السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام أنقل لكم هذه الابحاث
وليس بالضروري أن أوافق على كل ما جاء فيها ولكن مجمل البحث جيد
وأرجو منكم التواصل والدعاء
علمنا الله وأياكم

نبذة مقتضبة عن الحافظ أبي نعيم الفضل بن دُكين ومنهجه في الجرح والتعديل

اسمه ونسبه:
هو المحدث الحافظ الحجة أبو نعيم الفضل بن دُكَيْن: عمرو بن حماد المُلائي الكوفي.

مولده:
وُلد بالكوفة سنة ثلاثين ومئة.

نشأته:
نشأ وترعرع - رحمه الله - بالكوفة، وبَكَّر في طلب العلم، وأخذ عن جماعة من أكابر المحدِّثين سيأتي ذكر أشهرهم.
وقد سرد له الحافظ المزي أكثر مِئَتَيْ شيخ.
وقد قال أبو نعيم: شاركتُ الثوري في ثلاثة عشر ومئة شيخ.

شيوخه:
روى عن الجم الغفير والعدد الكثير، منهم: الأعمش، وأبو العُمَيْس، وأفلح بن حُميد، ومالك بن مِغْوَل، ومِسْعَر بن كِدَام، وزكريا بن أبي زائدة، ومالك بن أنس، والثوري، وابن أبي ذئب، وزهير بن معاوية، وإسرائيل.

تلاميذه:
روى عنه خلقٌ منهم: الإمام أحمد، وإسحاق بن راهُويَه، وابن معين، وابن نُمَيْر، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، وحجاج بن الشاعر، وزهير بن حرب، وأبو سعيد الأشج، وأبو محمد الدارمي، وعبد بن حُميد، وأبو عبد الله البخاري.

جِدُّه واجتهاده في طلب العلم:
كان من أحرص الناس على طلب الحديث وتتبُّعا لشيوخه، وتقدم أنه شارك شيخه الثوري في جمهرة كبيرة من شيوخه، ثم إنه كتب عن شيخه الثوري عددا عظيما؛ فقد قال: عندي عن أمير المؤمنين في الحديث - يعني: سفيان الثوري - أربعة آلاف.
وكتب - أيضا - عن شريكه وصاحبه عبد السلام بن حرب أُلُوفًا من الحديث.

حفظه وإتقانه:
قال صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل: قلت لأبي: وكيع وعبد الرحمان بن مهدي وأبو نعيم ويزيد بن هارون = أين يقع أبو نعيم من هؤلاء؟ قال: أبو نعيم يجيء حديثه على النصف من هؤلاء، إلا أنه كَيِّسٌ يتحرَّى الصدق. قلت: فأبو نعيم أثبت أم وكيع؟ قال: أبو نعيم أقل خطأ.
وقال حنبل بن إسحاق: سُئل أبو عبد الله فقيل له: فوكيع وأبو نعيم؟ قال: أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأنسابهم وبالرجال، ووكيع أفقه.
وكان كتابه من أصح الكتب، ونظر ابن المبارك في كُتُبه فقال: ما رأيتُ أصحَّ من كتبك.

ثناء العلماء عليه:
قال الإمام أحمد: يحيى وعبد الرحمان وأبو نعيم الحجة الثبْت، كان أبو نعيم ثبتا.
وقال: إنما رفع الله عفان وأبا نُعيم بالصدق، حتى نُوِّه بذكرهما.
وقال: ذهبا محمودين - يعني أنهما ماتا ولم يُصابا بهاتيك الفتنة التي لم يثبت فيها إلا القليل -.
وقال: ثقة، وكان يقظان في الحديث، عارفًا به، ثم قام في أمر الامتحان ما لم يَقُمْ غيره، عافاه الله.
يعني: في المحنة بخلق القرآن.
وقال أيضا: إذا مات أبو نعيم صار كتابه إماما؛ إذا اختلفوا في شيء فَزِعُوا إليه.
وقال ابن معين: ما رأيت أثبت من رجلين: أبي نعيم وعفان.
وقال ابن عمار الموصلي: أبو نعيم متقنٌ حافظٌ، إذا روى عن الثقات فحديثه حجةٌ أحجَّ ما يكون.
وقال أحمد بن صالح المصري: ما رأيت محدثا أصدق من أبي نعيم.
وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونا كثير الحديث حجة.
قال يعقوب بن شيبة: أبو نعيم ثقةٌ ثَبْتٌ صدوقٌ.
وقال يعقوب بن سفيان: أجمع أصحابنا أن أبا نعيم كان غاية في الإتقان والحفظ، وأنه حُجَّةٌ.
وقال ابن حبان البُستي: كان أتقن أهل زمانه.
وامتحنه ابن معين وحاول أن يُدْخِل عليه ثلاثة أحاديث ليست من حديثه، لكن لم يَرُجْ ذلك عليه، بل رفسه، فقال له أحمد: ألم أمنعْك من الرجل وأَقُلْ لك: إنه ثَبْتٌ؟ فقال ابن معين: والله لرَفْسَتُه أحب إلي من سَفْرَتي.
يعني: رحلته إلى عبد الرزاق بصنعاء اليمن!

محنته وثباته على العقيدة السلفية:
وكان ممن يُضرب به المثل في الصبر والثبات؛ فقد ثبت في المحنة، بل روى الكُديمي - وليس بِثَبْتٍ - أن أبا نعيم قال: عُنُقي أهون علي من زِرِّي هذا.
وكان يقول: لقيتُ سبع مئة رجل (ما منهم) إلا رجل من أهل العلم، كلهم يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق.
ورُوي عنه أنه قال: ما كتبتْ عليَّ الحَفَظةُ أنني سَبَبْتُ معاوية.
وقال عثمان بن أبي شيبة: تذاكرنا أنا وأبو نعيم مسافرًا الجصاص، فقلت له: كنتم تتهمونه في شيء من رأيه؟ فقال لي: كان مسافرٌ يذهب مذهب الحارث بن حَصِيرَةَ، وما سمعتُ منه شيئا أعتد به عليه إلا شيئا واحدا، سمعته يقول: أجد قلبي لا يحب عثمان! [1]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم وذُكر عنده عبد الله بن طُفَيْل، فقال: لم يكن في الحديث بشيء، وقد بلغني تَرَفُّضُه. [2]
وقال: ما عرفت أبا معاوية إلا وهو يرى الإرجاء ويدعو إليه. [3]
وترك أبو نعيم طائفة من أهل الكوفة كانوا يرون السيف والخروج على السلطان. [4]
وساق بضعة عشر شيعيا سماهم للتعريف بحالهم. [5]

تصانيفه:
من تصانيفه:
1 - كتاب الصلاة.
ولم يَبْقَ منه إلا قطعة، طُبعت في مُجَيْلِيد.
2 - كتاب التاريخ
وهو في عِدَاد المفقود، لكن توجد منه نقول كثيرة في كتب التواريخ، منها ما نقله أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب التاريخ من مصنفه الكبير، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه.

وفاتُه:
بعد عمر طويل أمضاه - رحمه الله - في نشر الحديث وعلومه، نزل به الموت سنة 219.

