وهذه هديّة أخرى لشيخنا الحبيب الشيخ عبدالله الشهري، وفقه الله : )
يقول فضيلة الشيخ محمد رشاد خليل في «المنهج الإسلامي لدراسة التاريخ وتفسيره» ص59-60، نشر دار المنار، ط1 1404:
((وبدأنا البحث على هَدي شيوخنا، وما أَحَبّ هذه الكلمة إلى نفسي، ولكَم أتمنَّـى أن أستعيض عنها بلقب: «الدكتور»، الذي أحمِله علـى كُره، والذي يجسّـد تبعيّتنا للغَرب الصليبـيّ، كان الشيخ يُطلَق في الجاهليّة علـى رئيس القبيلة، ولم يكن الشيخ عند العرب هو المتقدِّم في السِّن فقط، وإنما هو المتقدُّم بالعلم والتجربة والمروءة، وما كانت العرب - التـي تُـتَّهَم اليوم من جُهَّال المثقّفين من أبنائها بتاريخها بالجهل والتخلُّف والبدائيّة، - والله حسبـي وحسبها - تسوّد عليها إلا مَن استكمَل شروطًا في عقله وتجـربته ومروءته، فالسيّد عند العرب لا يسود بالوراثة والمال، وإنما يسود بالمناقب والخصال، يقول حسّان بن ثابت ررر :
وإنّـا لقـومٌ مـا نسـوّدُ غــادِرًا * ولا نـاكِلاً عنـدَ الحمـالـةِ زُمَّـلاً
ولا مانعًـا للمـالِ فيمـا ينوبُـهُ * ولا عاجـزًا في الحـربِ جِبْسا مُغفَّـلاً
ويقـول:
نسـوّدُ ذا المالِ القليـلِ، إذا بدتْ * مروءتـهُ فينا، وإنْ كانَ معدَمـا
فلما جاء الإسلام أصبح الشيخ هو المتقدِّم في الدِّين والعِلم، وظلّ هذا اللّقب مستعمَلًا في الأزهر جامعة الإسلام العريقة إلـى وقت قريب، حتـى ابتُلِـيَ بلوثة التقليد، فاستعار اللقب الكَنسـيّ من الجامعات العلمانيّة، وأصبح الشيخ الأزهريّ يُسمَّى اليوم - ويا للفضيحة - بـ : الدكتور، والدكتور الذي يعتزّ به الكثيرون اليوم، ويتباهَون به لقب مأخوذ من التسميات الكنسيّة، وهو - وياللمفارقة الساخرة - يؤكّد على مدى اعتزاز الغربيّين مع إلحادهم وخروج علمائهم على الكنيسة بتراثهم الكنسـيّ، حتـى الطيالس الجامعية التـي نتبختر بها في المناسبات الجامعيات هي نفسها الطيالس التـي ترتديها القسس في الكنائس ... !!)).