مختارات من علو الهمة للمقدم ( 1 ) : -- قال الحافظ أبو إسماعيل الهروي الأنصاري – رحمه الله -- : (( المحدث يجب أن يكون سريعَ المشي , سريعَ الكتابة , سريع القراءة )) , ويمكن أن يزداد : (( سريع الأكل )) , قال سحنون : لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع )) وقال الخافظ السيوطي – رحمه الله -- : حدثنـــا شيهنـــا الكـِنـــاني عن إبـِهِ صاحــب الخـِطابـَه
أسرع أخا العلم في ثـلاثٍ الأكل , والمشي , والكتابه .!


( 2 ) : -- وروي عن الرازي ما يدهش اللب , من علو همته في الرحلة لتحصيل العلم إذ قال :
(( أول ما رحلت أقمت سبع سنين , ومشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ , ثم تركت العدد , وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيا ً , ثم إلى الرملة ماشيا ً , ثم إلى طرطوس , ولي عشرون سنة )) .
سأضرب في طول البلاد وعرضــــها لأطلب علمــا ً أو أمرت غريبـا ً
فــإن تلفت نفسـي فللـه دَرُّهــا وإن سلمت كان الرجوع قريبــا ً .!


( 3 ) : -- قال ابن القاسم : (( أفضى بمالكٍ طلبُ الحديث إلى أن نقض سقف بيته , فباع خشبه )) .
وهذا (( يحيى بن معين )) – رحمه الله , خلَّف له أبـوه ألف ألف درهم ٍ , فأنفقها كلـَّها على تحصيل الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه )) .


( 4 ) : -- قال يحيى بن القاسم : كان (( ابن سـُكـَينـَة )) عالما ً عاملا ً , لا يـُـضيـِّـعُ شيئا ً من وقته , وكنا إذا دخلنا عليه يقول : (( لا تزيدوا على : ( سلاَم ٌ عليكم ) مسألة , لكثرة حرصه على المباحثة , وتقرير الأحكام .


( 5 ) : -- وقال الشيخ (( راغب الطباخ )) – رحمه الله -- : ( كان علامة حلب الشيخ (( أحمد الحجار )) – رحمه الله – يحب إقتناء الكتب , حتى سمعنا أنه رأى كتابا ً يـُـباع , ولم يكن معه دراهم , وكان عليه ثياب , فنزع بعضـَها وباعه , وإشترى الكتاب في الحال ) .


وكان السيوطي يلقب (( ابن الكتب )) , طلب أبـوهـ إلى أمه أن تأتيه بكتاب في المكتبة فأجاءها المخاض فيها , فولدته بين الكتب , فلذلك لفب , ولقد صدق عليه ذلك اللقب حتى صار أبا الكتب , فقد وصلت مصنفاته نحو ستمائة غير مارجع عنه ومحاهـ .!


( 6 ) : -- وكان الإمام ابن مالك النحوي – صاحب (( الألفيه )) وغيرها – كثير المطالعة , سريع المراجعة , لا يكتب شيئـا ً من محفوظه حتى يراجعه في محله ولا يـُرى إلا وهو يصلي أو يتلو أو يصنف أو يقرأ ...
حـُكي / ( أنه توجه يوما ً مع أصحابه للفرجه بـ دمشق , فلما بلغوا الموضع اللذي أرادوهـ , غفلو عنه بسويعة , فطلبوهـ فلم يجدوهـ , ثم فحصوا عنه فوجدوهـ منكبـًّا على أوراقهـ ) .!
قلـبٌ يطل على أفكاره , ويـَدٌ تـُمضي الأمورَ , ونفسٌ لهوها التعب .!!

( 7 ) : -- وقال علي بن الحسي بن شقيق : (( قمت لأخرج مع ابن المبارك في ليلة باردهـ من المسجد , فذاكرني عند الباب بحديث , أو ذاكرته , فمازلنا نتذاكر حتى جاء المؤذن للصبح )) .

( 8 ) : -- يقول الإمام ابن عقيل الحنبلي صاحب كتاب (( الفنون )) : (( وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة , وقصر محبتي على العلم وأهله , فما خالطت لعابا ً قط , ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم )).
فالحريص الموفق اللذي يروم المعالي , لا تراهـ إلا مع أهل العلم العاملين , وأولي الفضل والمجاهده والحكمه والبصيرهـ , ليرشح عليه ما هم فيه أو بعضه , فيكون مثلهم أو قريبا ً منهم .!

( 9 ) : -- قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي – رحمه الله -- :
(تأملت عجباً , وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه , ويكثر التعب في تحصيله .
فإن العلم لما كان أشرف الأشياء , لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار وهجر اللذات والراحة , حتى قال بعض الفقهاء : (( بقيت سنين أشتهي الهريسة لا أقدر لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس ))