِ ما خَفِيَ عليهِ ، واللهُ أعلمُ .

    ([1]) فجر الأحد 16 / 11 / 1415 هـ

    ([2]) الفرد النسبي الذي يكون فرداً بالنسبة إلى شيخ من الشيوخ كمالك وشعبة فإذا وافقه غيره يسمى متابعاً فإن من طريق صحابي آخر يسمى شاهداً ، فالحديث الذي يرويه مثلاً عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وله طرق ترجع إلى مالك ثم يأتي آخر يرويه عن غير مالك فهذا يكون متابع ، فإن جاء آخر يروي الحديث عن غير عمر عن ابن عمر أو أبي سعيد فهذا شاهد .

    ([3]) لأن عبد الله بن مسلمة القعنبي رواه عن مالك فتابع الشافعي في روايته عن مالك .

    ([4]) فهذا متابعة قاصرة لأنها ليست متابعة للشافعي بل متابعة لشيخ مالك . والمهم في هذا أن يكون المتابع ثقة حتى يقوى السند وتقوى الرواية ، أما المتابعة الضعيفة فأمرها سهل ، لكن يستفيد العلماء من هذا إذا كان المتابع ثقة صار الحديث له طريقان من طريق فلان ومن طريق فلان فيكون ذلك أقوى وأثبت .

    ([5]) يعنى المتابعة تارة تكون باللفظ وتارة تكون بالمعنى والمتابعة إذا جاءت ولو بالمعنى قوت الرواية .

    ([6]) فهو شاهد لأنه رواه ابن عباس وذاك رواه ابن عمر .

    ([7]) والصواب الأول

    ([8]) يعنى يتسامحون في ذلك فيتسامح الشيخ أو الراوي في هذا ولكن عند التحقيق المتابع الذي يتابع الراوي في حديث واحد والشاهد الذي يتابعه في المعنى من طريق صحابي آخر .

    ([9]) مثل ما قال المؤلف ابن الصلاح تسامح فقال ( معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد ) فقد يوهم أن الاعتبار غيرهما والتحقيق أن الاعتبار هو التتبع وليس قسماً مستقلاً وإنما هوالهيئة والطريق إلى معرفة الشواهد والمتابعات يسمى اعتبارً وتتبعاً للطرق .

    ([10]) إنما يحتاج لهذا عند المعارضة حتى يعرف أيهما أقوى وأيهما أثبت عند التعارض حتى يعرف الصحيح من الضعيف والمحفوظ من الشاذ والناسخ من المنسوخ حتى يتميز لطالب العلم منزلة الحديث عند المعارضات .

    ([11]) وهذا بحث مهم فالمقبول من الحديث وهو ما ثبت سنده ويحتج به له أقسام تارة يكون محكم وتارة يكون غير ذلك وتارة يكون منسوخ وتارة يكون ناسخ وتارة يحصل التوقف على أحوال المتون والأسانيد فالمقبول إن سلم من المعارضة يسمى المحكم ولو كان المعارض ضعيفاً لا يلتفت إليه ويطرح الضعيف ويسمى الحديث محكماً لأنه لم يعارض بحديث يؤثر عليه مثل حديث ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث ( البيعان بالخيار ) وأحاديث كثيرة ، وتارة يعارض بمثله يعارض بحديث قوي فهذا فيه التفصيل إن إمكن الجمع يسمى مختلف الحديث فيجمع بينهما بما يراه العالم كأن يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص فيزول الإعتراض مثل حديث ( لا عدوى ولا طيرة ) وحديث ( فر من المجذوم فرارك من الأسد ) فالجمع بينهما ممكن وليس هناك نسخ ، فتحمل ( لا عدوى ولا طيرة ) يعنى لا تعدي بطبعها ولكن قد يجعل الله عز وجل الخلطة سبباً كما قال ابن الصلاح وغيره وهذا أرجح فقوله ( لا عدوى ) يعنى لا تعدي بطبعها ، وقوله ( فر من المجذوم ) يعنى لا تتعاطى الأسباب الجالبة للعدوى قال صلى الله عليه وسلم ( لا يورد ممرض على مصح ) من باب توقي الأسباب الضارة ، فالعدوى ليست لازمة ولكن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسباب التي والبعد عن الاشياء التي قد جرت العادة أنها تعدي أخذاً بالأسباب والبعد عن الخطر .
    فإن لم يتيسر الجمع فينظر في أمر ثالث وهو النسخ يكون المتأخر ناسخاً للمتقدم

    ([12]) أما الأول فهو نسخ واضح فقوله ( فزوروها ) نسخ للنهي ، وأما الأخير ( ترك الوضوء مما مست النار ) فليس صريحاً في النسخ ولهذا قال المحققون من أهل العلم إنه يدل على عدم الوجوب وأن قوله صلى الله عليه وسلم ( تؤضوا مما مست النار ) ليس على الوجوب بل على الاستحباب ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل لحماً ثم صلى ولم يتوضأ فدل على أنه لا يجب الوضوء بل يستحب وقال آخرون بل نسخ لقوله ( كان آخر الأمرين .. ) وهذا الصواب لا يدل على النسخ بل يدل على الجواز . من توضأ فهو أفضل ومن ترك فلا حرج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا وفعل هذا .

    ([13]) وهذا تحقيق عظيم مفيد فإذا أشكل على العالم الجمع ولم يتيسر له علم التأريخ فإنه ينظر في المرجحات فيأخذ الأرجح لكثرة أسانيده أو لقوة إسناده فيأخذ الصحيح ويطرح الضعيف فإن أشكل على العالم ولم يتبين له المرجح فيتوقف حتى يتبين له أمر من الأمور ووجه من الترجيح فيرجح .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ المردودُ([1]) : وموجِبُ الرَّدِّ [ إِمَّا أَنْ يكونَ لِسَقْطٍ مِن إِسنادٍ ، أَوْ طَعْنٍ (( من إسناد )) في رَاوٍ على اخْتِلافِ وُجوهِ الطَّعْنِ ، أَعَمُّ مِن أَنْ يكونَ لأمْرٍيرجِعُ إِلى دِيانةِ الرَّاوي أَو إِلى ضبْطِهِ .
    والسَّقْطُ ([2])إِمَّا أَنْ يَكونَ مِنْ مَبادئ السَّنَدِ مِن تصرُّفِ مُصَنِّفٍ ، أو [ من ] آخِرِهِ ؛ أي : الإِسنادِ بعدَ التَّابعيِّ ، أَو غير ذلك ، فالأوَّلُ : المُعَلَّقُ سواءٌ كانَ [ السَّاقِطُ ] واحداً أَوأَكثرَ .
    وبينَهُ وبينَ المُعْضَلِ الآتي ذِكْرُهُ عمومٌ وخُصوصٌ مِن وجْهٍ .
    فمِنْ حيثُ تعريفُ المُعْضَلِ بأَنَّهُ سقَطَ منهُ اثنانِ فصاعِداً يجتَمِعُ معَ بعضِ صُورِ المُعَلَّقِ .
    ومِن حيثُ تقييدُ المُعَلَّقِ بأَنَّه مِن تصرُّفِ مُصَنِّفٍ مِن مبادئِ السَّنَدِ يفتَرِقُ منهُ ، إِذْ هُو أَعَمُّ مِن ذلك .
    [ و ] مِن صُوَرِ المُعَلَّقِ : أَنْ يُحْذَفَ جميعُ السَّندِ ، ويُقالَ [ مثلاً ]: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ .
    ومنها : أَنْ يُحْذَفَ (( جميع السند )) [ إِلاَّ ] الصَّحابيَّ أَوْ [ إِلاَّ ] الصَّحابيَّ والتَّابعيَّ [ معاً ] .
    ومنها : أَنْ يَحْذِفَ مَن حَدَّثَهُ ويُضيفَهُ إِلى مَنْ فوقَهُ ، فإِنْ كانَ مَن فوقَه شيخاً لذلك المصنِّفِ ؛ فقد اخْتُلِفَ فيه : هل يُسمَّى تعليقاً أَوْ لاَ ؟
    والصَّحيحُ في هذا : التَّفصيلُ : فإِنْ عُرِفَ بالنَّصِّ أَو الاستِقْراءِ أ َنَّ (( كان )) فاعِلَ ذلك مُدَلِّسٌ قضي بهِ ، وإِلاَّ فتعليقٌ .
    وإِنَّما ذُكِرَ التَّعليقُ في قسمِ المردودِ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ .
    وقد يُحْكَمُ بصحَّتِهِ إِنْ عُرِفَ بأَنْ يجيءَ مسمَّىً مِن وجهٍ آخَرَ ، فإِنْ قالَ : جميعُ مَن أَحْذِفُهُ ثقاتٌ ؛ جاءتْ مسأَلةُ التَّعديلِ على الإِبهامِ .
    و [ عندَ ] الجُمهورِ لا يُقْبَلُ حتَّى يُسمَّى.
    لكنْ قالَ ابنُ الصَّلاحِ هنا: إِنْ وَقَعَ الحَذْفُ في كتابٍ التُزِمَتْ [ صحَّتُه ]؛ كالبُخاريِّ؛ فما أَتى (( فيه )) بالجَزْمِ دلَّ على أَنَّه ثَبَتَ إِسنادُهُ عِندَه، وإِنَّما حُذِفَ لغَرَضٍ مِنَ الأَغْراضِ.
    ومَا أَتى فيهِ بغيرِ الجَزْمِ ؛ ففيهِ مقالٌ .([3])
    وقد أَوْضَحْتُ أَمثلةَ ذلك في (( النُّكتِ على ابنِ الصَّلاحِ )) .
    والثَّاني : وهو ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ مَن بعدَ التَّابعيِّ هو المُرْسَلُ :
    وصورَتُه أَنْ يقولَ التابعيُّ سواءٌ كانَ كبيراً أو صغيراً قالَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ كذا ، أو: فعَلَ كذا ، أو : فُعِلَ بحضرتِه كذا ، أونحوُ ذلك .
    وإِنَّما ذُكِرَ في قسمِ المَردودِ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ ؛ لأَنَّه يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ صحابيّاً ، ويُحْتَمَلُ [ أَنْ يكونَ ] تابعيّاً ، وعلى الثَّاني يُحْتَمَلُ [ أَنْ يكونَ ضَعيفاً ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ ثقةً ، وعلى الثَّاني يُحْتَمَلُ([4]) ] أَنْ يكونَ حَمَلَ عن صحابيٍّ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ حَمَلَ عن تابعيٍّ آخَرَ ، وعلى الثَّاني فيعودُ الاحتمالُ السَّابقُ ، ويتعدَّدُ (( و )) أَمَّا بالتَّجويزِ العقليِّ ، فإِلى ما لا نهايةَ لهُ ، وأَمَّا بالاستقراءِ ؛ فإِلى ستَّةٍ أَو سبعةٍ ، وهو أَكثرُ ما وُجِدَ مِن روايةِ بعضِ التَّابعينَ عن بعضٍ .
    فإِنْ عُرِفَ مِن عادةِ التَّابعيِّ أَنَّه لا يُرسِلُ إِلاَّ عن ثِقةٍ؛ فذهَبَ جُمهورُ المحُدِّثينَ إِلى التوقُّفِ؛ لبقاءِ الاحتمالِ، وهُو أَحدُ قولَيْ أَحمدَ.
    وثانيهِما – وهُو [ قولُ ] المالِكيِّينَ والكوفيِّينَ – يُقْبَلُ مُطْلقاً.
    وقالَ الشَّافِعيُّ [ رضيَ اللهُ عنهُ ] : يُقْبَلُ إِنِ اعْتَضَدَ بمجيئِهِ مِن وجْهٍ آخَرَ يُبايِنُ الطُّرُقَ الأولى مُسْنَداً كانَ أَو مُرْسَلاً ؛ ليترجَّحَاحتمال ُ كونِ المحذوفِ ثقةً في نفسِ الأمرِ ([5]).
    ونقلَ أَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفيَّةِ وأبو الوليدِ الباجِيُّ مِن المالِكيَّةِ أَنَّ الرَّاويَ إِذا كانَ يُرْسِلُ عنِ الثِّقاتِ وغيرِهم لا يُقْبَل مُرسَلُه اتِّفاقاً ([6]).
    وَالقسمُ الثَّالِثُ مِن أَقسامِ السَّقْطِ مِن الإِسنادِ إِنْ كانَ باثنَيْنِ فصاعِداً مَعَ التَّوالي ؛ فهو المُعْضَلُ ، وإِلاَّ فإِنْ كانَ السَّقْطُ باثنينِ غيرِ متوالِيَيْنِ في مَوضِعَيْنِ مثلاً ؛ فـهُو المُنْقَطِعُ ، وكذا إِنْ سَقَطَ واحدٌ فقط ، أَو أَكثرُ مِن اثنينِ ، لكنَّه بشرطِ عدمِ التَّوالي .
    ثمَّ إِنَّ السَّقطَ مِن الإِسنادِ قدْ يَكونُ واضِحاً يحصُلُ الاشْتِراكُ في معرفَتِه ككَوْنِ الرَّاوي مثلاً لم يُعْاصِرْ مَن روى عنهُ أَوْ يكونُ خَفِيّاً ؛ فلا يُدْرِكُهُ إِلاَّ الأئمَّةُ الحُذَّاقُ المُطَّلِعونَ على طُرُقِ الحديثِ وعِلَلِ الأسانيدِ .
    فالأَوَّلُ وهُو الواضحُ يُدْرَكُ بعَدمِ التَّلاقي بينَ الرَّاوِي وشيخِهِ بكونِه لمْ يُدْرِكْ عصْرَهُ أَو أَدْرَكَهُ لكنَّهما لم يجْتَمِعا ، وليستْ لهُ [ منهُ ] إِجازةٌ ولا وِجَادَةٌ .
    ومِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إِلى التَّاريخِ لتضمُّنِهِ تحريرَ مواليدِ الرُّواةِ ووَفياتِهِم وأَوقاتِ طَلَبِهِم وارْتِحالِهم .
    وقد افْتُضِحَ أَقوامٌ ادَّعَوا الرِّوايةَ عن شيوخٍ ظهرَ بالتَّاريخِ كَذِبُ دعْواهُم .

    ([1]) فجر الأحد 29 / 4 / 1416هـ

    ([2]) المردود إما يكون لسقط أو لطعن ، والسقط إما أن يكون من أول الحديث أو من آخره فإن كان من أول الحديث فهو المعلق مثل قول البخاري : قال قتادة كذا قال الزهري كذا فهذا يسمى معلقاً وهو ما حذف أوله فهذا إن كان المعلِق ملتزم أن لا يعلق إلاالصحيح مثل البخاري فهذا يحتج بتعليقه ولكن ينظر فيما بعد المعلق فإذا قال : قال الأوزاعي فينظر فيما بعد الأوزاعي فإن كان سليماً فهو طيب وإن كان المعلق ممن لا يلتزم الصحيح فهو ضعيف مثل لو قال أبو داود والترمذي : قال الزهري ، فهذا ضعيف . أما إذا كان السقط من آخر السند بأن سقط الصحابي فهذا يسمى المرسل والمراسيل كلها ضعيفة لا يحتج بها إلا ما جاء في مراسيل سعيد بن المسيب . أما إذا كان في أثنائه فإن كان إثنين فصاعداً فالمعضل وإن كان بواحد فهو المنقطع ، ثم قد يكون الانقطاع واضحاً أو خفياً فالواضح بأن الرواي عن الصحابي أو عن شيخه أو أي شخص لم يلقه فهذا انقطاع واضح كأن يقول الزهري أو الأوزاعي عن عمر فهذا انقطاع واضح لأنهم لم يدركوا الصحابة وقد يكون الانقطاع خفياً وهو المدلس بأن يروي عمن أدركهم ولكن بشيء لم يسمعه منهم مثل قول قتادة عن فلان وقول الأعمش عن فلان ولا يقول حدثني ولا سمعت فهذا يسمى مدلس يكون علة في السند حتى يصرح بالشيخ إذا كان الراوي مدلساً أما إذا لم يكن الراوي مدلساً فعنعنته تحمل على السماع لكن إذا كان مدلساً فلا بد من التصريح ،وهكذا المرسل الخفي من معاصر لم يلقه إذا روى عن معاصره لو يصرح بالسماع فهذا يسمى مرسل خفي لأنه قد يمكنه السماع ولكنه لم يصرح بالسماع وليس بمدلس فهذا يسمى مرسل خفي حتى يوجد ما يدل على اتصاله .

    ([3]) فإذا قال روي أو يذكر فهو ضعيف إلا أن يثبت أنه رواه في موضع آخر بالجزم .

    ([4]) يحتَمِل بفتح التاء وكسر الميم أحسن .

    ([5]) الصواب أنه لا يقبل حتى يصرح لأنه قد ينسى فيعلق عن غير ثقة فلا يقبل إلا إذا صرح

    ([6]) وهذا صحيح فإذا كان معروفاً بالتساهل فلا يقبل بالإتفاق لأنه قد يرسل عن ثقة وعن غير ثقة .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    1,600

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ثمَّ المردودُ([1]) : وموجِبُ الرَّدِّ [ إِمَّا أَنْ يكونَ لِسَقْطٍ مِن إِسنادٍ ، أَوْ طَعْنٍ (( من إسناد )) في رَاوٍ على اخْتِلافِ وُجوهِ الطَّعْنِ ، أَعَمُّ مِن أَنْ يكونَ لأمْرٍيرجِعُ إِلى دِيانةِ الرَّاوي أَو إِلى ضبْطِهِ .
    والسَّقْطُ ([2])إِمَّا أَنْ يَكونَ مِنْ مَبادئ السَّنَدِ مِن تصرُّفِ مُصَنِّفٍ ، أو [ من ] آخِرِهِ ؛ أي : الإِسنادِ بعدَ التَّابعيِّ ، أَو غير ذلك ، فالأوَّلُ : المُعَلَّقُ سواءٌ كانَ [ السَّاقِطُ ] واحداً أَوأَكثرَ .
    وبينَهُ وبينَ المُعْضَلِ الآتي ذِكْرُهُ عمومٌ وخُصوصٌ مِن وجْهٍ .
    فمِنْ حيثُ تعريفُ المُعْضَلِ بأَنَّهُ سقَطَ منهُ اثنانِ فصاعِداً يجتَمِعُ معَ بعضِ صُورِ المُعَلَّقِ .
    ومِن حيثُ تقييدُ المُعَلَّقِ بأَنَّه مِن تصرُّفِ مُصَنِّفٍ مِن مبادئِ السَّنَدِ يفتَرِقُ منهُ ، إِذْ هُو أَعَمُّ مِن ذلك .
    [ و ] مِن صُوَرِ المُعَلَّقِ : أَنْ يُحْذَفَ جميعُ السَّندِ ، ويُقالَ [ مثلاً ]: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ .
    ومنها : أَنْ يُحْذَفَ (( جميع السند )) [ إِلاَّ ] الصَّحابيَّ أَوْ [ إِلاَّ ] الصَّحابيَّ والتَّابعيَّ [ معاً ] .
    ومنها : أَنْ يَحْذِفَ مَن حَدَّثَهُ ويُضيفَهُ إِلى مَنْ فوقَهُ ، فإِنْ كانَ مَن فوقَه شيخاً لذلك المصنِّفِ ؛ فقد اخْتُلِفَ فيه : هل يُسمَّى تعليقاً أَوْ لاَ ؟
    والصَّحيحُ في هذا : التَّفصيلُ : فإِنْ عُرِفَ بالنَّصِّ أَو الاستِقْراءِ أ َنَّ (( كان )) فاعِلَ ذلك مُدَلِّسٌ قضي بهِ ، وإِلاَّ فتعليقٌ .
    وإِنَّما ذُكِرَ التَّعليقُ في قسمِ المردودِ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ .
    وقد يُحْكَمُ بصحَّتِهِ إِنْ عُرِفَ بأَنْ يجيءَ مسمَّىً مِن وجهٍ آخَرَ ، فإِنْ قالَ : جميعُ مَن أَحْذِفُهُ ثقاتٌ ؛ جاءتْ مسأَلةُ التَّعديلِ على الإِبهامِ .
    و [ عندَ ] الجُمهورِ لا يُقْبَلُ حتَّى يُسمَّى.
    لكنْ قالَ ابنُ الصَّلاحِ هنا: إِنْ وَقَعَ الحَذْفُ في كتابٍ التُزِمَتْ [ صحَّتُه ]؛ كالبُخاريِّ؛ فما أَتى (( فيه )) بالجَزْمِ دلَّ على أَنَّه ثَبَتَ إِسنادُهُ عِندَه، وإِنَّما حُذِفَ لغَرَضٍ مِنَ الأَغْراضِ.
    ومَا أَتى فيهِ بغيرِ الجَزْمِ ؛ ففيهِ مقالٌ .([3])
    وقد أَوْضَحْتُ أَمثلةَ ذلك في (( النُّكتِ على ابنِ الصَّلاحِ )) .
    والثَّاني : وهو ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ مَن بعدَ التَّابعيِّ هو المُرْسَلُ :
