تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

  1. #1

    افتراضي بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

    الإجابة المختصرة في التنبيه على حفظ المتون المختصرة

    حفظ القرآن

    فأقول ومن الله استمد العون والصواب : الأولى في حق طالب العلم تقديم تعلم القرآن وحفظه ، فإن ذلك أفضلُ ما أُتي العبدُ ، فالقرآنُ شفيعٌ يومَ القيامةِ ، ودليلٌ إلى الجنةِ ، وأهلُهُ هُم أهلُ الله  وخاصته .
    وقد جاءتِ الأخبارُ الصحاح في فضل قارئِ القرآنِ ومُعَلِّمِهِ ، ففي صحيح البخاري من طريق : أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ  ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنَّهُ قَالَ : « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ » ( ) .
    وفي صحيح الإمام مسلم من طريق : عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ ، فَقَالَ : مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي . فَقَالَ : ابْنَ أَبْزَى . قَالَ : وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى . قَالَ : مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا . قَالَ : فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى . قَالَ : إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ . قَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ : « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ » ( ) .
    وجاء عند أبي داود ( ) والترمذي ( ) بِسَنَدٍ حَسَنٍ من طريقِ : سُفْيَانَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ النَّبِيِّjقَال : « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا » .
    وعلى طالب العلم : أنْ يحرصَ كلَّ الحرص على قراءة القرآن بالتَّدبّرِ والتَّفهّم لمعانيه ، فالعلمُ كله في القرآن . وحفظُ القليل من القرآن مع التدبر والتفكر والعمل به ؛ خيرٌ من حفظ الكثير بغير تدبر ولا تفهم ولا عمل . وقوله  - فيما تقدم - : « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ » هذا إذا عَمِلَ بِمُحكَمِهِ وآمَنَ بِمُتَشابِهِهِ ( ) ، وأحل حلاله وحرم حرامه ( ) ، أما إذا ضَيَّعَ أَوامره وارْتَكَبَ نواهيه ؛ فليس له حظ مما دل عليه الحديث .
    وقد روى ابن حبان ( ) بسند حسن من طريق : الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : « القرآنُ شافعٌ مُشَفَّعٌ ، وماحِلٌ مُصَدَّقٌ ، مَن جعلهُ إِمامَهُ قادَهُ إِلى الجنةِ ، ومَن جعلَهُ خلفَ ظهرِهِ ساقَهُ إِلى النَّارِ » .
    فإن حفظ القرآن كله فقد نال أفضل الأعمال وأسنى المقامات ، فإن عسر عليه حِفظُ القرآن كله فليحفظ ما يقدر عليه بعد حفظ الواجب ، وليحرص كل الحرص على حفظ ما يمكن حفظه .
    وليكن اعتناؤه بالسور التي جاءت فيها فضائل كسُورَتَي : البقرة وآل عمران ، وقد جاء فيهما خبر عظيم ، ففي صحيح الإمام مسلم ( ) من طريق : مُعَاوِيَةُ بْنَ سَلاَّمٍ ، عَنْ زَيْدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلامٍ يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ : « اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْن ِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ » قَالَ مُعَاوِيَةُ بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ السَّحَرَةُ ) ( ) .
    بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

    وحفظ ما يجب من القرآن - والواجب الفاتحة ، واختلف فيما زاد - مُقَدَّمٌ على طلبِ العلم ، وطلبُ علم ما يجب على المسلم عيناً مقدم على حفظ ما لا يجب من القرآن .
    وقد سئل أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ : أيهما طلب القرآن أو العلم أفضل ؟ .
    فأجاب : ( أما العلمُ الذي يجبُ على الإنسانِ عيناً * كعلم ما أمرَ الله بهِ وما نهى الله عنهُ * فهو مقدمٌ على حفظِ ما لا يجبُ من القرآنِ ، فإنَّ طلبَ العلمِ الأول واجبٌ ، وطلبَ الثَّاني مستحبٌ ، والواجبُ مُقدمٌ على المستحبِّ .
    وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علماً ، وهو إما باطلٌ أو قليلُ النَّفعِ ، وهو * أيضاً * مُقدَّمٌ في التَّعلمِ في حقِّ من يريدُ أن يتعلمَ علم الدينِ من الأصولِ والفروعِ ، فإنَّ المشروعَ في حقِّ مثل هذا في هذه الأوقات أنْ يبدأ بحفظِ القرآنِ ؛ فإنه أصلُ علومِ الدِّين ، بخلاف ما يفعله كثير من أهلِ البدعِ من الأعاجم وغيرُهم ؛ حيث يشتغلُ أحدهم بشيءٍ من : فُضول العلمِ من الكلام ، أو الجدال والخلاف ، أو الفروع النَّادرة ( ) ، أو التَّقليد الذي لا يُحتاج إليه ، أو غرائب الحديث التي لا تثبت ولا يُنتفع بها ، أو كثيرٌ من الرياضيات التي لا تقوم عليها حجة ، ويتركَ حفظ القرآن الذي هو أهمُّ من ذلك كله . فلا بد في مثل هذه المسألة من التَّفصيل . واعلم بأنَّ المطلوبَ من القرآنِ هو : فَهْمُ معانيه ، والعمل به . فإن لم تكن هذه هِمَّةُ حافظِهِ ؛ لم يكن من أهل العلم والدين ، والله سبحانه أعلم ) ﻫ ( ) .
    فإذا فرغ من حفظ القرآن أو حفظ ما تيسَّر ؛ فليشتغل بالعلوم الشرعية ( ) مبتدئاً بالأهم فالأهم ، فالعِلْمُ كَثيرٌ والعُمُرُ قَصيرٌ ، فليأخذ المسلم من العلم أنفعه ، وقد قال بعضهم :
    ما أكثر العلمَ وما أوسعُهُ ! مَنْ ذا الذي يَقْدِرُ أنْ يَجْمَعَهُ
    إنْ كُنتَ لا بُدَّ له طالباً مُحاوِلاً فَالتَمِسْ أَنْفَعَهُ ( )



    وقال ابن معطي في مقدمة ألفيته :
    وبَعدُ فالعلمُ جليلُ القدْرِ وفي قليلهِ نفاذُ العُمْرِ
    فابدأ بما هو الأَهمُ فالأهم فالحازمُ البادي فيما يُستتم
    فإنَّ مَنْ يُتقن بعضَ الفنِ يُضْطَرُ للباقي ولا يَستغْني



    ▫ ويُقدَّمُ ( أُصولُ المسائلِ ) التي يَحتاج إليها العبدُ في عباداته ، وتتكرر على غيرها ؛ مما لا يتكرر ولا يحتاج إلى أدائه .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    المشاركات
    792

    افتراضي رد: بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

    للرفع,
    خاصة وانني واقع في مثل هذا, وكأنني سوف أسأل يوم القيامة عن المسألة الفلانية او العلنتانية,
    حِفظ القرآن يرفع الدرجات -كما في الحديث-, فلماذا لا أجد همة عالية للحفظ كما اجد للطلب,

    ربما لأنني اعلم أن في المجالس لا يسأل أحد أن يُسَمع ما يحفظ, انما يتناقشون في مسائل أخرى,
    ربما لأنني من جيل هذا اليوم, "جيل السرعة" الذي يريد ان يصبح عالما محقِقا في يومين أو بعد قراءة متن او متنين,
    أو ربما لأن عندي فوضى "ولا منهجية" في الطلب
    او بكل بساطة ربما لأني رجل أحمق لا اعرف ان ازن الأمور بمعايير صحيحة,
    وربما هو الكبرياء المزيف, الذي يدفع بالشخص أن يضع رأي الناس في المراتب الأولى من أولوياته!, فلا يحب ان يكون جاهلاً امامهم.

    مهما كان السبب, اسأل الله ان يعينني,
    ونسأله الاخلاص في القول والعمل.
    كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا
    فتأمل.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الجهراء المحروسة
    المشاركات
    520

    افتراضي رد: بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

    جزاك الله خيرا أيها الكريم الأشجعي ..

    فنعمَ النقل الذي نقلته ..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    الجهراء المحروسة
    المشاركات
    520

    افتراضي رد: بينَ حفظ القرآن وطلبِ العلمِ

    عفوا : أحسب المشاركة للأخ ( أشجعي ) فإذا هي ( لأبي مروان ) ..

    جزى الله الناقل والرافع خير الجزاء ..

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •