قال في المدونة: ( 131/1 ) في غسل بول الجارية والغلام: وقال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء إذا أصاب بولهما ثوب رجل أو امرأة غسلا ذلك وإن لم يأكلا الطعام , قال : وأما الأم فأحب إلي أن يكون لها ثوب سوى ثوبها الذي ترضع فيه إذ كانت تقدر على ذلك , وإن لم تكن تقدر على ذلك فلتصل في ثوبها ولتدار البول عنها جهدها ولتغسل ما أصاب من البول ثوبها جهدها.
وفي "الموطأ" : حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته.
بالنظر إلى فتوى مالك رحمه الله ومقارنتها بما أخرجه في الموطأ ، نجد فقهاً مستخرجاً بالقياس ، ومع ذلك لم يصرح الإمام بالأصل المقاس عليه ، والوارد في الحديث أعلاه. ولقائل لن يقول : كيف عرفت أن مالكاً قصد ذلك؟ فأقول: لم اعرف ولا أجزم ، وإنما أذكر مثــالاً على صورة من صور الاستدلال عند من بلغ مرتبة المجتهدين ، إذ أن معـــاني الأدلة حاضرة في ذهن المجتهد كل وقت ، فيسهل عليه الجمع بين المتماثلات وإلحاق المسائل بنظائرها ، وهذا من أصعب الأشيــاء على المبتدئ بل العالم الكادح في وسط الطريق. كما أنه يدل على فقه هذا الإمام ، وعنايته باعتبار أقرب الأدلة حكماً للقضية المعينة ، وإنما أقول هذا الكلام لأنه قد خرج بعض المتعصبين لمذهب إمام من الأئمة رحمه الله ويقولون "أقواله" أسعدها حظاً بالدليل ، وأقوال غيره مطرحة بعيدة ، وفي الغالب لا أصل لها من دليل ، من قريب أو بعيد. وهذا الكلام غالبا ما يصدر من الطلبة الصغار ، المتعجلين ، البعيدين - بعد الثريا عن الثرى - عن مراتب العلماء المجتهدين.