من كلامه في تزكية الرواة وتضعيفهم:
قال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن مسلم الحنفي الذي حدث عنه سفيان، فقال: كان مسلمٌ أحد الثقات المأمونين. [6]
وقال عثمان بن أبي شيبة: قلت لأبي نعيم: حسن بن عياش كيف كان عندكم؟ فقال لي: كان ضعيفا لم يَزَلْ. [7]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن أبي سلمة علي بن سلمة فقال: كان أبو سلمة ثقة. [8]
وقال عثمان بن أبي شيبة: قلت أبا نعيم: شيخٌ حدث عن المنهال بن خليفة يُقال له: العلاء بن نَجيح، فقال أبو نعيم: كان أصحابنا يذكرونه بخير. [9]
وقال عثمان بن أبي شيبة: وذكرنا عند أبي نعيم الفضلَ بنَ يزيد الثمالي، فقال أبو نعيم: كان ابن عم لأبي حمزة الثمالي، وكانا جميعا ضعيفين. [10]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم يقول: عمر بن صُهْبان - الذي حدث عنه مندل - كان ضعيفا. [11]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن أبي جابر الذي حدث عنه عبد الله بن نُمَيْر، فقال: كان أبو جابر من الضعفاء. [12]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن عبد الملك بن أيوب، حدث عنه أبو المُحَياة، فقال: كان يُنْسَبُ إلى خير. [13]
وقال عثمان بن أبي شيبة: قلت لأبي نعيم: فحسن بن محمد بن عبيد الله العَرْزَمي، فقال: كان حَسَنٌ خَيْرَ القوم، ولم يكن عندنا به بأسٌ . [14]
وقال عثمان بن أبي شيبة: قلت لأبي نعيم: وإن أبا المضاء حدث عن إبراهيم بن عبد الله بن صُبْح، فقال أبو نعيم: هذا كان أصحابنا يذكرونه بخير. [15]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن قَطَري الخشاب، فقال: كان قَطَري رجلا من أهل الخير. [16]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن عبد الله بن عبد الله بن الأسود الحارثي، فقال: كان عندنا لا بأس به، من الأخيار . [17]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم - وسأله عمر بن عبد الله عن عن جارود بن السري السعدي - فقال: كان شيخا من أهل السلامة إن شاء الله . [18]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن مُسْتَوْرَد الغزال، فقال: كان شيخا من أهل السوق لا بأس به، ولم يكن يعرف الحديث . [19]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن محمد بن الفضل بن عطية، فقال: كان ضعيفا . [20]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم - وذكر عبد الله بن معاوية القرشي - فقال: كان ضعيفا. [21]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم - وذكر نصير بن أبي الأشعث - فقال: كان عثمانيا، وكان يُقال: إنه كان عابدًا. [22]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن القاسم - حدث عنه أبو شهاب -، فقال: كان عثمانيا، ولم يكن من أهل الحديث. [23]

* وكان ورعا لا يتقحَّم ما لم يُحط به خُبْرا، فقد سأله عثمان بن أبي شيبة عن أبي رباح شيخٍ لسفيان = عندك معرفته؟ فقال: ما أقف عليها الساعة. [24]

* وإذا لم يَخْتَمِر عنده حكمٌ مناسب على الراوي لا يخوض في عرضه، وقد يتلطف فيُثني على والد الرجل، ومثال ذلك أن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت أبا نعيم وذُكر عنده إسماعيل بن عبد الأعلى العُرَني، فقال: كان هذا شيخا من عُرَيْنَةَ، وكان أبوه عبد الأعلى أحدَ الصالحين. [25]

*وقد أغرب أبو عبيد الآجري فزعم أن أبا داود قال: حدثني عباسٌ العنبري، قال: سمعتُ عليا يقول: أبو نعيم وعفان صدوقان، لا أقبل كلامهما في الرجال؛ هؤلاء لا يَدَعُونَ أحدًا إلا وقعوا فيه. [26]
وهذا غريب جدا، ولم يظهر لي من أبي نعيم تشديدٌ ولا وقوعٌ في الثقات، بل بدا لي منه قَصْدٌ واعتدالٌ وورعٌ، والله أعلم.
وقد سبق نقل قول الإمام أحمد: إنما رفع الله عفان وأبا نُعيم بالصدق، حتى نُوِّه بذكرهما.

* وقد يكتفي بالتلويح دون التصريح، وبالإشارة عن صريح العبارة، فقد قال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن مُهَلل العبدي، فقال لي: هذا من أصحاب أبي الجارود. قلت: فإن عبيد الله حدث عنه؟ قال: حَسْبُكَ، قد قلتُ لك . [27]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن أبي المضاء، فقال: هذا من شيوخ عبيد الله بن موسى الشيعة. [28]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم وسأله محمد بن عبد الله بن نُمَيْر عن عمر بن حمزة فقال: كان هذا من أصحاب أبي الجارود. [29]

*ومن نوادره أن عثمان بن أبي شيبة قال: كنا عند أبي نعيم فذكرنا سفيان بن عيينة وعمران بن عيينة وإبراهيم بن عيينة ومحمد بن عيينة، فقال أبو نعيم: سفيان بن عيينة الحِنْطَةُ (اللازوردية)، وسائر القوم شَعِيرُ البَطِّ. [30]
ثم قال عثمان بن أبي شيبة: ذكرتُ لأبي نعيم يعقوبَ (بن أبي) المُتَّئِد خالَ سفيان بن عيينة، فقال: كان ضعيفا. قلتُ: يا أبا نعيم، تجعله من شعير البَطِّ؟ قال: هو منهم. [31]
وقال عثمان بن أبي شيبة: ذكرتُ لأبي نعيم عبد الرحمان بن محمد بن عبيد الله العَرْزَمي فقال: كان هؤلاء أهلَ بيت يتوارثون الضعف قرنا بعد قرن. [32]

* ومن التراجم النادرة التي يعز وجودها في كتب التراجم ما يلي:
قال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن شيخ كتبتُ عنه يُقال له عبد الرحمان بن حفص التغلبي، فقال: ما كان به بأسٌ. [33] وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن القعقاع بن عمرو، فقال أبو نعيم: روى عنه قيس، وكان كالخير. [34]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سمعت أبا نعيم قول - وذكرنا عنده عبد الحميد بن حُرَيْث -، فقال أبو نعيم: قد روى عنه قيسٌ، وكان أصحابنا يصفونه بالثقة والخير . [35]
وقال عثمان بن أبي شيبة: سألت أبا نعيم عن شيخ حدثنا ابن المبارك عنه، يُقال له: عوف بن أبي دلهامة، فقال: كان هذا شيخا من أهل الحجاز، وكانوا يصفونه بخير . [36]
وكثيرٌ ممن تقدم نقل كلام أبي نعيم فيهم يَعِزُّ وجدان تراجمَ لهم، بَلْهَ أن يوجَد فيهم جرحٌ أو تعديلٌ.

*وسئل أبو نعيم عن رجل من أين جاءه الضعف؟ فقال أبو نعيم: حدث عن السدي أحاديث منكرة، ولم يُخبر بها أحدٌ غيرُه، وحدث عن علقمة بن مرثد بأحاديث منكرة، وحدث عن عاصم بن أبي النجود بأحاديث منكرة لم يَجئ بها أحدٌ غيرُه، ولم يحدث عن شيخ إلا جاء بشيء لم يُعْرَف؛ فمن ثَم جاءه الضعف. [37]
• وكان صاحب مزاح ودعابة وخفة روح، وقد قرأ عليه رجلٌ، فقال: حدثتْكَ أُمُكَ - يريد: حدثك أُمَي الصيرفي -. فقال له أبو نعيم: متى كانت أمي تدخل يدها في جرة العَسَل. [38]

من أقواله المأثورة:
• كان يقول: إذا رأيتَ كتاب صاحب الحديث مُسَججا - يعني: كثير التغيير -؛ فأقرب به من الصحة. [39]
• وقال: لا ينبغي أن يُؤْخَذُ الحديث إلا عن حافظ له، أمين عليه، عارف بالرجال. [40]

----------------------
ترجمة أبي نعيم في كتب كثيرة منها: المعرفة والتاريخ 633، وتهذيب الكمال 6/30-35، والثقات 7/319، ومختصر طبقات علماء الحديث 1/535-537.

[1] مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن شيوخه (6).
[2] المصدر نفسُه (74).
[3] المصدر نفسُه (83).
[4] المصدر نفسُه (82).
[5] المصدر نفسُه (84).
[6] المصدر نفسُه (7).
[7] المصدر نفسُه (9).
[8] المصدر نفسُه (40).
[9] المصدر نفسُه (42).
[10] المصدر نفسُه (46).
[11] المصدر نفسُه (48).
[12] المصدر نفسُه (49).
[13] المصدر نفسُه (52).
[14] المصدر نفسُه (58).
[15]المصدر نفسُه (61).
[16] المصدر نفسُه (62).
[17] المصدر نفسُه (63).
[18] المصدر نفسُه (66).
[19] المصدر نفسُه (67).
[20] المصدر نفسُه (72).
[21] المصدر نفسُه (73).
[22] المصدر نفسُه (79).
[23] المصدر نفسُه (80).
[24] المصدر نفسُه (43).
[25] المصدر نفسُه (68).
[26] تهذيب الكمال 5/189.
[27] مسائل أبي جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن شيوخه (59).
[28] المصدر نفسُه (60).
[29] المصدر نفسُه (69).
[30] المصدر نفسُه (44).
[31] المصدر نفسُه (45).
[32] المصدر نفسُه (57).
[33] المصدر نفسُه (75).
[34] المصدر نفسُه (76).
[35] المصدر نفسُه (77).
[36] المصدر نفسُه (71).