    وصورَتُه أَنْ يقولَ التابعيُّ سواءٌ كانَ كبيراً أو صغيراً قالَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليهِ [ وآلهِ ] وسلَّمَ كذا ، أو: فعَلَ كذا ، أو : فُعِلَ بحضرتِه كذا ، أونحوُ ذلك .
    وإِنَّما ذُكِرَ في قسمِ المَردودِ للجَهْلِ بحالِ المحذوفِ ؛ لأَنَّه يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ صحابيّاً ، ويُحْتَمَلُ [ أَنْ يكونَ ] تابعيّاً ، وعلى الثَّاني يُحْتَمَلُ [ أَنْ يكونَ ضَعيفاً ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ ثقةً ، وعلى الثَّاني يُحْتَمَلُ([4]) ] أَنْ يكونَ حَمَلَ عن صحابيٍّ ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ حَمَلَ عن تابعيٍّ آخَرَ ، وعلى الثَّاني فيعودُ الاحتمالُ السَّابقُ ، ويتعدَّدُ (( و )) أَمَّا بالتَّجويزِ العقليِّ ، فإِلى ما لا نهايةَ لهُ ، وأَمَّا بالاستقراءِ ؛ فإِلى ستَّةٍ أَو سبعةٍ ، وهو أَكثرُ ما وُجِدَ مِن روايةِ بعضِ التَّابعينَ عن بعضٍ .
    فإِنْ عُرِفَ مِن عادةِ التَّابعيِّ أَنَّه لا يُرسِلُ إِلاَّ عن ثِقةٍ؛ فذهَبَ جُمهورُ المحُدِّثينَ إِلى التوقُّفِ؛ لبقاءِ الاحتمالِ، وهُو أَحدُ قولَيْ أَحمدَ.
    وثانيهِما – وهُو [ قولُ ] المالِكيِّينَ والكوفيِّينَ – يُقْبَلُ مُطْلقاً.
    وقالَ الشَّافِعيُّ [ رضيَ اللهُ عنهُ ] : يُقْبَلُ إِنِ اعْتَضَدَ بمجيئِهِ مِن وجْهٍ آخَرَ يُبايِنُ الطُّرُقَ الأولى مُسْنَداً كانَ أَو مُرْسَلاً ؛ ليترجَّحَاحتمال ُ كونِ المحذوفِ ثقةً في نفسِ الأمرِ ([5]).
    ونقلَ أَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفيَّةِ وأبو الوليدِ الباجِيُّ مِن المالِكيَّةِ أَنَّ الرَّاويَ إِذا كانَ يُرْسِلُ عنِ الثِّقاتِ وغيرِهم لا يُقْبَل مُرسَلُه اتِّفاقاً ([6]).
    وَالقسمُ الثَّالِثُ مِن أَقسامِ السَّقْطِ مِن الإِسنادِ إِنْ كانَ باثنَيْنِ فصاعِداً مَعَ التَّوالي ؛ فهو المُعْضَلُ ، وإِلاَّ فإِنْ كانَ السَّقْطُ باثنينِ غيرِ متوالِيَيْنِ في مَوضِعَيْنِ مثلاً ؛ فـهُو المُنْقَطِعُ ، وكذا إِنْ سَقَطَ واحدٌ فقط ، أَو أَكثرُ مِن اثنينِ ، لكنَّه بشرطِ عدمِ التَّوالي .
    ثمَّ إِنَّ السَّقطَ مِن الإِسنادِ قدْ يَكونُ واضِحاً يحصُلُ الاشْتِراكُ في معرفَتِه ككَوْنِ الرَّاوي مثلاً لم يُعْاصِرْ مَن روى عنهُ أَوْ يكونُ خَفِيّاً ؛ فلا يُدْرِكُهُ إِلاَّ الأئمَّةُ الحُذَّاقُ المُطَّلِعونَ على طُرُقِ الحديثِ وعِلَلِ الأسانيدِ .
    فالأَوَّلُ وهُو الواضحُ يُدْرَكُ بعَدمِ التَّلاقي بينَ الرَّاوِي وشيخِهِ بكونِه لمْ يُدْرِكْ عصْرَهُ أَو أَدْرَكَهُ لكنَّهما لم يجْتَمِعا ، وليستْ لهُ [ منهُ ] إِجازةٌ ولا وِجَادَةٌ .
    ومِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إِلى التَّاريخِ لتضمُّنِهِ تحريرَ مواليدِ الرُّواةِ ووَفياتِهِم وأَوقاتِ طَلَبِهِم وارْتِحالِهم .
    وقد افْتُضِحَ أَقوامٌ ادَّعَوا الرِّوايةَ عن شيوخٍ ظهرَ بالتَّاريخِ كَذِبُ دعْواهُم .

