الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا اَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْاَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ اَبَا صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ اَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ اَرْبَعُونَ قَالُوا يَا اَبَا هُرَيْرَةَ اَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ اَبَيْتُ قَالَ اَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ اَبَيْتُ قَالَ اَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ اَبَيْتُ وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْاِنْسَانِ اِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ وقوله في الحديث ‏"‏ ويبلى كل شيء من الانسان ‏"‏
قال الجافظ رحمه الله
يحتمل ان يريد به يفتى اي تعدم اجزاؤه بالكلية، ويحتمل ان يراد به يستحيل فتزول صورته المعهودة فيصير على صفة جسم التراب، ثم يعاد اذا ركبت الى ما عهد‏.‏

وزعم بعض الشراح ان المراد انه لا يبلى اي يطول بقاؤه، لا انه لا يفنى اصلا‏.‏

والحكمة فيه انه قاعدة بدء الانسان واسه الذي ينبني عليه فهو اصلب من الجميع كقاعدة الجدار، واذا كان اصلب كان ادوم بقاء، وهذا مردود لانه خلاف الظاهر بغير دليل‏.‏

وقال العلماء‏:‏ هذا عام يخص منه الانبياء، لان الارض لا تاكل اجسادهم‏.‏

والحق ابن عبد البر بهم الشهداء والقرطبي المؤذن المحتسب‏.‏

قال عياض فتاويل الخبر وهو كل ابن ادم ياكله التراب اي كل ابن ادم مما ياكله التراب وان كان التراب لا ياكل اجسادا كثيرة كالانبياء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الا عجب ذنبه‏)‏ اخذ بظاهره الجمهور فقالوا‏:‏ لا يبلى عجب الذنب ولا ياكله التراب، وخالف المزني فقال ‏"‏ الا ‏"‏ هنا بمعنى الواو، اي وعجب الذنب ايضا يبلى‏.‏

وقد اثبت هذا المعنى الفراء والاخفش فقالوا‏:‏ ترد ‏"‏ الا ‏"‏ بمعنى الواو‏.‏

ويرد ما انفرد به المزني التصريح بان الارض لا تاكله ابدا كما ذكرته من رواية همام، وقوله في رواية الاعرج ‏"‏ منه خلق ‏"‏ يقتضي انه اول كل شيء يخلق من الادمي، ولا يعارضه حديث سلمان ‏"‏ ان اول ما خلق من ادم راسه ‏"‏ لانه يجمع بينهما بان هذا في حق ادم وذاك في حق بنيه، او المراد بقول سلمان نفخ الروح في ادم لا خلق جسده