اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالعزيز الشثري
الحَمْدُ للهِ وَحدَهُ وَالصّلَاةُ وَالسّلَامُ عَلَى مَن لَانَبِيَّ بَعدَهُ أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنّ المَعَارِفَ لاتُحدّ بِحَدٍّ ، وَإنّ النّاظِرَ فِي العِلمِ لَيجِدُ زَخَمًا مَعرفِيًّا أمَامَه لايَدرِي مِن أَينَ يَبدَأُ؟ وإِلَى مَاذَا يَنتَهِي؟
إنّ العلماء مُذْ سَالِفِ الدّهرِ قَدْ خَبَروا حَقيقَةَ العِلمِ،وبَانَ لَهُم طَريقهُ فَسَارُوا بمِشْيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ يَنَهَلُونَ مِن رَيّانِهِ ويَعُلُّون،ومَع َ ذَلِكَ:فَلَا تُفسِدُ شَرْبَةٌ ثَمرةَ أُختِهَا..
إنّهم عَلِمُوا أَنّ العِلمَ لَيسَ مُجَرّدَ مَعَارِفَ مُتَرَاكِمَةٍ،ب َل رَأوا أنّ العِلمَ شِقّانِ:فَشِقٌّ هوَ الخَلِيّة،وآخرُ هُوَ عَسَلُهَا.فلا زِينَةَ لِلخَلِيّةِ خَالِيةً من العَسَلِ،ولابَق اءَ للعَسَلِ عاريًا مِنَ الخَلِية،فأجَاد وا بِناءَ الخَلايَا فَوَقَعَ العَسَلُ مَوقِعَه..
إنّهم فَقِهوا أنّ أَخْذَ كَلّ شَيءٍ يَكونُ بِحَسَبهِ،وبذلك تَوَسّعتْ فُهُومُهُم فَكَانَت وِعَاءً لِكَلِّ مَايَرِدُ عَلَى عُقُولِهِم مِن عُلُومَ ومَعَارفَ،فَلا تُخْطِئُ فَائِدَةٌ مَكَانَهَا ولايَحِيدُ فَرعٌ عَن أَصلِهِ..
لكنّا لَم نَفْقه ذَلِكَ جَيّدًا،فَظَنَن ّا أنّ العِلمَ مَعارفُ مُتَراكِمةٌ،فَس َعَينَا فِي نَيلِها سَعْيًا حَثِيثًا حَتّى تراكَمَتْ وتراكَمَتْ فَأََضْحَت كَالحِجَارةِ المُتَجَمّعةِ الّتِي مَلَأت أَركَانَ حَيٍّ مِنَ الأَرضِ فَلَم تَجِد الرّافِعَةُ مِن أَينَ تَدخُلُ؟ولاأَين َ تَضَعُ الحِجَارَةَ؟
إنّ تَوسِيعَ مَدارِكَ الفَهْمِ لَمُغنٍ عن كثيرٍ من العِلمِ،ذلكَ أنّ العِلمَ كَمَا قِيلَ:لَيسَ بكَثرةِ الرّوايةِ ولكنْ بإحْسَانِ الدّرَايَةِ..
إنّ المَرءَ الّذِي أعَدّ عُدّتَهُ وأَتْقنَ بُنيانَ أُصُولِ العِلمِ فِي ذِهنِه جَيّدًا لَيسَ يَعجزُ عَن فَهمِ مَسأََلَةٍ حَادِثَةٍ عَلَيه،ذَلِكَ أنّه يَعْقِل جُذُورها فَيُحْسِنُ بَأيّ شَيءٍ يَسقِيهَا..
لَكِنّ الّذِي تَخَلْخَلَتْ مَدَارِكُهُ وَلَم يُقِمْ أصولًا ثابِتةً يَرَى الأُمُورَ بِوَفقِ حَقِيقَتِها،لَه ُو عَاجِزٌ عَن دَرْكِ أُمُورٍ تَكَادُ تَكُونُ ضَرُورَةً لولا قُصُور الحِسِّ عَن إِدْراكِهَا عَيَانًا..
فَكَان بَعد ذلِكَ مَاكَانَ..
وإلى اللهِ المُشتَكَى وهُو وَحدَه المُستَعَان..