    ([1]) فجر الأحد 29 / 4 / 1416هـ

    ([2]) المردود إما يكون لسقط أو لطعن ، والسقط إما أن يكون من أول الحديث أو من آخره فإن كان من أول الحديث فهو المعلق مثل قول البخاري : قال قتادة كذا قال الزهري كذا فهذا يسمى معلقاً وهو ما حذف أوله فهذا إن كان المعلِق ملتزم أن لا يعلق إلاالصحيح مثل البخاري فهذا يحتج بتعليقه ولكن ينظر فيما بعد المعلق فإذا قال : قال الأوزاعي فينظر فيما بعد الأوزاعي فإن كان سليماً فهو طيب وإن كان المعلق ممن لا يلتزم الصحيح فهو ضعيف مثل لو قال أبو داود والترمذي : قال الزهري ، فهذا ضعيف . أما إذا كان السقط من آخر السند بأن سقط الصحابي فهذا يسمى المرسل والمراسيل كلها ضعيفة لا يحتج بها إلا ما جاء في مراسيل سعيد بن المسيب . أما إذا كان في أثنائه فإن كان إثنين فصاعداً فالمعضل وإن كان بواحد فهو المنقطع ، ثم قد يكون الانقطاع واضحاً أو خفياً فالواضح بأن الرواي عن الصحابي أو عن شيخه أو أي شخص لم يلقه فهذا انقطاع واضح كأن يقول الزهري أو الأوزاعي عن عمر فهذا انقطاع واضح لأنهم لم يدركوا الصحابة وقد يكون الانقطاع خفياً وهو المدلس بأن يروي عمن أدركهم ولكن بشيء لم يسمعه منهم مثل قول قتادة عن فلان وقول الأعمش عن فلان ولا يقول حدثني ولا سمعت فهذا يسمى مدلس يكون علة في السند حتى يصرح بالشيخ إذا كان الراوي مدلساً أما إذا لم يكن الراوي مدلساً فعنعنته تحمل على السماع لكن إذا كان مدلساً فلا بد من التصريح ،وهكذا المرسل الخفي من معاصر لم يلقه إذا روى عن معاصره لو يصرح بالسماع فهذا يسمى مرسل خفي لأنه قد يمكنه السماع ولكنه لم يصرح بالسماع وليس بمدلس فهذا يسمى مرسل خفي حتى يوجد ما يدل على اتصاله .

    ([3]) فإذا قال روي أو يذكر فهو ضعيف إلا أن يثبت أنه رواه في موضع آخر بالجزم .

    ([4]) يحتَمِل بفتح التاء وكسر الميم أحسن .

    ([5]) الصواب أنه لا يقبل حتى يصرح لأنه قد ينسى فيعلق عن غير ثقة فلا يقبل إلا إذا صرح

    ([6]) وهذا صحيح فإذا كان معروفاً بالتساهل فلا يقبل بالإتفاق لأنه قد يرسل عن ثقة وعن غير ثقة .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    3,515

    افتراضي رد: 2 - الدرر البازية على نزهة النظر شرح نخبة الفكر

    ما شاء اللّه !

    جزاكم اللّه خيرًا ونفع بكم يا شيخ علي فقيهي.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •